
السيد رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب؛
السيد مدير الشراكة والحوار بالمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان
السيد مدير حماية الأسرة والطفولة والأشخاص المسنين بوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة
السيدات والسادة الحضور الكرام؛
يسعدني في البداية أن أرحب بكم نيابة عن السيد رئيس مجلس المستشارين المحترم لمجلسنا الموقر الذي يحتضن أشغال هذه الندوة الوطنية حول :"وضعية حقوق الأطفال المحتجزين بمخيمات تندوف والآليات الدولية لحماية حقوق الطفل"، والمنظمة من طرف منظمة بدائل للطفولة والشباب. أولا، بمناسبة الاحتفاء بمرور 32 سنة عن اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي يحتفل به كل يوم 20 نونبر من كل سنة، والذي تم تخليد ذكراه الشهر الماضي من هذه السنة حيث كان موضوع احتفالية 2021 تحت شعار : "مستقبل أفضل لكل طفل". وثانيا يصادف هذا اليوم ذكرى مرور 73 سنة عن صدور الإعلان العالمي لحقوق الأنسان الذي نخلده في مثل هذا اليوم 10 دجنبر من كل سنة.وإذ تشكّل هاتين المناسبتين الامميتين محطة مهمة لاستحضار وضعية حقوق الإنسان بشكل عام في مخيمات العار بتندوف ، وعلى وجه الخصوص وضعية الأطفال المغاربة المحتجزين بهذه المخيمات .
كما يعلم الجميع فإن السكان المحتجزين في مخيمات العار بتندوف يتعرضون منذ حوالي خمسة عقود لأبشع انتهاكات لحقوقهم الأساسية، وهذا الأمر ينطبق أساسا وبشكل خاص على أطفال هذه المخيمات، الذين يتم تجنيدهم بالقوة من طرف البوليساريو أو ترحيلهم إلى كوبا للتدريب العسكري والتكوين الإيديولوجي. كما تتم تعبئتهم عبر مقررات دراسية تشجع على العنف والحروب والكراهية والرمي بهم داخل النزاعات والصراعات المسلحة للقيام بعمليات انتحارية، وهذا ما تؤكده مختلف تقارير المنظمات الدولية، وقامت بفضحه العديد من وسائل الإعلام الدولية وأثبته شهادات المواطنين العائدين إلى أرض الوطن.
ولا يخفى عليكم أن هذا الأمر يشكل أحد أخطر انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة على الأراضي الجزائرية، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وبروتوكولها الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
حضرات السيدات والسادة؛
لقد منح القانون الدولي للأطفال حماية خاصة في النزاعات المسلحة، إلا أنه رغم ذلك فغالبا ما يتم تجنيدهم من طرف كثير من الجماعات المسلحة، حيث يفصلون عن عائلاتهم أو ينتزعون من بيوتهم، أو يتعرضون للقتل أو التشويه أو الاعتداء الجنسي، أو أي شكل آخر من أشكال الاستغلال. وهذا محظور بمقتضى اتفاقية حقوق الطفل والميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل، وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وهناك تأكيد وإجماع على أن تجنيد الأطفال إلزاميا أو طوعا في القوات أو الجماعات المسلحة، يشكل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، ونذكر هنا أن مجلس الأمن الدولي أدان بشدة تجنيد واستخدام الأطفال من جميع الأطراف المعنية في قرار له في النزاعات المسلحة تم اعتماده عام 1999، وطالب بالإنهاء الفوري لهذه الممارسات واتخاذ تدابير خاصة لحماية الأطفال.، واعتبر ذلك انتهاكا للقانون الدولي.
