باسم الله الرحمان الرحيم
- السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛
- السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
- الحضور الكريم؛
طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور وعملا بأحكام المادة 21 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، يشرفني أن أترأس هذه الجلسة المخصصة لاختتام أعمال الدورة التشريعية الحالية.
وخير ما أستهل به كلمتي في هذا المقام، هو تقديم أسمى آيات الولاء وأصدق عبارات الإخلاص للسدة العالية بالله، جلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأدام عزه ونصره بمناسبة حلول الذكرى 25 لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين التي ستحتفل بها الأسرة الملكية الشريفة ومعها الشعب المغربي الوفي قاطبة يوم الثلاثاء المقبل.
وإنها لمناسبة غالية نجدد من خلالها بيعتنا الراسخة وتعلقنا المكين بالعرش العلوي المجيد، معربين عن مدى ارتياحنا وسعادتنا بما تحقق لبلادنا المباركة من مكتسبات ثمينة ومنجزات قيمة رصعت المسيرة التنموية المتواصلة على جميع الأصعدة تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
ومما لا شك فيه، أيها السيدات والسادة، أن مختلف الإصلاحات النوعية والاستراتيجيات الطموحة التي تم وضعها وتنفيذها في العهد المحمدي الزاهر حولت المغرب إلى اقتصاد صاعد بمقومات حداثية ودينامية لافتة، مما أهله لأن يكون قطبا متفردا ونموذجا متميزا في محيطه الإقليمي والدولي مستندا في ذلك إلى موقعه الاستراتيجي المتميز، وما ينعم به من استقرار سياسي وسلم اجتماعي، وما يتوفر عليه من موارد طبيعية ومؤهلات اقتصادية وبنيات تحتية متطورة.
وإن كان ذلك لا ينبغي في الواقع، أن يحجب عنا حجم وجسامة التحديات التي لاتزال تواجه بلادنا، بما فيها التغيرات المناخية والتقلبات العالمية والالتزامات الدولية التي انخرطت فيها المملكة المغربية بكل بكل وعي ومسؤولية، فإننا في نفس الآن ندرك جيدا بأن الأسس المتينة التي توفرت لبلادنا طوال السنوات الخمس والعشرين الماضية، تجعل مستقبلنا واعدا وتفتح أمامنا آفاقا رحبة، مثلما تفرض علينا جميعا، مسؤولين ومواطنين، مسؤوليات جسام والثبات على النهج الملكي القويم حتى نواصل تحقيق أهدافنا الاستراتيجية ونكون عند مستوى تطلعات الأجيال الحالية ومتطلبات حفظ وصون حقوق الأجيال المقبلة.
وفي هذا الصدد، تتبوأ المؤسسة البرلمانية فعلا مكان الصدارة في الفعل العمومي والجهد المشترك المطلوب بذله في هذا الاتجاه، فكما أكد جلالة الملك حفظه الله في خطابه السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية التي نختتمها اليوم، يبقى دور البرلمان كبيرا في تنزيل المشاريع والإصلاحات الكبرى، ومواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن قضايا الوطن ومصالحه العليا.
ومن المؤكد في هذا السياق أن الحكومة والبرلمان ينتظرهما على المديين القريب والمتوسط، في نطاق احترام مبدأ فصل السلط وتعاونها، جدول أعمال مزدحم بمواعيد على قدر كبير من الأهمية، تتطلب تعزيز الالتقائية وتنسيق الجهود، وتتعلق على الخصوص بالتظاهرات الرياضية القارية والدولية، والتحديات الطاقية وتدبير مشكل الجفاف وندرة المياه، بالإضافة إلى مواصلة تنزيل برامج المشروع الملكي للحماية الاجتماعية واستدامة تمويلها، وإعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز.
أيها السيدات والسادة،
لقد حرص مجلس المستشارين، بكل أجهزته، على إيلاء الرسالة الملكية الداعية إلى تخليق الحياة البرلمانية، من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية، أهمية بالغة، حيث تم، بعد عقد أكثر من لقاء تنسيقي وتشاوري، الاتفاق على أهم المبادئ والإجراءات الرامية إلى ترجمة الغايات المتوخاة من التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة نصره الله، وقد أسفرت المداولات عن المصادقة على وثيقة متقدمة في أحكامها واضحة في مراميها، تتألف من 35 مادة، وقعها السادة رؤساء الفرق ومنسقو المجموعات البرلمانية وانضم إليها الأعضاء غير المنتسبين بالمجلس، بمثابة التزام صريح وواضح بالانخراط الإيجابي لكافة مكونات المجلس في هذا الورش البرلماني الأساسي، ما من شأنه أن يساعد على اضطلاع المجلس بدوره الطبيعي في تخليق الحياة السياسية والبرلمانية، في ضوء ما تحقق من ممارسات فضلى في العمل البرلماني.
أيها السيدات والسادة،
نختتم هذه الدورة ونحن على وشك نهاية الفترة الأولى من الولاية التشريعية الحالية، وبهذه المناسبة يسعدنا أن نعرب مجددا عن اعتزازنا جميعا، مستشارين وفرقا ومجموعات برلمانية، لجانا دائمة ومؤقتة، وشعب ديبلوماسية برلمانية، على العمل الجاد الذي تحقق طيلة السنوات الثلاث الماضية المستند على إرادة صادقة وانخراط بناء في المشروع المجتمعي المتكامل والنموذج التنموي المتجدد الذي أرسى دعائمه ويرعاه، بكل حكمة وبعد نظر، جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
وبقراءة متأنية ونظرة فاحصة في حصيلة مجلس المستشارين خلال هذه الفترة تبرز، بكل جلاء، المستوى المتقدم للإسهامات القيمة التي بذلتها كل مكوناته الموقرة من أجل الإعمال الفعلي لمختلف الصلاحيات الدستورية المنوطة به، وكذا نهوضه بأدوار موازية أخرى مكنته من منزلة رفيعة داخل المشهد المؤسساتي للمملكة.
