تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد وزير الاقتصاد والمالية بمناسبة تقديم مشروع قانون المالية رقم 70.15 للسنة المالية 2016

2015-10-23

كلمة السيد وزير الاقتصاد والمالية بمناسبة تقديم مشروع قانون المالية رقم 70.15 للسنة المالية 2016 خلال الجلسة العمومية المشتركة لمجلسي البرلمان المنعقدة يوم الثلاثاء 06 محرم 1437 (20 أكتوبر 2015).

 

 

 

 

 

السيد محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير المرسلين.

السيد رئيس مجلس النواب المحترم،

السيد رئيس مجلس المستشارين المحترم،

السيد رئيس الحكومة المحترم،

زملائي السيدات والسادة الوزراء،

السيدات والسادة البرلمانيون المحترمون،

يشرفني أن أتقدم أمام مجلسيكم الموقرين لتقديم مشروع قانون المالية لسنة 2016. وبداية، لابد أن نهنئ أنفسنا جميعا، بالجو الذي مر فيه المسلسل الانتخابي الذي نظمته بلادنا، و توج يوم 2 أكتوبر بانتخاب مجلس المستشارين في صيغته الجديدة.

وأغتنم هذه الفرصة لأقدم التهاني لأعضاء مجلس المستشارين ولرؤساء المجالس الجهوية، والمحلية وكافة المنتخبين على الثقة التي حظوا بها، مع متمنياتي لهم بالتوفيق في مهامهم.

وكما أكد على ذلك جلالة الملك، حفظه الله، في خطابه السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية، حيث قال جلالته: "فالانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي البداية الحقيقية لمسار طويل، ينطلق من إقامة المؤسسات وإضفاء الشرعية عليها. بل أكثر من ذلك، فتمثيل المواطنين أمانة عظمى، وهي مسؤولية وطنية تقتضي من الجميع الارتقاء إلى مستوى اللحظة التاريخية التي تعيشها بلادنا، كما دعا جلالته إلى اعتماد التوافق الإيجابي، في كل القضايا الكبرى للأمة، لأن الوطن يجب أن يظل فوق الجميع".

ولعل أهم الرهانات التي تنتظرنا، هي تفعيل الجهوية، باعتبارها مرتكزا للوحدة الوطنية والترابية، وتحقيق التضامن والتوازن والتكامل بين كل جهات المملكة، وفي مقدمتها أقاليمنا الجنوبية العزيزة، خاصة وبلدنا قاطبة تستعد لتخليد الذكرى 40 للمسيرة الخضراء المظفرة، التي مكنتنا من توطيد وحدتنا الوطنية واسترجاع أراضينا.

وإذا كانت المشاركة المكثفة لأبناء هذه الأقاليم في الانتخابات الأخيرة تؤكد بالملموس تشبثهم بالوحدة الترابية لبلدهم، فهذا يضعنا جميعا، حكومة وبرلمانا ونقابات ومنتخبين جهويين وإقليمين ومحليين ومجتمع مدني، أمام رهان مواصلة اليقظة والتعبئة من أجل استباق مناورات الخصوم التي تستهدف وحدتنا الترابية والعمل على استثمار تطور نموذجنا الديمقراطي والتنموي، من أجل تعزيز صورة بلدنا ومكانته على الساحة الدولية الدفاع عن مصالحه العليا وقضاياه العادلة، وفي مقدمتها مقترح الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية الذي أكد مجلس الأمن وكبرى الدول على جديته ومصداقيته.

لقد قدمت بلادنا و تقدم نموذجا فريدا في المنطقة، من خلال اعتماد نهج الإصلاحات، تحت قيادة ملكية رشيدة، في كل الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية. وقد أبانت كل هذه الإصلاحات، التي تعتمد التشخيص الموضوعي للواقع وخدمة المواطن بالدرجة الأولى، عن نجاعتها في مواجهة كل المخاطر، سواء كانت في صورة معضلات اجتماعية مثل الفقر والهشاشة والأمية، أو كانت في شكل تحديات اقتصادية، من خلال تقوية مناعة الاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمات المالية والاقتصادية العالمية، أو من خلال تحصين الوطن والمواطنين ضد كل المؤامرات التي تستهدف المس بأمنهم وعقيدتهم وهويتهم.4

ولابد هنا من التنويه بيقظة وتعبئة كل القوى الأمنية وتدخلاتها الاستباقية في مواجهة خلايا التطرف والإرهاب وتفانيها في توفير الأمن للوطن والمواطني، إلا أنه، وبالرغم مما حققته بلادنا من إنجازات، فلازالت تعترض تقدمها مجموعة من العوائق والتحديات، وأخص بالذكر أهم قضية بعد الوحدة الترابية، أي قضية التعليم والتكوين.

فإصلاح التعليم، كما أكد على ذلك جلالة الملك، حفظه الله، في خطاب العرش، يعد عماد تحقيق التنمية ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي وضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر ومن نزوعات التطرف والانغلاق.

بالإضافة لهذه الملفات الكبرى، هناك قضايا لا تقل أهمية، وفي مقدمتها تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية ومحاربة الفقر والهشاشة وإنعاش التشغيل بالنسبة للشباب والاستجابة لتطلعات المقاولين وتنزيل القوانين التنظيمية وإقامة المؤسسات الدستورية.

أيها السيدات والسادة،

لقد جرت العادة في مثل هذه المناسبة السنوية أن نقف عند ما تحقق وما لم يتحقق في السنة المنتهية بكل موضوعية ومسؤولية، كمنطلق لتعليل ما نخطط له ونرسمه للسنة الموالية. غير أن الطابع الخاص لهذه السنة، باعتبارها سنة ختم الولاية، يلزمنا أخلاقيا بالتذكير ولو بشكل مقتضب بالتزاماتنا وبما أنجز منه حتى الآن.

وللتذكير، فقد تسلمنا المسؤولية في ظل سياق سياسي خاص وظرفية اقتصادية عالمية وإقليمية مضطربة، وواجهتنا مجموعة من التحديات، وفي مقدمتها استعادة التوازنات الماكرو- اقتصادية ووقف النزيف، وبالخصوص استعادة الثقة في اقتصادنا الوطني، فبدون ثقة، وفي ظل التفاقم المستمر للعجز وتعميق الاستدانة، كان سيؤدي حتما إلى فقدان القرار السيادي المالي، وسيؤثر سلبا على تمويل الاقتصاد الوطني، وبالتالي الحد من الاستثمار وخلق فرص الشغل، فقد بلغ مستوى عجز كل من الميزانية والحساب الجاري لميزان الأداءات ذروته خلال سنة 2012، بنسب بلغت على التوالي: 7,2% و9,5% من الناتج الداخلي الخام.

وقد تمكنا، والحمد لله، بفضل الإصلاحات الهامة والمسؤولة والجريئة، وبفضل الإجراءات المالية الصائبة، من وقف النزيف واستعادة التوازنات المالية، أي أننا أوفينا بما التزمنا بـه أمام مجلسيكم الموقرين.

وحتى نوضح لكم بالملموس المجهودات التي قامت بها الحكومة، وبلغة الأرقام، فقد تم تقليص عجز الميزانية من 7,2 سنة 2012 إلى 4,9 سنة 2014، ومن المنتظر أن يتواصل هذا المنحى نهاية سنة 2015 ليبلغ 4,3%، وذلك في أفق تقليصه إلى 3,5 % سنة 2016. كما تم تقليص عجز ميزان الأداءات من 9,5% سنة 2012 إلى أقل من 2,8% هذه السنة، يعني تقلص عجز ميزان الأداءات إلى ثلثه.

وكنتيجة لهذه المجهودات، تقلصت الوتيرة السنوية لارتفاع معدل المديونية للخزينة إلى 1,9 نقطة من الناتج الداخلي الخام نهاية سنة 2014 مقابل ارتفاع سنوي بلغ 3,8 نقطة مابين 2009 و2013. ومن المنتظر أن يستقر معدل المديونية خلال سنة 2015 ما دون 64%من الناتج الداخلي الخام، على أن يتجه في منحى تنازلي ابتداء من السنة المقبلة، إن شاء الله.

السيدات والسادة المحترمون،

كان التحدي الثاني الذي يواجه الحكومة هو وضع أسس نموذج تنموي متجدد، يزاوج بين استغلال الهوامش المتاحة على مستوى الطلب ودعم العرض الموجه للتصدير والمحدث لفرص الشغل.

وفي هذا الإطار، قامت الحكومة، وبتوجيهات ملكية سامية، بإطلاق مخطط طموح لتسريع التنمية الصناعية سيمكننا في أفق 2020 من رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام من 14% إلى 23% ومن إحداث أكثر من نصف مليون منصب شغل.

وقد تمكنا بفضل هذا المخطط الطموح، وتحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، حفظه الله، من استقطاب استثمارات كبرى، كمشروع peugeot Citroën، والذي سيكون بمثابة قاطرة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، في إطار شراكات مبنية على التكامل والاندماج وتطوير المناولة الصناعية، بحيث من المنتظر أن يرفع من نسبة الإدماج الصناعي للسيارات ببلادنا من 40 إلى 80% وأن يشغل 1500 مهندس وتقني من الدرجة العليا.

كما عملت الحكومة على تفعيل وتسريع باقي الاستراتيجيات القطاعية وعلى رأسها "مخطط المغرب الأخضر"، الذي أحدث تحولا نوعيا في تركيبة القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، ومكن من تحسين مسوى الأمن الغذائي للمغاربة، بتغطية 70% من حاجياتهم من الحبوب و100% من اللحوم والفواكه والخضر، بالإضافة إلى استقطاب ما مجموعه 42,3 مليار درهم من الاستثمارات الخاصة، والتي كان الفضل فيها لإعانات الدولة التي بلغت 15,4 مليار درهم في إطار صندوق التنمية الفلاحية. هذا موازاة مع اتخاذ مجموعة من التدابير لدعم الاستثمار والمقاولة، ومن أهمها:

  • أولا، تقليص سقف الاستثمار بالنسبة للاتفاقيات المبرمة مع الدولة، من 200 إلى 100 مليون درهم مع الإعفاء من الرسوم عند الاستيراد؛

  • ثانيا، تمديد مدة الإعفاء بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة المطبق على الاستثمارات من 24 شهر إلى 36 شهرا بالنسبة للمقاولات حديثة النشأة؛

  • ثالثا، معالجة تراكم الدين الضريبي؛

  • رابعا، تسريع الإرجاعات الضريبية على القيمة المضافة؛

  • خامسا، تسريع أداء المتأخرات على الإدارات العمومية؛

  • سادسا وأخيرا، تمكين المقولات الصغرى والمتوسطة من حصة 20% من الصفقات العمومية.

وحتى لا أطيل عليكم في سرد كل التدابير، لندع لغة النتائج والأرقام تتكلم مرة أخرى، فجل المؤشرات - والحمد لله- تؤكد أننا في الطريق الصحيح، وخاصة التطور الكبير لصادرات قطاع السيارات التي ارتفعت مساهمتها في مجموع الصادرات بعشر نقاط خلال السبع سنوات الأخيرة، مسجلة رقم معاملات عند التصدير يفوق 40 مليار درهم سنة 2014 وزيادة بأكثر من 13% حتى متم شهر غشت الماضي، موازاة مع ارتفاع واردات سلع التجهيز بأكثر من 8% لمواكبة تطور الاستثمارات وتحسن جاذبية بلادنا للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي ارتفعت بما يناهز 23%.

يضاف إلى هذه المؤشرات الإيجابية النتائج المحققة على المستوى الماكرو- اقتصادي، حيث من المنتظر أن يصل النمو الاقتصادي نهاية هذه السنة إلى 5%، مستفيدا بالأساس من موسم فلاحي متميز، بمحصول قياسي للحبوب، تجاوز 115 مليون قنطار. هذا موازاة مع تراجع أسعار النفط وبروز بوادر لتحسن الأنشطة غير الفلاحية، بفضل الانتعاش التدريجي لاقتصاديات منطقة الأورو، مما ساهم في تحسن توقعات الطلب الموجه إلى بلادنا من 3,3 % سنة 2014 إلى 4,4% هذه السنة.

وكانت لهذه النتائج بالغ الأثر في انخفاض معدل البطالة من 9,3% إلى 8,7%، وهو أدنى مستوى يتم تسجيله منذ سنة 2012، فضلا عن تقليص العجز التجاري ب 20%، وارتفاع صافي احتياطات الصرف إلى مستوى قياسي يناهز 214 مليار درهم، أي ما يناهز 6 أشهر و13 يوما من الواردات بعد أن كانت لا تتعدى أربعة أشهر في متم سنة 2013.

وعلى المستوى الاجتماعي، عملت الحكومة على تخصيص نصف الميزانية العامة للقطاعات الاجتماعية، وتم توفير إمكانيات مالية هامة في إطار صندوق التماسك الاجتماعي، فاقت 4 ملايير درهم نهاية سنة 2014، مكنت من تمويل برنامج "RAMED" لتعميم التغطية الصحية للمعوزين، الذي بلغ عدد المستفيدين منه حوالي 8,78 مليون معوز، واستفاد من مخصصات مالية فاقت 3 ملايير درهم بين سنتي 2014 و2015، لشراء الأدوية وتأهيل المستشفيات، موازاة مع تخصيص 500 مليون درهم لبرنامج "تيسير" الذي بلغ عدد المستفيدين منه ما يفوق 493 ألف أسرة و 800 ألف تلميذة وتلميذ، هذا فضلا عن تخصيص 300مليون درهم للمبادرة الملكية "مليون محفظة"، والتي بلغ عدد المستفيدين منها ما يزيد عن 3,9 مليون تلميذة وتلميذا. كما تم تفعيل صندوق التعويض عن فقدان الشغل وتخصيص الموارد المالية اللازمة له.

يضاف إلى كل هذه الإنجازات، دعم برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي فاقت استثماراتها 29 مليار درهم خلال الفترة2005 - 2014، وبلغ عدد المستفيدين منها 9,75 مليون شخص، 50% منهم ينحدرون من العالم القروي.

كما تم، في إطار نفس المبادرة، إنجاز برنامج التأهيل الترابي الموجه بالأساس للنهوض بالتجهيزات الأساسية بالعالم القروي، فاقت استثماراته 4,3 مليار درهم. تضاف إلى ذلك الاستثمارات المرصدة لبرامج الكهربة القروية والتزويد بالماء الصالح للشرب والطرق القروية، التي بلغت نسبة الربط بها على التوالي 99% و 94,5%و78%، فضلا عن رفع الاستثمارات المخصصة لصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية من 500 مليون درهم إلى 1,3 مليار درهم.

وفي إطار تنزيل المقتضيات الدستورية، فقد تم إخراج القوانين التنظيمية للجهات وباقي الجماعات الترابية والقانون التنظيمي لقانون المالية. كما حرصت الحكومة على الدفع قدما بالإصلاحات، في إطار التشاور والحوار مع كافة الفاعلين، خاصة إصلاح المقاصة والإصلاح الجبائي وإصلاح التقاعد الذي أصبح أمرا مستعجلا وضرورة ملحة.

تلكم كانت المؤشرات الدالة على صواب اختياراتنا وعلى نجاحنا في المرور من مرحلة كنا فيها على وشك فقدان قرارنا السيادي المالي والاقتصادي إلى مرحلة أعدنا فيها التوازنات الماكرو- اقتصادية وأطلقنا دينامية جديدة، عززت ثقة شركائنا الوطنيين والأجانب في مؤهلاتنا، الشيء الذي ترجم حصول بلادنا على درجة الاستثمار من لدن وكالات التنقيط الدولية ومكنها من ولوج الأسواق المالية بشروط ميسرة وتفضيلية وتجديد خط الوقاية والسيولة، فضلا عن إشادة المؤسسات المالية الدولية، وخاصة صندوق النقد الدولي، بنجاعة استراتيجتنا التنموية واستقرارنا المالي.

السيدان رئيسا المجلسين المحترمين،

السيد رئيس الحكومة،

زملائي،

السيدات والسادة البرلمانيون المحترمون،

بقدر حرص الحكومة على تقديم ما أنجزته حتى الآن، فإنها حريصة على تثبيت اختياراتها وتوطيدها لتحقيق ما نصبو إليه من أهداف، وعلى رأسها تحقيق ظروف العيش الكريم للمواطن المغربي. وقد حرصت الحكومة على أن يستجيب مشروع قانون المالية لسنة 2016 من خلال بلورة تصوره وصياغة مضامينه لأولويات حددناها فيما يلي:

  • أولا، تحقيق التحول على مستوى نموذجنا التنموي، بما يضمن التأهيل التدريجي لبلادنا لدخول نادي الدول الصاعدة؛

  • ثانيا، تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتسخير كل الوسائل حتى يستفيد كل المغاربة بمختلف فئاتهم وفي كل المناطق من خيرات وطنهم؛

  • ثالثا، تفعيل الإصلاحات الهيكلية؛

هذه هي العناوين الكبرى الأساسية لهذا المشروع.

وهكذا، فإن تحقيق ما نأمله جميعا من تحول على مستوى النموذج التنموي لبلادنا يضعنا في نفس الوقت أمام رهان التنمية المتوازنة والمتضامنة وضرورة البحث عن أفضل السبل، حتى يستفيد كل المغاربة بمختلف فئاتهم وفي كل المناطق من خيرات وطنهم.

فقد أكد جلالة الملك في خطاب العرش بأن: "كل ما تم إنجازه، على أهميته، يبقى غير كاف لبلادنا، ما دامت هناك فئة تعاني من ظروف الحياة القاسية، وتشعر بأنها مهمشة، رغم كل الجهود المبذولة. "

ومن هذ المنطلق، فبقدر حرص الحكومة على تثبيت التحول النوعي والتدريجي لنموذجنا التنموي، فهي عازمة على وضع أسس تنمية اقتصادية مندمجة ومدمجة تقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتجعل من صيانة كرامة المواطن المغربي هدفا أساسيا.

ويأتي في مقدمة أولويات الحكومة تفعيل التوجيهات الملكية السامية، بتحسين أوضاع سكان المناطق البعيدة والمعزولة والتخفيف من معاناتهم. وقد صيغت، وفق هذا المنظور، توجهات مشروع قانون المالية لسنة2016، بالاستناد إلى المرتكزات الأربع الأساسية التالية:

  • المرتكز الأول، توطيد أسس نمو اقتصادي متوازن، يواصل دعم الطلب ويشجع العرض عبر تحفيز التصنيع وإنعاش الاستثمار الخاص ودعم المقاولة؛

  • المرتكز الثاني، توطيد أسس نمو اقتصادي مدمج، يقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية ويوفر فرص الشغل الكريم؛

  • المرتكز الثالث، تفعيل الجهوية وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى؛

  • المرتكز الرابع، تفعيل إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية ومواصلة مجهود الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرو- اقتصادية.

وانسجاما مع هذه التوجهات، يقترح مشروع قانون المالية لسنة 2016 مجموعة من التدابير، توازن بين مواصلة دعم الاستثمار العمومي والخاص والمقاولة وتوجيه اهتمام خاص للقطاعات الاجتماعية، موازاة مع تفعيل الجهوية وتنزيل مقتضيات القانون التنظيمي للمالية.

أيها السيدات والسادة المحترمون،

إذا كان تنويع النسيج الإنتاجي الوطني ودعم الصادرات يشكلان أحد الركائز الأساسية للتوجه الجديد نحو دعم العرض، فإن الحكومة حريصة على مواصلة دعم الطلب، من خلال تخصيص 189 مليار درهم للاستثمار العمومي، منها حوالي 61 مليار درهم كاستثمارات للميزانية العامة بارتفاع يناهز 15.5% مقارنة مع سنة 2015، ومواصلة دعم القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال3رصد 15,5 مليار درهم لدعم غاز البوتان والمواد الغذائية الأساسية، موازاة مع التحكم في التضخم في مستوى 1,7%، وستعطي الحكومة الأولوية لدعم العرض الإنتاجي للقطاعات ذات القيمة المضافة العالية، الموجهة للتصدير والمنتجة للثروة ولفرص الشغل.

ويأتي في مقدمة الأولويات، مواصلة تفعيل المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية ودعم تموقع بلادنا على خارطة سلاسل القيمة العالمية، بما يمكن من تحقيق تحول على مستوى الطاقة التصديرية لاقتصادنا وعلى مستوى تأهيل واستيعاب القوة العاملة.

ووفق هذا المنظور، ستتم مواصلة تطوير وتسريع باقي المخططات القطاعية، بهدف تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني وتقليص التبعية الغذائية والطاقية، وتكريس التحول البنيوي للنسيج الإنتاجي الوطني لمسايرة التحولات القطاعية العالمية. ويتعلق الأمر بالأساس بمخطط "المغرب الأخضر"، حيث ستخصص له اعتمادات تفوق 11 مليار درهم، أي بزيادة 1 مليار درهم مقارنة مع سنة 2015، ستوجه بالأساس لمواصلة إنجاز 497 مشروعا وإعطاء انطلاقة 85 مشروعا جديدا، في إطار مشاريع الفلاحة التضامنية، موازاة مع مواصلة تفعيل البرنامج الوطني لاقتصاد مياه السقي وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص في مجال الري.

كما سيتم العمل على مواصلة برنامج "الطاقات المتجددة"، عبر إعطاء انطلاقة أشغال تنفيذ الشطر الثاني للمركب الشمسي بورزازات بطاقة) 350 ميغاواط(، وتشغيل المحطة الريحية لتازة) 150 ميغاواط(، واختيار الشركات المكلفة بتنفيذ مشروع ريحي مندمج بقدرة كهربائية ديال ) 850 ميغاواط).14

وستتم مواصلة برامج المحافظة على البيئة، وخاصة البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة والبرنامج الوطني للنفايات المنزلية. كما سيتم العمل على تسخير كل الوسائل لضمان تنظيم جيد للمؤتمر العالمي حول تغيير المناخ (COP22) الذي تتشرف بلادنا باحتضانه أواخر سنة 2016.

 وقد كان لقاء جلالة الملك، حفظه الله، بفخامة رئيس الجمهورية الفرنسية، يوم 20 سبتمبر الماضي بمدينة طنجة، مناسبة لإطلاق مبادرة "نداء طنجة" من أجل عمل تضامني وقوي لفائدة المناخ والدعوة إلى اغتنام فرصة انعقاد مؤتمري (COP21) و (COP22) بباريس ومراكش لتسريع وتيرة التحول نحو اقتصاد عالمي أخضر، بشكل تنسجم معه التطلعات المشروعة للتنمية مع ضرورة استدامة الموارد والتقليص من المخاطر البيئية.

وفي إطار مواكبة هذه الاستراتيجيات، ستعطى الأولوية لتدعيم فرص وشروط الاستثمار، من خلال مواصلة دعم الاستثمار العمومي المنتج، في إطار الشراكة مع القطاع الخاص، وخاصة المشاريع الكبرى للبنية التحتية والمشاريع السياحية الكبرى، ومشاريع التنمية الحضرية المندمجة.

وفي هذا الإطار، سيتواصل برنامج الطرق السيارة عبر تعزيز الإنجازات التي بلغت 1588 كل، مفتوحة أمام حركة السير، وذلك بإنهاء الطريق السيار الرابط بين الجديدة وآسفي على مسافة 143 كلم، وكذالك المدار الخارجي لمدينة الرباط على مسافة 41 كلم. هذا، إضافة إلى إعطاء انطلاق أشغال بناء المجمع المينائي الجديد "القنيطرة الأطلسي" بغلاف مالي يقدر ب 8 ملايير درهم، وكذا المجمع المينائي "الناظور غرب المتوسط" باستثمار يناهز 10 مليار درهم.

يضاف إلى هذه المشاريع، مواصلة أشغال بناء سدود دار خروفة بالعرائش ومرتيل بتطوان ومدز بصفرو وولجة السلطان بالخميسات وخروب بطنجة5وقدوسة بالرشيدية وتركا أومادي بجرسيف وتيداس على وادي أبي رقراق. موازاة مع إعطاء الانطلاقة لسد اكدز بإقليم زاكورة،بتكلفة تبلغ حوالي 500مليون درهم، وسد تودغا بإقليم تنغير، بغلاف مالي يقدر ب 400 مليون درهم، إضافة إلى سد لغيس بإقليم الحسيمة، بتكلفة تبلغ حوالي 900 مليون درهم.

وتجدر الإشارة إلى المجهود الاستثنائي المبذول من طرف الحكومة لتسوية عمليات نزع الملكية وتنفيذ الأحكام القضائية، من خلال تخصيص ما يفوق 800 مليون درهم برسم السنة المالية المقبلة.

وموازاة مع تعزيز الاستثمار في البنيات التحتية، سيتم العمل على توطيد التدابير المتخذة لتحسين مناخ الأعمال، من خلال مراجعة ميثاق الاستثمار وتحسين منظومة لجان البث في النزاعات الضريبية، اللجان الإقليمية واللجنة الوطنية. هذا، فضلا عن مواصلة تحديث القطاع المالي عبر تفعيل القانون البنكي والأبناك التشاركية وتنويع الأدوات والأسواق المالية المتاحة للمستثمرين، موازاة مع مواصلة تحديث الإطار التشريعي لبورصة القيم وللقطب المالي للدار البيضاء.

وستتم، في نفس الإطار، مواصلة دعم المقاولات، ولاسيما المقاولات الصغيرة والمتوسطة، من خلال مجموعة من التدابير الرامية إلى دعم خزينتها وضمان ولوجها للتمويل وتعزيز تنافسيتها. هذا، فضلا عن مواصلة دعم برامج "امتياز" و"مساندة" الموجهة لدعم مشاريع تطوير وتحديث المقاولات المتوسطة والصغيرة، من خلال تقديم الدعم المالي لحوالي 600 مشروع تحديث و115 برنامج استثماري.

16وسيتم التركيز في نفس الإطار على تقوية آليات المواكبة المالية للمقاولات الصغيرة جدا، من خلال تطوير السلفات الصغرى وعروض الضمان. هذا، بالإضافة إلى الانطلاقة الفعلية للمقتضيات المتعلقة بالمقاولة الذاتية.

