تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة رئيس مجلس المستشارين بمناسبة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2022-2023

2023-02-08
بسم الله الرحمان الرحيم
 
السيدات والسادة أعضاء الحكومة المحترمون؛
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
أيها الحضور الكريم؛
 
طبقا لأحكام الفصل 65 من الدستور ومقتضيات المادة 21 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، نلتقي اليوم في هذه الجلسة الخاصة لاختتام أشغال دورة أكتوبر من السنة التشريعية 2022-2023، وقبل استعراض المعالم البارزة لحصيلتها على مستوى مختلف واجهات العمل البرلماني من تشريع ومراقبة وتقييم للسياسات العمومية والديبلوماسية البرلمانية، لا بد في البداية من استحضار السياقات والظروف العامة التي ميزت سريان هذه الدورة الناجحة.
لقد تزامنت أشغال الدورة التشريعية الحالية مع تصاعد المخاطر المحدقة بالعالم، سواء من ناحية المساس بالأمن والاستقرار الدوليين نتيجة تواصل الأزمة الأوكرانية الروسية وما تنطوي عليه من أضرار متنوعة، أو من جهة تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، جراء العواقب الممتدة لتفشي جائحة كورونا وارتفاع أسعار الطاقة وكلفة المواد الخام وعودة التضخم وضعف الاستجابة الدولية لظاهرة التغيرات المناخية وما ترتب عنها من تفاقم مشكلة الجفاف وندرة الموارد المائية على الصعيد العالمي.
وفي غضون ذلك، تنامى شعور دولي بالقلق والانشغال حيال هذه التطورات العميقة، واستتبت حالة من عدم اليقين إزاء منظومة العلاقات بين أعضاء المجتمع الدولي، بل إنها أفضت إلى خلخلة العديد من التصورات والمفاهيم والقواعد الكلاسيكية الناظمة للعلاقات الدولية، والسعي إلى إعادة تعريفها وتكييفها بما يحافظ لكل دولة على مصالحها الحيوية وفق رؤيتها الخاصة.
وما فتئ هذا الواقع يأخذ أبعادا خطيرة في ظل تزايد نزوعات الأنانية والغلبة التي تجسدت بشكل واضح في عودة السياسات الحمائية في التجارة الدولية، وخفوت الإيمان بأهمية وجدوى العمل الدولي المشترك وآلياته المؤسساتية، بل وبروز تصرفات ومواقف غير مقبولة لدى بعض الأطراف التي ربما لم تستوعب بعد حجم الديناميات الجديدة والتغيرات الاستراتيجية الكبرى التي غيرت العالم خلال السنوات الماضية وأصبحت تفرض مزيدا من صيغ المشاركة بدل منطق الهيمنة.
ولئن كان مُحتما على بلدنا، كغيره من الدول، بحكم موقعه الجيواستراتيجي الحساس، مواجهة هذه المخاطر والضغوطات، فإن مكامن قوته في هذه المواجهة تكمن أساسا في مقوماته وتجربته التاريخية وثقله الحضاري ومؤهلاته الاقتصادية والطبيعية وتماسكه الاجتماعي والسياسي.
كل ذلك يشكل صمام الأمان في رفع التحديات والاكراهات بكل ما تستدعيه من يقظة وتعبئة شاملة، وهو ما يعزز قدرة بلدنا على الصمود والتكيف، بل وتحويل الأزمات إلى فرص للمضي قدما في تنفيذ برامجه وخططه التنموية وإنجاز مشاريعه المهيكلة، بوصفه نموذجا إقليميا رائدا يحظى بالتقدير المعتبر والاحترام المستحق في الساحة الدولية.
وفي هذا الإطار، وبعلاقة مع التطورات الأخيرة في علاقتنا مع الجار الأوروبي، نريد أن نتوجه برسالة مباشرة إلى تلك الأطراف والتيــارات السياسية التي ورطت البرلمــان الاوروبي في تصرف عدائي ومجــاني تجاه "شريكها الاستراتيجي الموثوق" المملكة المغربية.
إننا ندرك جيدا الخلفيات الحقيقية لهذا الانزلاق غير المقبول، ونجدد استنكارنا الشديد لهذا الموقف النشاز غير المبرر، فهو قطعا يجافي التطورات السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والتنمية المستدامة التي تشهدها بلادنا تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، كما يتناقض جملة وتفصيلا مع روح الشراكة والتعاون.
إن مثل هذه المواقف، التي تخفي في الواقع ارتهانا بينا للمنطق الاستعماري البائد وعجزا جليا في صياغة مواقف عقلانية تجاه الشركاء، لا تزيد المغرب إلا إيمانا عميقا بصواب اختياراته الاستراتيجية، وتشبثا بقيمه وهويته الوطنية، وتمسكا بقناعته والتزامه الراسخ بالنهج الذي ارتضاه لنفسه بقرارات سيادية، نهجُ تعزيز المسار الديموقراطي والتنموي في إطار نموذج مغربي- مغربي منفتح على تعميق التعاون مع محيطه الإقليمي والجهوي ومتطلع إلى تنويع شركائه عبر العالم خدمة لمصالحه العليا.
 
حضرات السيدات والسادة؛
لقد شكل الخطاب الملكي السامي، الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية، خير موجه لعملنا وأعظم سند ومعين لنا في النهوض بواجباتنا الدستورية، لما تضمنه من توجيهات سامية عملية بخصوص الإشكاليتين اللتين ركز عليهما الخطاب الملكي المرتبطتين بإشكالية الماء، وما تفرضه من تحديات ملحة، وأخرى مستقبلية، ثم تحقيق نقلة نوعية، في مجال النهوض بالاستثمار الذي يحظى ببالغ الاهتمام المولوي باعتباره رافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة.
إنها خارطة طريق أخرى تنضاف لتدعم المرحلة الجديدة التي دشنتها بلادنا في التنمية، من خلال مواصلة إرساء بنيان مشروع الدولة الاجتماعية، سيما في الجوانب المتعلقة بتعميم الحماية الاجتماعية وتعزيز المنظومة الصحية الوطنية، في ظل مناخ عام مطبوع بحوار اجتماعي مسؤول ومنتظم ومستدام بين الفاعلين المعنيين، من حكومة ومركزيات نقابية وممثلي القطاع الخاص، على قاعدة التفاهم والثقة المتبادلة وتغليب المصلحة العليا للوطن والمواطنين.
إن هذه التوجيهات الملكية، التي نستحضر جسامة مسؤوليتنا تجاهها، هي التي تبث في نفوسنا العزيمة والاصرار، واسترشادا بها، توفقنا، ولله الحمد، في إنجاز حصيلة تشريعية ورقابية وتقييمية وديبلوماسية مهمة، معززة برصيد مهم من الانفتاح على المؤسسات الدستورية والمجتمع المدني، وتعميق الحضور الإشعاعي للمجلس، وترسيخ هويته الدستورية كواجهة برلمانية وامتداد تمثيلي للجهات والمجالات الترابية، وكفضاء للنقاش العمومي والحوار المجتمعي التعددي بشأن القضايا الكبرى التي تستأثر بانشغالات الدولة والمجتمع. 
وقبل الانتقال إلى بسط بعض المعطيات التفصيلية والأرقام الدالة لحصيلتنا برسم هذه الدورة، لا أريد أن تفوتني الفرصة، في هذا المقام، دون التعبير عما يخالجنا جميعا من مشاعر الغبطة والافتخار بالنتائج التاريخية التي حققها المنتخب المغربي في منافسات كأس العالم لكرة القدم المقامة بدولة قطر الشقيقية.
إن هذا الإنجاز الكروي الهائل يتجاوز، بالتأكيد، مجال الرياضة ليشكل دليلا قاطعا على شمولية النهضة ببلادنا، وعربونا ناصعا على أن عهد لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله هو عهد الفعل والإنجاز الملموس سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا.
وما كان لهذا السبق الإفريقي والعربي أن يتحقق لولا ما ميز المنتخب الوطني من روح جماعية وأداء قتالي وانضباط تكتيتكي وإصرار على الفوز، ومن تعلق متين بالقيم الوطنية والأسرية الأصيلة، مما ساهم في رسم تلكم الصورة المُمَيزة عن المغرب كبلد متشبع بهويته العريقة ومعتز بتقاليده وعاداته الأصيلة.
وإن هذه الروح الوثابة هي نفسها التي تسعى بلادنا، تحت القيادة الملكية الرشيدة، لتكريسها في تدبير الشأن العام كله، وهي أيضا ذلكم الوازع الذي نعمل في مجلس المستشارين على تجسيده في أدائنا العام نهوضا بمهامنا الدستورية الجسيمة عل النحو الذي يجعلنا في مستوى الثقة المولوية السامية وعند التطلعات المشروعة للشعب المغربي الأبي.
 
