تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد رئيس مجلس المستشارين بمناسبة افتتاح الندوة حول مغاربة العالم

2022-06-07

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد رئيس مجلس النواب المحترم؛

السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛

السيد رئيس مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج المحترم؛

السيداتوالسادةالمستشارونالمحترمون؛

السيدات والسادة المديرون العامون للمؤسسات والمقاولات العمومية المحترمون؛

الحضور الكريم ؛

نيابة عن السيد رئيس مجلس المستشارين النعمميارةالذي تعذر عليه الحضور معنا لطارئ عائلي ، يسعدني أن أرحب بكم جميعا و أشكركم على تفضلكم بالاستجابة للدعوة من أجل حضور أشغال هذه الندوة التي اخترنا لها موضوع : "مغاربة العالم: تعبئة جماعية وراء جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لتسهيل عملية العبور"،

و تندرج مبادرة مكتب مجلس المستشارين الى تنظيم هذه الندوة الوطنية ضمن اهتماماته بتأطير النقاش العمومي حول قضايا ذات أهمية وطنية وتستأثر باهتمام الرأي العام استنادا الى وظائفه الدستورية و تركيبته المتميزة بالخبرة و التخصص بفضل تمثيليته لروافد متنوعة ترابية وسوسيومهنية ونقابية، وكون مغاربة العالم يشكلون فئة جد مهمة من أبناء هذا الوطن، لها مساهمات قيمة على مستويات اقتصادية واجتماعية مختلفة، فإن قضاياه تندرج ضمن الاهتمامات الجوهرية لمختلف مكونات هذا المجلس.

و هكذا، فإن اختيار موضوع هذه الندوة يجد مبرره في كون بلادنا تستعد بعد بضعة أيام لاستقبال أفراد جاليتنا بالعالم لقضاء عطلهم في أحضان وطنهم ، و من تم كان من المناسب فتح النقاش حول ظروف استقبالهم هذه السنة و التدابير المتخذة لنجاح عملية مرحبا 2022.

و إذا كانلا بد من التنويه بالمجهودات التي تبذلها مختلف السلطات العمومية، وكافة المتدخلين في سبيل تنظيم عملية "مرحبا" تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية،فإننا في مجلس المستشارين نقدر أهمية هذه المجهودات حق قدرها من منطلق أننا ندرك تميز عملية هذه السنة كونها تستأنف بعد سنتين متتاليتين من التوقف الاضطراري بسبب إكراهات جائحة كورونا ، لذلك نأمل في توفير كل الظروف الملائمة لضمان مرور عملية مرحبا بسلاسة و انسيابية بما يكفل استقبال إخواننا -مغاربة العالم- وفق توجيهات جلالة الملك نصره الله و أيده النابعة من العطف المولوي السامي على هذه الفئة من أبناء هذا الوطن العزيز ، و ذلكبما يليق بهم من حفاوة و تقدير و عناية واهتمام و يمكنهم من إحياء صلة الرحم مع وطنهم و قضاء عطلتهم بين أحضان ذويهم وأقاربهمفي أحسن الظروف.

و إننا على يقين أن بلادنا و الحمد لله قد راكمت تجربة غنية في مجال تنظيم عملية مرحبا على مدى عدة سنوات  منذ أنأعطىانطلاقتهاأول مرة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده سنة 2001، بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لثورة الملك والشعب،وذلك في إطار سياسة ملكية مندمجة ومتناسقة، همت تعبئة كل القطاعات المعنية بقضايا مغاربة العالم، وشملتمختلف المستوياتالديبلوماسية والاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية، موجها في هذا الصدد تعليماته السامية إلى مؤسسة محمد الخامس للتضامن للتكفل بالجانب الإنساني والاجتماعي،من خلال نطقه السامي التالي:" ومن منطلق الفعالية التي أبانت عنها مؤسسة محمد الخامس في مجال العمل التضامني، فقد سهرنا على تكفلها بالجانب الإنساني والاجتماعي، في عملية العبور والاستقبال والعودة"،انتهى منطوق جلالة الملك نصره الله.

