تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد رئيس مجلس المستشارين بمناسبة افتتاح دورة أبريل للسنة التشريعية 2018-2019

2019-04-13

باسم الله الرحمان الرحيم

السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛

السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛

 أيها الحضور الكريم؛

 

 تأتي هذه الدورة العادية، بعد دعوة الحكومة ابتداء من فاتح شهر أبريل الحالي إلى دورة استثنائية، التي تضمن جدول أعمالها خمسة مشاريع قوانين محالة بالأسبقية على مجلس النواب، ويتعلق الأمر تحديدا ب:

  • مشروع قانون إطار رقم 51.17 يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي؛

  • مشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها؛

  • مشروع قانون رقم 63.17 يتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية؛

  • مشروع قانون رقم 64.17 يقضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.69.30 الصادر في 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز1969) المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري؛

  • مشروع قانون رقم 21.18 يتعلق بالضمانات المنقولة.

ولئن كان مجلس المستشارين، انطلاقا من دوره الدستوري قد تمكن فقط -في نطاق ما فرضه السيّاق والمصلحة العامة- من البت في مشروع قانون واحد من مجموع مشاريع القوانين المذكورة وهو المتعلق بالضمانات المنقولة، فإنه من الجدير بالتذكير بأن المجلس كان على أتم الجاهزية والاستعداد للمناقشة العميقة والتصويت على باقي المشاريع المدرجة في جدول أعمال الدورة الاستثنائية، وبصفة خاصة تقديم مساهمته النوعية في النقاش المجتمعي حول المضامين الخلافية لمشروع قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، ومشاريع القوانين المتعلقة بالأراضي السلالية والرهان المعلق عليها للمساهمة في المجهود الوطني للتنمية، وفقا للتوجهات السامية لصاحب الجلالة نصره الله.

واعتبارا أن الدورة الاستثنائية تنتهي قانونا إما باستيفاء جدول أعمالها أو بحلول موعد افتتاح الدورة العادية دونما بت مجلسي البرلمان في جميع القضايا المدرجة في جدول أعمالها المحدد، فإن مجلسنا الموقر سيعكف خلال هذه الدورة العادية على مناقشة هذه النصوص الاستراتيجية بما تستوجبه من رصانة وعمق في نطاق المصلحة العليا للوطن، وذلك بمجرد التوصل بها من مجلس النواب.

كما أننا عاقدون العزم جميعا على النظر بنفس الدرجة والمنهجية في باقي النصوص المحالة على المجلس أو التي ستعرض عليه خلال الدورة، ولاسيما المتعثرة منها لأي سبب من الأسباب، وذلك بعدما قمنا برصدها، في أفق التشاور بشأنها مع اللجان الدائمة المعنية والحكومة في إطار ندوة الرؤساء، على أمل الحسم فيها قبل نهاية الدورة التي نفتتحها اليوم، ومن الأمثلة البارزة في هذا المجال نذكر مشروع قانون رقم 35.13 يقضي بإحداث وتنظيم مؤسسةللنهوض بالأعمال الاجتماعية والثقافية لفائدة موظفي قطاع المياه والغابات، المحال على المجلس من رئيس الحكومة في 5 فبراير 2015، ومشروع القانون المتعلق بالتعاضد المحال على المجلس في إطار قراءة ثانية منذ 3 غشت 2016، ومشروع قانون رقم 63.16 بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية الوارد على المجلس من رئيس الحكومة بتاريخ 26 يوليوز 2016، فضلا عن نصوص أخرى تتعلق بتنظيم بعض المهن الطبية وشبه الطبية التي تعرف محاولات حثيثة من لدن اللجنة المعنية قصد إيجاد حلول توافقية حول مضامينها.