حضرات السيدات والسادة؛
وهكذا، وفيما يخص الحصيلة التشريعية لهذه الدورة، فقد عكفت اللجان الدائمة بالمجلس على دراسة النصوص المحالة عليها، في أجواء من التعاون والنقاش البناء مع الحكومة، تجلت بالأساس في الموافقة بالإجماع على الأغلبية الكبرى من النصوص المصادق عليها خلال هذه الدورة، التي تناولت مواضيع هامة، تسعى إلى تنظيم مجالات حيوية.
فقد صادق مجلس المستشارين خلال هذه الدورة على (42) نصا تشريعيا، تضمنت أربعة (04) مشاريع قوانين تنظيمية، ومشروعي قانوني إطار (02)، و19 مشروع قانون عادي، ومشروع قانون يتعلق بالمصادقة على مرسوم بقانون، وأربعة عشر (14) مشروع قانون يتعلق بالمصادقة على اتفاقيات دولية، ثنائية ومتعددة الأطراف، ومقترحي قانونين (02). 
وبلغت نسبة النصوص التي وافق عليها المجلس بالإجماع ما يفوق 88 بالمائة، تسعة (09) منها تم تعديلها قبل المصادقة عليها وذلك بعد تقديم مكونات مجلسنا ل 930 تعديلا (الثلثين منها قدمت حول مشروع قانون المالية ومشاريع القوانين المتعلقة بالمنظومة الصحية)، تم قبول ما يقارب 20 في المائة منها أخذا بعين الاعتبار التعديلات المسحوبة بعد النقاش الرصين لمكونات المجلس مع أعضاء الحكومة، علما بأن 14 مشروع قانون يتعلق بالمصادقة على اتفاقيات دولية، والتي لا تقبل التعديل.
ومما يبرز المساهمة الإيجابية للمجلس في بناء صرح الدولة الاجتماعية، واستكمال الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، أن ثلاثة من مشاريع القوانين الاجتماعية المحالة بالأولوية على المجلس، عرفت تعديلات هامة على مستوى مجلس المستشارين، قبل المصادقة عليها.
وفي الإجمال، عقدت اللجان الدائمة خلال هذه الدورة 70 اجتماعا بمجموع 236 ساعة عمل، منها 39 اجتماعا خصص للدراسة والتصويت على مشروع قانون المالية، بمدة زمنية استغرقت 145 ساعة.
وإن الحصيلة المهمة للمجلس كما ونوعا، لم تثن أجهزته المسيرة، سواء في إطار المكتب أو ندوة الرؤساء، عن المدارسة المستمرة للآليات التي من شأنها تثمين المبادرة التشريعية لمكونات المجلس، وإعطائها مكانة متميزة في حصيلته التشريعية.
 
حضرات السيدات والسادة؛
على مستوى الموضوع، فالنصوص المصادق عليها خلال هذه الدورة تميزت جميعها بأهميتها النوعية، لارتباط أهمها إما بورش تعميم الحماية الاجتماعية، وبالاستثمار والمنافسة، وبقطاع الطاقة، خاصة إنتاج الكهرباء وضبط قطاع الطاقة الكهربائية، أو بتكريس ضمانات استقلال السلطة القضائية وتعزيز الإطار القانوني المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالنظام الأساسي للقضاة، أو بالعلاقات المغربية الإفريقية، وبعلاقات المغرب مع عدد من الدول والمنظمات الدولية.
فكسب رهان الدولة الاجتماعية، وإنجاح تعميم الحماية الاجتماعية على المواطنات والمواطنين المغاربة، تطلب من الحكومة، والبرلمان بمجلسيه، الاستمرار في بذل الجهود وتعزيز التعاون البناء لأجل استكمال الصرح القانوني الضروري لتنزيل التوجيهات الملكية السامية على هذا المستوى، وفي هذا الشأن، وانطلاقا من المقاربة البناءة لمجلسنا في معالجة القضايا الاجتماعية على وجه الخصوص، أسهم مجلس المستشارين، بجميع مكوناته، في مناقشة وتطوير، ثم المصادقة على مشروع القانون-الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، والذي يعتبر قانونا أساسيا للنهوض بالقطاع الصحي في المغرب، وتطويره، والرفع من أدائه، ويمهد لإصلاح عميق للمنظومة الصحية الوطنية، باعتبارها ضرورة ملحة وأولوية مجمعا عليها، ضمن أولويات السياسة العامة للدولة، الرامية إلى تثمين الرأسمال البشري في مجال الصحة، والاعتناء بصحة المواطنات والمواطنين كشرط أساسي وجوهري لنجاح النموذج التنموي الجديد للمملكة.
ففي هذا الإطار، أعطى جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في الخطاب السامي الذي وجهه جلالته إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من هذه الولاية، توجيهاته السامية إلى الحكومة لاستكمال المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية التي تحظى برعاية جلالته، معتبرا أن التحدي الرئيس يبقى هو "القيام بتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية، طبقا لأفضل المعايير وفي تكامل بين القطاعين العام والخاص".
وفي نفس هذا السياق، صادق مجلس المستشارين أيضا، على القانون رقم 27.22 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، وعلى القانون رقم 60.22 يتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك الذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور، وعلى مشروع القانون رقم 08.22 يتعلق بإحداث المجموعات الصحية الترابية، ثم مشروع القانون رقم 09.22 يتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية؛
وفي إطار تعزيز الدينامية الاقتصادية التي تعرفها بلادنا، وفي سياق المسعى الوطني للرفع من تنافسية بلادنا على مستوى جلب الاستثمارات، وتطوير الاستثمار الخاص الوطني، وتنزيلا للتوجيهات الملكية السامية، التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في خطاب افتتاح هذه الدورة، كما في خطاب في افتتاح دورة أكتوبر من السنة التشريعية 2021-2022، والتي دعا فيها إلى وضع "ميثاق جديد ومحفز للاستثمار" فإن مجلس المستشارين، أولى أهمية كبرى لدراسة القانون-الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار، والذي يُرَاهن عليه لأجل توطيد أسس استثمار وطني ناجع وأكثر دينامية وكفاءة، وفتح آفاق جديدة لبلادنا في عالم ما بعد كوفيد-19، الذي يعرف توجها عالميا للدول والحكومات نحو تكييف خياراتها الاستثمارية مع طبيعة التحديات الجديدة.
هذا إلى جانب مصادقة المجلس على نصوص أساسية أخرى تصب في نفس الاتجاه، كمشروع القانون المتعلق بالمناطق الصناعية، ومشروع القانون المتعلق بمجلس المنافسة ومشروع القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، اللذان جاءا في إطار تصور ملكي سامي لتطوير الشفافية في مجال الأعمال، وتثبيت أسس المنافسة المشروعة في بلادنا.
ومن النصوص الأساسية الأخرى، ذات الأهمية الكبرى التي صادق عليها مجلسنا الموقر، نشير على وجه خاص إلى قانون المالية للسنة المالية 2023، والذي حمل مقتضيات إصلاحية هامة، يتعلق جانب هام منها بالانخراط الجاد للمملكة، تحت التوجيهات الملكية السامية، حكومةً وبرلمانًا، وجميع مكوناتها السياسية والاقتصادية، في تحقيق العدالة الجبائية ببلادنا، من خلال سن مقتضيات تتعلق بإصلاح نظام الضريبة على الدخل، والضريبة على الشركات، والتي تعامل مجلس المستشارين، مع القضايا التي تطرحها بجدية كبيرة، خاصة في ظل الوضعية الاقتصادية التي تشهد ارتفاعا كبيرا في معدلات التضخم على نحو أثر فعليا على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين المغاربة.
إلى جانب ذلك، تضمن قانون المالية لهذه السنة مقتضيات اجتماعية هامة، أبرزها إصلاح نظام الدعم الموجه للأسر المغربية لاقتناء السكن الكريم، وهو إصلاح هام، يروم إلى ترشيد الدعم الموجه للمغاربة من أجل اقتناء سكن يليق بهم.
هذا إضافة إلى مصادقة المجلس على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية ذات أهمية كبرى، تتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، وكذا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة.
وفي إطار توطيد علاقات التعاون والشراكة التي تجمع المغرب بعدد من الدول الشقيقة والصديقة، وتعزيز مكانته على الصعيدين القاري والدولي، صادق المجلس على أربعة عشر (14) مشروع قانون تتعلق باتفاقيات دولية متعددة الأطراف، واتفاقيات ثنائية مع دول تجمعها علاقة شراكة هامة ومتعددة الأبعاد مع المملكة المغربية، خاصة منها الدول الإفريقية، إلى جانب اتفاقيات تهم قضايا إقليمية، إفريقية على وجه خاص، وتترجم انخراط المملكة المغربية الجاد في القضايا الأساسية للقارة الإفريقية، لاسيما قضايا الشباب، والتعليم، وتبادل الخبرات.
إلى جانب ذلك، وفي إطار وفاء المملكة المغربية بالتزاماتها الدولية المتعلقة بمكافحة الأسلحة غير المشروعة دوليا، ولاسيما الأسلحة الكيميائية، فقد صادق المجلس بالإجماع على القانون المتعلق بحظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية وتدميرها.
 
