إن المشاركين والمشاركات في فعاليات المؤتمر البرلماني الإقليمي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط حول حقوق الإنسان والأعمال التجارية، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، المنعقد يومي 14 و 15 من شهر دجنبر 2017 بمقر مجلس المستشارين بمدينة الرباط؛ بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان و الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومؤسسة وستمنستر للديموقراطية؛
إذ يثمنون مبادرة مجلس المستشارين وشركاؤه وينوهون بالجهود المبذولة وبالرؤية الاستباقية بخصوص العديد من المواضيع، ومنها موضوع هذا المؤتمر"حقوق الإنسان والأعمال التجارية"؛
ووعيا منهم بالتحديات الجديدة والمعقدة لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك التحديات المرتبطة بدور الشركات عبر الوطنية ومؤسسات الأعمال التجارية الأخرى وما ينشأ عنها من احتمال إضرارها بحقوق الإنسان وبحياة الأفراد عن طريق ممارساتها وعملياتها التجارية الأساسية، بما في ذلك الممارسات المتبعة في مجال التوظيف، والسياسات البيئية، والعلاقات مع الموردين والمستهلكين، والتفاعلات مع الحكومات، وما إلى ذلك من الأنشطة؛
وإذ يلاحظون أن هناك قضايا وانشغالات دولية جديدة خاصة بحقوق الإنسان ما فتئت تتفاقم باستمرار، وأن الشركات عبر الوطنية ومؤسسات الأعمال التجارية الأخرى كثيراً ما تكون معنية بهذه القضايا والانشغالات بحيث أصبح الأمر يستدعي وضع المزيد من المعايير والعمل على تنفيذها؛
وإذ يسلمون بأنه رغم أن المسؤولية عن تعزيز حقوق الإنسان وتأمين إعمالها واحترامها وضمان احترامها وحمايتها هي مسؤولية ملقاة على عاتق الدول أساساً، فإن الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية، بوصفها من هيئات المجتمع، مسؤولة أيضاً عن تعزيز وكفالة حقوق الإنسان المنصوص عليها؛
وإدراكا منهم أن من واجب المقاولات العمومية والخاصة الوطنية والشركات عبر الوطنية ومؤسسات الأعمال التجارية الأخرى والمستخدمين والأشخاص العاملين فيها أيضاً، احترام الالتزامات والمعايير المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقيات الأممية وغيرها من الصكوك الدولية والمبادئ التوجيهية().
وإذ يستحضرون، بهذا الخصوص:
- المعايير المنصوص عليها في الإعلان الثلاثي للمبادئ المتعلقة بالمؤسسات المتعددة الجنسيات والسياسات الاجتماعية وفي إعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، الصادرين عن منظمة العمل الدولية،
- المبادئ التوجيهية حول الأعمال التجارية وحقوق الإنسان الصادرة سنة 2011
- مقتضيات مبادرة الاتفاق العالمي المتخذة في إطار الأمم المتحدة والتي تحث قادة الأعمال على الالتزام بتسعة مبادئ أساسية تتعلق بحقوق الإنسان وإعمال هذه الحقوق، بما في ذلك حقوق العمل والبيئة؛
- الاتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم والاتفاقية رقم 98 بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية؛
- إطار الأمم المتحدة المعنون "الحماية والاحترام والانصاف" المتعلق بحقوق الإنسان والأعمال التجارية، الذي أعده الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بمسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية؛
- القواعد المتعلقة بمسؤوليات الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال في مجال حقوق الإنسان كما أقرتها اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق وما جاء في التعليق على هذه القواعد من تفسير وشرح مفيدين للمعايير الواردة في تلك القواعد؛
- المبادئ التوجيهية المتعلقة بالمؤسسات المتعددة الجنسيات ولجنة الاستثمار الدولي والمؤسسات المتعددة الجنسيات التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، والمبادئ التوجيهية لرابطة أمم جنوب شرقي آسيا.