حضرات السيدات والسادة،

وفي مجال مراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، فإن الجلسات الأسبوعية والشهرية للأسئلة تمثل كما العادة محطة ثابتة لطرح قضايا الشأن العام ذات الأولوية لدى الرأي العام، وذلك مع الحق المكفول طبعا لكافة مكونات المجلس في استعمال جميع آليات الرقابة المخولة بحكم الدستور والنظام الداخلي للمجلس، علما بأن المجلس سيباشر بواسطة المجموعة الموضوعاتية المختصة، في القريب العاجل، مهمة تقييم الإستراتيجية الوطنية للماء.

ورغبة في إقامة علاقة ناجعة بين العمل التشريعي والفعل الرقابي للمجلس، سندشن في الدورة الحالية أولى التمارين حول مراقبة تطبيق القوانين، عبر العمل على رصد منهجي دقيق للقوانين والنصوص التنظيمية التي تحيل عليها، ثم التحقق من مدى الوفاء بإصدارها خلال مواعيدها، وذلك على أمل تحقيق تراكم نوعي سيمنح لدور المجلس قيمة نوعية، تجمع بين تعزيز الجودة في مجال التشريع والفعالية في ميدان المراقبة.

وبالنسبة لعلاقة المجلس مع المؤسسات الدستورية، وباستحضار النصوص القانونية المؤطرة لها، فقد باشرت رئاسة المجلس في الدورة المنصرمة والفترة الفاصلة بين الدورتين سلسلة من اللقاءات التشاورية حول منهجية التعيين في المؤسسات المذكورة، والتي أفضت إلى اعتماد معايير موضوعية للاختيار، بحسب خصوصية كل مجلس أو هيأة على حدة.

حضرات السيدات والسادة،

أما فيما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية فقد شاركت وفود وشعب مجلس المستشارين لدى الاتحادات والجمعيات البرلمانية الإقليمية والقارية والدولية في أشغال كل من الجلسة العامة الخامسة عشرة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، والدورة الشتوية الثامنة عشرة للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والدورة الثالثة عشرة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، والاجتماع الخاص بتقييم برنامج الشراكة واستشراف آفاق تعاون أوثق مع "مؤسسة وستمنستر للديمقراطية"، في إطار زيارة العمل الرسمية التي قمنا بها إلى المملكة المتحدة والتي تخللتها لقاءات مكثفة مع المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين، وعلى رأسهم رئيس مجلس اللوردات البريطاني، واجتماع اللجنة الدائمة المعنية بالهجرة لبرلمان عموم إفريقيا، ودورة برلمان أمريكا الوسطى، ودورة البرلمان الأنديني، حيث تخللتها زيارة للبرلمان الكولومبي، والمرحلة الثانية من الدورة العادية للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والندوة المشتركة للمجموعة الخاصة لدول حوض المتوسط والشرق الأوسط "روز روت" التابعة للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي، والمؤتمر البرلماني العالمي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي حول موضوع: تأثير التكنولوجيات الحديثة في التنمية والرأسمال البشري، والتغيرات المناخية"، والجمعية العامة المائة والأربعون للاتحاد البرلماني الدولي، وهي الدورة التي اقترحنا فيها بندا طارئا بعنوان"ضمان وتنفيذ آلية حماية دولية للشعب الفلسطيني، وفقا للأحكام ذات الصلة من القانون الإنساني الدولي: دور البرلمانات والاتحاد البرلماني الدولي".

ويأتي هذا المقترح في سياق جهود الدبلوماسية البرلمانية المغربية، وانسجاما مع المواقف التي طالما عبرت عنها خدمة للقضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.كما يندرج في إطار المواقف الثابتة للمملكة المغربية بقيادة، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، رئيس لجنة القدس، لنصرة الشعب الفلسطيني الصامد، والدفاع عن حقوقه المشروعة والتاريخية وغير القابلة للتصرف، من أجل بناء دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، والتي كان آخرها توقيع جلالته مع قداسة البابا فرانسيس، خلال زيارته التاريخية للمغرب على "نداء القدس"، الذي يروم المحافظة والنهوض بالطابع الخاص للقدس كمدينة متعددة الأديان.

