السيد الحو المربوح المحترم، نائب رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط،
السيد سعيد الهاشمي المحترم، ممثل المنظمة العالمية للتجارة، السيدات والسادة اعضاء وفود الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط المحترمون،
السيدات والسادة البرلمانييون المحترمون،
السيد سيرجيو بياتزي المحترم، الأمين العام للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط،
السادة السفراء المحترمون،
السيدات والسادة ممثلو المنظمات الدولية المحترمون،
حضرات السيدات والسادة،
إنه لَمِنْ دواعي سعادتي اليوم، أن أرحب بكم في مقر البرلمان المغربي، لأعبر لكم جميعا عن شكري العميق على حضوركم ومشاركتكم في هذا الاجتماع البرلماني الرفيع المستوى، الذي ستخصص أطوار جلساته لطرح ومناقشة قضايا التعاون التجاري والاستثماري في منطقة البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.
وبهذه المناسبة أتقدم بالشكر الخاص للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسطوللمنظمة العالمية للتجارة، ولكل المساهمين والشركاء الآخرين، على هذه المبادرة القيمة، التي ولا شك، ستساهم في مزيد من التشاور المثمر حول مستقبلنا المشترك، وستشكل فرصة مهمة لتعميق النقاش وتبادل الرأي، بين مختلف المتدخلين، حول أفضل السبل لتحقيق الشروط المثلى لتحقيقالتنمية المستدامة، وحول أنجع الوسائل لضمان مزيد من التعاون والتضامن لمصلحة ومستقبل شعوبنا.
ولا شك أن هذه اللقاء سيمكننا من متابعة مسلسل المقترحات والمبادرات السابقة، الهادفة إلى تشخيص المشاكل وكشف العقبات التي تعاني منها المبادلات التجارية والاستثمارات في منطقة المتوسط وإفريقيا، ومن ثمة البحث عن أجود الحلول الممكنة لتجاوز المعيقات.
كما يتيح لنا هذا اللقاء فرصة مواتية لتوحيد الرؤى وتقريب وجهات النظر بشأن الأسئلة والقضايا المطروحة على طاولة النقاش، في أفق المشاركة بمواقف ورؤى مشتركة في فعاليات الندوة البرلمانية التي ستنعقد، بمبادرة مشتركة من الاتحاد البرلماني الدولي والبرلمان الأوروبي، على هامش انعقاد المؤتمر الوزاري الحادي عشر للمنظمة العالمية للتجارة، في الأرجنتين خلال الفترة الممتدة من 10 إلى 13 دجنبر المقبل. وهي الندوة التي ستخصص للتداول والتشاور في التجارة الدولية والتمويل والتنمية.
حضرات السيدات والسادة،
من المؤكد أن الربط في محاورهذه اللقاء بين إفريقيا ومنطقة المتوسط كان أمرا في غاية الدقة والوجاهة، ذلك لأنه لا يمكن فصل تاريخ ومستقبل شعوب إفريقيا عن تاريخ ومستقبل شعوب منطقة البحر الأبيض المتوسط. فعبر التاريخ كان المتوسط دائما فضاء مفتوحا للحوار والتشاور والتعاون والتضامن، ليس فقط بين أمم أوربا وإفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وإنما فضاء مشتركا للإنسانية جمعاء. ومن هذا المنطلق علينا إذن، التفكير في تطوير سبل العمل وطُرُق الإشتغال وتنويع آليات التعاون من أجل مستقبل مشترك لنا جميعا.
صحيح أن منطقة المتوسط وإفريقيا تعاني اليوم من عدة مشاكل ومعضلات حقيقية، منها مشكل عدم الاستقرار السياسي في بعض البلدان، وتنامي الهجرة غير النظامية وتدفق موجات اللاجئين الفارين من النزاعات والحروب، وتزايد الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتحولات المناخية، وانتشار الفكر المتعصب المتطرف، وغيرها من التحديات الأخرى. وكل هذه المعضلات تقف حجرة عثرة أمام نمو وتطور واستقرار شعوب هذه المنطقة. غير أن هذه المشاكل يمكن مواجهتها والتقليل من وقعها والحد من سلبياتها، إذا اشتغلنا يدا في يد،وفكرنا سويا في إيجاد الحلول البَنَّاءة، وخَطَّطْنا معا لوضع أنسب السياسات والإستراتيجيات الكفيلة لتجاوز الصعاب، وفي مقدمتها، تنمية المبادلات التجارية وتشجيع التجارة الدولية البينية القائمة على النفع المشترك، وتشجيع الاستثمارات والرفع من حجمها إلى أعلى المستويات، ذلك لأن الاستثمارات المباشرة تعتبر آلية فعالة لإنعاش الشغل والحد من البطالة وتوفير المزيد من الفرص للشباب،بغية تحقيق معدلات نمو تليق بتطلعات وآمال شعوب إفريقيا وشعوب البحر الأبيض المتوسط.
