تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

جلسة اختتام دورة أكتوبر 2023

2024-02-06

بسم الله الرحمان الرحيم

السيدات والسادة أعضاء الحكومة؛

السيدات والسادة المستشارين المحترمين؛

طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور، والمادة 21 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، نعقد هذه الجلسة العامة لاختتام أعمال دورة أكتوبر من السنة التشريعية 2023-2024، وذلك بعد زهاء أربعة أشهر من العمل الجاد الذي تضافرت فيه جهود جميع مكونات المجلس مثمرة حصيلة مهمة على مستوى مختلف مجالات العمل البرلماني كما هي محددة في الوثيقة الدستورية.

وكما تعلمون، السيدات والسادة المستشارين المحترمين، فإن هذه الدورة، التي تحظى دستوريا بشرف افتتاحها من طرف جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، قد اتسمت، في ظل التوجيهات النيرة الواردة في الخطاب الملكي السامي، بنفس اجتماعي واضح، حيث حصر جلالته الأوراش الاجتماعية ذات الأولوية، مؤكدا أهمية استحضار عمق وأصالة القيم المغربية، لاسيما في الشدائد والمحن.

ولا يسعنا بهذه المناسبة، سوى أن نجدد اعتزازنا بالتوجيهات الملكية التي دعت إلى الاستمرار في الاعتناء بأوضاع ساكنة المناطق المتضررة من زلزال الحوز وإعادة إعمارها، كما حددت الإطار العام لمراجعة مدونة الأسرة، من منطلق كون هذه الأخيرة حجر الزاوية والخلية الأساسية للمجتمع، علاوة على زف بشرى الشروع في صرف الدعم الاجتماعي المباشر للأسر والفئات الهشة.

وإنه لمبعث اعتزاز كبير ومنبع سعادة غامرة لنا في مجلس المستشارين ونحن نعاين البداية الفعلية لصرف الدعم الاجتماعي المباشر منذ نهاية شهر دجنبر الفائت، خاصة وأن الشأن الاجتماعي يعد، كما تعلمون، الجزء الأهم من الهوية المتجلية للمجلس الذي يحظى دستوريا بالأسبقية في دراسة مشاريع القوانين التي تمس في العمق القضايا الاجتماعية.

كما أن الخطاب الملكي السامي يلقي على عاتق المؤسسة البرلمانية ككل مسؤولية كبرى في التحلي بالحرص واليقظة في مرافقة هذا الورش الاجتماعي الضخم بكل ما يستدعيه من تدابير تشريعية ومبادرات رقابية وتقييمية تساعد الحكومة على القيام بدورها في ترسيخ وتوطيد أسس الدولة الاجتماعية التي نسعى إلى تحقيقها جميعا تحت القيادة الملكية المتبصرة.

 

السيدات والسادة الكرام؛

إن من محاسن الصدف التي ميزت دورتنا الحالية هو أن اختتامها، في جلستنا هذه، يأتي بعد ظرف زمني قصير من الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي يوم 17 يناير الماضي والتي جرت وقائعها تحت الرعاية السامية لجلالته حفظه الله وأيده.

ولا شك أن المضامين السامية لهذه الرسالة جاءت لتبرز أهم محطات وملامح التجربة البرلمانية المغربية والمساهمة الفاعلة للبرلمان في المسار الإصلاحي والتنموي الذي عرفته المملكة المغربية منذ الاستقلال إلى اليوم، غير أنها سلطت الضوء، من جانب آخر، على التحديات التي لاتزال تواجهنا والتي تستلزم "مضاعفة الجهود للارتقاء بالديمقراطية التمثيلية المؤسساتية إلى المستوى الذي نريده لها، والذي يشرف المغرب" كما جاء في النطق الملكي السامي.

وفي هذا الصدد أضاف جلالة الملك "ولعل من أبرز التحديات التي ينبغي رفعها للسمو بالعمل البرلماني، نذكر على سبيل المثال، ضرورة تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية، وتخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم، وتحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، فضلا عن العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة، وتعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر إلى المؤسسات التمثيلية." انتهى كلام جلالة الملك.

 

أيها الحضور الكريم؛

إن مجلس المستشارين، إذ يعتز ويثمن عاليا مضامين هذه الرسالة الملكية السامية، لم يتأخر في التفاعل معها، بحيث بادر إلى الشروع في اتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بتحقيق الغايات الملكية الفضلى، لا سيما ما يتصل بإقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية.

وإن المجلس منكب على دراسة القضايا والإشكالات المرتبطة بتحديد مواضيع هذه المدونة، ومرجعياتها المحورية، والطريقة المثلى لاعتمادها، وذلك في إطار التنسيق الواجب مع مجلس النواب.

