باسم الله الرحمان الرحيم
السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
حضرات السيدات والسادة؛
طبقا لأحكام الفصل 65 من الدستور، أعلن عن افتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2019-2020، وخير ما نفتتح به هذه الدورة، آيات بينات من الذكر الحكيم، سيتلوها على مسامعنا المقرئ السيد عبد الكريم الباقي الله، فليتفضل مشكورا.
والآن، أدعو الجميع للوقوف للاستماع للنشيد الوطني للمملكة
أعطي الكلمة الآن للسيد الأمين لإطلاع المجلس على ما استجد من مراسلات وإعلانات. فليتفضل مشكورا.
شكرا السيد الأمين.
حضرات السيدات والسادة،
إننا نفتتح أشغال هذه الدورة في ظرف خاص واستثنائي، ناجم عن تفشي وباء كوروناعلى الصعيد العالمي، وإعلان حالة الطوارئ الصحية في مجموع التراب الوطني قصد مكافحته والحد من آثاره.
وبهذه المناسبة، نتوجه بأحر عبارات التعازي وعميق مشاعر المواساة لعائلات وأقارب كل من انتقلوا إلى عفو الله ورحمته جراء تفشي هذا الوباء، ونسأل الله تعالى أن يلهمهم وذويهم حسن العزاء وجميل الصبر والسلوان، وأن يتغمد الفقداء بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين. كما ندعو لكافة المصابين بالشفاء العاجل.
وهي مناسبة أيضا، للتعبير عن اعتزازنا بقيم التضحية والتضامن الوطني والتعبئة الجماعية التي أبانت عليها مختلف مكونات المجتمع المغربي، وبروح التكافل والتضامن التلقائي واللامشروط التي عبّرت عنها كافة مكونات مجلس المستشارين، من خلال الانخراط الواسع في حملة المساهمة في تمويل الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا، الذي دعا إلى إحداثه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، من أجل تعزيز وتأهيل الآليات والوسائل الصحية ودعم الاقتصاد الوطني والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الجائحة، كتجسيد حي لصورة من صور التلاحم القوي بين العرش والشعب، وقيم المواطنة المغربية الحقة، ليتجدّد ويترسخ الإيمان والثقة بقدرة المغرب على تخطي هذه الأزمة ومواصلة المسيرة التنموية لبلادنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وبنفس القدر من الفخر والاعتزاز، نعبر عن سعادتنا بالالتفاتة المولوية السامية لمولانا أعز الله أمره بإصدار عفوه السامي على 5654 معتقل بالمؤسسات السجنية والإصلاحية في هذه الظروف الاستثنائية، وإصدار جلالته في وقت سابق لتعليماته السامية من أجل تعبئة وسائل الطب العسكري لتعزيز الهياكل الطبية المخصصة لتدبير هذا الوباء.
ونغتنم هذه الفرصة كذلك، للتنويه بالحس الاستباقي الذي طبع عمل السلطات العمومية في مواجهة هذا الوباء، وتوجيه الشكر، بشكل خاص، إلى كافة الأطر الطبية وشبه الطبية ومختلف القوات الأمنية والعسكرية التي ترابط بكل تفان ونكران للذات في مواجهة هذه الجائحة. دون أن ننسى التعبير عن اعتزازنا وشكرنا لباقي الفئات، التي تكافح، من مختلف المواقع، هذا الوباء اللعين.
حضرات السيدات والسادة،
انخراطا من مجلسنا الموقر في التعبئة الوطنية لمكافحة جائحة كورونا، فقد عقدت لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بتاريخ 18 مارس 2020 اجتماعا خصص لتقديم السيد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة لمشروع مرسوم بإحداث الحساب المرصد لأمور خصوصية تحت اسم "الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورنا COVID 19".
وفي نفس السياق، وافقت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بتاريخ 23 مارس 2020 على مرسوم بقانون رقم 2.20.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، كما وافقت لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بتاريخ 07 أبريل 2020 على مرسوم بقانون رقم 2.20.320 يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية.
وعلى صعيد آخر، فقد حال تفشي وباء كورونا دون استكمال مسطرة مناقشة مجموعة من النصوص التشريعية المهمة التي كانت اللجان الدائمة قد أحرزت تقدما في دراستها. وعلى رأسها:
ـ مشروع قانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات؛
ـ مشروع قانون 38.18 بإعادة تنظيم مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة التابعين لوزارة الداخلية؛
ـ مشروع قانون رقم 60.18 يتعلق بمؤسسة الأعمال الاجتماعية للعاملين بالمديرية العامة للوقاية المدنية.
وعلى مستوى مراقبة العمل الحكومي، فقد واصل السيدات والسادة أعضاء المجلس النهوض بأدوارهم الرقابية، لا سيما على مستوى تقديم الأسئلة الشفوية والكتابية بغرض إيصال قضايا المواطنات والمواطنين إلى الجهات المختصة والسعي إلى إيجاد الحلول المناسبة لها.
وفي ارتباط بموضوع الرقابة، فقد تميزت الفترة الفاصلة بين الدورتين بحدث هام تجلى في تنظيم مجلسنا الموقر ليوم دراسي حول "المراقبة البعدية لتطبيق القوانين"، وهو الموضوع الذي أضحى يكتسي اهتماما متزايدا على المستوى الدولي، بحيث أن عدة برلمانات أصبحت تنص في أنظمتها الداخلية على عملية المراقبة البعدية للقوانين، على غرار ما تنص عليه المادة 117 من النظام الداخلي لمجلسنا الموقر.
وقد تميز اليوم الدراسي بالكشف عن إعداد مجلس المستشارين لدراسة بمثابة قاعدة معطيات متكاملة، حول تتبع التزام الحكومة بنشر النصوص التنظيمية المنصوص عليها في القوانين الصادرة عن البرلمان، خلال الفترة الممتدة من صدور الأمر بتنفيذ دستور 2011 إلى غاية 31 دجنبر 2019، والتي ستشكل خلاصاتها مداخل أساسية لمجلسنا الموقر في مساءلة الحكومة حول تنفيذ القوانين وظروف تطبيقها، بما يتيحه ذلك من إمكانيات للبحث يمكن استثمارها في مجال التقييم والتقويم التشريعي.
وعلى مستوى تقييم السياسات العمومية، فقد واصلت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم الإستراتيجية الوطنية للماء برنامج لقاءاتها مع القطاعات الحكومية المعنية بالموضوع، من خلال عقد لقاء مع السيد وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، ركز بالأساس على نتائج مخطط المغرب الأخضر والإستراتيجية الجديدة "الجيل الأخضر" في علاقتها بالبرنامج الوطني للماء الشروب ومياه السقي وتحقيق الأمن الغذائي. وإن المجموعة بصدد بلورة برنامج عمل ميداني، بغاية دعم ما توصلت إليه من معطيات خلال اللقاءات المباشرة مع المسؤولين الحكوميين، بزيارات لبعض المناطق المتضررة من مشكل الماء، للاطلاع عن كثب على الإكراهات واستشراف البدائل.
وعلى صعيد الدبلوماسية البرلمانية، فقد تميزت الفترة الفاصلة بين الدورتين بشرف تمثيلنا لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في الحفل الرسمي لتنصيب رئيس الأوروغواي المنتخب حديثا، بتزامن مع زيارتنا للولايات المتحدة المكسيكية ومشاركتنا في افتتاح الجلسة الثامنة والثلاثين لمنتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطى والكاريبي "فوبريل"، وذلك تكريسا للخيار الاستراتيجي لبلدنا، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، لتعزيز التعاون جنوب ـ جنوب.
وعلى مستوى الاضطلاع بالتكليف الذي حظي به البرلمان المغربي من طرف رؤساء الاتحادات الجهوية والقارية بإفريقيا ومنطقة أمريكا اللاتينية والكراييب باستكمال الهيكلة التنظيمية لمنتدى أفرولاك، فقد عقدنا إلى جانب زميلنا السيد رئيس مجلس النواب، لقاء مع رئيس برلمان أمريكا اللاتينية، خلص إلى الاتفاق على تنظيم تظاهرتين نوعيتين، الأولى في شهر يوليوز القادم وتروم احتضان ندوة خاصة برؤساء البرلمانات الجهوية والقارية في المنطقتين، والثانية في شهر شتنبر المقبل، وتهم تنظيم ندوة دولية للتداول في القضايا المشتركة، تكون بمثابة الانطلاقة الفعلية للمنتدى البرلماني إفريقيا ـ أمريكا اللاتينية والكراييب.
وعلى مستوى انخراط مجلس المستشارين في الاتحادات الجهوية والقارية والدولية، فقد شاركت وفود المجلس في أشغال: الدورة الرابعة عشر للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، والدورة الشتوية التاسعة عشر للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والدورة الخامسة للمنتدى العالمي "حوار رايـسيــنا" المنظم من قبل مؤسسة الدراسات والأبحاث بجمهورية الهند، وجلسة الاستماع البرلمانية التي نظمها الاتحاد البرلماني الدولي بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة حول موضوع: "التعليم باعتباره مفتاح للسلام والتنمية المستدامة: نحو تنفيذ الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة"، وزيارة صداقة وعمل لجمهورية كوبا في إطار وفد رسمي رفيع المستوى من البرلمان الإفريقي.
وعلى مستوى احتضان وتنظيم التظاهرات القارية والدولية، فقد احتضن البرلمان بمجلسيه، فعاليات الاجتماع المشترك لكل من اللجنة الدائمة المعنية بالتجارة والجمارك والهجرة واللجنة الدائمة المعنية بالنقل والصناعة والاتصال والطاقة والعلوم والتكنولوجيا بالبرلمان الإفريقي، ونظم خلالها ندوتين في موضوعين يكتسيان أهمية وراهنية كبيرتين، وهما : "تشجيع التجارة البين- إفريقية في سياق إقرار اتفاقية منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية " و"حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي والاقتصاد الرقمي بإفريقيا".
وبمناسبة هذه المهام الدبلوماسية، أجرى مجلسنا لقاءات ومباحثات ثنائية مع وفود برلمانية وحكومية وشخصيات دبلوماسية، ورؤساء اتحادات برلمانية جهوية وقارية ودولية.
على صعيد آخر، وفي باب احتضان المجلس للنقاش العمومي والحوار المجتمعي التعددي حول القضايا الراهنة التي تستأثر باهتمام المواطنات والمواطنين، فقد شهدت الفترة الفاصلة بين الدورتين تنظيم المجلس، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، لفعاليات المنتدى البرلماني الدولي الخامس للعدالة الاجتماعية تحت شعار "توسيع الطبقة الوسطى: قاطرة للتنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي". وهو الموضوع الذي وجهنا في شأنه بالمناسبة طلبا لإبداء الرأي إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
حضرات السيدات والسادة،
ختاما، وإذ أشيد بروح المسؤولية والحس الوطني الذي عبرت عنه اللجان البرلمانية خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين، من خلال التعاطي الإيجابي مع الجهود الحكومية الرامية إلى مكافحة الأزمة الصحية التي تمر بها بلادنا، والالتزام التام بالتدابير الصحية الوقائية في اجتماعاتها، فإنني أدعو السيدات والسادة أعضاء المجلس إلى توخي الحيطة والحذر خلال مزاولة مهامنا في ظل هذه الظروف الاستثنائية، وفق ما تم الاتفاق عليه بين مكتب المجلس والسيدات والسادة رؤساء الفرق والمجموعة البرلمانية، المتمحورة بالأساس حول تفعيل مجموعة من التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية في جميع اجتماعاتها وأشغالها، وجعل النصوص القانونية والمواضيع المرتبطة بتدبير جائحة كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية في مقدمة أولويات أشغال المجلس وكافة أجهزته.
شكرا على حسن الإصغاء. ورفعت الجلسة.