إن تنمية وتطوير وتحسين التبادل التجاري والاستثماري، يقتضي توفير جو من الثقة المتبادلة بين الجميع، وتوفير ترسانة قانونية ملائمة، وتسهيل الإجراءات والمساطر، وبناء مؤسسات إدارية واقتصادية تتسم بالحكامة الجيدة والتدبير الرشيد، إضافة إلى ضمان استقلال القضاء ونزاهته. على أن هذه المساعي لن تكتمل إلا برفع تحديات أخرى لا تقل أهمية عن تلك التي سبق ذكرها وتتمثل في السعي الدائم والمستمر إلى توفير الأمن والاستقرار السياسي وتوطيد السلم الاجتماعي.
حضرات السيدات والسادة،
إن المملكة المغربية باعتبارها جزءا من الفضاء المتوسطي والإفريقي، فهي معنية مباشرة بكل التطورات والتحولات التي تهم هذه المنطقة، خاصة وأن المغرب يعتبر حلقة وصل أساسية بين ضفتي المتوسط. ولا شك أن المغرب كان عبر التاريخ ولا يزال ملتقى ومعبرا لسكان وشعوب الضفتين في كل الاتجاهات، وأن المغرب عبر تاريخه الطويل كان ولازال أرضا لتلاقي مختلف الحضارات الإفريقية والمتوسطية، وأرضا للتسامح والحوار والتعايش.
وبعد عودة المغرب إلى أحضان أسرته في الاتحاد الإفريقي،وحصوله على الموافقة المبدئية لولوج المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا،وإصراره الدائمعلى التمسك بجذوره الإفريقية، أصبح مدعوا، أكثر من أي وقت مضى، للقيام بدور أكثر فعالية وحيوية في مسارات التجارة الدولية، وفي تدفق وتوطين الاستثمارات في قارة إفريقيا الغنية بمواردها الطبيعية والبشرية. فالمغرب بما يتمتع به من أمن واستقرار، وبما لهمن تجربة مؤسساتية وتشريعية رائدة، وبما لديهمن علاقات إقتصادية وثقافية وروحية متينة مع مختلف شعوب المنطقة،مؤهل ليكون بلدا إفريقيا متوسطيا لا غنى عنه في العلاقات الدولية لهذهالمنطقة بِرُمَّتها.
وللتذكير فقط فإن المملكة المغربية قد إنخرطت بجدية ومسؤولية منذ عدة سنوات في تنفيذ العديد من المخططات والإستراتيجيات الإصلاحية المرتبطة بمواضيع ومحاور ندوة اليوم. ومنها مخطط إصلاح الإستثمار المعروف باسم"الميثاق الجديد للاستثمار"، والذي أصبح اليوم من الأولويات الملحة والمطروحة على المؤسسات الدستورية المغربية. ويهدف هذا الميثاق إلى المساهمة في إقلاع إقتصادي حقيقي قائم على تحسين مناخ الأعمال واستقطاب الاستثمارات الأجنبية. خاصة إذا علمنا أن المملكة المغربية قد صُنفت خلال السنة الحالية في المرتبة الأولى على المستوى الإفريقي كوجهة للإستثمارات الأجنبية المباشرة. كما صنفت من قبل "تقرير ممارسة الأعمال" الصادر هذه السنة، في الرتبة الأولى على صعيد شمال إفريقيا، والرتبة الثالثة على مستوى القارة الإفريقية، والرتبة 68 على المستوى العالمي من أصل 190 دولة.
حضرات السيدات والسادة، ضيوفنا الأعزاء.
لا مناص في الأخير من التأكيد على الدور الرائد الذي يمكن أن تعلبه البرلمانات في تحقيق مطامح وآمال شعوبها، من خلال تبني التشريعات والقوانين الكفيلة لتحقيق تنمية بشرية متعددة الأبعاد، قائمة على المساواة والحرية والكرامة للجميع، وهادفة إلى توفير الحاجيات الأساسية للمواطنين وضمان لهم كل الحقوق الأساسية. ومن جهتهم، يمكن للبرلمانيين بفضل مجهوداتهم المشتركة تقديم أفضلالحلول واقتراح أنجع السياسات الاقتصادية والاجتماعية القادرة على توفير فرص العيش الكريم لكل الناس دون استثناء.
مرة أخرى أقدم لكم جميعا باسم مجلس المستشارين المغربي، كامل الشكر والامتنان على حضوركم وعلى مشاركتكم، وأتمنى لأشغال هذا اللقاء الرفيع المستوى كل التوفيق والنجاح، وكُلِّي أمل في أن تُسفر مساهمات السيدات والسادة المتدخلين والمتدخلات في جلسات هذا الملتقى، عن خلاصات وتوصيات مشتركة وموحدة إزاء القضايا والأسئلة المطروحة، بما يخدم مصلحة شعوبنا ومصلحة كل شعوب العالم.
وشكرا على حسن اهتمامكم وحسن إصغائكم.