حضرات السيدات والسادة؛
أما على صعيد مراقبة عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية، فقد سعى المجلس إلى المحافظة على نسق العمل المتميز الذي طبع السنة التشريعية الأولى من ولاية هذا المجلس، الذي اتسم بتكامل أدواته الرقابية والتقييمية.
فعلى مستوى المراقبة، عقد المجلس خلال هذه الدورة، خمسة عشر (15) جلسة للأسئلة الشفهية من أصل 35 جلسة عامة عقدها المجلس خلال الدورة أخذت حوالي 60 ساعة عمل، وقد بلغ عدد الأسئلة الشفهية المتوصل بها 1060 سؤالا، برمج منها في الجلسات الأسبوعية 321 سؤالا، تضمنت 107 سؤالا آنيا، و214 سؤالا عاديا، متعلقة بقضايا آنية وطارئة تهم الرأي العام الوطني.
وبالنسبة للتوزيع المجالي القطاعي، فقد ركزت أسئلة السيدات والسادة المستشارين على القطاع الاجتماعي بنسبة تعادل حوالي (32 %) من مجموع الأسئلة المطروحة، فالقطاع الاقتصادي بنسبة (32 %) أيضا، فقطاع الشؤون الداخلية والبنيات الأساسية بنسبة (20 %)، ثم المجال الحقوقي والإداري والديني بنسبة (13 %)، وأخيرا قطاع الشؤون الخارجية بنسبة (03 %).
 
بينما بلغ عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال نفس الفترة ما مجموعه 2317 سؤالا، أجابت الحكومة على 378 سؤالا منها، علما بأن جزءا مهما من العدد المذكور لم يستوف بعد أجل العشرين يوما المقررة دستوريا للجواب (1135 سؤالا).
 
وفيما يخص برمجة القطاعات الحكومية التي تخضع للمساءلة خلال الجلسات الأسبوعية، تواصل، بتنسيق بين مكتب مجلس المستشارين والحكومة، تحديد ثلاثة قطاعات حكومية خلال كل جلسة لتكون موضوع مساءلة من طرف الفرق والمجموعات وأعضاء المجلس غير المنتسبين، مما ساهم في تمكين السيدات والسادة المستشارين من مراقبة أغلب القطاعات الحكومية خلال الجلسات الخمسة عشر التي عقدها المجلس خلال هذه الدورة. وهكذا تم خلال هذه الجلسات مساءلة 20 قطاعا حكوميا حول مواضيع آنية استعجالية يغلب عليها الطابع الاجتماعي والاقتصادي والترابي في ظل ظرفية عالمية صعبة كان لها تأثير كبير على عدد من القطاعات، مما استوجب تضافر الجهود لمعالجتها حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين من جهة، وحماية الاقتصاد الوطني من التقلبات المرتبطة بها.
فعلى المستوى الاجتماعي، ارتبطت أبرز المواضيع التي ركزت عليها أسئلة السيدات والسادة المستشارين، بالتغطية الصحية للمواطنات والمواطنين، خاصة في المناطق النائية وفي العالم القروي والمناطق الجبلية، وولوج هذه الفئة من المواطنين إلى الرعاية الصحية، وإصلاح نظام التقاعد، وكذا تطبيق قوانين الشغل بالمقاولات، واحترام حقوق الأجراء، وتفعيل القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، إضافة إلى تدابير الرقي بالمدرسة العمومية، وبالتمدرس في العالم القروي وتنظيم التعليم الخصوصي، وغيرها من المواضيع الاجتماعية الأساسية.
وعلى المستوى الاقتصادي، اهتمت أسئلة السيدات والسادة المستشارين بالقضايا المرتبطة بتطوير القطاع السياحي المغربي، والصعوبات والإكراهات التي يعرفها الموسم الفلاحي الحالي، آفاق صناعة السيارات بالمغرب، والنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة.
وعلى المستوى الترابي، ركزت أسئلة السيدات والسادة المستشارين على استكمال تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، والموارد البشرية للجماعات الترابية، التعمير، أزمة الماء في ظل مخلفات الجفاف والتغيرات المناخية، حصيلة وآفاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وغيرها؛
هذا إلى جانب الاهتمام الواسع بقضايا راهنة أخرى تهم الانتقال الطاقي، إصلاح ورقمنة الإدارة، التعليم العالي، البنيات التحتية الأساسية، وضعية المرأة المغربية، والجالية المغربية بالخارج، تنفيذ الأحكام القضائية، والرفع من نجاعة أداء المحاكم المغربية، خاصة بعد المصادقة على القانون المتعلق بالتنظيم القضائي في الدورة الأخيرة من الولاية المنصرمة، وغيرها.
 