وقد تأتت له هذه المكانة المستحقة من خلال احتضانه بانتظام للحوار المجتمعي التعددي والنقاش التفاعلي حول القضايا الأساسية، وكذا سعيه إلى تثمين كل مكوناته السياسية والترابية والنقابية والمهنية، وتمكينها من الوسائل اللازمة لإبراز خصوصياتها وإعطاء مضمون فعلي وعملي لمهامها التمثيلية لمختلف القطاعات الحيوية والقوى الحية في البلاد.
ومن المفيد التأكيد في هذا النطاق على الأهمية الوطنية التي صارت تكتسيها الملتقيات والمنتديات السنوية التي ينظمها المجلس بانتظام، وأخص بالذكر الملتقى البرلماني للجهات، المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، ملتقى الغرف المهنية، وغيرها من الأنشطة العلمية والمبادرات التواصلية، خاصة ذات الارتباط الوثيق بالجهوية الموسعة، التي جعلت من مجلس المستشارين فضاء مؤسساتيا تتفاعل في إطاره كل الفئات والقوى المجتمعية النشيطة.
أيها السيدات والسادة،
ضمن هذه الروح الإيجابية، التي ميزت على الدوام أعمال مجلس المستشارين، تندرج حصيلة الدورة التشريعية الحالية، المتميزة من حيث النوع والغنية في المضمون، مستثمرة المؤهلات والخبرة العملية للسيدات المستشارات والسادة المستشارين، ما يساعد على النفاذ إلى عمق المواضيع التي تدخل في اختصاص المجلس، في مجالات التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية وكذا في العمل الديبلوماسي البرلماني.
فارتباطا بوظيفته التشريعية، صادق المجلس على مشروع قانون تنظيمي رقم 30.24 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وعلى مشروعي قانونين لهما راهنتيهما في ترشيد السياسة العقابية ببلادنا، يتعلق أولهما بالعقوبات البديلة الذي يأتي جوابا على الآثار السلبية للعقوبة السالبة للحرية القصيرة المدة على الجاني والمجتمع والمؤسسات السجنية، من خلال إيجاد إمكانية استبدالها بتدابير بديلة ومؤهلة تسمح للمحكوم عليهم بالاندماج في الحياة الاجتماعية، وثانيهما يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، والذي تبرز أهميته لما يرمي إليه من تعزيز لقيم حقوق الإنسان في هذه المؤسسات وأنسنتها، والعمل على تطوير منهجية اشتغالها بملاءمتها مع المعايير الدولية ذات الصلة، وفق مقاربة جديدة قائمة على إعطاء الأولوية لتأهيل المعتقلين وإعادة إدماجهم.
وفي إطار مواصلة تنزيل الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، ومن أجل تجاوز بعض الصعوبات الناجمة عن تعميم التغطية الصحية لمختلف الفئات، صادق المجلس على مشروع قانون رقم 21.24 بسن أحكام خاصة بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك الذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور، وعلى مشروع قانون رقم 02.24 المتعلق بمراجعة الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي.
في سياق استكمال تنزيل المشاريع الإصلاحية العملية والشاملة للمنظومة الصحية الوطنية، تمت المصادقة على مشروع قانون رقم 32.24 يقضي بحل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب والشرايين وتصفيتها، فضلا عن الموافقة على مشروعي قانونين يرومان تصفية حسابات السنة المالية 2022، وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار لا سيما في مجال التسريع الصناعي من خلال مشروع القانون رقم 56.23 الذي يهدف إلى الملاءمة مع أحكام القانون الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار.
ولعل من أهم ما ميز هذه الدورة، هو تنامي وتيرة المصادقة على المبادرة التشريعية البرلمانية، بحيث اتسمت بموافقة المجلس على ثمانية مقترحات قوانين، وهي سابقة من نوعها، يتحقق خلالها التعادل في دورة برلمانية بين عدد مشاريع القوانين ومقترحات القوانين الموافق عليها، وقد همت هذه المقترحات مجالات حيوية ترتبط بها حقوق المواطنين، في علاقتهم بتدبير موضوع العقار، من خلال تعديل مدونة الحقوق العينية، وقانون الالتزامات والعقود وقانون الملكية المشتركة، كما تهم فئة الموظفين، من خلال تعديلات أساسية تعلقت بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، في اتجاه تكريس الضمانات الأساسية الممنوحة لهم، لا سيما الذين يعانون من ظروف صحية صعبة، بالإضافة إلى تتميم القانون المتعلق بالشركات، وتغيير مدونة التأمينات.
وبجانب ذلك، رفض المجلس، مقترح قانون وارد عليه من مجلس النواب يتعلق بتغيير المادتين 2 و4 من القانون رقم 41.10 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، بعدما أصبح غير ذي موضوع إثر نسخ الصندوق المذكور بموجب القانون المتعلق بالدعم الاجتماعي.
وأود أن أشدد بهذه المناسبة على أهمية المبادرات الاقتراحية لأعضاء المجلس بغاية إغناء وتطوير الترسانة القانونية الوطنية، حيث تلقى مكتب المجلس في هذا السياق، خلال هذه الدورة 11 مقترح قانون، تراوحت بين اقتراح إحداث وكالات وصناديق متخصصة لتركيز المجهودات على مجالات محدّدة، واقتراح تغيير وتتميم ميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة، فضلا عن مبادرات لتطوير النظام الأساسي للوظيفة العمومية، والإطار القانوني للتعيين في المناصب العليا، وكذا محاربة هدر الطعام.