وإن المجلس، بكل أجهزته ومكوناته السياسية والنقابية والمهنية، ليدرك تمامًا الأهمية القصوى التي تكتسيها مدونة الأخلاقيات، في مسلسل تطوير أداء المؤسسة التشريعية، وتعزيز وترسيخ قيم النزاهة والشفافية.

السيدات والسادة؛

لا بد في ختام هذه التوطئة، وقبل الدخول في بعض تفاصيل حصيلة عملنا التشريعي والرقابي والديبلوماسي، أن نشير إلى أن فترة سريان هذه الدورة اتسمت أيضا باستمرار الضغوط الناتجة عن ظرفية دولية ووطنية صعبة ترخي بظلالها الثقيلة على مشاريعنا ومخططاتنا الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها تفاقم ظاهرة الجفاف والإجهاد المائي المؤرق، وتقلبات أسعار المواد الأولية، والعواقب الوخيمة لحالة عدم الاستقرار الدولي.

وبالرغم من ذلك فإن بلادنا، ولله الحمد والشكر، وبفضل تضافر جهود جميع الفاعلين، تواصل، بعزم وثبات وخطى واثقة، تقدمها على درب المشروع التنموي الطموح الذي يرعاه جلالة الملك نصره الله، ولا سيما لجهة تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وتقوية مناعة وصمود الاقتصاد الوطني، وتعزيز الجاذبية الاستثمارية للبلد، خاصة في القطاعات الواعدة ذات الصلة بالطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا الجديدة والصناعة الدوائية وغيرها.

ومن جهة أخرى، فإن الدبلوماسية المغربية، المتسمة بالمهارة والرزانة والحكمة وبعد النظر، ما فتئت تؤتي أكلها في ترسيخ مكانة المغرب كشريك سياسي واقتصادي قوي وموثوق، وتجلب المزيد من الدعم والمواقف المؤيدة للوحدة الترابية للمملكة، القائمة على الاعتراف بوجاهة مقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد لإيجاد حل دائم للنزاع المصطنع حول مغربية الأقاليم الجنوبية للمملكة.

 

 

حضرات السيدات والسادة؛

في ما يخص الحصيلة التشريعية لهذه الدورة، عكفت اللجان الدائمة بالمجلس على دراسة النصوص المحالة عليها، في أجواء من التعاون والنقاش البناء مع الحكومة، تجلت بالأساس في الموافقة بالإجماع على الأغلبية الكبرى من النصوص المصادق عليها خلال هذه الدورة، التي تناولت مواضيع هامة، تسعى إلى تنظيم مجالات حيوية.

وفي هذا الإطار، فقد صادق مجلس المستشارين خلال هذه الدورة على ثلاثة وعشرين (23) نصا تشريعيا، كان أبرزها مشروع قانون المالية لسنة 2024، إلى جانب عدد من المشاريع الحيوية الأخرى، تضمنت، على وجه خاص، نصين اثنين يتعلقان بالمساعي الوطنية لمواجهة آثار زلزال الحوز، ويتضمنان الإطار القانوني لتنزيل التعليمات الملكية السامية المتعلقة بالتكفل بالأطفال ضحايا زلزال الحوز ومنحهم صفة مكفولي الأمة، وإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير.

كما تم اعتماد نصين اثنين يتعلقان بتطوير المنظومة الصحية ببلادنا، ونصين يهمان تنزيل ورش الدعم الاجتماعي المباشر، يتعلق أحدهما بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، والآخر بإحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، إلى جانب أربعة نصوص أخرى تهم مجال الحماية الاجتماعية، ونصين يهمان قطاع التعليم، وسبعة نصوص تتعلق بالمصادقة على اتفاقيات دولية في مجالات مختلفة تهم التعاون الإفريقي والإسلامي، والتعاون الثنائي مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة، مع الإشارة إل كون سبعة من مشاريع القوانين الموافق عليها خلال هذه الدورة مودعة بالأسبقية لدى مكتب المجلس من لدن السيد رئيس الحكومة، وفقا لأحكام الفصل 78 من الدستور.

وقد عرفت النصوص المصادق عليها خلال هذه الدورة، إسهاما واسعا من قبل أعضاء مجلسنا الموقر، حيث تقدمت مكونات المجلس المختلفة بما مجموعه 454 تعديلا على النصوص المصوت عليها، تم تقديمها ومناقشتها، ليتم في النهاية الموافقة على 91 تعديلا (73 منها على مشروع قانون المالية)، بينما تم سحب 303 تعديلا في إطار توافقي، وتم رفض 60 أخرى بالتصويت.