وطبقا لمقتضيات المادة 168 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، توصلت رئاسة المجلس بــ 26 طلبا لتناول الكلمة حول موضوع طارئ في نهاية جلسات الأسئلة الشفهية من مختلف الفرق والمجموعات وغير المنتسبين، قبلت الحكومة 10 طلبات، بنسبة 38 %، وتعذر عليها التفاعل مع 16 منها.
 
وعلى صعيد التزامات وتعهدات السادة الوزراء خلال جلسات الأسئلة الشفهية فقد تم حصر عدد من الالتزامات تتعهد بموجبها الحكومة بالتفاعل مع عدد من القضايا والمطالب المجتمعية المعبر عنها في أسئلة السيدات والسادة المستشارين على المستويين القريب والمتوسط، وتهم بالأساس قطاعات التعليم العالي، الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، الصناعة والتجارة، النقل واللوجستيك، التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، السياحة والصناعة التقليدية، والعدل، والتربية الوطنية.
وقد توصلت رئاسة مجلس المستشارين خلال هذه الدورة من السادة وزراء العدل، التجهيز والماء، التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، النقل واللوجستيك، الشباب والثقافة والتواصل، الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، والصناعة والتجارة، بأجوبة عن جميع التعهدات التي تم جردها خلال أجوبتهم عن الأسئلة الشفهية الموجهة إليهم من طرف بعض الفرق والمجموعات البرلمانية خلال جلسات الأسئلة الشفهية برسم دورتي أكتوبر 2021 وأبريل 2022.
 
هذا، وعقد المجلس جلستين شهريتين خاصتين بـتقديم أجوبة السيد رئيس الحكومة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة طبقا لمقتضيات الفصل 100 من الدستور، وتم تخصيصهما لموضوعين جوهريين وأساسيين في المرحلة الراهنة، ركز فيهما المجلس على الرهانات الاجتماعية لبلادنا، ويتعلق الأمر بــ:
⦁ " الحوار الاجتماعي، تكريس لمفهوم العدالة الاجتماعية وآلية لتحقيق التنمية الاقتصادية "؛
⦁ و" تفعيل ورش التغطية الصحية والاجتماعية بالمغرب لترسيخ أسس الدولة الاجتماعية".
 
أما بالنسبة لتقييم السياسات العمومية، فقد شكل مجلس المستشارين ثلاث مجموعات موضوعاتية، كُلفت إحداها بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية المزمع عقدها قبل اختتام السنة التشريعية الجارية، في حين تم تكليف المجموعتين الأخريين بإعداد تقريرين موضوعاتيتين حول مواضيع اجتماعية وترابية تدخل في صلب اهتمام مجلس المستشارين في الفترة القادمة.
فقد عمد المكتب، لأجل تحديد السياسة العمومية الخاضعة للتقييم خلال هذه السنة، إلى اعتماد مقاربة تشاركية واسعة مع مختلف مكونات المجلس في سبيل اختيار محور يلائم خصوصيات تركيبة المجلس وتطلعات أعضائه، بحيث بلغ عدد المواضيع المقترحة في المجموع 70 موضوعا، إلى أن استقر الرأي في الأخير على اختيار موضوع "التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح"، كمحور للجلسة السنوية لتقييم السياسات العمومية برسم السنة التشريعية الجارية.
وبالإضافة إلى ما سلف، وتكريسا للنجاح الذي حققه المجلس في الدورة المنصرمة، فقد تم تشكيل مجموعتين موضوعاتيتين أخريين، لرفع تقريرين إلى المجلس، حول موضوع "البرامج المندمجة الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة " وحول موضوع "التنمية الجهوية ومناخ الأعمال" باعتبارها إحدى المخرجات الأساسية للمنتدى البرلماني للجهات.
والمجموعات الموضوعاتية الثلاث بصدد وضع منهجية وبرامج عملها، وتفعيلها وفقا للأجندة التي أعدتها، والتي أحيل البعض منها على مكتب المجلس الذي يعرب عن دعمه لمختلف المبادرات والأنشطة التي تعتزم القيام بها، وهي مناسبة للتنويه بمختلف الزيارات واللقاءات التي تنظمها مختلف مكونات المجلس من فرق ولجان دائمة وموضوعاتية، لمساهمتها الفعالة في تحقيق الإشعاع والانفتاح على مختلف فئات المجتمع.
وكما تعلمون، حضرات السيدات والسادة المستشارين، فإن اختيار هذه المحاور كمواضيع للتقييم خلال هذه السنة لم يأت من فراغ، بل هو استمرار لنهج واع من مجلس المستشارين في التفاعل مع القضايا الاجتماعية والترابية لبلادنا، لهذا فإن المجموعات الموضوعاتية الثلاث مدعوة إلى ترجمة هذا النهج عبر تشخيص دقيق للإشكاليات التي تطرحها هذه القضايا الخاضعة للتقييم، وتقديم رؤية مجلس المستشارين في التعامل معها ومعالجتها.
 
وبخصوص العلاقة بالمؤسسات الدستورية، فقد واصل المجلس تثمين جسور التعاون البناء مع النسيج المؤسساتي الوطني من خلال التوصل بالآراء والدراسات الصادرة عن عدد منها.
وفي هذا الشأن توصل المكتب طبقا لأحكام القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بتقرير رئيس النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية برسم سنة 2021، ومن المزمع عرضه ومناقشته أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في الأيام المقبلة.
أما فيما يخص علاقة المجلس المتميزة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فقد كرس المجلسان منهجية متقدمة للتعاون فيما بينهما، أثمرت اعتماد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لآلية لإخبار مكتب مجلس المستشارين بجدول أعمال دوراته العادية والاستثنائية، وبالمقابل فإن المكتب يحرص على انتداب أعضاء عنه بصفة ملاحظين لحضور أشغال هذه الدورات.
أما بالنسبة للعلاقة مع المحكمة الدستورية فقد تلقى المجلس عددا من قرارات هذه المحكمة، في شأن البت في منازعات انتخاب أعضاء بالمجلس، وذلك إلى جانب فتح الباب أمام جميع مكونات المجلس لإبداء الرأي في القوانين التنظيمية المعروضة على أنظار هذه المحكمة للبت في مطابقتها لدستور المملكة، ومن المزمع التوصل في الأيام المقبلة بإخبارات مماثلة بشأن القوانين التنظيمية التي صادق عليها المجلس في الجلسات السابقة.
على أن أهم نقطة في هذه العلاقة خلال هذه الدورة، هي انتخاب المجلس، بتعاون الجميع، لعضو بالمحكمة الدستورية في إطار تجديد الثلث الثاني لأعضائها، وفق الأحكام المنصوص عليها في الفصل 130 من الدستور والقانون التنظيمي للمحكمة الدستورية والنظام الداخلي للمجلس.
 