وإذ ننوه بالمجهودات السالفة والمبادرة الاقتراحية الإيجابية، لا ينبغي إغفال قيمة تفاعل أعضاء المجلس مع مشاريع القوانين المحالة في إطار ممارسة الحق في التعديل، فعلى سبيل المثال، بلغ عدد التعديلات المقدمة على مشروع قانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة (148) تعديلا، وعلى مشروع قانون رقم 10.23 الذي يخص تنظيم وتدبير المؤسسات السجنية (174) تعديلا، و123 تعديلا حول مشروع قانون المعدل للظهير الخاص بالضمان الاجتماعي، وقد أسفر كل ذلك عن إدخال تعديلات جوهرية على النصوص المذكورة. علما بأن مجلس المستشارين يسعى دائما إلى جعل التواصل والتنسيق مع الحكومة أكثر تعاونا وتكاملا.
ولعل هذا التفاعل الإيجابي هو الذي ساهم في تحقيق فعالية أكثر لأشغال اللجان الدائمة، وذلك ليس من باب التحضير للجلسات العامة فقط، بل كذلك في إطار وظائفها الرقابية والتشاورية.
ففي هذا الإطار، استمعت لجنة الداخلية للسيد وزير النقل واللوجيستيك حول عملية مرحبا 2024، كما أن لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بصدد إجراء مشاورات لبرمجة لقاء هام لعرض ومناقشة التقرير الأولي للمملكة المغربية بشأن إعمال الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والتقرير الدوري الخامس بشأن إعمال اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وعقدت لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والثقافية جلسة استماع للسيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار حول سير الدراسة بكليات الطب والصيدلة.
وعلى صعيد آخر، وفي إطار تطوير المنظومة التشريعية المتعلقة بقانون المالية، عقدت لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية لقاء مشتركا مع مثيلتها بمجلس النواب للاطلاع على تصور الحكومة حول إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية قبل وضعه في المسطرة التشريعية.
وفي سياق متصل، وفي إطار تنفيذ قانون المالية للسنة المالية الجارية وإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025، تم إخبار لجنة المالية مسبقا من طرف الحكومة بفتح اعتمادات إضافية بمرسوم خلال السنة الحالية خلال اجتماع خاص لهذا الغرض في 4 يونيو 2024، فضلا عن برمجة اجتماع مشترك بعد زوال اليوم 25 يوليوز 2024 لتقديم الإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.
حضرات السيدات والسادة،
لقد عقد المجلس خلال هذه الدورة 25 جلسة عامة، تميزت على الخصوص بعقد جلستين عامتين مخصصتين لتقديم ومناقشة عرض السيد رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان حول الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة للفترة 2021-2024، والجلسة المتعلقة بمناقشة تقرير لجنة العمل الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالسياسة اللغوية بالمغرب، إضافة للجلسة السنوية المنعقدة المخصصة لمناقشة وتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي.
كما عرفت هذه الدورة عقد خمس (5) جلسات للدراسة والتصويت على مشاريع ومقترحات القوانين الجاهزة، وعقد 13 جلسة أسبوعية للأسئلة الشفهية تم خلالها مساءلة 21 قطاعا حكوميا، حول مواضيع منبثقة من المعيش اليومي للمواطن المغربي وحظيت باهتمام الرأي العام الوطني، لارتباطها بانشغالات مختلف الشرائح المجتمعية من خلال مناقشة استراتيجيات الحكومة للنهوض بأوضاعها، واهتمامها بمعالجة القضايا الملحة من الناحية الاجتماعية لا سيما المرتبطة بمجالات التعليم والتكوين والتعليم العالي والصحة، وكذا من خلال مناقشة آليات تدخل الحكومة لدعم القطاع الفلاحي والتسريع بمشاريع تحلية مياه البحر لمواجهة النقص الحاد في هذه المادة الحيوية ببلادنا مع توالي موجات الجفاف.
إضافة إلى ذلك، تم تخصيص اهتمام واسع لاستراتيجيات إنعاش القطاع السياحي والصناعة التقليدية باعتبارهما رافعتين أساسيتين للاقتصاد الوطني، كما واكبت أسئلة السيدات والسادة المستشارين مشاريع تطوير البنيات الأساسية من طرق ومطارات وموانئ استعدادا لاحتضان بلادنا لمجموعة من التظاهرات الرياضية والثقافية العالمية، ومدى تفاعل الحكومة مع مختلف المبادرات البرلمانية على المستوى الرقابي والتشريعي ...
وطبقا لمقتضيات المادة 168 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين توصلت رئاسة المجلس بــ 32 طلبا لتناول الكلمة حول مواضيع طارئة في نهاية جلسات الأسئلة الشفهية من مختلف الفرق والمجموعات والمستشارين غير المنتسبين، قبلت الحكومة 05 طلبات منها.
كما عقد المجلس جلسة شهرية خاصة بـتقديم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل السيد رئيس الحكومة، حول موضوع " الحوار الاجتماعي آلية للنهوض بأوضاع الشغيلة، ورافعة لتحسين أداء الاقتصاد الوطني ".
وعلى صعيد التزامات وتعهدات السيدات والسادة الوزراء خلال جلسات الأسئلة الشفهية فقد تم حصر عدد من الالتزامات تتعهد بموجبها الحكومة بالتفاعل مع عدد من القضايا والمطالب المجتمعية المعبر عنها في أسئلة السيدات والسادة المستشارين، وتهم بالأساس قطاعات التربية الوطنية، الفلاحة والصيد البحري، الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، الداخلية، الصحة والحماية الاجتماعية، كما تجدر الإشارة إلى أن المجلس توصل خلال هذه الدورة من السيدة والسادة وزراء الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، العدل، التجهيز والماء، الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، النقل واللوجستيك، الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، بأجوبة عن التعهدات التي تم جردها خلال أجوبتهم عن الأسئلة الشفهية الموجهة إليهم خلال جلسات الأسئلة الشفهية برسم دورة أكتوبر المنصرمة.
