تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الكلمة الختامية ـ الجمعية البرلمانية لحلف الشمال الاطلسي

2016-04-25

الجمعية البرلمانية لحلف الشمال الأطلسي -22 أبريل 2016

 

السيد الرئيس المحترم،

السيد رئيس مجلس النواب،

السيدات والسادة المحترمون،

 

لقد تابعت العروض القيمة وللمناقشات المعمقة والمستفيضة التي أجريتموها على مدى ثلاثة أيام، وعلى الخلاصات المكثفة للمناقشات المعمقة، بشأن المواضيع والقضايا التي كانت مطروحة على جدول أعمال هذا الملتقى.

وهي مناسبة لكي أحييكم جميعا، ولكي أهنئكم ونهنئ أنفسنا على هذا المستوى الراقي من المناقشات ومن الحضور المتميز، وأن نهنئكم كذلك على الخلاصات التي تبلورت بفضل هذه المناقشات.

واسمحوا لي، حضرات السيدات والسادة المحترمين، في نهاية أشغال هذا الملتقى أن أشدد وأن أعيد التأكيد على ستة خلاصات، كانت حاضرة في المناقشات، ويهمني التأكيد عليها بصفة خاصة.

ــ أولى هذه الخلاصات أو القناعات هي تبلور وتقاسم القناعة بأن شبح الإرهاب والتهديدات الإرهابية يمثل تحديا مشتركا، ينبغي أن يظل على الدوام على رأس أولويات العمل المشترك.

ـ ثاني هذه الخلاصات، وهي مرتبطة بهذا التحدي، يظهر أن الشواهد الواقعية تؤكد أن التدابير الأمنية وإجراءات حفظ النظام هي ضرورة ملحة لا غنى عنها، ولكنها غير كافية، إذا ينبغي أن تتعزز وأن تتوطد أكثر فأكثر، من خلال صياغة ودعم برامج عملية للوقاية من النزوع الراديكالي المستشري على نطاق واسع، وأن تتعزز أيضا ببرامج لنزع الطابع الراديكالي المتفاقم والآخِذ في التصاعد.

ـ ثالث الخلاصات التي يظهر أنه قد تبلورت بشأنها قناعات مشتركة، هي أن المقاربة المغربية أو النموذج المغربي في مجال مكافحة الإرهاب، تقدم بكل تواضع خبرة هامة، نعتقد أنها جديرة بالدراسة وبأن يتم استثمارها على نطاق واسع.

ومن ضمن أهم الخبرات والدروس التي تقدمها المقاربة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب، يهمني أن أتوقف عند خبرتين أساسيتين وجوهريتين، تتعلق أولاهما بسياسات إعادة هيكلة الحقل الديني، التي باشرها ويباشرها المغرب، والتي تقوم أساسا على إعلاء وتسييد قيم التسامح والوسطية والاعتدال. وثانيهما بدعم مساعي الرعاية اللاحقة والمراجعات الإرادية التي ينخرط فيها عدد من المحكومين سابقا في قضايا الإرهاب.

رابع القناعات التي يظهر أننا نتقاسمها بشكل قوي، هي تبلور وتقاسم القناعة بأهمية وضرورة عدم السقوط في الفخ الذي يسعى الإرهابيون جاهدون إلى جرنا إليه، وهو فخ الاستسلام السهل لإغراء التخلي التدريجي عن القيم التي تُشكل أساس المجتمعات الديمقراطية، خصوصا القيم المرتبطة والمُتمحورة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية.

خامسا تبلور القناعة بأن جهود مكافحة الإرهاب واجتثاث ينابيعه ينبغي أن تسير في خط متوازي ومتزامن كذلك مع جهود دعم وتعزيز التعاون الدولي من أجل التنمية ومن أجل إبداع وابتكار أجوبة ملموسة لانتظارات قطاعات واسعة من مواطنات ومواطني بلداننا في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

ويقيننا أن هذا الثالوث - إذا جاز أن نسميه كذلك - ثالوث الاستمرار بثبات في مجابهة الإرهاب ودعم الديمقراطية وتوسيع مساحات انتشار قيم حقوق الإنسان، ومساعي ابتكار حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، هذا الثالوث يقدم أفضل الضمانات للوقاية من الإرهاب ولمواجهة التهديدات الإرهابية.

