بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين السيدة المحترمة بينا بيتشييرنو، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، السيد المحترم لحسن حداد، رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المملكة المغربية والاتحاد الاوروبي، السيد المحترم أندريا كوسولينو، رئيس المجموعة المغاربية ورئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية، السيدات والسادة أعضاء اللجنة البرلمانية المشتركة المحترمون، السيدات والسادة البرلمانيون المحترمون، أيها الحضور الكريم، أود في البداية أن أعبر لكم، عن سعادتنا بالمشاركة كضيف شرف في أشغال الدورة الحادية عشرة للجنة البرلمانية المشتركة الأوروبية المغربية التي تنعقد بمقر هذه المؤسسة التشريعية العريقة. كل التقدير للسيدين رئيسي اللجنة على هذه الدعوة الكريمة والمبادرة، لاسيما وأن هذه الدورة تكتسي أهمية كبيرة بالنظر للسياق الإقليمي والتحديات متعددة الأبعاد التي تواجهها المنطقة، وهو ما يعكسه اختياركم لمواضيع ذات راهنية وتأتي في صلب انشغالاتنا واهتماماتنا المشتركة. كما نسجل أهمية وتوقيت انعقاد هذا الاجتماع الذي يدشن مرحلة ما بعد كوفيد19 وما تحمله من تحديات تحقيق التعافي الاقتصادي وتعزيز الأمن الصحي، إضافة للرهانات المشتركة المرتبطة بتدبير القضايا الأساسية كالهجرة والأمن والاستقرار وتغير المناخ وأزمة الطاقة والأمن الغذائي والأمن المائي وتحديات تحقيق التنمية المستدامة. السيدات والسادة أعضاء اللجنة المحترمون، تشكل هذه الدورة مناسبة لاستحضار مسار الشراكة المتميزة التي تجمع بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، في جميع مجالاتها السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والإنسانية، وعلى مستوى القضايا الإقليمية والدولية. وهي شراكة نموذجية تكرست في الأجندة الجديدة للاتحاد الأوروبي الخاصة بجوار جنوب المتوسط، وتأكدت مركزيتها وطبيعتها الإستراتيجية من خلال الارتقاء من الوضع المتقدم إلى الشراكة من أجل الازدهار المشترك، وهو ما جسده الإعلان المشترك الصادر عن الدورة ال14 لمجلس الشراكة المغربي الأوروبي في يونيو 2019، والطموح في إعطاء دفعة جديدة للشراكة الثنائية المغربية الأوروبية تتمحور حول مجالات هيكلية أساسية تسعى إلى تحقيق تقارب القيم المستوحاة من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي ودستور المملكة المغربية والالتزامات الدولية، وكذا تحقيق التقارب الاقتصادي والتماسك الاجتماعي، والمعرفة المشتركة وتعزيز الحوار الاستراتيجي والتشاور السياسي والتعاون المكثف، على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي. وفي هذا الإطار تؤكد المملكة المغربية عزمها على استكمال بناء مسار هذه الشراكة، وفي تحقيق الانسجام والثقة في هذه العلاقات. كما تشدد المملكة على أهمية وواقعية نهج المغرب لسياسات ترسخ مسلسل علاقات تعاون أكثر تقدما، وهي العلاقات التي تطورت نتيجة الإصلاحات الديمقراطية الإرادية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، وبفضل الإجراءات المتخذة لتحقيق التقارب التشريعي والتنظيمي الأوروبي في المجالات السياسية، والاقتصادية، والمالية، والبشرية، مما جعل من المغرب نموذجا تنمويا ديمقراطيا متفردا وشريكا وفاعلا أساسيا في المنطقة، في مجالات مختلفة كالطاقات المتجددة، وسياسة الهجرة، والتعاون جنوب- جنوب، ومحاربة التطرف والإرهاب، واستثباب السلم والأمن الدوليين.
السيدات والسادة أعضاء اللجنة المحترمون، توفر لجنتكم هيكلا وإطارا ملائمين للحوار البرلماني والتنسيق حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك، وآلية متقدمة لمواكبة التعاون والشراكة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، حيث تضطلع بدور هام في تحقيق التقارب المنشود وتبادل الرؤى حول القضايا المشتركة، لاسيما الهجرة واللجوء وتنقل الأشخاص، والأمن، ومحاربة الإرهاب، وقضايا الشباب والتعليم والشغل، والبيئة والتنمية المستدامة، والجهوية واللامركزية، والفلاحة والصيد البحري، ولبحث سبل تعزيز العلاقات السياسية والتبادل التجاري والإنساني والثقافي، وتقوية نسيج المصالح الاقتصادية المشتركة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي. وهي مدعوة الآن لاعتماد مقاربة متجددة واستشراف آفاق جديدة للتعاون وفق المتغيرات الجيوسياسية والتحديات الإقليمية والدولية الضاغطة، وتماشيا مع الرغبة المشتركة في إعطاء دفعة قوية للعلاقات المغربية الأوروبية تعكس الطموح من أجل شراكة جديدة وحوار سياسي يأخذ بعين الاعتبار مستجدات الفضاء الأورومتوسطي، في احترام تام للمصالح الاستراتيجية للطرفين، كما أكد على ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء. كما أن اللجنة مدعوة للدفع باعتماد نموذج جديد للشراكة وسياسة حسن الجوار مع الشركاء في الضفة الجنوبية للمتوسط يأخذ بعين الاعتبار الامتداد الإفريقي على اعتبار الرهانات والتحديات المشتركة التي تتجاوز النطاق الجغرافي الأورومتوسطي، مثل مكافحة الاتجار بالبشر، والإرهاب، والأمن، والتطرف، والهجرة،.. وفي هذا الإطار، تؤكد المملكة المغربية على الالتزام بروح التضامن في تبادل المعرفة والخبرة مع بلدان الجنوب وعلى أنها تشكل جسرا بين إفريقيا والدول الأورومتوسطية، مما يسمح لها بتعزيز التعاون شمال جنوب وإشراك بلدان الجنوب الأخرى من أجل التعامل بشكل أكثر فعالية مع هذه القضايا المشتركة. وفي نفس السياق، يجب التشديد على أن التوترات المتنامية والحروب بالوكالة تهدد استقرار وأمن المنطقة الأورومتوسطية، وأن التهديد الإرهابي يكتسي أهمية أكبر باعتبار المنطقة تجد امتدادها في منطقة الساحل التي تشكل مرتعا للتطرف والإرهاب والجريمة المنظمة. وهنا أود التأكيد على أن المغرب يعد فاعلا مسؤولا في مجال الأمن الإقليمي والاستقرار في إفريقيا جنوب الصحراء والمتوسط، وعلى أنه تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حرص دائما، باعتباره بلدا مطلا على المتوسط والمحيط الأطلسي، على أن يكون رافعة للسلام بمنطقته وصلة وصل بين المناطق، وذلك انطلاقا من نهج السياسة الخارجية المغربية التي ترتكز على أسس الالتزام بالعمل المشترك لتدبير التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة، وتكريس قيم التضامن الفاعل والتعاون البناء، والتشبث بالحل السلمي للنزاعات، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية. أشكركم مرة أخرى على دعوتكم لي للمشاركة في أعمال هذه الدورة وأغتنم هذه الفرصة لتجديد التنويه بعمل لجنتكم، متمنيا لكم كل التوفيق والنجاح في أشغالكم. شكرا على حسن الإصغاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.