وبصفة عامة، بلغ عدد الأسئلة الشفهية المتوصل بها خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين ودورة أبريل 2024 ما مجموعه 805 سؤالا، أجابت الحكومة على 300 منها خلال 13 جلسة عامة، من ضمنها 102 سؤالا آنيا و198 سؤالا عاديا. بينما بلغ عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال نفس الفترة ما مجموعه 1191 سؤالا، أجابت الحكومة على 689 سؤالا منها، علما أن عددا مهما من الأسئلة المطروحة خلال هذه الدورة لم تستوف بعد الأجل القانوني للجواب عنها عند موعد اختتام الدورة الحالية، ويتعلق الأمر ب (492 سؤالا).
واعتبارا للأهمية التي تحظى بها التقارير والآراء الاستشارية للمؤسسات الدستورية، فإننا حرصنا على التعميم المنتظم لكافة الآراء والدراسات الصادرة عن هذه المؤسسات، بغاية استثمارها من مكونات المجلس في أداء وظائفها التشريعية والرقابية والتقييمية.
كما حرصنا بالنسبة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على الحضور المتواتر لممثلين عن مجلسنا في الجمعيات العامة لهذا المجلس وباقي اللقاءات التواصلية التي يعقدها، مع طلبنا لرأيه حول موضوعي "تحديات المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا" و"مساهمة البحث العلمي في الابتكار وتقوية القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني".
وعلى مستوى العلاقات مع المؤسسات الدستورية دائما، ففضلا عن مناقشة التقرير السنوي بالمجلس الأعلى للحسابات في الدورة المنصرمة، تواصل مسلسل التعاون والتنسيق حول وضعية تصريح أعضاء المجلس الجدد بممتلكاتهم، وكذلك المصرح بفقدان عضويتهم، وتوصلنا كذلك بتقرير هذا المجلس حول تنفيذ قانون المالية لسنة 2022 والتصريح العام بالمطابقة ومذكرة حول التصديق على حسابات الدولة، وهي وثائق مهمة ساعدت في مناقشة مشروع قانون التصفية.
وبالنسبة لباقي المؤسسات، توصل المجلس بالتقرير السنوي لكل من مجلس المنافسة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان برسم سنة 2022، وكذا بالتقرير السنوي للوكالة الوطنية لمحاربة الأمية لسنة 2022-2023 طبقا لأحكام القانون رقم 38.09.
أيها السيدات والسادة،
وفيما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، فقد تميزت هذه الدورة بحصيلة نوعية ساهمت فيها جميع مكونات المجلس، حيث واصلنا مسار تقوية التعاون البرلماني الثنائي ومتعدد الأطراف على مستوى مختلف المناطق الجيوسياسية بهدف الدفاع، ضمن منظومة الدبلوماسية الوطنية، عن القضايا الاستراتيجية والحيوية للمملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وعلى رأسها القضية الوطنية.
وفي هذا الإطار، حظينا بشرف تمثيل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في حفل تنصيب رئيس اتحاد جزر القمر، فخامة السيد غزالي عثماني، الذي جرى يوم 24 ماي 2024 بالعاصمة موروني، حيث تشرفنا بإبلاغ فخامته، تحيات وتهاني صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بمناسبة انتخابه رئيسا لهذا البلد الشقيق، وعن تمنيات جلالته بكل التوفيق والسداد في تأدية مهامه النبيلة. وأكدنا بهذه المناسبة استعداد وطموح المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، للرقي بالعلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين الشقيقين، لتشمل مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وخلال استقبالنا من طرف فخامة رئيس اتحاد جزر القمر، عبر هذا الأخير عن اعتزازه بعمق ومتانة العلاقات التي تجمع بين اتحاد جزر القمر والمملكة المغربية، برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وعن تقديره الكبير لما يقوم به جلالته من أجل الرقي بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، ولجهود ومبادرات جلالته المتواصلة من أجل دعم التنمية في إفريقيا على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية.
كما قمنا خلال هذه الدورة، بزيارة عمل لجمهورية بنما تلبية لدعوة كريمة من رئيس برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، وقعنا خلالها اتفاقية تعاون بين مجلس المستشارين وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، بشأن "مكتبة الملك محمد السادس"، حيث نصت المذكرة على توسيع أدوار المكتبة، لتكون منصة تواصلية بين البرلمانات الوطنية للدول الأعضاء ببرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب وبرلمان المملكة المغربية ونظرائهما بإفريقيا والعالم العربي.
كما أكدت الاتفاقية على أن هذا المسعى يندرج في إطار رغبة الجانبين في توطيد مكانة هذا الفضاء، ليكون جديرا بحمل الاسم المولوي الشريف لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وليكون مساحة للتعريف بالثقافة والتاريخ الحضاري للمملكة المغربية وفضاء لترسيخ الموروث الثقافي والإنساني المشترك القائم على القيم والقواسم المشتركة بين المملكة المغربية وبلدان أمريكا اللاتينية والكراييب.
كما أقرت بنود الاتفاقية على أنها تستند إلى أحكام مذكرة التفاهم الموقعة بين مجلسي برلمان المملكة المغربية وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب في 25 أبريل 2018، مع التأكيد على أن هذه الوثيقة ترمي إلى ترسيخ قنوات التواصل والتعاون بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التنسيق في المحافل الدولية وفق القيم والمبادئ العامة المؤسسة للعلاقات بين الطرفين والقائمة على التفاهم والتشاور واحترام سيادة ووحدة الدول الأعضاء والدول الملاحظة ببرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب.