وإذ يؤكدون بأن للشركـات عبـر الوطنيـة وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية في كل سلاسل الإنتاج والمسؤولين عنها في مختلف المستويات التزامات ومسؤوليات في مجال حقوق الإنسان، من بين أمور أخرى، وأن هذه القواعد الخاصة بحقوق الإنسان ستسهم في وضع وتطوير القانون الدولي فيما يتعلق بتلك المسؤوليات والالتزامات؛
وإيمانا منهم بأن حقوق الإنسان هي حقوق عالمية ومترابطة ومتشابكة وغير قابلة للتجزئة، بما فيها الحق في التنمية والبيئة السليمة والحقوق الفئوية؛
وسعيا إلى تكملة ودعم الجهود الرامية إلى تشجيع الشركات عبر الوطنية ومؤسسات الأعمال التجارية الأخرى على حماية حقوق الإنسان، نوصي نحن المشاركات والمشاركين بـ:
أولا- بشكل عام، الحكومة والبرلمان والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمقاولات والنقابات والمجتمع المدني على بذل كل الجهود الممكنة لكي تصبح القواعد المتعلقة بحقوق الإنسان والأعمال التجارية معروفة ومحترمة على نطاق عام وواسع؛ وتبعا للديناميات الوطنية وحسب السياقات المحددة لكل بلد على حدة:
-
التعجيل بالإعلان الرسمي، حيثما لم يتم ذلك بعد، عن بلورة خطط عمل وطنية للمقاولة وحقوق الإنسان وإطلاق مسلسل للتشاور مع كل المتدخلين؛
-
اعتماد مقاربة دامجة في إعداد الخطط الوطنية لتفعيل المبادئ التوجيهية للمقاولة وحقوق الإنسان مع إيلاء اهتمام خاص بالنساء وبالفئات الهشة (عمالة الأطفال، الأشخاص في وضعية الإعاقة والأجانب)؛
-
تحفيز المقاولات على وضع ميثاق داخلي عام للسلوك في مجال حقوق الإنسان؛
-
تعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، كهيئات غير قضائية، في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان ذات الصلة بالأعمال التجارية لضمان ضحاياها، بالفعل أو عدم الفعل، إلى سبل الانتصاف والجبر الفاعلين؛
-
تعزيز دور نقط الاتصال الوطنية، في حال إرسائها –حسب البلد والموقع الجغرافي المعني- وفي سياق الاستجابة الفعالة، في هذه الحالة، للمبادئ التي تم اعتمادها من قبل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بأوربا؛
-
تعزيز التواصل مع الآليات الدولية ولاسيما فريق العمل التابع للأمم المتحدة وكذا الإقليمية وخاصة اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربية وتشجيع تبادل الخبرات والدروس المستفادة بين الفاعلين الأساسيين ضمن إطار التشبيك الإقليمي والدولي؛
-
العمل على خلق آلية عربية تتولى مراقبة امتثال مؤسسات الأعمال التجارية لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان؛
-
التأكيد على توصيات اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بشأن حضر التعامل مع الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في المستوطنات والأراضي المحتلة؛
-
العمل على تبليغ هذا الإعلان، عبر القنوات الدبلوماسية المعهودة، إلى جامعة الدول العربية، وإلى هيئات الأمم المتحدة المعنية؛
-
التأكيد على ضرورة متابعة هذا الموضوع عبر عقد هذا المؤتمر كل سنتين وبالتناوب بين بلدان المنطقتين.
ثانيا- بشكل خاص:
1- الحكومات: على بذل مزيد من الجهود الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان وكفالة احترامها، وعليها أن تمارس نفوذها بهدف المساعدة على تعزيز احترام حقوق الإنسان وضمانه.
- اتخاذ إجراءات ترمي إلى حماية حقوق الإنسان بوسائل منها مثلاً إنفاذ القوانين القائمة.
- ملاءمة التشريعات الوطنية مع كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، بما في ذلك ذات الصلة بفئات هشة، كالأطفال والنساء، والأشخاص في وضعية إعاقةّ والمهاجرين؛
- وضع وتعزيز الإطار القانوني والإداري اللازم لضمان قيام تنفيذ القواعد والقوانين الوطنية والدولية الأخرى ذات الصلة.