كما يقترح مشروع قانون المالية لسنة 2016 مجموعة من التدابير الجبائية التي تهدف بالأساس لدعم الاستثمار والمقاولة، ويتعلق الأمر أساسا بما يلي:

  • أولا، إرساء تعريفة للأسعار النسبية بالنسبة للضريبة على الشركات، تأخذ بعين الاعتبار مستوى أرباحها. وبذلك ستتم مراجعة تعريفة الضريبة على الشركات كما يلي:

  • 10% بالنسبة للشركات التي تحقق ربحا ضريبيا يساوي أو يقل عن 300.000 درهم وهذا ما هو جاري بـه العمل؛

    • 20% بالنسبة للشركات التي تحقق ربحا ضريبيا ما بين 300.000 درهم ومليون درهم ؛

    • 30% بالنسبة للشركات التي تحقق ربحا ضريبيا يفوق مليون درهم ويقل عن 5 ملايين درهم؛

  • 31% بالنسبة للشركات التي تحقق ربحا ضريبيا يفوق 5 ملايين درهم.

هذا، مع الإبقاء على التعريفة المتعلقة بالقطاع البنكي.

  • ثانيا، تعميم إرجاع الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للاستثمارات، بهدف حذف حالات الدين الضريبي غير القابل للإرجاع، علما أن الإعفاء لمدة 36 شهرا الممنوح للمنشآت الحديثة النشأة يبقى ساري المفعول؛

  • ثالثا، تقوية تنافسية قطاع الصناعة الغذائية، عبر تمكينه من استرداد الضريبة على القيمة المضافة على العناصر الداخلة في الإنتاج ذات الأصل الفلاحي.

ووفق نفس المنظور، ستعمل الحكومة على تنويع المنافذ والأسواق من خلال:

  • مواصلة دعم المقاولات المصدرة، موازاة مع تقوية الدبلوماسية الاقتصادية وتنويع وتقوية العلاقات مع الشركاء الاقتصاديين لبلادنا، ويأتي على رأسها الاستثمار الأمثل للسياسة الرشيدة والمثمرة لجلالة الملك، حفظه الله، بتعزيز التعاون المنتج جنوب جنوب-، خاصة مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، ودول مجلس التعاون الخليجي. هذا، فضلا عن إقامة شراكة متوازنة ومنصفة مع أوربا وتطوير الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية وتطوير آليات التعاون مع روسيا والصين والدول الآسيوية ودول امريكا اللاتينية.

أيتها السيدات المحترمات،

ايها السادة المحترمون،

ومن هذا المنطلق، ستُعطي الحكومة الأولوية لتفعيل التوجيهات الملكية السامية بتكثيف الجهود لمكافحة الفقر والهشاشة وسد الخصاص المسجل في المناطق البعيدة والمعزولة، ونحن الآن نتكلم عن المرتكز الثاني لهذا المشروع، والمتعلق بتوطيد أسس نمو اقتصادي مدمج، يقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية ويوفر فرص الشغل الكريم

في إطار هذا المرتكز ومن هذا المنطلق، ستعطى الأولوية لتفعيل التوجيهات الملكية السامية بتكثيف الجهود لمحاربة الفقر والهشاشة وسد الخصاص المسجل في المناطق البعيدة والمعزولة، وخاصة بقمم الأطلس والريف، والمناطق الصحراوية والجافة والواحات وببعض القرى في السهول والسواحل، إن مستوى البنيات التحتية أو الخدمات الاجتماعية الأساسية.

وسيشكل مشروع قانون المالية لسنة 2016 منطلقا لتفعيل المخطط المندمج من أجل تحسين أوضاع سكان هذه المناطق والتخفيف من معاناتهم، حيث سيتم تخصيص 50 مليار درهم خلال الفترة2016 - 2022، ستوجه لتمويل حوالي 20800 مشروع، تستهدف أزيد من 12 مليون مواطن يقطنون بأكثر من 24 ألف دوار.

وقد أعدت الحكومة، بكافة قطاعاتها الوزارية، وبتنسيق مع مختلف الشركاء والفاعلين على المستوى المحلي، استراتيجية متكاملة، ترتكز على التقائية البرامج الموجهة للعالم القروي والمناطق الجبلية والمناطق البعيدة والنائية، بالاستناد إلى التراكمات والإنجازات المحققة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وباقي البرامج والاستراتيجيات القطاعية.

ووفق نفس المنظور، ستواصل الحكومة استهداف الفئات المعوزة والمهمشة، من خلال العمل على ضمان استدامة موارد صندوق التماسك الاجتماعي، بهدف توفير التمويل الضروري لتمويل نظام المساعدة الطبية "RAMED" وبرنامج "تيسير" والمبادرة الملكية "مليون محفظة".

كما سيتم رفع عدد الطلبة المستفيدين من المنح الدراسية إلى 330.000طالبة وطالب، أي بزيادة حوالي 45 ألف مستفيد، بغلاف مالي يناهز 1,6 مليار درهم، وسيتم تفعيل التغطية الصحية بالنسبة لحوالي 250.000 طالبة وطالب بكلفة إجمالية تناهز 100 مليون درهم.