كما شاركنا في إطار هذه الزيارة في العديد من الندوات المتضمنة في برنامج البرلاتينو التحضيري للاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس أعرق وأكبر تجمع برلماني بمنطقة أمريكا اللاتينية والكراييب، بحيث شارك أعضاء الوفد البرلماني المرافق في ندوتين مرتبطتين بقضايا الهجرة والشباب، وكانت هذه مناسبة استعرضوا من خلالها مختلف مرتكزات سياسة تدبير قضايا الهجرة والمهاجرين بالمملكة المغربية، مبرزين خصوصية اعتبار المغرب بلدا مصدرا للهجرة وبلد عبور واستقرار لمهاجري عدد من البلدان، إلى جانب عرض أهم خصائص ومميزات التجربة المغربية في مجال إدماج الشباب في الحياة السياسية.
وشاركنا كذلك خلال هذه الدورة، بصفتنا رئيسا لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، في أشغال الجمعية العامة الثامنة عشرة لهذه المنظمة البرلمانية الإقليمية، التي انعقدت يومي 15 و16 ماي 2024، بمدينة براغا بالبرتغال.
وقد تميزت هذه الدورة، التي عرفت خطابات توجيهية من قبل كل من رئيس جمهورية البرتغال، ورئيس جمعية الجمهورية بالبرتغال، والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتوشيح الجمعية العامة الثامنة عشرة لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، "وكالة بيت مال القدس الشريف" الذراع التنفيذية للجنة القدس، برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بجائزة التميز لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، وذلك نظير ما تقدمه الوكالة، بتعليمات سامية من جلالته، من خدمات جليلة ومجهودات قيمة، من أجل العمل الإنساني والاجتماعي الميداني الملموس، والذي يتلازم مع المسار السياسي والقانوني للقضية الفلسطينية، الذي تضطلع فيه الدبلوماسية المغربية، بالتوجيهات السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بدور ريادي وإنساني مشهود بثباته ونبل مساعيه.
كما تأتي هذه المبادرة في إطار ما تقدمه المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، من إسهامات من أجل مد جسور التفاهم بين شعوب المنطقة الأورومتوسطية، من خلال تعزيز قيم الاحترام المتبادل والتعايش والتعاون والتضامن.
وقد تم تسليم الجائزة للوكالة، خلال أشغال النسخة الثانية من "منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج" التي نظمت من طرف كل من مجلس المستشارين وبرلمان البحر الأبيض المتوسط، يومي 11 و12 يوليوز 2024 بمدينة مراكش تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وبمناسبة انعقاد أشغال هذه الدورة أجرينا سلسلة من المحادثات الثنائية مع رؤساء البرلمانات الوطنية المشاركة، ويتعلق الأمر بكل من رئيس جمعية الجمهورية بالبرتغال، ورئيس برلمان جمهورية الجبل الأسود، ورئيس برلمان جمهورية البوسنة والهرسك، ورئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، حيث همت هذه اللقاءات سبل تقوية التعاون البرلماني الثنائي ومتعدد الأطراف بين المملكة المغربية وهذه البلدان.
وعلى مستوى المنظمات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية، شاركت الشعب الوطنية الدائمة ووفود مجلس المستشارين خلال هذه الدورة في كل من أشغال الدورة السنوية الحادية والثلاثين للجمعية البرلمانية للأمن والتعاون بأوروبا، وأشغال اللجن الدائمة للبرلمان الإفريقي، وحوار البرلمانات العربية حول المراجعة الإقليمية لإعلان ومنهاج عمل بيجين، وأشغال لجنة القضايا السياسية والديمقراطية التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والدورة الرابعة والثلاثين للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي، والمنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات تحت شعار "الحوار من أجل السلام والأمن العالميين"، والمؤتمر الخامس لرابطة "برلمانيون لأجل القدس" تحت شعار "الحرية والاستقلال لفلسطين"، ولجنة الشؤون البرلمانية التابعة للجمعية البرلمانية للفرنكوفونية، ولجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التابعة للجمعية البرلمانية للفرنكوفونية، والمؤتمر السادس للبرلمان العربي ورؤساء البرلمانات العربية حول "رؤية برلمانية عربية لتحقيق التوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي"، والمرحلة الثالثة للمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والدورة الربيعية للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا، والدورة التاسعة والأربعين للجمعية البرلمانية للفرنكوفونية، والجلسة الرابعة من دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث للبرلمان العربي، وزيارة عمل رئيس مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية لمجلس الشيوخ الفرنسي.
وعلى المستوى الثنائي، فقد أجرينا خلال هذه الفترة في إطار زيارات رسمية، لقاءات ثنائية مع شخصيات حكومية ودبلوماسية، ورؤساء برلمانات وطنية واتحادات برلمانية جهوية وقارية ودولية، وعلى رأسهم رئيس برلمان جمهورية مونتينيغرو، ورئيس جمهورية البوسنة والهرسك، ورئيس الجمعية الكبرى للبرتغال، ورئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، ورئيس مجلس النواب بمملكة البحرين، ورئيسة البرلمان الأنديني (البارلاندينو)، ورئيسة برلمان أمركا الوسطى (البارلاسين)، ورئيسة برلمان السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (البارلاسور)، ورئيس المجلس الوطني السويسري، ورئيس البرلمان الفنلندي، ورئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، الذي قام بزيارة للمملكة المغربية للمشاركة في مناظرة نظمها البرلمان المغربي والجمعية البرلمانية لمجلس أوربا بمناسبة اختتام مشروع "دعم تطوير دور البرلمان في ترسيخ الديمقراطية في المغرب 2020-2024"، ونائبة رئيس مجلس النواب التشيكي، والنائب الأول لرئيسة الجمعية الوطنية بجمهورية مالاوي، وكاتب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيتنامي، ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية بمجلس الشيوخ الفرنسي، ووفدا فلسطينيا قام بزيارة للمملكة المغربية بدعوة من وكالة بيت مال القدس الشريف، ووفدا برلمانيا من جمهورية إندونيسيا، ووفدا عن لجنة الفلاحة والأراضي الزراعية والموارد الطبيعية بالجمعية الوطنية لجمهورية زامبيا، والمدير العام لمنظمة العمل الدولية، والسفير المعتمد للمملكة الإسبانية لدى الرباط.