أما العلاقة مع مجلس النواب فقد طبعها التنسيق المتواصل حول القضايا المشتركة، سواء في إطار اللجنة المختلطة المختصة، أو في إطار التواصل المنتظم بين رئيسي المجلسين، والذي مكن من تيسير  أداء المجلسين في مجالات متعددة وبصفة خاصة الجلسات المشتركة، وكان من أبرزها تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2023، والجلسة المشتركة ليوم الإثنين 23 يناير 2023 للرد على مواقف البرلمان الأوربي تجاه بلادنا، علما بأن هذا التنسيق مستمر حول قضايا حيوية موجه لفائدة أعضاء المجلسين، ولتوحيد الرؤى حول قضايا أساسية من ضمنها توقيع محضر مشترك بشأن المواضيع المشتركة في النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي ستشكل لا محالة مصدر استلهام للجنة المكلفة بمجلسنا، والتي نحرص على أن تؤدي الوظيفة الموكولة إليها بعيدا عن كل أشكال الضغط الزمني أخذا بعين الاعتبار ما أفرزته الممارسة العملية من نقائص وفراغات.
وبجانب ذلك فإن الإخبار المتبادل بين المجلسين بخصوص مقترحات القوانين المودعة بكل مجلس منهما تساهم في تحقيق الحكامة المنشودة للمبادرة التشريعية لأعضاء المجلسين معا، ولاسيما الحد من تكرار تناول نفس المواضيع.
 
حضرات السيدات والسادة؛
وفيما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، فقد تميزت هذه الدورة وبمساهمة كافة مكونات المجلس بمواصلة تعزيز الانخراط في الاتحادات والجمعيات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية وفي الإطار الثنائي، في الدفاع، ضمن منظومة الدبلوماسية الوطنية، عن القضايا الاستراتيجية والحيوية للمملكة المغربية، وعلى رأسها القضية الوطنية.
فعلى مستوى المنظمات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية، شاركنا في فعاليات افتتاح الدورة الثانية برسم سنة 2022 لبرلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو) التي انعقدت بأبوجا، جمهورية نيجيريا الفيدرالية، وهي المناسبة التي ألقينا خلالها كلمة أكدنا فيها على أن هذه المشاركة تندرج في إطار المسار التاريخي للعلاقات التي تجمع بين المملكة المغربية ودول غرب إفريقيا، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، المبنية على روابط ثقافية وروحية وحضارية عميقة، وعلى قيم مشتركة للتنمية والتضامن والاحترام المتبادل والعمل المشترك من أجل توطيد السلام والاستقرار. كما أكدنا على أن هذه العلاقات التاريخية عززتها زيارات جلالته حفظه الله، للعديد من دول المجموعة، والتي توجت بإبرام وتوقيع العديد من اتفاقيات التعاون في إطار شراكات استراتيجية ومتعددة الأبعاد والقطاعات، تقوم على التضامن المشترك والتنمية الدامجة وتقوية التعاون جنوب-جنوب، برعاية جلالته.
وعلى المستوى البرلماني، شددنا على أهمية تعزيز التعاون بين مجلس المستشارين بالمملكة المغربية وبرلمان سيدياو، واستثمار كل الفرص والإمكانيات المتاحة لتوطيد وتعميق هذا التعاون البرلماني المؤسساتي، مؤكدين، على دور الدبلوماسية البرلمانية في تقوية التعاون وتوحيد المواقف فيما يتعلق بالقضايا الثنائية والإقليمية، وكذا في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين المملكة المغربية ودول غرب إفريقيا. 
وقد شكلت هذه الفعاليات التي تميزت بحضور كل من رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية، فخامة السيد محمد بوهاري، ورئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، رئيس جمهورية غينيا بيساو، فخامة السيد عمرو سيسوكو إمبالو، فرصة أجرينا خلالها لقاءات ثنائية مع كل من رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، السيد سيدي محمد تونيس، ورئيس البرلمان الإفريقي، السيد شيف فورتون شارومبيرا، تمحورت حول سبل تعزيز العمل الإفريقي المشترك واستشراف آفاق التعاون، من أجل مجابهة التحديات متعددة الأبعاد على المستويات الإقليمية والقارية والدولية.
كما شاركنا خلال هذه الدورة في أشغال اجتماع منتدى مجالس الشورى والمجالس المماثلة بالعالم الإسلامي الذي انعقد بمدينة باندونغ، جمهورية أندونيسيا، حيث ألقينا خلاله كلمة أكدنا فيها على أن مشاركة مجلس المستشارين بالمملكة المغربية تندرج في إطار الانخراط في مسار تعزيز التعاون مع نظرائه مجالس الشورى والمجالس المماثلة في دول العالم الإسلامي، وتقوية العلاقات على مستوى المنظمات البرلمانية الإسلامية، استرشادا بالنهج السديد والتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، لترسيخ دور المملكة المغربية في دعم كل القضايا العادلة للأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقدس الشريف.
كما أكدنا في هذه الكلمة على أن المشاركة تأتي كذلك بهدف دعم كل المبادرات الرامية إلى تحقيق مسعى تقوية اللحمة الإسلامية أمام تعاظم التحديات الراهنة المرتبطة بالتحولات الإقليمية والدولية المتعددة الأبعاد، والأزمة غير المسبوقة في مجالات الأمن الغذائي والطاقي والصحي، بالإضافة لتحديات محاربة التطرف والإرهاب. وشددنا بهذه المناسبة على أن المملكة المغربية، تضع القضية الفلسطينية والقدس الشـريف في صدارة أولوياتها، بل وتعتبرها قضيتها الوطنية الأولى بعد قضية الوحدة الترابية، مستنيرة بالقيادة الرشيدة والتوجيهات الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، مجددين في هذا السياق، التذكير بدور جلالته حفظه الله بصفته رئيسا للجنة القدس، في مواصلة الدعوة إلى الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس الشريف، وعلى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وحماية الطابع الإسلامي للمدينة المقدسة وحرمة المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وذكرنا بالدور الهام الذي تلعبه وكالة بيت مال القدس الشريف كآلية تنفيذية للجنة القدس التي تواصل تحت إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، إنجاز مشاريع وبرامج ملموسة، صحية وتعليمية وسكنية واجتماعية لفائدة الساكنة المقدسية، من أجل توفير سبل العيش الكريم لها، ودعم صمودها وتحسين أوضاعها الاجتماعية والمعيشية.
وقد شاركت الشعب الوطنية ووفود مجلس المستشارين خلال هذه الدورة في أشغال كل من الدورة 78 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي والدورة 44 لمؤتمره، والحوار التفاعلي في إطار الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل، المنعقد بمجلس حقوق الإنسان بجنيف، وبعثة الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون  في أوروبا لمراقبة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأمريكية، ودورة البرلمان الإفريقي واجتماعات اللجن الدائمة، والاجتماع البرلماني المنعقد بمناسبة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 27)، واجتماع لجنة الشؤون السياسية  والأمن وحقوق الإنسان التابعة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، والمنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات، والندوة البرلمانية لشبكة النساء البرلمانيات التابعة للجمعية البرلمانية للفرونكوفونية، والدورة الخريفية للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا، واجتماع لجنة القضايا السياسية والديمقراطية التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، وأشغال كل من اجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي واجتماع الفريق القانوني واللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجنة التنفيذية، واجتماعات البرلمان العربي، والمرحلة الأولى من دورة 2023 للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والدورة العادية لبرلمان أمريكا الوسطى، واجتماع لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتعليم التابعة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، والدورة ال17 لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة لمهام لأعضاء اللجنة البرلمانية المشتركة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي للبرلمان الأوروبي بكل من بروكسيل وستراسبورغ، في إطار تعزيز التعاون البرلماني بين المؤسستين التشريعيتين والتصدي للمناورات المعادية لخصوم وحدتنا الترابية، وزيارة عمل رئيس مجموعة الصداقة بين مجلس المستشارين ومجلس الشيوخ الفرنسي، لفرنسا.
وعلى المستوى الثنائي، فقد أجرينا خلال هذه الفترة لقاءات ثنائية مع شخصيات حكومية ودبلوماسية، ورؤساء برلمانات وطنية واتحادات برلمانية جهوية وقارية ودولية، وكان من أبرزها: زيارة رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية بوروندي، للمملكة المغربية والتي أجرى خلالها مباحثات هامة مع مسؤولين حكوميين وبرلمانيين تناولت سبل تفعيل وتعزيز العلاقات البرلمانية المغربية البوروندية في إطار سعي البلدين إلى توطيد وتوسيع تعاونهما الثنائي خاصة في المجالات الاقتصادية والمؤسساتية.
وخلال هذه الزيارة أكدنا على أن العلاقات القوية بين البلدين والشعبين الصديقين يجب أن تكون حافزا لمزيد من العمل بغية تقوية التعاون المؤسساتي وتبادل التجارب والخبرات في كل المجالات ذات الاهتمام المشترك، مشددين على أن مجلس المستشارين يضع خبرته وتجربته في التعاطي مع القطاعات الحيوية رهن إشارة الأصدقاء في بوروندي، ولاسيما ما يتصل بالإدارة والطاقات المتجددة واللامركزية والجهوية الموسعة التي حققت فيها بلادنا خطوات مهمة.
وفي موضوع الوحدة الترابية للمملكة، جددنا التأكيد على تقدير بلادنا للموقف الإيجابي لبوروندي تجاه قضية الصحراء المغربية ودعمها المستمر للمملكة لجهودها لإيجاد حل دائم لهذا النزاع المفتعل.
وفي هذا الإطار، قام رئيس مجلس الشيوخ البوروندي بزيارة لمدينة العيون أجرى خلالها لقاءات مع مسؤولين ومنتخبين محليين واطلع على مجموعة من الأوراش السوسيو - اقتصادية بالمدينة. 
وقد عبر رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية بوروندي، عن إشادته بمستوى التطور والدينامية التنموية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة، لاسيما مدينة العيون، معبرا عن إعجابه بجودة البنيات التحتية والمشاريع التنموية المبتكرة في مختلف المجالات، لاسيما الصحة والتعليم والرياضة.
ومن جهتنا أبرزنا واقع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية للمملكة والمنجزات التي تحققت في الجهة، في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، مشددين على أن هذه الجهود تشكل مصدر اعتزاز بالنسبة لسكان الصحراء المغربية.
كما استقبلنا خلال هذه الدورة في إطار زيارة عمل، وفدا عن مجلس الشيوخ بجمهورية الأوروغواي برئاسة نائب رئيسة مجلس الشيوخ، كانت له مباحثات مع مسؤولين حكوميين وبرلمانيين جدد خلالها التعبير عن تقديره الكبير للمملكة المغربية، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وأشاد بالمكانة الاستراتيجية التي يتمتع بها المغرب في محيطه الإقليمي والقاري، مؤكدا على الرغبة في فتح صفحة جديدة في مسار بناء وتمتين أواصر الصداقة والتعاون مع المملكة المغربية.
 
كما شكلت اللقاءات، فرصة استعرضنا فيها الأوراش التنموية والإصلاحية التي باشرتها المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والتي جعلت من المغرب نموذجا متفردا في محيطه الإقليمي والجهوي، جديرا بالثقة لبناء نموذج للتعاون جنوب - جنوب بين المملكة المغربية وجمهورية الأوروغواي وبلدان أمريكا اللاتينية والكراييب. 
كما استقبلنا خلال هذه الدورة في إطار زيارة عمل، رئيس لجنة الخارجية بمجلس الشيوخ الشيلي، أكدنا خلالها على ضرورة الارتقاء بالتعاون البرلماني إلى مستوى العلاقات السياسية الجيدة بين البلدين وتطوير الجانب الاقتصادي والتجاري التي لا يزال دون طموحات البلدين والشعبين الصديقين.
وجددنا في هذا الصدد اقتراحنا بإحداث منتدى اقتصادي برلماني بين المجلسين كآلية مؤسساتية من شأنها الرقي بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين خاصة وأن التركيبة النوعية لمجلس المستشارين، لا سميا المكون الاقتصادي، تساعد على تفعيل هذا المقترح.
وكانت هذه الزيارة مناسبة للتعبير عن تقدير المملكة المغربية الكبير للموقف الشيلي الثابت من قضية الصحراء المغربية ولتقديم ما تحقق من تنمية اقتصادية واجتماعية في الأقاليم الجنوبية.
كما استقبل مجلسنا في إطار زيارة عمل لبلادنا رئيس برلمان السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (البرلاسور)، حيث كانت مناسبة لدراسة سبل تقوية العلاقات القائمة بين المملكة المغربية ودول السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية، مذكرين بالزيارة الملكية التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده إلى بعض دول المنطقة سنة 2004 والتي كان لها الوقع الإيجابي على مسارات التعاون مع هذه البلدان.
وأكدنا على الرغبة الأكيدة لمجلس المستشارين انطلاقا مكوناته الاقتصادية والمهنية والاجتماعية والترابية في مواكبة التعاون الحكومي مع بلدان هذا التجمع الاقتصادي الهام.
وخلال لقاءاته مع المسؤولين ببلادنا عبر رئيس برلمان السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية عن تقديره لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لدوره الريادي في تعزيز الحوار والتفاهم والتقارب مع دول أمريكا الجنوبية.
وقد توجت الزيارة بتوقيع البرلمان المغربي وبرلمان السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية على مذكرة تفاهم تروم تعزيز قنوات التواصل والتعاون البرلماني من خلال تبادل الزيارات والخبرات والمعلومات والوثائق بين الطرفين.
ويأتي هذا التوقيع في إطار التزامنا بالحوار والسعي المشترك لتعزيز علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين المؤسستين التشريعيتين، وتقوية التضامن بين الشعوب، واستثمار الفرص المتاحة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وقد اتفقنا بهذه المناسبة على إحداث منتدى برلماني اقتصادي سنوي بين برلمان المملكة المغربية وبرلمان المركوسور.
كما أجرينا خلال هذه الدورة لقاءات ثنائية مع كل من رئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، ورئيس المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيس البرلمان الإفريقي، ورئيس البرلمان العربي، ورئيسة الاتحاد البرلماني الإفريقي، رئيسة مجلس الشيوخ بجمهورية زيمبابوي، ورئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط، ورئيس المنتدى البرلماني العالمي لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ورئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الإستونية المغربية، ووفد من الشخصيات الفلسطينية تمثل مختلف المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية والأساتذة والفنانين ورجال الأعمال والشباب بمناسبة زيارتهم لبلادنا للمشاركة في فعاليات اليوبيل الفضي لوكالة بيت مال القدس الشريف، ووزير خارجية جمهورية غواتيمالا، والمقرر بشأن المغرب عن مجموعة الحزب الشعبي الأوروبي بالبرلمان الأوروبي، ونائب رئيس جمهورية السلفادور، ورئيس مجلس النواب بالجمهورية اليمنية، ورئيسة الجمعية الوطنية بجمهورية مالاوي، ووفد عن مجلس الشيوخ الفرنسي، ورئيسة مجموعة الصداقة البرلمانية الكورية المغربية، ونائب رئيس فريق  تجديد أوروبا بالبرلمان الأوربي.
وعلى مستوى تنظيم التظاهرات الإقليمية والدولية، نظم مجلس المستشارين خلال هذه الدورة النسخة الأولى من "منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج"، بشراكة مع برلمان البحر الأبيض المتوسط.
وتميز هذا المنتدى بحضور ممثلي ورؤساء البرلمانات الوطنية الأعضاء في برلمان البحر الأبيض المتوسط، ودول الخليج، ومدراء تنفيذيون وخبراء بمختلف الوكالات المتخصصة وبرامج واتفاقيات الأمم المتحدة، وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة/خطة عمل البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة لممثلي القطاعين العام والخاص، ورجال أعمال من مختلف الدول، وأكاديميين وعدد من الشخصيات والوفود الضيفة، وعلى رأسهم ضيف شرف هذه النسخة، وفد مجلس الشيوخ بجمهورية الأوروغواي.
وقد شكل هذا المنتدى محطة هامة للتداول بشأن القضايا الاقتصادية والبيئية الأكثر إلحاحا في المنطقتين الأورو متوسطية والخليج، إذ تميزت النسخة الأولى بتنظيم ستة جلسات عامة موضوعاتية، همت مختلف القضايا الراهنة المطروحة على الأجندة الإقليمية والدولية، وعلى رأسها "التكامل الاقتصادي والتجاري والمالي" و"دعم الاستثمارات" و"الأمن الطاقي" و"الأمن الغذائي" و"تغير المناخ" و"تمكين المرأة والشباب" و"الذكاء الاصطناعي والرقمنة".