واسمحوا لي، حضرات السيدات والسادة المحترمين، أن أختم كلمتي بالإشارة إلى خلاصة سادسة، أتمنى أن تكون أشغال هذه الندوة قد أفضت إليها، وهي الحاجة إلى إدراك المخاطر الجمة، سواء الظاهرة منها أو المستترة، والتي ينطوي عليها هذا الزواج الموضوعي. هذا الالتقاء والتقاطع الموضوعي الموجود في منطقة الصحراء والساحل، على وجه الخصوص، ما بين الحركات الانفصالية والجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر والتسول بمآسيهم.

وإنني من هذا المنبر، أحيي جهود الاتحاد الأوربي، ومكتب مكافحة الغش التابع للاتحاد الأوربي على وجه التحديد، والذي كشف في تقريره الشهير بالدليل القاطع جريمة سرقة ونهب المساعدات الإنسانية التي تساهمون فيها ـ أنتم زملاؤنا وزميلاتنا خصوصا من بلدان أوربية ـ من خلال الضرائب التي يؤديها مواطنو الاتحاد الأوربي من أجل توفير المساعدات الإنسانية لأولئك المواطنين الذين هم محتجزون في مخيمات تندوف، والذي يظهر أن هناك خطا للنهب والاتجار بتلك المساعدات الإنسانية.

وفي كلمة أخيرة، أسمحوا لي أن أُفصح عن أملي في أن تكونوا، حضرات السيدات والسادة المحترمين، أنتم ممثلات وممثلي البرلمانات الوطنية المشاركة في هذا الملتقى الهام، قد أدركتم أن ما وراء التهديدات والتحديات ذات الطابع الأمني وذات الطابع الجيوسياسي، والتي تحدثتم عنها على مدى ثلاثة أيام، سواء ما يرتبط منها بالإرهاب أو باتساع مساحات الكراهية وثقافة التطرف والتعصب،  أن ما وراء هذه التهديدات يوجد تحدي أكثر خطورة، ويتمثل في سيادة وهيمنة حالة من اللايقين، التي أصبحت تُخَيِّم بشكل مخيف على جزء هام من منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.

إن حالة اللا يقين هاته تفرز حالات من الإحباط ومن التشاؤم وانسداد الآفاق. كل ذلك يعيد إنتاج العوامل التي تغذي هذا الشبح المخيف، المتمثل ليس فقط في انتشار وتصاعد خطورة الحركات الإرهابية، ولكن أيضا في انتشار ثقافة التعصب والكراهية والتكفير.

ونعتقد أن مسؤولياتنا المشتركة، كبرلمانات، حريصون على مكافحة الإرهاب وإنضاج الشروط التي تُمكن الشعوب من أن تنال وأن تحصل على حقها المشروع في الاستقرار، وفي السلم،  والتنمية، والديمقراطية، والكرامة. مسؤولياتنا الجماعية هي أن نضع في مقدمة أولوياتنا، وفي تساوق تام مع جهودنا الجماعية لمكافحة الإرهاب، بلورة سياسات من شأنها أن تخفف على الأقل من حالة اللايقين التي أصبحت تخيم على منطقتنا.

وأملنا في فرصة قادمة أن نلتقي، وقد راكمنا ما يكفي من الأجوبة، وبلورنا ما يكفي من السياسات من أجل إخراج هذه المناطق من عنق الزجاجة.

وفي الختام، باسم مجلس المستشارين، أحييكم وأشكركم على هذه المساهمات القيمة التي قدمتموها، والتي لا شك أنها ستثري وتغني الرصيد والمجهود الذي تقوم به البرلمانات التي تشتغل مع منظمة حلف الشمال الأطلسي في البرامج وفي المواضيع التي هي الآن على جدول الأعمال.

وشكرا على حسن إصغائكم.