إلا أنه للأسف ماتزال جماعة البوليساريو الانفصالية تنتهك جميع الأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة بهذا الموضوع ، وذلك بفرضها على أطفال مخيمات تندوف حمل السلاح وتجنيدهم والزج بهم في العمليات العدائية، في تحد صارخ لكل قرارات مجلس الأمن والمواثيق الدولية. بل الأكثر من ذلك تروج هذه الجماعة الانفصالية لمجموعة من الأشرطة المرئية التي توثق لتجنيد الأطفال ودفعهم إلى حمل السلاح، وهو ما يعتبر جريمة دولية وخرقا للقانون الدولي الذي يحظر إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة بموجب الفقرة الثانية من المادة 77 من البرتوكول الإضافي جنيف لعام 1977، والمادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة لعام 2000 والذي يحظر إشراك الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سن الثامنة عشر في الأعمال العدائية، ويدعو إلى القضاء العاجل على تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة.
حضرات السيدات والسادة؛
إن هذا الوضع المؤلم واللاإنساني يحتم علينا كمؤسسات رسمية، وأيضا على المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إثارة انتباه المجتمع الدولي وفي مقدمتهم لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل إلى هذه الوضعية المأساوية للأطفال المحتجزين في مخيمات تندوف، والتي تشكل خرقا سافر لكل الأعراف والقوانين والقيم.
ولقد سبق لمندوب بلادنا لدى الأمم المتحدة ، السيد عمر هلال، خلال الشهر الماضي نونبر 2021 أن "شدد أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة على ضرورة منع الجزائر وجبهة البوليساريو من تحويل أطفال مخيمات تندوف إلى "إرهابيي الغد المحتملين"، وكما سبق للمفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة خلال السنوات الماضية أن أعرب عن “قلقه الشديد” من جراء حالة الإحباط المتنامية في صفوف الشباب الذين يعيشون في مخيمات تندوف، والمعرضين لمخاطر التجنيد من قبل المجموعات الإرهابية التي تنشط في هذه المنطقة.
وبهذه المناسبة نجدد تأكيد الدعوة التي سبق أن وجهها مندوب بلادنا أمام الأمم المتحدة، والرامية إلى حث المجتمع الدولي على مطالبة الدولة المضيفة "الجزائر" بوضع حد لإرسال أطفال تندوف إلى معسكرات التدريب العسكري، وتمكينهم من الالتحاق بالمدارس التي تمولها اليونيسف والمنظمات غير الحكومية الدولية في مخيمات تندوف. كما ندعو الدول إلى وضع حد لهذه الممارسات وضمان الحماية والمساعدة الضروريتين للأطفال. وهنا نؤكد على أن الجارة الشرقية يجب أن تتحمل كامل المسؤولية أمام المجتمع الدولي، ويتعين مساءلتها لأن استغلال هؤلاء الأطفال يتم فوق ترابها .
كما ندعو إلى فتح تحقيق دولي حول وضعية الأطفال المحتجزين بمخيمات تندوف، وبالتدخل العاجل للحد من الفظاعات والانتهاكات التي يتعرض لها إخواننا المحتجزون في مخيمات العار فوق التراب الجزائري . كما ندعو المجتمع الدولي إلى مراقبة الأوضاع هناك خاصة في ظل تحول البوليساريو تدريجيا إلى منظمة داعمة للإرهاب.
كما نطالب باتخاذ الاجراءات اللازمة ومتابعة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكب هناك، مع لعمل على كسر جدار الصمت الذي تصر جماعة البوليساريو الانفصالية على فرضه حول المخيمات من أجل الإبقاء على سكانها قيد الاحتجاز، ولرفع الظلم على اخواننا المحتجزين في مخيمات تندوف وبالسماح للأطفال وتمكينهم من العودة مع ذويهم إلى أرض الوطن.
في الأخير أشكركم على حسن استماعكم، وأتمنى النجاح لهذه الندوة آملا أن تتوج بخلاصات وتوصيات تمكننا من مزيد من الترافع حول موضوع حقوق الإنسان بشكل عام ووضعية الأطفال بشكل خاص في مخيمات العار والذل.
والسلام عليكم ورحمة الله.