تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

جلسة "المناقشة العامة" للجمعية 150 للاتحاد البرلمان الدولي حول موضوع: العمل البرلماني من أجل التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية

2025-04-07

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

السيدة رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي؛

السيدة رئيسة مجلس الشيوخ بجمهورية أوزبكستان؛

السيدات والسادة رئيسات ورؤساء الاتحادات البرلمانية والمجالس والوفود الأعضاء في الاتحاد البرلماني الدولي؛

السيد الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي؛

السيدات والسادة رئيسات ورؤساء وممثلي المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية؛

حضرات السيدات والسادة

يشرفني أن أتناول الكلمة اليوم، باسم برلمان المملكة المغربية، في إطار أشغال الجمعية العامة 150 للاتحاد البرلماني الدولي؛

 وهي مناسبة نعبر فيها عن خالص الشكر وعظيم الامتنان لجمهورية أوزبكستان على ما أحاطتنا به من حفاوة استقبال وكرم ضيافة، وعلى احتضانها أشغال هذه الدورة المتميزة، لاتحادنا البرلماني العريق.. هذه المؤسسة التي ظلت منذ نشأتها منصة فريدة للحوار والتعاون بين مختلف البرلمانات الوطنية في العالم، خدمة لقيم السلم والديمقراطية.

والأكيد أن اختيار موضوع "العمل البرلماني من أجل التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية"، ليحظى بأهمية بالغة، كونه يُلامس جوهر انشغالات الاتحاد، ويعكس التزامه المتجدد بتعزيز دور البرلمانات الوطنية في ضمان تحقيق تنمية مستدامة، لا سيما بعد صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد القمة الاجتماعية العالمية الثانية في شهر نوفمبر المقبل بدولة قطر الشقيقة، في محطة ستُشكل، فرصة تاريخية لتجديد التزام المنتظم الدولي بمضامين إعلان كوبنهاغن لعام 1995، وإعطاء دفعة قوية لتنفيذ أجندة التنمية المستدامة لسنة 2030.

ولا يسعني في هذا السياق، إلا أن أشيد بقرار رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة بتعيين السفير الممثل الدائم لبلادي المغرب في الأمم المتحدة لتيسير عملية التفاوض الأممية بشأن إعداد الإعلان السياسي للقمة العالمية الاجتماعية المرتقبة.

وبقدر ما يُجسد هذا التقدير الأممي، ثقة المجتمع الدولي في المغرب، كفاعل مسؤول وملتزم، فإنه يُمثل أيضا اعترافا مستحقا بالمجهودات الجبارة التي بذلها المغرب تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، من أجل تعزيز وتوطيد دعائم الدولة الاجتماعية، وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تعد أحد المرتكزات الأساسية للمشروع التنموي الجديد للمملكة المغربية.

فَتَحْتَ القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أطلق المغرب إصلاحات هيكلية لإرساء دعائم الدولة الاجتماعية، لا سيما بعد إقرار دستور 2011 الذي تضمن مبادئ والتزامات وأهداف تندرج في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية.

والجدير بالإشارة، إلى أن برلمان المملكة المغربية، ما فتئ يسهم، في مواكبة هذه الجهود، حيث تم خلال الولاية التشريعية الجارية، المصادقة على قوانين هامة، تخدم التنمية والعدالة الاجتماعيتين، نذكر منها: القوانين الإطار المتعلقة بتعميم الحماية الاجتماعية، وبنظام الدعم الاجتماعي المباشر للأسر، وبالمنظومة الصحية الوطنية، وبمنظومة التربية والتكوين، والقانون التنظيمي المنظم للإضراب، وغيرها من القوانين التي تستهدف محاربة الاقصاء الاجتماعي وتعزيز المساواة وتكريس تكافؤ الفرص في الولوج إلى الخدمات الأساسية ذات جودة.

هذا علاوة على تنظيم العديد من الملتقيات والمنتديات المفتوحة السنوية القارة، وفي مقدمتها المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية الذي دأب المجلس على تنظيمه في 20 فبراير من كل سنة احتفاء باليوم العاملي للعدالة الاجتماعية.

حضرات السيدات والسادة

اليوم، ثمة بالفعل ضرورة ملحة بأن تتصدر من جديد قضايا التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية أجندة المنتظم الدولي، إذ لا زالت هنالك فجوات كبيرة  تعترض طريق التنمية المستدامة، خاصة في بعدها الاجتماعي.

إن ما يحتاجه العالم اليوم وبإلحاح هو "صياغة عقد اجتماعي جديد"، يعيد وضع الإنسان في مركز ثقل العملية التنموية، ويضمن للجميع حماية اجتماعية شاملة، ودخل أساسي مضمون، وسكن كريم، وتعليم منتج، وعمل لائق.

حضرات السيدات والسادة

إننا لنؤمن إيمانا عميقا بأن فضاءات الحوار والتشاور، كما هو حال اجتماعنا هذا، ينبغي أن تظل منصات لتبادل الرؤى وتنسيق الجهود بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، بعيدًا عن أية اعتبارات أو أجندات ضيقة، وبما يخدم الاستقرار والسلم الإقليمي والدولي، ويعزز التفاهم بين الشعوب ويحقق اهداف منظمتنا

غير أنه، ومع كامل الأسف، أجد نفسي مضطرا للرد على عدد من المغالطات والمزاعم التي تم الترويج لها خلال هذا الاجتماع، والتي لا تمت بأي صلة إلى الحقيقة ولا إلى الشرعية الدولية.

الحقيقة أن بعض الأطراف، وللأسف، قد اعتادت على استغلال كل محفل دولي لإثارة قضية الصحراء المغربية، خارج إطار منظمة الأمم المتحدة، والمسار الأممي، الذي يبقى الإطار الوحيد والشرعي لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل.

إن هذا الوضع الشاذ، يُفصح عن مواقف، في حقيقتها، لا تنبع من حرصٍ صادق على مصلحة الساكنة، ولا من إرادة فعلية للإسهام في إيجاد حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، بقدر ما تكشف عن رغبة مبيتة في توظيف هذا الملف لأغراض جيوسياسية ضيقة، تخدم أجندات تُدبر في الكواليس ويحضر لها بأساليب تتنافى مع مبادئ المنظمة بما فيها تقرير المصير.

أقول هذا وأؤكده، لا فقط بوصفي رئيسا لمجلس المستشارين، بل أيضا كوني كمنتخب عن ساكنة الصحراء المغربية في مجالسها المحلية والجهوية، وأيضا كواحد من أبناء الصحراء المغربية، ابن مدينة العيون، كبرى حواضر الأقاليم الجنوبية.

حضرات السيدات والسادة

في ختام كلمتي هذه، أود أن أعبر عن ثقتي التامة بأن تعميق التعاون البرلماني، إقليميا ودوليا، من شأنه أن يسهم بطرح رؤى وحلول مبتكرة من أجل نموذج تنموي مستدام ومتسم بالشمولية الاجتماعية والاقتصادية، يكون محوره الأول والأخير "الإنسان"، بغض النظر عن جنسه، أو عمره، أو عرقه، أو دينه، أو أصله، أو وضعه الاجتماعي، أو حالته الاقتصادية.

شكرًا لكم، وليكن شعارنا دائمًا: "لا يُترك أحد خلف الركب"

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته