السيد رئيس الحكومة المحترم،
السيد رئيس مجلس النواب المحترم،
السادة الوزراء المحترمين،
السيدات والسادة مسؤولي وممثلي المؤسسات الدستورية والوطنية،
زملاتي، زملاءي البرلمانيين
حضرات السيدات والسادة الحضور الكريم؛
أود أن أتوجه في البداية أتوجه بالشكر الجزيل لزميلي وأخي العزيز ذ. الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب المحترم، على دعوته الكريمة للمشاركة معكم في أشغال هذه الندوة المهمة حول "مشروع قانون-الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي".
حيث نلتئم اليوم لتدارس موضوع بالغ الأهمية بالنسبة لأمتنا وبلادنا، ولحاضر أبنائها ومستقبل أجيالها الصاعدة؛ ذلك أننا نتقاسم الاقتناع بأن إصلاح المدرسة المغربية يُشكل رافعة حاسمة للمشروع المجتمعي المواطن والديمقراطي لمغربنا ولنموذجه التنموي المنشود.
صحيح أن منظومتنا التربوية شهدت جملة من المشاريع الإصلاحية استهدفت إصلاح منظومة التربية والتكوين على المستوى الهيكلي وعلى مستوى البرامج والمناهج. غير أننا نعلم جميعا أنها لم تتمكن من بلوغ الحد المعقول من أهدافها. وأُقَدِّرُ أن من بين أهم الأسباب المفسرة لذلك عدم تحويل تلك المشاريع إلى نص قانوني مُلزِم.
أما اليوم، وبعد أن تمكنت بلادنا من بلورة وتبني رؤية استراتيجية للإصلاح 2015-2030 ، هدفها بناء مدرسة الانصاف والجودة والارتقاء بالفرد والمجتمع، وفي ضوء استخلاص الدروس من أسباب تعثر الإصلاحات السابقة؛ جاء مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي ليُحَوِّل أهم التوجهات والتوصيات الاستراتيجية لهذه الرؤية إلى مقتضيات، ستصبح بعد التداول فيها من قِبل مجلسي البرلمان والمصادقة على صيغتها النهائية، أحكاما مُلزِمة للجميع، وستضفي المشــروعية القانونيــة، والانســجام المؤسسـاتي والمصداقيـة السياسـية علـى الإصـلاح التربــوي المقتــرح فــي أفــق ســنة 2030،وبصفــة عامة علــى نجاعــة الاســتراتيجيات الوطنيــة ذات الصلــة بالمدرســة المغربيــة. وستشكل ضمانة من الضمانات الأساسية للنجاح في هذا الإصلاح المصيري الذي لاشك أنه سيقرر مصير جملة من المشاريع والديناميات الإصلاحية المطروحة على جدول أعمال بلادنا.
لذلك لا بد من توفيــر القــدر الكافــي مــن الوضــوح والشــمولية والنســقية فــي المقتضيــات الــواردة فــي النــص؛ وإعطاءه قــوة قانونيــة أكبر بوصفــه مرجعــا تشــريعيا مؤطــرا للإصــلاح التربــوي، وأداة لتغييــر واقــع المدرســة المغربيــة الحالــي.
ويجب أن نثير الانتباه، إلى أن تحويــل توجهــات الرؤيــة الاســتراتيجية إلــى قانــون إطــار، لا يتطلــب الالتــزام التشـريعي بالأهداف والمرامي الواردة في مضامينها فحسـب، بـل يقتضـي أيضـا التـزام السـلطات العموميـة المعنيـة بتوفيـر الظـروف المواتيـة لتنفيذهـا، عـن طريـق تحديـد توجهـات تشـريعية، وتنظيميـة، وماليـة، وتدابيـر مؤسسـاتية وميدانيـة، تؤطـر فعليـا للتحـولات المعلـن عنهــا، وتضفــي عليهــا المصداقيــة السياســية.
