تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة رئيس مجلس المستشارين خلال افتتاح أشغال منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج

2022-12-07
الدورة التأسيسية لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج
 
مراكش ، المملكة المغربية
07 دجنبر 2022
 
معالي السيد رئيس حكومة المملكة المغربية المحترم،
معالي السيد رئيس مجلس النواب المحترم،
معالي السيد رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط المحترم،
معالي السيد الرئيس السرفي لبرلمان البحر الأبيض المتوسط المحترم،
معالي السيد رئيس البرلمان الإفريقي المحترم،
معالي السيدة رئيسة الاتحاد البرلماني الافريقي المحترمة،
معالي السيد رئيس المجلس الاتحادي لدولة الامارات العربية المتحدة المحترم،
معالي السيدة المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية المحترمة،
السيد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب المحترم،
السيد نائب الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية المحترم،
السيد المدير التنفيذي لليونيدو المحترم،
زميلاتي زملائي البرلمانيين المحترمين
الحضور الكريم،
في البداية يشرفني باسم مجلس المستشارين بالمملكة المغربية الترحيب بضيوفنا الكرام على أرض المملكة المغربية، للمشاركة في الدورة التأسيسية لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، الذي يشكل لحظة تاريخية لإعطاء إشارات قوية على عزم المنطقتين على بناء جيل جديد من الجسور الاقتصادية والتنموية والحضارية، من أجل تحرير الطاقات المشتركة والاستفادة من الفرص الكبيرة ومواجهة التحديات المطروحة على الأجندة المشتركة، بأسلوب جديد مبني على الفعالية والتنمية المشتركة والأثر الايجابي على الشعوب، وذلك وفق مبدأ رابح-رابح. 
ويتشرف مجلس المستشارين باحتضان هذه الدورة التأسيسية لمنتدى مراكش الذي ينظمه برلمان البحر الأبيض المتوسط، وعيا منه بأهمية الشراكة الاستراتيجية بين المنطقة الأورومتوسطية والخليج، وكتجسيد فعلي لحرص المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، على المساهمة الفعالة في الديناميات الاقليمية الجادة ودفع عجلة التنمية المشتركة المنصفة والشاملة. ونحن على يقين تام أن هذا اللقاء سيمكن من تقييم الوضع الحالي للشراكات والفرص، وسيقدم الأولويات الجديدة للتعاون الاقتصادي بين المنطقتين ويستشرف آفاق إحداث منطقة اقتصادية أكثر تكاملا بين الدول الأورومتوسطية والخليجية.
السادة الرؤساء، 
زميلاتي زملائي البرلمانيين المحترمين
الحضور الكريم،
تنعقد الدورة التأسيسية لمنتدى مراكش الاقتصادي البرلماني للمنطقة الأورو متوسطية والخليج، في ظروف اقتصادية وجيو سياسية غير مسبوقة، مطبوعة بتعثر مسار التعافي الاقتصادي والاجتماعي لما بعد جائحة كوفيد 19، وبروز مستجدات جيو استراتيجية كبرى قد تعيد تشكيل خارطة موازين القوى بالعالم، بجانب ظهور إشكالات بنيوية في سلاسل القيمة وسلاسل الإمداد العالمية واستفحال ظاهرة التغيرات المناخية ودخول أنظمة خلق الثروة العالمية لمرحلة جديدة أساسها الثورة الصناعية الرابعة والسيادة بكل أبعادها المتعلقة بالأمن الاستراتيجي. وهذا الكم الكبير من التحديات يسائل قدراتنا الجماعية على تعزيز التكتلات الجهوية والاقليمية واستثمار مؤهلاتنا المشتركة في بناء نظام عالمي جديد للتعاون العادل والمنصف، القادر على إحداث نقلة نوعية في النظام الاقتصادي العالمي، وتأسيس نموذج جديد للشراكات بين دول الشمال ودول الجنوب، من أجل خدمة المصلحة الفضلى للبشرية وتعزيز حقوق شعوبنا في العيش الكريم والرفاه والازدهار.