ولعل ما يمكن ملاحظته أن الدينامية التشريعية لهذه الدورة، كانت مؤطرة إلى حد كبير بالتوجيهات الملكية السامية، لاسيما المعبر عنها في خطاب صاحب الجلالة نصره الله بمناسبة افتتاح هذه الدورة، إن على مستوى الإطار القانوني للتدابير المتخذة لمواجهة آثار زلزال الحوز، أو على مستوى تطوير وتجويد الإطار القانوني لنظام الحماية الاجتماعية أو على مستوى تنزيل ورش الدعم الاجتماعي المباشر، في إطار التطلع إلى استكمال باقي الأوراش الإصلاحية ذات الأهمية الكبرى، والتي يسعى مجلسنا الموقر إلى أداء أدوار إيجابية في إنجاحها، وعلى رأسها ورش تعديل مدونة الأسرة وفقا للرؤية الملكية السامية.

 

حضرات السيدات والسادة؛

على مستوى الجلسات العامة، عقد المجلس خلال هذه الدورة 33 جلسة عامة، بمدة زمنية ناهزت 64 ساعة، تميزت بالأساس بالجلسات العامة المخصصة لتقديم مشروع قانون المالية لسنة 2024، وأربع جلسات مشتركة مع مجلس النواب، منها الجلسة العمومية المخصصة لتقديم السيد رئيس الحكومة لتصريح حول "الدعم الاجتماعي المباشر"، والجلسة المخصصة لتقديم عرض السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان حول أعمال المحاكم المالية برسم 2022-2023.

كما تميزت الدورة كذلك بعقد جلسة شهرية قام خلالها السيد رئيس الحكومة بتقديم أجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة حول موضوع: "حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية ودورها في تنمية الوسط القروي والمناطق الجبلية"، وعرفت أيضا عقد ما مجموعه 16 جلسة أسبوعية للأسئلة الشفهية، و10 جلسات تشريعية.

وعلى صعيد مراقبة عمل الحكومة، فقد تم خلال الجلسات 16 التي عقدها مجلس المستشارين مساءلة 22 قطاعا حكوميا حول مواضيع آنية استعجالية منبثقة من صلب اهتمامات الرأي العام الوطني، وتعالج جوانب مهمة من الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمواطن والمقاولة المغربية، في ظل سنة متسمة بالإكراهات المناخية، بسبب شح التساقطات المطرية وانعكاساتها على تدبير المخزون المائي الوطني، وبظرفية اجتماعية تخللتها احتجاجات عدد من القطاعات، أبرزها تلك المطالبة بإصلاح النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، والتي واكبها المجلس بكامل العناية والمسؤولية من أجل إيجاد الحلول الكفيلة بالخروج من هذه الوضعية الصعبة، بما يضمن مصلحة التلاميذ والأطر التربوية والتعليمية والارتقاء بالمدرسة العمومية إلى المكانة التي تستحقها، فضلا عن متابعة المجلس لتنزيل مختلف الأوراش الحكومية بالمناطق المتضررة من زلزال الحوز، في مجالات الفلاحة والطرق والتعمير.

هذا، وقد تميزت دورة أكتوبر 2023 بتخصيص مجلس المستشارين، بالتنسيق مع القطاع الحكومي المكلف بالماء، جلسة كاملة للأسئلة الشفهية لمناقشة الوضعية المائية الصعبة ببلادنا والتدابير الحكومية المستعجلة لمعالجتها، تفعيلا للتوجيهات الملكية  السامية المضمنة في خطاب جلالته نصره الله إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الحادية عشرة، خصوصا في ظل تواتر سنوات الجفاف وما ترتب عنها من إجهاد مائي، يقتضي تعبئة مجتمعية ومؤسساتية للتوعية والتحسيس، كل من موقع مسؤوليته، من أجل التعاطي الجاد مع هذه المعضلة الكونية التي أصبحت تؤرق العديد من الدول على الصعيد العالمي.

وبالإضافة إلى ما سبق، فمن أبرز المواضيع التي كانت محط نقاش آني خلال جلسات الأسئلة المنعقدة خلال هذه الدورة نذكر: مستجدات الدخول الجامعي لسنة 2024-2023، النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، الاستعدادات للموسم الفلاحي، البرامج الآنية والمستقبلية للقطاعات الحكومية المختلفة لتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال، تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، تطوير الجهوية المتقدمة، رقمنة الخدمات التي تقدمها الجماعات الترابية، إشكالية تمويل ورش الحماية الاجتماعية في أفق سنة 2026.

وتجدر الإشارة إلى أن رئاسة مجلس المستشارين توصلت خلال هذه الدورة، من السادة وزراء الصناعة والتجارة، الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، الوزارة المنتدبة لدى وزارة الاقتصاد والمالية المكلفة بالميزانية، الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بأجوبة عن تعهدات تم جردها خلال أجوبتهم عن الأسئلة الشفهية الموجهة إليهم خلال جلسات الأسئلة الشفهية برسم دورة أبريل 2023 المنصرمة.