وإن كان تحسين أوضاع سكان العالم القروي والمناطق الصعبة والبعيدة،والأحياء الهامشية والعشوائية بضواحي المدن واستهداف الفئات الفقيرة والمهمشة يشكل أولوية قصوى بالنسبة للحكومة، فإن التشغيل، باعتباره من أهم مرتكزات النمو المدمج، يوجد كذلك على رأس الأولويات.

ومن هنا لابد من التأكيد على أهمية النمو الاقتصادي في توفير مناصب الشغل، إذ أن التوجه نحو تسريع المجهود التصنيعي وباقي الاستراتيجيات القطاعية، وتوفير الظروف لاستقطاب الاستثمارات الكبرى ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وإدماج القطاع غير المهيكل من شأنه تحسين نسبة النمو، وبالتالي فتح آفاق جديدة في مجال خلق فرص الشغل.

وتندرج هذه الخيارات كلها في صلب الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، التي ترتكز على مقاربة شمولية، تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والمؤسساتية للتشغيل وكذلك مختلف أنواع الخصاص في مجال الشغل والفئات المستهدفة، وخاصة المرأة والشباب.

ووفق نفس المنظور، ستتم مواصلة تفعيل الاستراتيجية الوطنية لتنمية الاقتصاد التضامني، باعتباره أحد الآليات المهمة للإدماج الاجتماعي وخلق فرص الشغل، خاصة من خلال دعم التعاونيات والأنشطة المدرة للدخل.

وفي نفس الإطار، يقترح مشروع قانون المالية لسنة 2016 إحداث 26.000منصب شغل بالوظيفة العمومية، منصب مالي بالوظيفة العمومية، أي بزيادة تقدر ب 15,5% مقارنة مع سنة 2015.

كما ستعمل الحكومة على الانخراط الجاد، بالتعاون مع كافة المتدخلين، في تفعيل الإصلاح الجوهري والمصيري للتعليم، بما يعيد الاعتبار للمدرسة المغربية، ويجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب، وستخصص لهذا القطاع اعتمادات تقدر ب 45,7 مليار درهم.

وستتم مواصلة جهود تعزيز وتحسين الخدمات الصحية، حيث سجلت الاعتمادات المخصصة لهذا القطاع (أي قطاع الصحة) ارتفاعا هاما، إذ انتقلت ميزانية هذا القطاع من 8 ملايير درهم سنة 2008 إلى ما يزيد عن 14 مليار درهم سنة 2016، وسيتركز الاهتمام على مواصلة تأهيل البنيات التحتية والتجهيزات الصحية، وخاصة بناء المراكز الاستشفائية الجامعية لطنجة وأكادير والمركز الاستشفائي الجديد للرباط، وكذا مواصلة

تجهيز المراكز الاستشفائية الجامعية لمراكش ووجدة.

هذا، مع إيلاء أهمية خاصة لتكثيف وتنويع العرض السكني الموجه للفئات الاجتماعية ذات الدخل المتوسط والمحدود، وتسريع تنفيذ برامج القضاء على مدن الصفيح ومعالجة السكن المهدد بالانهيار. وستخصص لهذا القطاع اعتمادات مالية تقدر ب 2,8 مليار درهم باحتساب موارد صندوق التضامن للسكنى.

ووفق نفس المنظور، سيتم العمل على مواصلة وتكثيف البرامج والمشاريع الهادفة للنهوض بأوضاع المرأة والشباب والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم في المسيرة التنموية لبلادنا، فضلا عن مواصلة العمل لتثمين التراث الثقافي ودعم الأنشطة الثقافية، والفنية والإبداعية بكل أصنافها.

كما ستعطى الأولوية لتفعيل التوجيهات الملكية السامية، بتحديث وتحسين وتيسير الخدمات الإدارية الموجهة لمغاربة العالم في بلدان الإقامة وداخل أرض الوطن وتحسين التواصل والتعامل معهم واحترام كرامتهم وصيانة حقوقهم.

أيها السيدات والسادة،

ما من شك أن تفعيل الجهوية يشكل مرتكزا أساسيا لتحقيق التوازن المأمول بين دينامية النمو، ودينامية الإدماج الاجتماعي والحد من الفوارق المجالية. ومن هذا المنطلق، ستعطي الحكومة الأولوية لتفعيل القوانين التنظيمية للجهات وباقي الجماعات الترابية، ومن أهم التدابير المقترحة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2016، إحداث صندوقي التأهيل الاجتماعي والتضامن بين الجهات، والذي حدده الدستور، بالموزاة مع رصد الموارد الجبائية المنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، أي % 2من حصيلة الضريبة على الشركات و% 2من حصيلة الضريبة على الدخل و% 20 من حصيلة الرسم على عقود التأمين، تضاف إلى كل هذه الموارد مخصصات مالية من الميزانية العامة، تقدر ب 2 ملايير درهم، ما يعني رصد ما يفوق 4 ملايير درهم للجهات، لضمان انطلاقها وممارستها لاختصاصاتها على الوجه المطلوب. كما ستركز الحكومة جهودها على التفعيل السريع للاتمركز الإداري وتقوية آليات التعاقد مع الجهة وباقي الجماعات الترابية، بما يضمن تعزيز المقاربة المجالية والجهوية في تنزيل السياسات العمومية.