وفي الكلمة أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى، شددنا على الاستعداد التام للمملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، للمساهمة في كل الديناميات التي من شأنها تقوية الشراكات الاقتصادية بين المنطقتين الأورمتوسطية والخليجية، وذلك انطلاقا من قوة الشراكات الاستراتيجية للمملكة المغربية مع المنطقتين والرصيد الحضاري للعلاقات الإنسانية المشتركة وتطابق وجهات النظر في العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وقد توجت فعاليات المنتدى بإصدار بيان ختامي ورفع مجموعة من الخلاصات والتوصيات التي همت تشجيع الحكومات على إنشاء مجتمع اقتصادي وطاقي بين المنطقين، كفيل بالتخفيف من آثار الأزمة الحالية للطاقة، في إطار انتقال أخضر، ودعم النمو الاقتصادي والازدهار على المدى الطويل، حيث عبر المشاركون في هذا السياق دعمهم للمشروع الاستراتيجي لخط أنبوب الغاز بين جمهورية نيجيريا الفيدرالية والمملكة المغربية، الذي ولد بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على اعتبار أنه يشكل مشروع ذي بعد أورومتوسطي يروم تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي.
وتقدم المشاركون في اختتام الدورة التأسيسية لمنتدى مراكش بخالص التقدير والعرفان لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على حسن وكرم الضيافة التي حظوا بها منذ أن وطأت أقدامهم أرض المملكة المغربية.
كما احتضن مجلس المستشارين اجتماع لجنة تعزيز مستوى الحياة والتبادل بين المجتمعات المدنية والثقافة التابعة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط حول موضوع: "من أجل مستقبل أكثر اخضرارا للجميع".
وقد كان هذا اللقاء، الذي جسد الطموح المشترك كدول تنتمي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، لتعزيز سبل التعاون والتكامل الثقافي، من أجل جعل هذا القطاع أكثر استدامة وصداقة للبيئة، مناسبة، للتأكيد على أن المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، لم تذخر جهدا في الرفع من مساهمتها في مجالي الثقافة والبيئة، مساهمة تجسدت في التزام المملكة وانخراطها في مجموعة من المبادرات والبرامج التي تضع البعد الثقافي في صلب التنمية المستدامة، وكذا في الجهود التي تبذلها من أجل تعزيز مكانة الثقافة من خلال إدراجها كمحور رئيسي ضمن محاور النموذج التنموي الجديد، وفي البرامج الحكومية الجاري تنفيذها، بالإضافة إلى المكانة التي تحظى بها ضمن مقتضيات الدستور الجديد للمملكة لسنة 2011. 
وفي إطار تفعيل اتفاقية الشراكة بين البرلمان المغربي ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ممثلة بالأكاديمية الدبلوماسية التابعة لها، نظم البرلمان المغربي ندوتين الأولى حول "أسس السياسة الخارجية للمملكة المغربية"، والثانية حول موضوع: "السياسية الخارجية للمملكة المغربية تجاه إفريقيا".
وسيواصل مجلسنا خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين تعزيز دبلوماسيته البرلمانية من خلال تبادل الزيارات، والانخراط في الاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية. وفي هذا السياق، سيحتضن مجلس المستشارين أشغال الجمعية العامة الــ17 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، يومي فاتح و02 مارس 2023.
كما نعتزم القيام بزيارة عمل لجمهورية بولندا، بدعوة كريمة من رئيس مجلس الشيوخ البولندي، خلال الفترة الممتدة من 06 إلى 10 مارس 2023.
وهي الزيارة التي تندرج في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وجمهورية بولندا، المبنية، برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وفخامة الرئيس أندريه دودا، على أسس الصداقة والتعاون المثمر والدعم والاحترام المتبادلين. كما تأتي تفعيلا لمضامين البيان المشترك الذي توج زيارة رئيس مجلس الشيوخ البولندي خلال زيارته الأخيرة لبلادنا في شهر ماي 2022، والتي شكلت لبنة أخرى في مسار تعزيز العلاقات البرلمانية بين البلدين الصديقين، استرشادا بالنهج السديد والتوجيهات السامية لجلالته، حفظه الله، لتنويع الشراكات والانفتاح على دول شرق أوروبا.
كما نعتزم المشاركة في أشغال الدورة الـ 146 للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي، المزمع عقدها بالمنامة، عاصمة مملكة البحرين، خلال الفترة الممتدة من 11 إلى 15 مارس 2023.
وهي الزيارة التي تأتي في إطار تعزيز حضور مجلس المستشارين في المحافل البرلمانية الدولية، خدمة للمصالح العليا لبلادنا وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة، وإبراز مواقف بلادنا تجاه القضايا الإقليمية والدولية تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
كما نسعى خلال هذه المهمة، إلى عقد مباحثات ولقاءات ثنائية مع رؤساء ووفود البرلمانات الوطنية والاتحادات الجهوية والإقليمية المشاركة، في إطار تنزيل مبادرة رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، التي نتشرف برئاستها، والرامية إلى تعزيز الحوار البرلماني بين مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة بدول الجنوب، استرشادا بالنهج السديد والتوجيهات السامية لجلالته حفظه الله، لترسيخ الدور الريادي لبلادنا في تعزيز التعاون جنوب-جنوب.
وسنقوم في نفس الفترة الفاصلة بين الدورتين وبدعوة كريمة من رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية مصر العربية، بزيارة عمل لهذا البلد الشقيق، وذلك خلال الفترة الممتدة من 22 إلى 26 فبراير 2023.
وتندرج هذه الزيارة في إطار ترسيخ مسار العلاقات المتميزة التي تجمع بين المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كما تأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز العمل البرلماني المشترك بين مجلس المستشارين ومجلس الشيوخ المصري، وتقوية التعاون الثنائي في جميع المجالات والمواضيع ذات الاهتمام المشترك، وكذا تكثيف التنسيق والتشاور في مختلف المحافل القارية والدولية خدمة لمصالح البلدين الشقيقين.
 