حضرات السيدات والسادة؛
إننا مؤمنون بأن بلادنا تحتاج في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخها المعاصر إلى تعاقدات وتوافقات صلبة في القضايا المرتبطة بالأوراش الإستراتيجية الكبرى، ويعتبر إصلاح منظومة التربية والتكوين في مقدمتها وهي تحتاج إلى التعاطي معها بنفس وطني، لقد أهدرنا الكثير من الفرص وعلينا بأن هناك كوابح ترهن التقدم الوطني، وما لم يتم استحضار الروح الوطنية والتشبع بفضائلها النبيلة والسامية في مواقفنا وممارساتنا، فلن نستطيع النجاح في تحقيق طموحنا الجماعي الرامي إلى بناء مجتمع ديموقراطي وإرساء مقومات العدالة الاجتماعية.
لا أضيف جديدا إذا اعدت التأكيد على أن إصلاح التعليم هو قضية المجتمع برمته وبمختلف مكوناته، من قطاعات حكومية ومؤسسة تشريعية وجماعات ترابية ومجالس استشارية ومؤسسات وطنية وفاعلين سياسيين وجمعويين ومثقفين ومفكرين، دون إغفال الدور المركزي والحاسم للأسرة.
لذلك فهذا الورش الوطني الكبير، يقتضي الانخراط الواسع والمسؤول للجميـع بحس وطني عال، من أجل كسب هذا الرهان وتحقيق أهدافه. لأن المدرســة اليــوم توجد فــي صلــب المشــروع المجتمعــي لبلادنــا، نظرا للأدوار التــي من المفروض عليهــا النهــوض بهــا فــي تكويــن مواطنــي ومواطنــات الغــد، وفي تحقيــق أهــداف التنميــة البشــرية المســتدامة، والســمو بالحــق فــي التربيــة إلــى شــروط التقــدم الاقتصــادي والاجتماعــي والثقافــي؛
لذلك نشكر زملائنا في مجلس النواب على هذه المبادرة لأن هذه الندوة تشكل فرصة ثمينة لتعزيز الحوار الوطني حول هذه القضية المصيرية التي تحظى بالرعاية والعناية الخاصة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده الذي لا يتوانى في التذكير بأهمية هذا الورش في كل خطبه السامية ويعتبر التربية والتكوين "رافعة للتنمية المتوازنة وعماد تأهيل الرأسمال البشري"،كما "يشدد على ضرورة الإسراع بالمصادقة على مشروع قانون الإطار، وعلى التعبئة الجماعية من أجل حسن تطبيقه".
وبناء عليه يجب إحاطة هذا المشروع بمــا يلــزم مــن الضمانــات الكفيلــة بجعلــه مرجعيــة قانونيــة وبمثابـة إطـار تعاقـدي وطنـي جماعي ملـزم فـي مجـال إصـلاح منظومــة التربيــة والتكويــن والبحــث العلمي، وســندا قانونيــا للرافعــات والمســتلزمات الجوهريــة للإصــلاح فــي الرؤيــة الاســتراتيجية. وكل ذلك من أجل ضمان التعبئــة الشــاملة مــن أجــل تنفيــذه، نهوضــا بالتربيـة والتكويــن والبحــث العلمــي.
وفي الأخير نؤكد أن إنجــاح إصــلاح منظومة التربية والتكوين يعــد رافعــة أساســية وضرورية لإنجــاح باقــي مشــاريع الإصــلاح الكبــرى الإستراتيجية المهيكلــة، حيــث تؤكــد تجــارب الأمــم والــدول المتقدمــة اليــوم، التــلازم المتناســق والترابط الوثيق بيــن النجــاح فــي إصــلاح التعليــم وتعميمــه وتطويــره المنتظــم، وبيــن التقــدم فــي ســائر المياديــن والمشــاريع الأخــرى. وبالتالي فالارتقــاء بالتعليــم، بهــذا المعنــى، ارتقــاء بالمجتمــع برمته، لذلك لا بد من التعبئة الوطنية الجماعية من أجل تنزيل هذا المشروع بشكل جيد وحسن تطبيقه، لربح رهانات الجودة والارتقاء والإنصاف وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وشكرا على حسن إصغاءكم والسلام عليكم ./.