تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد رئيس مجلس المستشارين خلال ندوة حول العنف ضد المرأة

2023-07-07
كلمة السيد رئيس مجلس المستشارين خلال ندوة حول العنف ضد المرأة

السيد رئيس مجلس النواب؛

السيدة وزيرة التضامن و الادماج الاجتماعي و الأسرة؛

السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛

السيدة ممثلة المرأة لهيئة الأمم المتحدة بالمغرب؛

السيدات والسادة ممثلي الجمعيات النسائية الفاعلة في مجال مناهضة العنف ضد النساء؛

السيدات و السادة المستشارين؛

السيدات و السادة ممثلي وسائل الإعلام؛

حضرات السيدات و السادة؛

في بداية هذا اللقاء، نشكر الحضور الكريم على تلبيته دعوة مجلس المستشارين للمشاركة في هذا اللقاء الهام،و نذكر باحتضان مجلسنا لأنشطة سابقة لها علاقة بنفس الموضوع، على سبيل المثال لا الحصر:

-        اجتماع ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة، والذي عرف تنظيم مائدة مستديرة لمناقشة "الاتفاقية العربية لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة والعنف الأسري" سنة 2017.

-        مائدة مستديرة نظمها مجلس المستشارين كذلك حول "دور البرلمانات في حماية المرأة وتشديد عقوبات مرتكبي العنف في مشروع إصلاح القانون الجنائي" سنة 2019.

وفي إطار هذا الانخراط الدائم لمجلس المستشارين في الدفاع عن قضايا المرأة وتكريس المكتسبات المحققة وتعزيزها، و تزامنا مع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، والحملة السنوية للأمم المتحدة لمحاربة العنف ضد النساء،ينظم المجلس هذه الندوة  لتسليط المزيد من الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تعاني منها المرأة المغربية  على غرار الكثير من نساء العالم، وفق ما تؤكده الأرقام المقلقة التي تختلف حسب الجهات الصادرة عنها.

حضرات السيدات و السادة؛

إن العنف ضد النساء يشكل انتهاكا للحقوق الإنسانية للنساء، فهو يمس السلامة الجسدية و النفسية للمرأة و يعطل مشاركتها في مسار التنمية، كما تتجاوز آثاره السلبية حدود الفرد لتصل إلى الأسرة و المجتمع الذي يدفع بسببه كلفة اقتصادية و اجتماعية كبيرة، وهو ظاهرة ذات بعد عالمي ليست مقتصرة على ثقافة أو دين أو بلد بعينه، أو على فئة خاصة من النساء بمجتمع ما، كما أنها تستهدف جميع الفئات العمرية وتوجد في جميع الفضاءات الخاصة و العامة، و تشكل أحد المعيقات التي تحول دون تحقيق المساواة والتنمية، ومحاربتها هدف لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة حقيقية وفعلية لكل الفاعلين من حكومة و برلمان و مؤسسات ومجتمع مدني ...

فلا حاجة لتكرار الأرقام الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، وبيانات البنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، وهي أرقام صادمة، بل يكفي هنا أن نستحضر القناعة  الأممية بأن ما تعيشه العديد من النساء اليوم من عنف داخل الأسرة، وفي العمل والأماكن العامة يعرف تزايدا مستمرا ومقلقا خلال السنوات الأخيرة، ويشكل خطرا على النساء،يفوق خطر تعرضهن للسرطان والأمراض المعدية والحروب والهجرة غير الآمنة .

أماعلى الصعيد الوطنيفالأرقام كذلك مقلقة، وتسجل تزايدا مستمرا،ساهمت فيه بشكل واضح الظرفية الاستثنائية التي فرضتها جائحة "كوفيد-19" وما سببته من تنامي أشكال العنف ضد النساء، بما فيها العنف الأسري خلال فترة الحجر الصحي.

فحسب المديرية العامة للأمن الوطني تم تسجيل 61 ألف و388 قضية عنف ضد المرأة والفتيات بجميع أشكاله منذ بداية 2021، مقابل 50 ألف و841 قضية سنة 2020.

وحسب المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتهاالإخباريةبمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس 2021)تعرضت أكثر من نصف النساء لشكل عنف واحد على الأقل خلال سنة 2019.

ورغم هذه الأرقام المقلقة والتي تطوقنا بمسؤولية التعبئة الجماعية، فمن الأمانة الأخلاقية والسياسية كذلك، التذكير بأهم المكتسبات التي حققتها بلادنا في مجال تعزيز المنظومة الحقوقية وخصوصا المرتبطة منها بالنساء: كدستور 2011،وإصلاح مدونة الأسرة، وإقرار القانون رقم 103.13 المتعلق بالعنف ضد النساء، والرفع من تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة، وفي الأجهزة الحزبية، ومختلف مواقع المسؤولية،وما حضور السيدة وزيرة التضامن والادماج الاجتماعي و الأسرة، والسيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسيدة نائبة رئيس مجلس النواب،  وخيرة هاته الكفاءات النسائية الحاضرة معنا اليوم إلا خير شاهد على ذلك.

في ظل كل هذه الإصلاحات المنجزة والمكتسبات المحققة ببلادنا، فإن المعركة ضد هذه الظاهرة تبقى متواصلة وتستدعي العمل بشكل أكبر من أجل ضمان انسجام التشريع الوطني مع المعايير الدولية المعتمدة، من خلال إقرار مبادئ الإنصاف والمساواة بين الجنسين، وتمكين النساء وتوفير الحماية لهن، مع تمتيعهن بكل حقوقهن الإنسانية.

وبالتالي، فمحاربة العنف ضد النساء تقتضي منا إعمال التفكير الجماعي، لبحث نطاق ومجالات ملاءمة التشريع الوطني مع مقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان، وجعله مستجيبا لالتزامات المغرب الدولية في هذا المجال، واعتماد مقاربة متعددة الأبعاد ترتكز على (الوقاية والحماية والتكفل)، مع استحضار البعد الترابي في السياساتالعمومية من أجل استهداف وتلبية المتطلبات الخاصة في كل مجال ترابي معين، وذلك في إطار استراتيجية وطنية لمحاربة العنف ضد النساءوفق رؤية جديدة لمواكبة الإصلاحات القانونية المنجزة لحماية النساء وتفعيل مختلف الالتزامات الوطنية والدولية المترتبة عن هذه الإصلاحات.

شكرا على حسن الإصغاءوبالتوفيق لأشغال هذه الندوة.