إن أمانة تعزيز السلم والأمن والرفاه والازدهار العالمي تطوقنا أخلاقيا كبرلمانيين ومسؤولين، وهو ما يلزمنا بتسخير كل الطاقات والجهود من أجل بناء "أجندة مشتركة من أجل المستقبل"، هدفها إنضاج شروط انبثاق جيل جديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتقوية السيادة الغدائية والصحية والطاقية، والعمل على تعزيز آليات التعاون الدولي بشكل يجعل العلاقات بين دول العالم مبنية أساسا على الاحترام المتبادل لسيادة بلداننا وسلامة أراضيها والالتزام بالمبادئ الفضلى للإنسانية والأثر الفعلي والملموس للتعاون على المواطنات والمواطنين.
السادة الرؤساء، 
زميلاتي زملائي البرلمانيين المحترمين
الحضور الكريم،
تؤكد مجموعة من التقارير الدولية أن العلاقة الاقتصادية بين المنطقتين الأورومتوسطية والخليجية، لا زالت دون طموحات التكامل الاقتصادي المنشود، وحجم المبادلات التجارية بين المنطقتين لا يتجاوز 150 مليار دولار، علما أن حجم هذه المبادلات يمكن أن يصل لأزيد من 230 مليار دولار إذا تم اعتماد نموذج تعاون مبتكر بين المنطقتين، يمكن من تدبير براغماتي للخلافات على المستوى الجمركي ويتيح حرية أكبر لتدفقات رؤوس الأموال والسلع والخدمات. وفي هذا الإطار، ينبغي التفكير في إطلاق "آلية للحوار الاستراتيجي الاقتصادي" من أجل إبتكار منهجية جديدة لإعادة إحياء مسار برشلونة وتوسيع نطاقه والتقوية المؤسساتية للاتحاد من أجل المتوسط واستئناف المفاوضات من أجل إحداث منطقة تبادل حر بين أوروبا والخليج قابلة للتوسع مستقبلا لتشمل دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، والتنسيق من أجل الترافع المشترك في مسار إصلاح منظمة التجارة العالمية، للدفاع عن المصالح التجارية على المستويات البرلمانية والحكومية والمتعددة الأطراف، خاصة وأن هذا الإصلاح يشكل فرصة تاريخية لإعادة النظر في أساليب عمل منظمة التجارة العالمية وتجديد هياكلها ومنهجية اشتغالها.
ومن أجل إنجاح هذه المسارات، ينبغي العمل على مواكبتها بمجموعة من التدابير التقنية واللوجيستية، أبرزها التفكير في إحداث صندوق استثمار أورومتوسطي خليجي، توجه اعتماداته لتقوية الربط اللوجيستي البيني بين المنطقتين وتثمين الخريطة المينائية المشتركة خاصة المثلث اللوجيستي لميناء طنجة المتوسط وميناء جينوى(Genova)  وميناء جبل علي. 
كما ينبغي العمل على توسيع التوطين المشترك للأنشطة الاقتصادية من أجل انبثاق سلسلة قيمة أورومتوسطية خليجية خالقة للقيمة المضافة وللفرص لكل مقاولات المنطقة. بجانب العمل على تعزيز تبادل الممارسات الفضلى الاقتصادية والخبرات، خاصة في المهن العالمية الجديدة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وصناعة الرقاقات الإلكترونية والتعلم العميق(Deep learning)  والصناعات الفضائية  وأساليب تدبير وتطوير المقاولات الناشئة المبتكرة(startups) .
ونحن على يقين أن تطوير المبادلات التجارية وإطارها المؤسساتي والقانوني بين المنطقتين سيمكن من فتح آفاق جديدة لدولنا جميعا، وذلك من خلال توسيع التموقع على مستوى الأسواق العالمية وولوج مقاولاتنا لمنطقة التبادل الحر بالقارة الافريقي ومنطقة التبادل الحر لآسيا والباسيفيك والسوق المشتركة للجنوب الميكوسور(MERCOSUR) . 