وبالموازاة مع تفعيل هذا الورش التنموي الاستراتيجي والهام، ستتم مواصلة تنزيل الدستور، والإسراع بوضع واعتماد القوانين التنظيمية والمؤسسات الدستورية، والدفع قدما بالإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية، ويتعلق الأمر بإصلاح القضاء وصندوق المقاصة والنظام الجبائي.

أيها السيدات والسادة،

تشكل سنة 2016 منطلقا للشروع في تفعيل القانون التنظيمي لقانون المالية.، وهذا هو المرتكز الرابع بالنسبة لأولويات مشروع قانون المالية لسنة هذا المشروع الذي يعد ثمرة لتضافر جهود كل من المؤسستين التشريعية والتنفيذية، هذا المشروع الذي يعد ثمرة لتضافر جهود كل من المؤسستين التشريعية والتنفيذية لوضع الإطار التشريعي المالي القادر على مواكبة مسلسل البناء الديمقراطي والدينامية التنموية التي انخرطت فيها بلادنا تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، حفظه الله.

وما من شك أن تفعيل هذا الإصلاح الهام (إصلاح القانون التنظيمي للمالية) سيؤسس لمرحلة جديدة في برمجة وتدبير السياسات العمومية وإعداد وتنفيذ ومراقبة قوانين المالية، من خلال تحسين مقروئية الميزانية وترسيخ مبادئ النجاعة وحسن الأداء والتقييم والمحاسبة. كما سيمكن من اعتماد آليات حديثة في تدبير الميزانية ترقى لأحدث المعايير المعتمدة عالميا، وخاصة البرمجة المتعددة السنوات وتقارير حسن الأداء وإحداث نظامي المحاسبة على أساس الاستحقاق والمحاسبة التحليلية واعتماد آليات التعاقد.

من هذا المنطلق،حرصت الحكومة على إعداد هذا المشروع وفقا لمقتضيات القانون التنظيمي الجديد لقانون المالية (مشروع قانون المالية ل 2016) وفقا لمقتضيات القانون التنظيمي الجديد لقانون المالية،  وخاصة ما تعلق منها بإحداث فصل جديد، يسمى" النفقات المتعلقة بالتسديدات والتخفيضات والإرجاعات الضريبية" ومراجعة هيكلة جدول توازن موارد وتكاليف الدولة، بالإضافة إلى إغناء هذا المشروع بكل التقارير المقدمة لمجلسيكم الموقرين.

وموازاة مع الشروع في تنزيل مقتضيات هذا القانون، ستعمل الحكومة، على تثبيت المجهودات والتدابير التي تم اتخاذها خلال السنوات الماضية، في إطار الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرو - اقتصادية.

السيدان رئيسا المجلسين،

السيد رئيس الحكومة،

السيدات والسادة الوزراء،

السيدات والسادة البرلمانيون المحترمون،

تلكم هي المرتكزات التي انبنى على أساسها مشروع قانون المالية لسنة 2016، والتي من خلال تقديمها لكم، تتوقع الحكومة تحقيق نمو اقتصادي في حدود 3%وتقليص عجز الميزانية إلى 3,5% من الناتج الداخلي الخام، وذلك وفق توقعات تحدد 61 دولارا كمتوسط لسعر برميل البترول و 9,5دراهم كمتوسط لسعر صرف الدولار مقابل الدرهم.

والحكومة عازمة على تحقيق ما حددته من أهداف في إطار المشروع المعروض على أنظاركم، من خلال تسخير كل الوسائل والإمكانيات، وفي إطار التعاون والتفاعل مع كل الفاعلين، برلمانا ونقابات ومقاولات ومجالس جهوية ومحلية ومجتمع مدني.

وفي هذا الإطار، نعبر لكم عن استعدادنا للتفاعل والتجاوب مع مقترحاتكم وتساؤلاتكم وتعديلاتكم، في إطار ما أسسنا له خلال دراسة ومناقشة قوانين المالية السابقة من علاقة مبنية على التعاون والحوار والتوافق الإيجابي.

فهدفنا جميعا هو تمكين المغرب من نموذج كفيل، ليس فقط بتحقيق طموحات المغاربة في التقدم والعيش الكريم، ولكن كذلك بتحقيق الإشعاع على المستوى الإقليمي، في وضع أصبح فيه الاستقرار أمرا غير متيسر للجميع، بفعل التحولات الجيو - استراتيجية الكبرى التي يعيشها عالمنا، وتعيشها منطقتنا على وجه التحديد، وشكلت بلادنا استثناء ونموذجا فريدين بفضل السياسة الرشيدة لجلالة الملك، حفظه الله، التي زاوجت بين تعزيز الأمن الروحي للمغاربة وتوطيد النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني القائم على الوسطية والاعتدال والنهوض بالتنمية البشرية والتدخلات الاستباقية ويقظة القوى الأمنية في التصدي لكل مظاهر التطرف والإرهاب وتوفير الوسائل المادية والبشرية اللازمة لها للقيام بعملها على أحسن وجه. ولن يتأتى ذلك إلا بالانخراط الجدي في العمل الجماعي، من أجل مغرب الوحدة والتنمية، مغرب المساواة في الحقوق والواجبات وفي الاستفادة من خيرات الوطن.

شكرا لكم جميعا على حسن إصغائكم، وسأبقى مع زميلي الوزير المنتدب رهن إشارتكم طوال مسار مناقشات ومداولات هذا المشروع.

والله الموفق، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.