كما أنه تفضل حفظه الله السنة الماضية بإعطاء توجيهاته للفاعلين السياحيين من أجل ضرورة مواصلة اتخاذ التدابير اللازمة لاستقبال أبناء الجالية المغربية في أحسن الظروف، في ظل استمرار التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الصحية، كما أنه في نفس الإطار، دعا جلالته كافة القنصليات والسفارات المعتمدة بالخارج إلى التجند في هذه العملية، وتسهيل الإجراءات القنصلية والإدارية المطلوبة من طرف المغاربة المقيمين بالخارج.

و هكذا ،فمنذ 2001، حرصت بلادناكل الحرص على تنظيم عملية العبور والاستقبال والعودة، بانتظام كل سنةابتداء من 5 يونيو الى غاية 15شتنبر.ولئن كانت هذه العملية السنوية تعرف تطورا من سنة الى أخرى بفضل مضاعفة الجهود من أجل تحسين ظروف الاستقبال و تقديم الخدمات الاجتماعية و الإدارية على مستوى مختلف نقط العبور ، فإنه ، من المؤكد أنه سيكون للتراكمات الإيجابية لهذه العملية أثرها في تسهيل عملية هذه السنة و نجاحها سيما إذا تم تعزيزها بتدابير جديدة اعتبارا لتطور تكنولوجيات التواصل الحديثة و لتطور البنيات الأساسية و الاستقبالية ببلادنا ، و هي عوامل مساعدة على التغلب على الاكراهات التقليدية لعميلة العبور و التأسيس لعملية مرحبا من جيل جديد .

حضرات السيدات والسادة المحترمون؛

من المؤكد أنعدد الوافدين من مغاربة العالم يعرف تزايدا مضطردا من سنة الىأخرى، و من المتوقع أن يعرف هذا العددخلال هذه السنةتزايدا بنسبة 4% مقارنة مع 2019، و هو ما يعكس درجةارتباط مغاربة العالم بوطنهم الأم ليس فقط الجيل الأول بل الجيل الثاني و الثالث ، و من شأن ارتفاع وثيرة العبور و في فترة زمنية قصيرة أن يشكل تحديا حقيقيا لكل الفاعلين و الأجهزة المعنية بعملية مرحبا، يتطلب مزيدا من المثابرة و الجهد و التنظيم و الجدية ، و هي مواصفات شاقة و متعبة ، لا يسعنا بهذه المناسبة الا التنويه بالعمل الدؤوب و الجهود المستمرة المبذولة من طرف كل المتدخلين و الفاعلين خاصة منهمالقوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والوقاية المدنية والقوات المساعدة، وأطر وموظفي السفارات والقنصليات، والأطر الطبية والصحية، وأطر وموظفي المطارات والموانئ، وأطر إدارة الجمارك، وأطر مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، وأطر مؤسسة محمد الخامس للتضامن، الذين يقومون بأدوار تضامنية وإنسانية طلائعية،تتميزبالحرفيةو الخبرة في الميدان،و هي عوامل أساسية لنجاح و تسهيل عملية العبور.

حضرات السيدات والسادة المحترمون؛

إن الاهتمام بمغاربة العالم و قضاياهم المختلفة ،يستند الى وعي جماعي، بضرورة إيجاد الحلول المناسبة، لتمكين هذه الفئة من كافة حقوقها الدستورية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجعل قضاياها وتطلعاتها سواء بدول الإقامة أو بوطنهم الأم، ضمن أولويات التدخلات العمومية بمختلف مستوياتها، باعتبار مغاربة العالم جزء لا يتجزء منأبناء الشعب المغربي.

فإذا كانت بعض الفئات من إخواننا المغاربة القاطنين بالخارج قد تمكنوا في دول الإقامة من تحسين وضعهم الاجتماعيو الاقتصادي والسياسي والعلمي أدى بعدد منهمالى قيادة مؤسسات سياسية، و تدبير شركات اقتصادية عالمية، وتحقيق إنجازات علميةباهرة ،فإن البعض الآخر مازال يعاني من مشاكل في الاندماج، وفي إيجاد الفرص المناسبة للعيش الكريم ، و عرضة في كثير من الحالاتللتطرف و للشبكات الاجرامية.