وعلى مستوى تنظيم التظاهرات الإقليمية والدولية، فقد نظم مجلس المستشارين وبرلمان البحر الأبيض المتوسط، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، النسخة الثانية لمنتدى مراكش الاقتصادي البرلماني للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، وذلك يومي 11 و12 يوليوز 2024، بمدينة مراكش.
وتميز هذا المنتدى، الذي عرف مشاركة أكثر من 350ٍ مؤتمر، بحضور ممثلي ورؤساء الاتحادات البرلمانية الإقليمية والوطنية الأعضاء والشركاء في برلمان البحر الأبيض المتوسط، ودول الخليج العربي، وعلى رأسهم رئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، الدكتور عبد الله بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ، ورئيس مجلس النواب بمملكة البحرين، السيد أحمد بن سلمان المسلم، ورئيس مجلس النواب بجمهورية البوسنة والهرسك، ورئيسة برلمان المجموعة الاقتصادية لبلدان أمريكا الجنوبية (البارلاسور)، ورئيسة برلمان أمريكا الوسطى (البارلاسين)، ورئيسة البرلمان الأنديني (البارلاندينو)، ورئيس الكونغرس الوطني لجمهورية الهندوراس، ونائب رئيس منتدى رؤساء ورئيسات المؤسسات التشريعية في أمريكا الوسطى وحوض الكراييب والمكسيك (الفوبريل)، ورئيس شبكة البرلمانيين الأفارقة لتقييم التنمية، ومدراء وخبراء بمختلف الوكالات المتخصصة وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، بالإضافة لممثلي القطاعين العام والخاص، ورجال أعمال من مختلف الدول، وأكاديميين وعدد من الشخصيات والوفود الضيفة.
كما شكل هذا المنتدى محطة هامة للتداول بشأن القضايا الاقتصادية والتنموية والبيئية الأكثر إلحاحا في المنطقتين الأورومتوسطية والخليج العربي، إذ تميزت هذه النسخة بتنظيم سبع جلسات عامة موضوعاتية، همت مختلف القضايا الراهنة المطروحة على الأجندة الإقليمية والدولية، وعلى رأسها آفاق الاقتصاد الكلي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج العربي، وضمان إمدادات الطاقة والتحول الأخضر في المنطقتين، وتمويل المشاريع، لاسيما الصغيرة والمتناهية الصغر، وريادة الأعمال في العالم الرقمي وتحدي الذكاء الاصطناعي، ودور الابتكار في الازدهار والتنمية الشاملة، وغيرها من المحاور الفرعية.
وقد عبر المشاركون في هذه الدورة عن إشادتهم بالتقدم والازدهار الذي تعيشه المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعن تقديريهم وتثمينهم العاليين للدور الريادي الذي تلعبه المملكة المغربية، بقيادة جلالته حفظه الله، في إطلاق ودعم كل المبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى دعم التعاون جنوب-جنوب.
كما تقدم المشاركون في هذه الدورة، بخالص التقدير والعرفان لجلالته نصره الله، على حسن وكرم الضيافة التي حظوا بها منذ أن وطأت أقدامهم أرض المملكة المغربية، وعلى شرف إضفاء الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على هذا المنتدى الذي يسعى إلى تقوية مسار تعزيز التعاون البرلماني من أجل إنشاء منطقة اقتصادية ومالية أكثر تكاملا واستدامة بين الدول الأورومتوسطية ودول الخليج العربي، حيث أثبت المنتدى من خلال النسختين الأولى والثانية، أنه يمثل فرصة جيدة للبرلمانيين والشركاء المؤسسيين لبرلمان البحر الأبيض المتوسط للتفاعل مع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين من القطاعين العام والخاص، وكذلك مع الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني.
وشكل تسليم جائزة التميز لبرلمان البحر الأبيض المتوسط لفائدة وكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع التنفيذية للجنة القدس، برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، أبرز اللحظات القوية لهذا المنتدى وأضفى عليه قيمة استثنائية. وقد جاء هذا التتويج نظير ما تقدمه الوكالة، برعاية جلالته، من خدمات جليلة ومجهودات قيمة، من أجل العمل الإنساني والاجتماعي الميداني الملموس، والذي يتلازم مع المسار السياسي والقانوني للقضية الفلسطينية، الذي تضطلع فيه الدبلوماسية المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بدور ريادي وإنساني مشهود بثباته ونبل مساعيه.
تم بهذه المناسبة، عرض شريط فيديو في الجلسة العامة للمنتدى، يعرف بوكالة بيت مال القدس الشريف وأنشطتها الرامية إلى صيانة الطابع الديني والحضاري لمدينة القدس الشريف والحفاظ على وضعها القانوني، وكذا الجهود التي بذلتها الوكالة منذ إحداثها، من خلال العديد من المشاريع الاجتماعية التي أنجزتها، والتي همت على الخصوص قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والثقافة والشباب والرياضة.
وفي الكلمة أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى، أكدنا على أن انعقاد هذه الدورة يأتي في سياقات دولية وإقليمية ووطنية مطبوعة بالكثير من التحديات والمخاطر متعددة الأبعاد التي تغذيها أسباب وعوامل مختلفة، لاسيما المرتبطة منها بالتغيرات المناخية واستمرار تداعيات جائحة كوفيد-19 وتفاقم الأزمات.