 

وطبقا لمقتضيات المادة 168 من النظام الداخلي للمجلس، توصلت رئاسة المجلس ب 35 طلبا لتناول الكلمة حول موضوع طارئ في نهاية جلسات الأسئلة الشفهية، من مختلف الفرق والمجموعات البرلمانية والأعضاء غير المنتسبين، قبلت الحكومة التفاعل مع 08 طلبات منها، علما بأن بعض المواضيع تم تقديمها لأكثر من مرة.

وعلى صعيد تعهدات السيدات والسادة الوزراء خلال جلسات الأسئلة الشفهية، فقد تم رصد عدد من الالتزامات المعبر عنها خلال هذه الدورة، وتهم بالأساس قطاعات التجهيز والماء، الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، الشباب والثقافة والتواصل، الصحة والحماية الاجتماعية، النقل واللوجستيك، الاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، التعليم العالي، الوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية، من قبيل: بلورة استراتيجية وطنية للصحة العقلية 2024-2030، إنجاز محطات جوية جديدة وتحسين جودة الخدمات والطاقة الاستيعابية لعدد من المطارات، إطلاق برنامج لمساعدة 100 ألف مقاول ومقاولة ذاتية، تعميم جواز الشباب على جميع جهات المملكة، إخراج النظام الأساسي للأساتذة الباحثين، بلورة خارطة طريق لتعزيز التواصل والتنسيق مع المغاربة المقيمين بالخارج لإنجاز مشاريعهم الاستثمارية .

وبصفة عامة، فقد بلغ عدد الأسئلة الشفهية المتوصل بها خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين ودورة أكتوبر 2023 ما مجموعه 1310 سؤالا، أجابت الحكومة على 369 منها خلال 16 جلسة عامة، من ضمنها 118 سؤالا آنيا و251 سؤالا عاديا.

 

وبالنسبة للتوزيع المجالي القطاعي، ركزت أسئلة السادة المستشارين على القطاع الاقتصادي بنسبة (34 %) فقطاع الشؤون الداخلية والبنيات الأساسية بنسبة (24 %)، ثم القطاع الاجتماعي بنسبة تعادل حوالي (22 %) من مجموع الأسئلة المطروحة، ثم فالمجال الحقوقي والإداري والديني بنسبة (17 %)، وأخيرا قطاع الشؤون الخارجية بنسبة (3 %).

بينما بلغ عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال نفس الفترة ما مجموعه 899 سؤالا، أجابت الحكومة على 389 سؤالا، علما بأن عددا مهما من الأسئلة المطروحة خلال هذه الدورة لم يحن بعد أجل الجواب عنها وفقا للأجل القانوني (365 سؤالا).

أما بالنسبة للدور الرقابي للجان الدائمة للمجلس، فرغم الانشغال الكبير خلال الدورة التي نختتمها اليوم بدراسة مشروع قانون المالية، التي أخذت الحيز الأوفر من المساحة الزمنية من مجموع اجتماعات اللجان الدائمة خلال الدورة التي ناهزت 200 ساعة بعدد اجتماعات بلغ 68 اجتماعا، فقد خصصت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية ثلاثة اجتماعات لتدارس القضايا الأساسية المرتبطة بالاحتجاجات التي عرفها قطاع التعليم في الآونة الأخيرة ببلادنا، وتدارست اللجنة المذكورة في اجتماعين متفرقين "حيثيات وتداعيات النظام الأساسي الجديد لموظفي التعليم"، وتدارست في اجتماع آخر موضوع "مستجدات الدخول المدرسي الجديد".

ومن جهة أخرى، وبالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها القانون التنظيمي لقانون المالية، باعتباره الإطار المرجعي في ضبط القواعد المتعلقة بوضع الميزانية والمصادقة عليها، نظمت لجنة المالية بالمجلس ونظيرتها بمجلس النواب بتعاون وتشاور مع وزارة الاقتصاد والمالية، لقاء دراسيا بشأن متطلبات إصلاح القانون المذكور، بغاية توسيع نطاق تطبيق القانون التنظيمي وتدقيق العديد من المقتضيات الإجرائية المرتبطة بالدراسة والتصويت على مشروع قانون المالية.

وفي نطاق نفس التوجه، شاركت لجنة القطاعات الإنتاجية بالمجلس في زيارة ميدانية نظمتها الوزارة المختصة لفائدة أعضاء من مجلسي البرلمان، إلى أحواض تربية الأحياء المائية البحرية بجهة الشرق، للاطلاع على مجهودات تطوير هذا النشاط ومتطلبات الحفاظ على التنوع البيولوجي للمنظومة الإيكولوجية.