إننا نتطلع في مجلس المستشارين أن نكون، كمؤسسة دستورية، في مستوى الثقة المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والتوجيهات الرشيدة والسديدة لجلالته حفظه الله، بشأن مواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن القضايا العادلة لبلادنا، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية، وعن المبادرة المقدامة للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، تحت السيادة الترابية والوطنية للمملكة المغربية. 
 
حضرات السيدات والسادة؛
على صعيد آخر، وترصيدا لمسار الانفتاح المؤسساتي الذي دأب عليه منذ بداية المرحلة الدستورية الجديدة، واصل مجلس المستشارين ديناميته الانفتاحية والتواصلية عبر تنظيم واحتضان مجموعة من الفعاليات الحوارية والفكرية، انخراطا منه في مواكبة الأوراش الإصلاحية الكبرى التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وتفاعلا منه مع التوجيهات الملكية السامية بشأن القضايا ذات البعد الاستراتيجي.
هكذا، وتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، نظم المجلس يوم الأربعاء 19 أكتوبر 2023، بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجمعية جهات المغرب والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم والجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، فعاليات الملتقى البرلماني الرابع للجهات تحت شعار "مأسسة النهج التعاقدي: دعامة أساسية لتسريع تنزيل الجهوية المتقدمة".
وقد شكل هذا الملتقى مناسبة لاستقصاء السبل الكفيلة بتعزيز ودعم نظام الجهوية المتقدمة، بغاية توطيد أسسه، وإبراز الآفاق الواسعة التي يفتحها هذا الورش الإصلاحي الكبير أمام تقدم وازدهار المملكة.
وضمن نفس السياق، نظم المجلس يوم 26 من الشهر المنصرم، بتنسيق وشراكة مع جهة الداخلة-وادي الذهب، ندوة موضوعاتية جهوية في موضوع "الجهوية المتقدمة ورهانات التنمية الترابية المندمجة: جهة الداخلة وادي-الذهب نموذجا".
 
وقد تناولت هذه الندوة الموضوعاتية الجهوية، التي عرفت حضورا وازنا للسيدات والسادة المستشارين مشكورين، إلى جانب كل من والي ورئيس الجهة، بالإضافة إلى رؤساء التمثيليات الخارجية للمصالح المركزية وثلة من المنتخبين وممثلي المؤسسات الجامعية وفعاليات من المجتمع المدني، ثلاثة مواضيع على قدر كبير من الأهمية، من قبيل "ممارسة الاختصاصات الذاتية والمشتركة في مجال التنمية الاقتصادية" و"واقع اللاتمركز الإداري بجهة الداخلة-وادي الذهب" و"تدبير الشأن الثقافي المحلي".
وتعزيزا لانفتاح المجلس على المحيط الأكاديمي، شاركنا يوم 20 أكتوبر المنصرم في تنشيط ندوة نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية في موضوع "دور مجلس المستشارين في الدفاع عن القضية الوطنية". 
وهي الندوة التي وقعنا، على هامش أشغالها، على اتفاقية شراكة مع ذات الكلية تروم تنمية وتشجيع البحوث والدراسات في القضايا ذات الصلة بالعمل البرلماني.
كما أسهمنا يوم 14 يناير المنصرم في تنشيط محاضرة من تنظيم كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة في موضوع "الحركة النقابية بالمغرب".
وقد شهدت الدورة كذلك تنظيم عدد وافر من الأيام الدراسية والموائد المستديرة من قبل الفرق والمجموعات البرلمانية واللجان الدائمة في مواضيع بالغة الأهمية، بما يعزز انفتاح المجلس على تطلعات وانشغالات المواطنات والمواطنين.
وبمناسبة الحديث عن انفتاح المجلس، أغتنم الفرصة للتذكير بأننا سنكون على موعد مع فعاليات المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية يوم الثلاثاء 21 من هذا الشهر، في موضوع "الرأسمال البشري: رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية". 
وهو المنتدى الذي تفضل مولانا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بإضفاء رعايته السامية على أشغاله.
تلكم، حضرات السيدات والسادة، حصيلتنا لهذه الدورة التي كانت غنية ومتنوعة، كما وكيفا، بالرغم من الإكراه الزمني المرتبط بدورة أكتوبر حيث يستأثر فيها مشروع القانون المالي بالقسط الوافر من الزمن البرلماني، وبالتالي من اهتمام وانشغال السيدات والسادة المستشارين والفرق والمجموعات البرلمانية المحترمة.
وبهذه المناسبة يطيب لي أن أتوجه بخالص عبارات الشكر والتنويه للسيد رئيس وأعضاء الحكومة على ما أبدوه طيلة هذه الدورة من استعداد دائم للتعاون في كل المجالات في نطاق احترام تام لمقتضيات الدستور لا سيما مبدأ فصل السلط وتعاونها.
وتقديم الشكر واجب أيضا للسادة رؤساء المؤسسات الدستورية والمجالس الوطنية على ما يبدونه من دعم ومؤازرة وما تقدمه هذه المؤسسات من آراء ومشورة مقدرة وذات قيمة مضافة عالية على عملنا البرلماني.
والشكر موصول أيضا للفرق والمجموعات البرلمانية، أغلبية ومعارضة، على حسن تعاونها وتفهمها، وعلى حيويتها ونشاطها المميز بصفتها المحرك الرئيسي للعمل البرلماني في كل جوانبه، وأخص بالذكر هنا السادة الرؤساء والمنسقين المحترمين، كل واحد باسمه وصفته، دون أن ننسى المستشارين غير المنتسبين (2).
كما أتوجه بتحية تقدير واحترام لزملائي السيدة والسادة أعضاء مكتب مجلس المستشارين الحريصون دائما على العمل كفريق واحد في مباشرة صلاحيات المكتب في تدبير شؤون المجلس.
ومن طبيعة الحال، كل الشكر والتقدير لجنود الخفاء، للموظفين والأطر والأعوان، كل في موقعه، الذين يبذلون الغالي والنفيس بغية توفير أحسن الظروف لقيام المجلس بمهامه الدستورية على أحسن وجه ممكن.
وإننا عازمون، بحول الله، على تقوية قدرات إدارة مجلسنا الموقر، فنحن مقبلون في قادم الأيام على اتخاذ ما يلزم من تدابير ومبادرات للنهوض بالأوضاع الإدارية والاجتماعية لموظفات وموظفي المجلس، كما أننا حريصون في هذا الصدد على تمرير مقترح القانون المتعلق بإحداث مؤسسة الأعمال الاجتماعية لموظفي البرلمان بعد تجويده بمزيد من الضمانات القانونية الكفيلة بتحقيق قفزة نوعية في مجال الاهتمام بالشأن الاجتماعي للموظف البرلماني.
وفي الختام أتوجه بتحية تقدير كذلك لجمعيات المجتمع المدني الشريكة، ولنساء ورجال الإعلام الذين لا يذخرون جهدا في ضمان المواكبة والتغطية الإعلامية المناسبة لأعمالنا، وهم بذلك يؤدون واجبا وطنيا في الدفاع عن المصالح العليا لبلدهم في واجهة تكتسي أهمية بالغة لصد الحملات المغرضة التي تتعرض لها بلادنا من أطراف خارجية يغيضها تقدم المغرب وثباته في مسيرته التنموية وما ينعم به من أمن وأمان واستقرار سياسي تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأيده.
 
شكرا لكم جميعا على حسن إصغائكم.
 
 
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.