واعتبرنا أن المملكة المغربية، إدراكا منها لموقعها الاستراتيجي الذي يجعل منها نقطة تلاقي وصلة وصل بين إفريقيا والعالم العربي وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وتصريفا لقناعاتها الثابتة بأهمية التعاون المشترك، وخاصة التعاون جنوب-جنوب، كما يرعاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، لا تكتفي بوضع ما تستلزمه التحديات المذكورة من سياسات عمومية وطنية فاعلة وناجعة، بل تتعدى ذلك إلى طرح وقيادة مبادرات إقليمية تستهدف تحقيق أهداف مشتركة على مستوى التنمية الشاملة مع محيطها، ولاسيما في عمقها الإفريقي.
وأكدنا في هذا الصدد، على أهمية المبادرة الأطلسية التي أطلقها جلالته حفظه الله لتعزيز ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي والتي تشكل إطارا متفردا لتحقيق تعاون إفريقي متعدد الأبعاد وتنسيق جهود التنمية بما يؤسس لميلاد إفريقيا جديدة مزدهرة ومستقرة.
كما ذكرنا، بأن المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، كانت سباقة للاستثمار في الحلول المستدامة، حيث مكنها موقعها الإستراتيجي ومؤهلاتها من الارتقاء إلى مصاف البلدان الرائدة في مجال تمويل وتطوير مشاريع الطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية والهيدروجين الأخضر، وذلك ضمن استراتيجيتها الطموحة لتسريع الانتقال الطاقي وتحقيق الحياد الكربوني.
وقد عرفت هذه الدورة إطلاق "المرصد البرلماني للجنوب العالمي من أجل التنمية المستدامة للمنتدى البرلماني جنوب جنوب" بشراكة مع برلمان البحر الأبيض المتوسط، وذلك في إطار تنزيل توصيات البيان الختامي للمؤتمر البرلماني للتعاون جنوب – جنوب الذي نظمه مجلس المستشارين ورابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، برئاستنا والمنتدى البرلماني للحوار جنوب-جنوب، بالرباط في فبراير 2024 بمشاركة ممثلي مجالس الشيوخ والشورى والاتحادات البرلمانية الإقليمية الإفريقية والعربية والأمريكولاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث دعوا من خلاله إلى تعزيز التنسيق والتعاون والتشاور، وذلك عن طريق إنشاء مؤسسات دائمة.
ويسعى مجلسنا من خلال هذه المبادرة أن يكون المرصد إطارا فاعلا ومنتجا من أجل مواكبة منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج العربي في تحقيق أهدافه واقتراح الحلول والخطط العملية التي من شأنها تقوية وتعزيز قدرات البرلمانيين في المنطقتين من أجل النهوض بمسؤولياتهم المشتركة على أحسن وجه.
وتوجت فعاليات المنتدى، برفع مجموعة من الخلاصات والتوصيات التي همت:
- الدعوة إلى تيسير تفعيل مبادرة "مجتمع الطاقة البرلماني للمنطقتين الأورومتوسطية والخليجية"، من أجل التخفيف من آثار الأزمة الطاقية وضمان الأمن الطاقي في المنطقتين؛
- إيلاء الاهتمام للاستثمارات المالية، لاسيما من خلال أدوات التمويل البديلة، والتعاون من أجل دعم المقاولات الصغرى والمتناهية الصغر والمتوسطة، من خلال سياسات دعم صناعي ترمي إلى تعزيز الإدماج المالي والتنمية الاقتصادية الإقليمية؛
- التأكيد على أهمية تعزيز الدبلوماسية البرلمانية والتعاون بين أعضاء المنتدى من أجل معالجة آثار شح الموارد المائية، وتحسين الولوج إلى المياه، ومحاربة تلوث التربة، والتقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة الأورومتوسطية والخليج العربي.
كما نظم البرلمان المغربي بغرفتيه ندوة حول موضوع: "الهجرة والتغيرات المناخية"، بالشراكة بين البرلمان المغربي والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، وذلك بمناسبة الزيارة الهامة التي قام بها رئيس الجمعية للمملكة المغربية، وتتويجا للبرنامج الثلاثي المغرب – الاتحاد الأوروبي – مجلس أوروبا الخاص بتعزيز دور البرلمان في توطيد الديمقراطية برسم 2021-2024.
وقد قدمنا خلال افتتاح أشغال هذه التظاهرة، كلمة عبرنا فيها عن اعتزازنا بالرصيد الكبير للندوات والمؤتمرات المنظمة سابقا بشراكة بين البرلمان المغربي والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في مختلف المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وكذا احتضان الرباط لأشغال اللجن الدائمة للجمعية حول المواضيع التي تهم تنزيل دستور 2011، ومن ضمنها لجنة القضايا السياسية والديمقراطية ولجنة القضايا القانونية وحقوق الإنسان، ولجنة الهجرة.
ونوهنا في إطار الرصيد الهام للشراكة بين الجانبين، بأهمية الزيارات السابقة لرؤساء الجمعية ومختلف المقررين وجلسات الاستماع مع المسؤولين المغاربة في مواضيع هامة، كحقوق الإنسان والهجرة واللجوء والحكامة وتحقيق المساواة، وهي المواضيع التي تأتي في سياق تنفيذ البرلمان المغربي للالتزامات الــ 21 الواردة في قرار "الشراكة من أجل الديمقراطية"، بالإضافة لمشاركات الوزراء المغاربة ورؤساء البرلمانات في الجلسات العامة للجمعية بستراسبورغ من خلال عروض ومداخلات تفاعلية وجلسات استماع وتبادل الرأي مع أعضاء الجمعية.