حضرات السيدات والسادة؛

بالنسبة لتقييم السياسات العمومية، شكل مجلس المستشارين مجموعتي عمل موضوعاتيتين، تكلف إحداهما بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية، المزمع عقدها قبل اختتام السنة التشريعية الجارية.

وقد عمد المكتب، كما جرت العادة في هذا الشأن، لأجل تحديد السياسة العمومية الخاضعة للتقييم خلال هذه السنة، إلى اعتماد مقاربة تشاركية واسعة مع مختلف مكونات المجلس، في سبيل اختيار محور يلائم خصوصيات تركيبة المجلس وتطلعات أعضائه، بحيث بلغ عدد المواضيع المقترحة في المجموع 67 موضوعا، إلى أن استقر الرأي في الأخير على تحديد موضوع "السياسة العمومية في المجال السياحي"، كمحور للجلسة السنوية لتقييم السياسات العمومية برسم هذه السنة التشريعية.

ولعل أبرز مبررات هذا الاختيار، هو المكانة الهامة للقطاع السياحي الذي يعتبر من القطاعات الحيوية ببلادنا، ويحظى باهتمام ومتابعة كبيرين من قبل مكونات المجلس، ليس فقط بالنظر إلى مساهمته الاقتصادية في الناتج الداخلي الخام، بل بالنظر إلى كونه رافعة أساسية للتنمية، وأحد مداخل العدالة المجالية، ومن القطاعات المشغلة الرئيسية ببلادنا، مما يجعل السياسات المتعلقة به متموضعة في صلب اهتمامات المكونات الاقتصادية والترابية والاجتماعية لمجلسنا الموقر.

هذا، وقد تم تكليف مجموعة العمل الموضوعاتية الأخرى بإعداد تقرير حول السياسة اللغوية للمملكة، بالنظر إلى ما يكتسيه هذا الموضوع من أهمية، جعلته محور اهتمام السيدات والسادة المستشارين، إن في ما يتعلق بأهمية السياسة اللغوية كأداة لحفظ وصيانة الهوية الوطنية، ولتحقيق التواصل والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة، كما ينص على ذلك الفصل الخامس من الدستور، أو في ما يتعلق بتنزيل النموذج التنموي الجديد على مستوى مكانة تعلم اللغات بكفاءة في تطوير النظام التعليمي لبلادنا.

وإن مجموعتي العمل الموضوعاتيتين، في طور تفعيل أولى البرامج الواردة في تصوراتها المنهجية لمقاربة الموضوعين سالفي الذكر، وذلك بعدما تمت هيكلة مكتبيهما، على أساس برمجة تقريريهما أمام المجلس في الدورة المقبلة إن شاء الله.

وبخصوص العلاقة بالمؤسسات الدستورية، فقد واصل المجلس تثمين جسور التعاون مع المؤسسات الدستورية ببلادنا.

ولعل أبرز ما ميز هذه الدورة على هذا المستوى، توصل مجلسنا الموقر، تطبيقا للمادة 110 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بتقرير رئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية برسم سنة 2022، الذي من المزمع عرضه ومناقشته أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، طبقا للمادة 339 من النظام الداخلي لمجلسنا الموقر.

كما توصل المجلس أيضا، تطبيقا للفصل 148 من الدستور، بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات حول أعماله برسم 2022-2023، وهي الأعمال التي كانت موضوع عرض السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أمام مجلسي البرلمان، في الجلسة العامة المشتركة المنعقدة يوم الثلاثاء 30 يناير 2024، وكان موضوع مناقشة من قبل المجلس، بحضور الحكومة، في الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس الإثنين 05 فبراير 2024.

ووفاء لنهج التكامل والتنسيق الذي يطبع برمجة مجلسي البرلمان لجلسة مناقشة عرض الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، فقد تبنى مكتب المجلس مقاربة تشاركية لتحديد المحاور ذات الأولوية لمناقشتها من قبل المجلس، بتكريس الاهتمام بمناقشة القضايا المرتبطة بالشأن الترابي وبالتدابير الاجتماعية والاقتصادية المتخذة من قبل الحكومة والمؤسسات العمومية الخاضعة لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات.

كما توصل مجلسنا بتقارير سنوية وتقارير موضوعاتية صادرة عن عدد من المجالس الدستورية، تم تعميمها على السيدات والسادة أعضاء المجلس، وإن المكتب بصدد التنسيق مع مجلس النواب، بغاية الاتفاق على مسطرة موحدة للتفاعل مع هذه التقارير، طبقا لأحكام الفصل 160 من الدستور ووفق قرارات المحكمة الدستورية في الموضوع.

 

 

وواصل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي كذلك، تبليغ المجلس بجدول أعمال دوراته العادية والاستثنائية، وقد حرص مكتب المجلس على تكريس التعاون مع هذه المؤسسة، لا سيما مستوى الأنشطة المشتركة، وبانتداب أعضاء عنه بصفة ملاحظين لحضور أشغال هذه الدورات.