و من شأن إدراك هذه الحقائق و الوعي بالمخاطر المحدقة بهذه الفئة سيما مخاطر التهميش و التطرف و الاجرام و التأثير على هويتهم المغربية أن يستلزم العمل على صياغة تصورات للفعلالعمومي ،تغطي حاجيات كل الأجيال والشرائح من مغاربة العالم، باستحضار مختلفالتحولات، وما نتج عنها من تحديات جديدة تختلف من فئة إلى أخرى، ومن جيل إلى أخر و من دولة الى أخرى، وذلك وفق مرجعيات محكمة ومتكاملة.

و في هذا الاطار فإنه من أجل المساهمة في النقاش حول سبل الاهتمام بقضايا مغاربة العالم و حماية هويتهم المغربية الأصيلة نقترح في مجلس المستشارينبعض المداخلللتفكير، نعتبرها أرضية لإطلاق نقاشعميق بين مختلف المتدخلين، وباشراك كافة المعنيين،في بلورة تصور مندمج للفعل العمومي، وذلك على الشكل التالي:

أولا:ملاءمة القوانين ذات الصلة بالمغاربة في الخارج وخصوصا المتعلقة بالحالة المدنية ومدونة الأسرة لتتماشى مع مختلف التطورات والتحديات الجديدة التي يعيشها مغاربة العالم في دول الإقامة؛

ثانيا: العمل على رقمنة مختلف الخدمات الإدارية سواء المقدمة من طرف البعثات الديبلوماسية أو القنصلية، أو المقدمة من طرف المرافق العمومية بالمملكة، وتوفير الاستشارة القانونية الضروريةلهم،ومواكبتهم في معالجة مشاكلهم القضائية؛

ثالثا:تكثيف البرامج الاجتماعية والثقافية والدينية التي تهدف إلى تقوية روابط الأجيال الجديدة مع وطنهم الأم، وتعزيز مقوماتهم الوطنية، من خلال شراكات حقيقية مع جمعيات المجتمع المدني الجادة؛

رابعا: تطوير وسائل التواصل عن طريق توظيف التكنولوجيات الحديثة، ووسائط التواصل الاجتماعي، مما سيسهل عليهممواكبة مختلف الأوراش التنموية، وتمكينهم من عناصر الإلمام بقضاياهم الوطنية، وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، ومدهمبآليات الترافع والدفاع حتى يكونوا خير سفراء لبلدهم في مختلف مواقعهم ببلدان الاقامة؛

خامسا:ضرورة إيجاد الآليات المناسبة لإدماجهم في المجهود الاستثماري لبلادنا، من خلال توفير صك للمشاريع، وتحسين المناخ الثقافي والاقتصادي، بغية تعزيز ثقتهم في الفرص الاستثمارية التي توفرها مختلف جهات المملكة، وتحفيزهم على الاستثماربها؛

سادسا: البحث عن صيغ تمكن بلادنا منالاستفادة منخبرةوكفاءة مغاربة العالم، وإيجاد سبل لنقلها إما عن طريق تحفيزهم للعودة أو للعمل عن بعد، وخصوصا في مجالات البحث والابتكار والتكنولوجيات الحديثة، وتسهيل إدماجهم في تعزيز الدينامية التي يعرفها وطنهم الام.

تلكم أيها السيدات والسادة بعض القضايا المقترحةللتفكير الجماعي، أملنا بمجلس المستشارين أن تجد تفاعلا إيجابيا من خلال المداخلات المبرمجة في هذه الندوة ، و إن مجلسنا سيكون حريصا على إدماج قضايا وانشغالات هذه الفئة من المغاربة، التي يقارب عددها خمسة (5) ملايين مواطنة ومواطن، موزعين على مختلف دول العالم، ضمن أشغاله وأنشطته، والترافع بكل الوسائل والإمكانيات القانونية المتاحة له عند ممارسة مختلف وظائفه وأدواره الدستورية، في إطار علاقة التعاون التي تجمعه مع مختلف السلط، لإيجاد الحلول المناسبةلكافة المشاكل التي تواجههم، و ابتكار الصيغ المناسبة لإشراكهم بشكل فعال ومناسب في المساهمة في تنمية وطنهم الأم، وصولا إلى المستوى المنشود في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

والله ولي التوفيق و السلام.