أيها السيدات والسادة،
تعزيزا لديناميته المتواصلة في الانفتاح على قضايا المجتمع وفي مواكبة الأوراش الإصلاحية الكبرى التي يرعاها صاحب الجلالة نصره الله، وتثمينا لمكانته المؤسسية باعتباره امتدادا للجماعات الترابية، فقد باشر مجلسنا الموقر تحضيراته لأشغال الملتقى البرلماني للجهات في نسخته السادسة، عبر تنظيم ندوة موضوعاتية جهوية بجهة فاس-مكناس يوم السادس من شهر يونيو المنصرم في موضوع "الجهوية المتقدمة بين تحديات الممارسة ومتطلبات المراجعة القانونية".
وقد شكلت هذه الندوة مناسبة لإثراء الفكر الجماعي في مداخل التغيير الأساسية على مستوى المنظومة القانونية ذات الصلة في ضوء ما أفرزته الممارسة من إكراهات وتحديات حالت دون بلوغ الفعالية اللازمة في ممارسة الجماعات الترابية، وعلى رأسها الجهات، لاختصاصاتها الذاتية والمشتركة؛ ودون الاستثمار الأمثل للآلية الاتفاقية وما تتيحه من إمكانيات لتحقيق الالتقائية على مستوى السياسات العمومية الترابية.
هذا، وقد توجت أشغال هذه الندوة ببلورة خلاصات وتوصيات على قدر كبير من الأهمية، ستشكل، إلى جانب المخرجات التي ستفضي إليها الندوة الموضوعاتية الجهوية التي نعتزم تنظيمها في محطة تحضيرية ثانية بجهة مراكش آسفي شهر أكتوبر المقبل، أرضية صلبة للنقاش ضمن فعاليات الملتقى البرلماني السادس للجهات خلال شهر نونبر من السنة الجارية إن شاء الله.
على صعيد آخر، وتعزيزا لانفتاح المؤسسة التشريعية على المواطنات والمواطنين وعلى فئة الشباب واليافعين والمؤسسات التعليمية على وجه الخصوص، فقد واصل مجلسنا الموقر مشاركته إلى جانب مجلس النواب ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر، الذي نظمت دورته التاسعة والعشرون تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمدينة الرباط خلال الفترة الممتدة من يوم 9 إلى غاية يوم 19 من شهر مايو 2024.
وقد شكلت هذه المشاركة فرصة سانحة للتواصل مع عموم المواطنات والمواطنين، حيث تميزت بنقل احتفالية البرلمان بالذكرى الستينية إلى رواق البرلمان في فضاء المعرض الدولي للكتاب والنشر، من أجل إبراز الصورة الحقيقية للعمل البرلماني، وتمكين زوار الرواق، الذين ناهز عددهم حوالي 13000 زائر، من الاطلاع على الرصيد الوثائقي الهام للبرلمان ومختلف إصداراته، سواء المتعلقة بتاريخه وتركيبته، أو بأنشطته التشريعية والرقابية وفي مجال تقييم السياسات العمومية والديبلوماسية البرلمانية والانفتاح على المجتمع المدني.
أيها الحضور الكريم،
تلكم كانت لمحة عن المحاور الكبرى لحصيلة عملنا خلال هذه الدورة الهامة، لا بد من تقديم ما يجب من عبارات الشكر والتقدير للسيد رئيس الحكومة والسادة أعضاء الحكومة، وأخص بالذكر السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، على ما أبدوه طيلة هذه الدورة من حسن التعاون والالتزام المنتج والحضور المنتظم في جميع الأنشطة البرلمانية.
والشكر موصول أيضا لمجلس النواب الموقر الذي نعبر له بالمناسبة عن اعتزازنا بالتقدم المحرز في تنسيق أعمالنا بشكل محكم في كل محاور العمل البرلماني، ولا سيما في الشق الديبلوماسي، وذلك وفقا لمتطلبات الدستور والتوجيهات الملكية السديدة.
كما نتوجه بتحية تقدير واحترام للمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديموقراطية التشاركية، وإلى الجماعات الترابية وخاصة الجهات، على حرصها الدائم على إبداء المشورة وتفعيل المقاربة التشاركية واعتماد صيغ التعاون الوثيق في كل المجالات ذات الأولوية والتي تحظى باهتمام الرأي العام الوطني.
ومسك الختام الاعتراف بالفضل لأهل الفضل، للسادة أعضاء مكتب مجلس المستشارين والسادة رؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية والسيدة والسادة رؤساء اللجان الدائمة والمؤقتة ولعموم السيدات والسادة المستشارين.
ذلكم أن تفانيهم وإخلاصهم في النهوض بأعبائهم الدستورية وتنشيط قوتهم الاقتراحية وتعدد مبادراتهم البرلمانية، هو الذي يسر لنا تحقيق هذه الحصيلة التي نختتم بها اليوم أعمال دورتنا الأخيرة من الفترة التشريعية الأولى.
وبفضل إرادتهم المتفائلة وعملهم الميداني الدؤوب للارتقاء بالعمل التشريعي والرقابي والتقييمي، سيظل مجلس المستشارين دعامة أساسية في النسق الدستوري الوطني ومنبرا معبرا عن تطلعات جميع الفئات والقوى المجتمعية الحية.
كما لا تفوتني الفرصة أيضا دون التنويه بالجهود الجبارة والمقدرة التي تقوم بها الأمانة العامة للمجلس وسائر أطر وموظفي المجلس الذين يعبرون في كل مناسبة عن حضورهم اليقظ وأدائهم المثمر الذي لا تخفى أهميته في مساعدة السيدات والسادة المستشارين على أداء مهامهم الدستورية الجسيمة.
ونجدد شكرنا وتقديرنا لوسائل الإعلام الوطنية المكتوبة والمسموعة والمرئية على العمل المهني المتميز الذي تقوم به من أجل نشر وتبسيط ما يعتمل من نقاشات بناءة داخل مجلسنا الموقر، ونقل الصورة الحقيقية للعمل البرلماني في محاوره المتعددة.
بهذه الكلمة، نختتم هذه الدورة، وشكرا لكم على حسن الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.