حضرات السيدات والسادة؛

وفي ما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، فقد تميزت هذه الدورة وبمساهمة كافة مكونات المجلس بمواصلة تقوية التعاون البرلماني الثنائي ومتعدد الأطراف على مستوى مختلف المناطق الجيوسياسية بهدف الدفاع، ضمن منظومة الدبلوماسية الوطنية، عن القضايا الإستراتيجية والحيوية للمملكة المغربية، وعلى رأسها القضية الوطنية.

فعلى مستوى المنظمات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية، شاركنا على رأس وفد عن مجلسي برلمان المملكة المغربية، في أشغال الاجتماع البرلماني المنظم من قبل الاتحاد البرلماني الدولي، بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة والعشرون لــ"مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" (COP28) والتي استضافتها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة خلال شهر نونبر الماضي.

وقد ألقينا بهذه المناسبة كلمة، أبرزنا من خلالها انخراط المملكة المغربية في الجهود المحلية والإقليمية والدولية الرامية إلى معالجة آثار تغير المناخ، بناء على الرؤية الاستباقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، كما عرضنا من خلالها، المسار المتقدم للمملكة في مجال الانتقال إلى الطاقات المتجددة وتنويع مصادر الطاقات النظيفة، وذلك من خلال مجموعة المشاريع التي أطلقها جلالته، وعلى رأسها تطوير محطات الطاقات الشمسية والريحية والمائية والهيدروكهربائية، وتنفيذ استراتيجيات حماية الغابات والتنوع البيولوجي.

كما شاركنا كرئيس لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، في أشغال الاجتماع رفيع المستوى لهذه الدورة، ألقينا خلاله كلمة، أعربنا فيها عن قلقنا الشديد إزاء حالة الطوارئ المناخية الحالية، وتداعياتها غير المسبوقة على المنطقة الأورومتوسطية والخليج. كما أكدنا على أهمية تكثيف الجهود وزيادة التمويل المخصص للمناخ، مرحبين في هذا الإطار، بقرار تنفيذ صندوق «الخسائر والأضرار»، ومشددين في نفس الوقت على أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، لاسيما في ما يتعلق بالانتقال الطاقي.

وكانت هذه المشاركة أيضا فرصة أجرينا خلالها محادثات ولقاءات تنسيقية مع بعض رؤساء المجالس والوفود المشاركة، ويتعلق الأمر بكل من رئيس المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيس مجلس الشورى بمملكة البحرين، ورئيس البرلمان الإفريقي بالنيابة، تم خلالها:

  • التشديد على أهمية البعد البرلماني في تعميق التعاون الثنائي، ودوره في استغلال كل الفرص والإمكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها البلدان لتنويع العلاقات الاقتصادية وتطوير التبادل التجاري والرقي به إلى مستويات أعلى من الشراكة في العديد من المجالات؛
  • التنويه بأهمية المبادرات الإفريقية الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده من أجل المساهمة في ضمان العيش الكريم لكل الأفارقة وفي مقدمتها المبادرات الخاصة بالأمن الغذائي والسيادة الصحية والأمن الطاقي وتطوير منصات قارية للصناعة وتبادل الممارسات الفضلى مع الأشقاء الأفارقة والتكوين والتأطير.

وقد شاركت الشعب الوطنية الدائمة ووفود مجلس المستشارين خلال هذه الدورة في أشغال كل من الاجتماع الخريفي الواحد والعشرين للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا، وفعاليات الجمعية العامة للبرلمان الأنديني، واللجنة التنفيذية 80 والمؤتمر 45 للاتحاد البرلماني الإفريقي، والجلسة الأولى للدورة العادية برسم سنة 2024 للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا واجتماعات اللجان والجلسة الثانية لدور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثالث للبرلمان العربي، واجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للفرنكوفونية.

وعلى المستوى الثنائي، فقد أجرينا خلال هذه الفترة لقاءات ثنائية مع شخصيات حكومية ودبلوماسية، ورؤساء برلمانات وطنية واتحادات برلمانية جهوية وقارية ودولية، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأذربيجاني، ورئيس الجمعية الوطنية لجمهورية كوريا، ورئيسة الجمعية الوطنية لجمهورية أذربيجان، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بمجلس النواب الإيرلندي، ورئيس مجموعة الصداقة الألمانية المغاربية بالبوندستاغ، ووفد عن مجلس الشيوخ بجمهورية كولومبيا، رئيس مجموعة الصداقة الكولومبية المغربية، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي بجمهورية مالي، ورئيس الفريق العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والسفراء المعتمدون لدى المملكة المغربية لكل من الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وجمهورية بنما، وجمهورية تركيا، وجمهورية البرازيل الاتحادية، وجمهورية فنلندا.