- إعداد خطط وطنية لتفعيل المبادئ التوجيهية للمقاولة وحقوق الانسان تهدف إلى إيلاء اهتمام خاص بالنساء وبالفئات الهشة (عمالة الأطفال، الأشخاص في وضعية إعاقة والأجانب)؛
2- البرلمانات: تعزيز دور البرلمانات في المساندة والمساهمة في تفعيل القواعد والمبادئ ذات الصلة بهذا الموضوع من خلال:
- استثمار دورها الرقابي الذي يجب أن يتقوى في كل ما يتعلق بالتدقيق في السياسات العمومية وإجراءاتها التجارية، ومن خلال أيضا تقديم توصيات للإصلاح وملاءمة التشريعات مع الإطار والقواعد والمبادئ الأممية؛
- استثمار دورها التمثيلي، لما يتمتع به البرلمانيون والبرلمانيات من إمكانية الوصول المباشر إلى المواطنين، وتزايد مشاركة البرلمانات مع المجتمعات المحلية والمجتمع المدني وقطاع الأعمال وأصحاب المصلحة الآخرين، وبهذه الطريقة، قد تتاح للمجتمعات المتأثرة بالأضرار سبل إضافية للانتصاف؛
- استثمار دورها التشريعي، من خلال سن قوانين جديدة وملائمة القوانين الموجودة لمعالجة الثغرات وأوجه النقص وتوفير سبل الانتصاف والجبر.
3- المقاولات:
- استحضار المسؤولية الاجتماعية للمقاولات في هذا الموضوع؛
- وضع أنظمة داخلية للعمل تتوافق مع القواعد والمعايير الدولية المنصوص عليها في المواثيق والصكوك الدولية وتقوم بتعميمها وتنفيذها؛
- الخضوع لعمليات مراقبة وتحقق دورية من جانب الأمم المتحدة وآليات دولية وإقليمية ووطنية أخرى سواء كانت قائمة بالفعل أو سيتم إنشاؤها فيما يتعلق بتطبيق هذه القواعد؛
- دعوة جميع الشركات للمساهمة في التنمية المستدامة وحقوق الإنسان وتحمل مسؤوليتها الإجتماعية في هذا الباب.
4- المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان:
- تعزيز صلاحيات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لتشمل معالجة انتهاكات حقوق الإنسان المتصلة بالأعمال التجارية لضمان وصول الضحايا إلى الانتصاف والجبر.
5- المجتمع المدني:
الإقرار بأهمية ودور الشراكة مع المجتمع المدني لما يضطلع به من تعزيز المثل العالمية ودعمها باعتبار "المجتمع المدني" هو القطاع الثالث من قطاعات المجتمع جنبا إلى جنب مع الحكومة وقطاع الأعمال.
وفي الختام، ينوه المشاركون بما عبرت عنه الجهات المنظمة لهذا المؤتمر البرلماني الإقليمي من استعداد لتعبئة ما يلزم من إمكانيات الشراكة والتعاون لتوفير الشروط الكفيلة بتحفيز وإثراء الحوار العمومي الحر والتعددي ووفق مقاربة تشاركية ومستلهمة للممارسات الفضلى عالميا، بهدف وضع أسس المساهمة الوطنية لأجرأة إطار عمل الأمم المتحدة ذو الصلة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، ومن باب الأولوية، السعي إلى مباشرة عمليتين قوامهما:
-
إعداد الدليل البرلماني حول حقوق الإنسان في نطاق الأعمال التجارية بالتعاون مع مؤسسة وستمنستر كاستجابة للمشاورات مع فريق العمل حول حقوق الإنسان والأعمال التجارية والبرلمانات العربية للمساهمة في تكريس هذا المجهود المعياري الدولي؛
-
إعداد خارطة طريق لمباشرة ومرافقة مسلسل المشاورات لغاية بلورة مساهمتنا البرلمانية بمعية مؤسستنا الوطنية لحقوق الإنسان وبإدماج كافة أصحاب المصلحة، كورقة توجيهية وتنفيذية لإعداد الخطة الوطنية وتحفيز حكومتنا ومدها بما يكفي من الخبرة والاستشارة اللازمتين.
المملكة المغربية، مجلس المستشارين، الرباط يوم 15 دجنبر 2017.