تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

افتتاح الدورة التأسيسية لملتقى مجلس المستشارين للشباب المغربي

2022-06-01

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

حضرات السيدات والسادة

اسمحوا لي بداية، وأنا بصدد الترحيب بكن وبكم نيابة عن كافة مكونات مجلس المستشارين، التعبير عن مدى امتناني لتلبية الدعوة للمشاركة والحضور في فعاليات "ملتقى مجلس المستشارين للشباب ".

وإذ نلتئم اليوم في دورة تأسيسيةلمنبركم الحرهذاوالذي نريده أن يشكل قيمة مضافة لانفتاح مؤسستنا على القضايا المجتمعية والإنصات اليقظ لنبض المجتمع على غرار باقي الفعاليات التي دأبنا على تنظيمها، أعتقد أنه من الواجب التذكير بأن بلادنا، وعلاقة بموضوع الشباب، قد انخرطت في دينامية إصلاحية عنوانها فتح العديد من الأوراش المهيكلة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله توجتباعتماد دستور جديد متضمن لما يكفي من المقتضيات ذات الصلة بموضوع تداولنا اليوم وعلى رأسها التنصيص علىإحداث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي.

ولأنه حضرات السيدات والسادة، لا يسمح الحيز الزمني لبسط مجمل المعطيات والبيانات المتوفرة وطنيا -التي ستكون لا محالة مرصودة من قبل مساهمات القطاعات والمؤسسات المعنية الحاضرة معنا اليوم- اسمحوا لي أن أتقاسم معكم بعض الهواجس الضاغطة والمعبر عنها دوليا، لأنه ومهما خططنا فبدون عمل لائق وقار (أتحدث عن سابق معرفة لكوني نقابي) سيصعب الحديث عن تمكين الشباب دونما الولوج إلى سوق الشغل، فحسب المعطيات المتوفرة،أفادت منظمة العمل الدولية أنه في الربع الأول من عام 2020 عن فقدان ما يزيد عن 5 في المئة من ساعات العمل العالمية (مقارنة بالربع الأول من عام 2019) وهو ما يعادل 155 مليون وظيفة بدوام كامل.

وباعتبار التحولاتالعالمية الحديثة، فيتطلب الأمر من فعاليات هذا الملتقى استحضار بعض معطيات الاتحاد الدولي للاتصالات أيضا ومفادها "أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً يمثلون ربع العدد الإجمالي تقريباً للأفراد الذين يستخدمون الإنترنت في العالم. وفي 2017، كانت نسبة 70,6 بالمائة من السكان الشباب في العالم يستخدمون الإنترنت. والشباب هم "أول معتنقي" تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وفي نفس المنحى، يستنتج من تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان المقدم في (الدورة 40 لمجلس حقوق الانسان الأممي)أنه "لدينا اليوم أكبر جيل من الشباب في التاريخ، وهم مصدر هائل من الموهبة والإبداع والطاقة. فهم يملكون إمكانيات كبيرة من أجل دفع عجلة التقدم الاجتماعي، وتشجيع التغيير السياسي والمضي قدماً في تحقيق خطة التنمية المستدامةلعام 2030 وفي تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، يواجه الشباب تحديات هائلة في التمتع بحقوق الإنسان الخاصة بهم. وهناك عدد هائل من الشباب غير الملتحقين بالتعليم أو العمل أو التدريب، ما يؤدي إلى مستويات غير متناسبة من البطالة والاستغلال. وعلى وجه الخصوص، يعاني العديد من الشباب عملية طويلة وصعبة في الانتقال من المدرسة إلى العمل، ويفتقرون إلى الفرص التعليمية الكافية لبناء مهاراتهم."

كما توقفتهذه المؤسسة في نفس الاتجاه على أنه" لا يحظى الشباب بقدر كافٍ من التمثيل في المؤسسات السياسية، إذ أنّ نسبة البرلمانيين ما دون الـ30 من عمرهم في جميع أنحاء العالم لا تتعدى 2 في المائة. كما أن سنّ الترشح للبرلمانات الوطنية، لا سيّما للمناصب العليا لا يتوافق دائمًا مع السن الدنيا للتصويت".

حضرات السيدات والسادة

وعيا منا بحجم الانتظارات والتحديات ذات الصلة بمكانة وموقع الشباب في البناء الديمقراطي والتنموي الشامل،فلا يسعنا سوى التنويه إلى ضرورة اعتبار المتغير الديمغرافي -كلما تطلبت الظروف ذلك- أثناء سن سياسات عمومية مرتبطة واتخاذ القرارات المترتبة عنها، لأنه من الطبيعي أن الفئة الشابة في العشرية الماضية ليست هي نفس الفئة في العشرية الحالية ولن تكون المرتقبة من حيث الخصائص والمسلكيات، مما يتطلب معه، من جهتنا، إعادة ضبط إيقاع عملنا وخاصة التشريعي منه بمناسبة التعامل مع هذا المعطى.

ولذلك نعتقد بأن الإضافةالنوعية لتنظيم هذا الملتقىلاتعني مطلقاإغفال (أو إرادة تعويض)دورالهيئاتوباقي المؤسساتالمعنيةبحكم التقاطعالكبيرالذييميزمتطلباتهذه الفئة والمستوجبلضمان انسجام عمل كافة المتدخلين، بل بارتباطبذلك يحذونا الأمل كمجلس حاضن لهموم وانشغالات الفاعلين الترابيين، أن نلعب دورنا ليس فقط، في تخصيب السياسات الترابية الموجهة للشباب،ولكن أيضا عبر مراقبة وتقييم مدى مشاركة الشباب في مسارات إعدادها وقياس أثر تنفيذها، وفق ما تنص عليه مقتضياتالقانون التنظيمي 111-14 المتعلق بالجهات وخاصة بشأن التشاور والتحديد التشاركي للموضوعات ذات الأولوية التي يمكن أن تدرج في إطار عمل مجلس المستشارين في مجال التشريع والرقابة وتقييم السياسات العمومية المتعلقة بالشباب.

وتبعا لذلك، من المؤملأن ينصب التفكير من حيث المخرجات على استشراف إعداد مصفوفة مبادئ توجيهية لمراقبة وتقييم السياسات العمومية تأخذ بعين الاعتبار تجسيد "المواطنة الكاملة للشباب" طبقا للتوجيهات الملكية السديدة الواردة في الخطاب الملكي لـ 20 غشت 2012.

علاوة على ذلك، يبدو لنا أنه من المستحب أن ينصب تفكير اللجنة الموضوعاتيةأيضا حول المحاور الأساسيةالمطلوب استحضارها في السعينحو بلورة مقومات مأسسة الحوار البرلماني الشبابي - إن جاز القول-والأهداف المرجوة منه والدور المنتظر منه.

وختاما، سيداتي سادتي، أريد فقط أن أقول للشباب الحاضر هنا اليوم في رحاب مجلس المستشارين أن هذه المقاعد التي كنتم تشاهدونها عن بعدعبر وسائل الإعلام ليست حكرا ولا حصريا محجوزة لأحد. إنها أمامكم وما السبيل إلى ذلك سوى الايمان بصدق الدينامية الإصلاحية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، والثقة بنبل العمل السياسي ومؤسساته.

وشكرا على حسن الاصغاء وممتن لحضوركن وحضوركم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.