وعلى مستوى تنظيم التظاهرات الإقليمية والدولية، سينظم مجلس المستشارين بالمملكة المغربية ورابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي ومنتدى الحوار جنوب-جنوب، خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين، المؤتمر البرلماني للتعاون جنوب-جنوب بعنوان: "التعاون جنوب-جنوب: دور البرلمانات الوطنية والاتحادات البرلمانية الإقليمية والقارية في إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية في تعزيز الشراكات الاستراتيجية وتحقيق التكامل والاندماج والتنمية المشتركة"، وذلك بمقر مجلس المستشارين في الرباط، عاصمة المملكة المغربية يومي 15 و16 فبراير 2024.

وتندرج هذه التظاهرة في إطار مواكبة ريادة المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في إطلاق ودعم كل المبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى تعزيز التعاون جنوب-جنوب، وكذا في سياق تنزيل مضامين إعلان  "الرباط عاصمة التعاون جنوب -جنوب" الصادر عن منتدى الحوار البرلماني "جنوب-جنوب" الذي تم تنظيمه برعاية ملكية سامية من جلالته حفظه الله، من طرف مجلس المستشارين ورابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، التي أتشرف برئاستها، وهي المبادرة التي تروم تعزيز العمل على المستوى الإفريقي والعربي والأمريكولاتيني، بما يخدم الدفاع عن المصالح العليا لبلادنا وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة، من خلال إرساء حوار برلماني بين الاتحادات البرلمانية ومجالس الشيوخ والمجالس المماثلة بدول الجنوب، استرشادا بالنهج السديد والتوجيهات السامية لجلالته، نصره الله، لترسيخ الدور الريادي لبلادنا في تعزيز التعاون جنوب-جنوب.

وسيتناول هذا المؤتمر مواضيع وقضايا إستراتيجية ذات الراهنية، وفي طليعتها قضايا التنمية والتحول الاقتصادي والتجارة والاستثمارات والتكنولوجيا والابتكار والأمن الطاقي والصحي والغذائي والمائي، وبلورة وتبني توصيات ومقترحات وقرارات عملية تندرج في سياق إبراز دور البرلمانات الوطنية والاتحادات البرلمانية الإقليمية والقارية في إفريقيا والعالم العربي ومنطقة أمريكا اللاتينية، في تشجيع وتعزيز الشراكات الاستراتيجية على جميع الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

حضرات السيدات والسادة؛

تأسيسا على مكانته الدستورية الخاصة ضمن البناء المؤسسي الوطني، في إطار من التكامل مع مجلس النواب، وترصيدا لمساعيه المستمرة إلى أن "يشكل فضاء للنقاش البناء، وللخبرة والرزانة والموضوعية"، وفق ما ابتغاه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في خطابه السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية بتاريخ 9 أكتوبر 2015، واصل مجلس المستشارين ديناميته الانفتاحية والتواصلية عبر تنظيم النسخة الخامسة من الملتقى البرلماني للجهات، الذي نعتبره إطارا مؤسساتيا مبتكرا لتنزيل روح الفصل 137 من الدستور الذي ينص على مساهمة الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين، وذلك يوم الأربعاء 20 دجنبر 2023.

وقد شكل هذا الملتقى الذي انتظمت أشغاله تحت شعار  "الجهة: فاعل رئيسي في النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة"، مناسبة للتفكير في طبيعة وأشكال التدخل وكذا الآليات المنهجية والتمويلية والمؤسساتية التي من شأنها تسريع تفعيل الجهوية المتقدمة وتشجيع الالتقائية في تدخلات السلطات العمومية، من منطلق أن الجهة، واعتبارا لمكانة الصدارة والاختصاصات التي تحظى بها في مجال التنمية الاقتصادية، تبقى المستوى الترابي الأنسب لتحقيق التقائية الاستراتيجيات التنموية القطاعية ولتحقيق الانسجام بين جهود وأشكال تدخل كافة الفاعلين المعنيين بالتنمية الجهوية.

وتجدر الإشارة إلى أنه جرى التحضير لفعاليات هذا الملتقى ضمن أربع محطات تحضيرية في شكل ندوات موضوعاتية جهوية، نظمت بكل من جهة الداخلة-وادي الذهب بتاريخ 26 يناير 2023، وجهة درعة-تافيلالت بتاريخ05 أكتوبر 2023، ثم جهة الرباط-سلا-القنيطرة بتاريخ 01 نونبر 2023، فجهة طنجة-تطوان-الحسيمة بتاريخ 15 نونبر 2023.