لذلك، فكما كان البحر الأبيض المتوسط عبر التاريخ فضاءا تجاريا قويا والقلب الاقتصادي للعلم، فتحالفه مع دول الخليج سيمكن كل دول المنطقتين من تسريع التنمية وتقوية التكامل وتجاوز مأزق الأزمات الاقتصادية المتتالية وتعزيز التموقع في الخريطة الاقتصادية العالمية وتوفير الفرص لمقاولات وشعوب المنطقة.
وأؤكد لكم جميعا أن المملكة المغربية مستعدة للمساهمة في كل الديناميات التي من شأنها تقوية الشراكات الاقتصادية بين المنطقتين الأورمتوسطية والخليجية، وذلك انطلاقا من قوة الشراكات الاستراتيجية لبلادنا مع المنطقتين والرصيد الحضاري للعلاقات الانسانية المشتركة وتطابق وجهات النظر في الملفات المشتركة، وهنا اسمحوا لي بأن أذكر بمضمون الخطاب الملكي خلال القمة العربية الأوروبية الأولى، حيث جدد جلالة الملك :" التأكيد على استعداد المملكة المغربية الكامل للانخراط، بكل جدية وتفاعلية، في أية دينامية جديدة من شأنها أن ترتقي بالحوار العربي الأوروبي إلى مستوى تعاون حقيقي ومجدي، بما يعود بالنفع العميم على بلدان المنطقتين، ويسهم في تحقيق طموحات وتطلعات شعوبهما." انتهى المنطوق الملكي السامي.
السادة الرؤساء، 
زميلاتي زملائي البرلمانيين المحترمين
الحضور الكريم،
لا يمكن للاقتصاد وحده التجسير بين الشعوب والحضارات على الرغم من أهميته الكبرى في تقريب المصالح، لكن يجب العمل على توحيد الجهود كذلك في مواجهة المخاطر المحيطة بنا من قبيل التهديدات الإرهابية المتفاقمة في محيطنا الجيواستراتيجي. 
لذلك فنحن مدعوون لرص الصفوف من أجل تجفيف منابع تمويل الارهاب ومحاربة كل أشكال دعمه من طرف التيارات الاديولوجية المتطرفة والجماعات الانفصالية، هذه الأخيرة التي أصبحت تتحالف مع الارهابيين وتجار المخدرات وحتى تجار الأعضاء البشرية والمهربين لمس استقرار عدد كبير من دولنا، وتواصل بشكل مقيت استعمال الأطفال في النزاعات المسلحة وتهديد السلم والأمن والاستقرار.
إننا نمتلك القدرة على تدبير اختلافاتنا بشكل براغماتي من أجل الدفاع عن مصالحنا الفضلى المشتركة، ونحن عازمون على ذلك من أجل تعزيز الأخوة والصداقة بيننا والاستفادة من العائد الحضاري للعلاقات بين شعوبنا وبناء نموذج جديد للشراكات والتعاون الفعال والمستدام في مناخ يطبعه الاحترام المتبادل والصدق والوضوح والطموح. بما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وقد حان الوقت لتجاوز كل العراقيل والصعوبات من أجل بناء فضاء اقتصادي دامج للجميع، وقادر على أن يصد كل التهديدات ويرفع كل التحديات.
ولنا طموح كبير في مأسسة "منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج"، والارتقاء به ليصبح مركز تفكير مشترك من أجل المستقبل، والعمل سويا من أجل تمكينه من الموارد المالية والبشرية اللازمة لضمان اشتغاله الدائم، ليصبح منصة مؤسساتية منتجة للأفكار، وتمكن من متابعة الديناميات التنموية المشتركة ورصد كل الممارسات الفضلى الكفيلة بانبثاق نموذج اقليمي متقدم للتعاون الاقتصادي وتبادل الخبرات على المستويات التشريعية والتجارية والمالية، وفضاء ا للمقاولات والجهات وصناديق الاستثمار السيادية والخاصة بالمنطقتين الأورومتوسطية والخليجية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.