حضرات السيدات والسادة،

وخلال نفس الفترة استقبل مجلس المستشارين وفودا وشخصيات برلمانية وحكومية وطنية ودولية، وعلى رأسها رئيس الجمعية الوطنية الكبرى لجمهورية تركيا، ورئيسة المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي قامت بزيارة لبلادنا توجت بالتوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون الثنائي، ورئيس مجلس الشورى لسلطنة عمان، والنائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي، ونائب رئيس الجمعية الوطنية بجمهورية الصين الشعبية، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الكولومبي، ورئيس مجموعة الصداقة البرلمانية العمانية - المغربية بمجلس الدولة لسلطة عمان في إطار زيارة عمل لبلادنا، ووفد برلماني عن جمهورية الموزمبيق، وأمناء ومسؤولي الأحزاب الديمقراطية بشمال إفريقيا، ووفد عن نقابة الإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، ورئيسا لمركز المغربي للقلم الدولي.

وعلى مستوى تنظيم التظاهرات الدولية، احتضن البرلمان بمجلسيه، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره ألله وأيده، فعاليات الدورة الرابعة عشرةلاتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 11 و14 مارس 2019.وقد أصدر المشاركون والمشاركات في هذه الدورة "إعلان الرباط"، دعوا من خلاله إلى ضرورة العمل على مد جسور التعاون بين بلدان الدول الإسلاميةوتقوية المبادلات البينية، على المستويات التجارية والبشريةوالاستثمار الأمثل للتكامل الاقتصادي، كما أكدوا على

الأهمية الحيوية للديمقراطية ودولة المؤسسات واحترام وصيانة حقوق الإنسان في تقدم المجتمعات وتطويرها وتيسير استقرارها، والحرص على تعزيز وتقوية المشاركة السياسية الفاعلة للنساء والشباب، وجددوا التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في اهتمامات الاتحاد ومرافعاته، مؤكدين تضامنهم مع الشعب الفلسطيني من أجل إقرار حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مذكرين بالمكانة التاريخية والروحية لمدينة القدس لدى الشعوب الإسلامية.

وقد أعرب المشاركون في هذه الدورة أيضا عن التقدير الكبير لجهود صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي ولذراعها الميداني وكالة بيت مال القدس الشريف من أجل الحفاظ على الوضع القانوني للقدس وطابعها الحضاري ومعالمها الروحية ودعم صمود المقدسيين.

وتميزت الفترة الفاصلة بين الدورتين كذلك، بتنظيم مجلس المستشارين، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المنتدى البرلماني الدولي الرابع للعدالة الاجتماعية، في موضوع "الحماية الاجتماعية بالمغرب: الحكامة ورهانات الاستدامة والتعميم "، وذلك يوم 20 فبراير 2019.

حضرات السيدات والسادة،

في ختام هذه الكلمة المقتضبة، أود تجديد التأكيد على عزم مجلسنا الموقر على مواصلة استكمال مختلف الأوراش التي فتحها كبرلمان للجهات وكمؤسسة منفتحة على قضايا وانشغالات المواطنين والمواطنات. وتبعا لذلك سيتم الشروع في مواصلة تنفيذ إحدى توصيات الدورة التأسيسية للملتقى البرلماني للجهات والمتعلقة بتنظيم ندوات موضوعاتية جهوية. فبعد الندوة الموضوعاتية الأولى المنظمة بمدينة الداخلة حول "التنمية المندمجة للأقاليم الجنوبية"، برمج مكتب مجلس المستشارين تنظيم ندوتين جهويتين بكل من بني ملال حول " تنمية المناطق القروية والجبلية" يوم 3 مايو المقبل وبالدار البيضاء حول " الفوارق المجالية" في منتصف شهر يونيو المقبل.

وشكرا على حسن الإصغاء.