وحري بالذكر بهذه المناسبة، أننا على مستوى مجلس المستشارين، سنقوم بتسخير الإمكانات المؤسساتية المتاحة، لمأسسة تتبع تنفيذ مختلف التوصيات المنبثقة عن أشغال هذا الملتقى على نحو دوري ومنتظم.

حضرات السيدات والسادة المستشارين؛

أغتنم هذه الفرصة، للتذكير بأن التحضير جار على قدم وساق لتنظيم النسخة الثامنة من المنتدى البرلماني الدولي الثامن للعدالة الاجتماعية، يوم الإثنين 19 فبراير الجاري، والذي اخترنا له هذه السنة "العمل اللائق من أجل التنمية المستدامة" شعارا له.

وبذلك، يواصل مجلس المستشارين التأكيد على انخراطه المؤسساتي المسؤول في مسار البناء التشاركي لمعالم النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية، عبر السعي، ضمن أشغال النسخة الثامنة من هذا المنتدى، إلى تحليل ودراسة مختلف أبعاد وتأثيرات العمل اللائق في ارتباط بأهداف التنمية المستدامة، واستشراف مقاربات وحلول جماعية مبتكرة لمعالجتها.

تلكم، حضرات السيدات والسادة، لمحة عن المعالم البارزة للحصيلة التي توجنا بها هذه الدورة، بفضل العمل الجماعي الذي قمنا به معا خدمة لمصالح الوطن والمواطنين، كل من موقعه وحسب الزاوية التي يختارها في مناقشة القضايا الحاسمة التي تؤثر على حاضر ومستقبل بلدنا.

وبهذه المناسبة، أتقدم إلى جميع المكونات المحترمة لمجلسنا الموقر، السادة أعضاء المكتب ورؤساء وأعضاء الفرق والمجموعات البرلمانية ورؤساء اللجان الدائمة والأعضاء غير المنتسبين، بعبارات الشكر والتقدير على ما أبانت عنه بالملموس من تمسك بقيم روح الفريق ونكران الذات والشعور بالمصلحة العامة التي سادت أعمالنا البرلمانية طيلة الفترة الماضية.

والشكر موصول أيضا، وبنفس الحرارة، للسيد رئيس الحكومة والسيدات والسادة الوزراء، ولا سيما السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، لحرصهم على الحضور المنتظم إلى أشغال المجلس وحسن التعاون والتنسيق الدائم بما يحقق المقاصد الدستورية العليا المؤطرة للعلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ولا تفوتنا هذه الفرصة أيضا دون أن نتوجه بتحية خاصة إلى باقي المؤسسات الدستورية، ولا سيما المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ورؤساء ومجالس الجماعات الترابية وخاصة الجهات ومجالس العمالات والأقاليم، فهي لا تذخر جهدا أو مشورة إلا قدمتها في إطار علاقاتنا المحكومة بالمقتضيات الدستورية أو في إطار مذكرات التفاهم واتفاقيات الشراكة التي تجمعنا ضمن مشروعنا المتجدد لجعل المجلس فضاء للنقاش الجاد حول القضايا الاجتماعية والترابية التي تعكس تميزه الدستوري.

كما نستحضر بذات المناسبة، وبكل إعجاب، الجهود الطيبة التي تبذلها الأمانة العامة للمجلس، وجميع جنود الخفاء من الموظفين والأطر والأعوان، من أجل توفير كل الظروف والشروط الضرورية لقيام السيدات والسادة المستشارين بأعبائهم الدستورية الجسيمة، ونؤكد لهم في هذا الصدد أننا سنستمر في الاهتمام بأوضاعهم ووضعياتهم سواء من حيث تعزيز قدراتهم وكفاءاتهم الإدارية من خلال برامج التكوين والتكوين المستمر التي حققنا فيها نتائج مرضية، أو من حيث الاعتناء بشؤونهم الاجتماعية وكل ما يقوي لحمتهم وذواتهم الجماعية ويعزز انتمائهم المؤسساتي.

وأخيرا وليس آخرا، لا بد من كلمة شكر صادقة في حق رجال ونساء الإعلام، من مختلف المنابر الصحفية والمواقع الإلكترونية، الذين لا يخفى دورهم البناء والحاسم في نقل المعلومة ونشر الخبر المقدس والتعليق الحر والمسؤول عليه؛

 إننا فعلا ممتنون للتغطيات الإعلامية التي يخصصونها للأنشطة البرلمانية من خلال أداء واجباتهم بمهنية وموضوعية، آملين أن تبقى تفاعلاتنا متسمة، كما هو شأنها دائما، بالتقدير والاحترام المتبادل، لأن هذه القيم هي التي توطد أسس مجتمعنا وتضمن بناء مستقبل أفضل للجميع.

وفقنا الله تعالى لما فيه خير البلاد والعباد تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.