تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة رئيس مجلس المستشارين في افتتاح المؤتمر الحادي عشر لمجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي

2022-03-03

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

أصحاب المعالي،

السيدات والسادة رئيسات ورؤساء وأعضاء مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلةوالاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليميةوالوفود البرلمانية الإفريقية والعربية الصديقة والشقيقة المحترمون،

السادة الأمناء العامون للاتحادات البرلمانية الاقليمية والقارية والدولية المحترمون،

زميلاتي وزملائي وأعضاء مجلس المستشارين بالمملكة المغربية المحترمون،

السيدات والسادة السفراء المحترمون،

أيها الحضور الكريم،

يشرفني، بعد الترحيب بكم جميعا ضيوفا أعزاء كرام في بلدكم الثانيالمملكة المغربية، أن أعبر لكم عن بالغ سعادة مجلسنا باستضافة أشغال مؤتمررابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي الذي ينعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله،والتنويه بالمواضيع المختارة للتداول والنقاش ضمن فعالياته، وهي مواضيع تأتي في صلب اهتماماتنا وفي إطار تنزيل أهدافرابطتنا، والتي تركز على تمتين نسيج التعاون العربي الإفريقي، وتطوير رؤية موحدة تضامنية وتكاملية تتمحور حول التنمية البشرية بكل أبعادها، إضافة إلى السعي للانفتاح على مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في مختلف مناطق العالم، في إطار تعزيز التعاون جنوب-جنوب.

السيدات والسادة الرؤساء،

السيدات والسادة الأفاضل،

إن هذا الاجتماع الهام والذي يلتئمأيضا في إطارتفعيل اللوائح الداخلية للرابطة،عبر استعراض حصيلة عملها خلال الفترة السابقة وإقرار خطة عملها للعام المقبل إلى جانب مناقشة ميزانيتها السنوية والمصادقة عليها، يمثل فرصة سانحة للتداول والتشاور حول "خارطة الطريق" والعمل المستقبلي لرابطتن التكون في مستوى تطلعات وانتظارات شعوبنا، وفي مستوى التحديات المتزايدة المطروحة إقليميا ودوليا، لاسيما في ظل التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا، والرهانات المرتبطة بتحقيق التنمية المستدامة،والأمن الغذائي والصحي، ومجابهة الآثار متعددة الأبعاد للتغيرات المناخية.

وستتمحور مداولات هذا المؤتمر حول موضوعين هامين مدرجين على جدول أعماله، وهما:

  • "التضامن والتعاون الإفريقي العربي كركيزة أساسية للتأهيل التنموي والاقتصادي في ظل تداعيات كورونا"،
  • و"الشباب والمرأة في صميم سياسات التنمية والاستثمارات المستدامة".

وبدون شك يمثل هذان الموضوعان محور اهتمام رابطتنا وينسجمان تمام الانسجام مع الأهداف التي تسعى الرابطة إلى تحقيقها. ففي هذا الإطار، نظمت الرابطة منذ إنشاءها العديد من الملتقيات الاقتصادية واجتماعات غرف التجارة والصناعة في إفريقيا والعالم العربي، وأحدثت "المنتدى البرلماني الاقتصادي الأول في إفريقيا والعالم العربي"، حيث خلصت تلك اللقاءات إلى العديد من التوصيات والقرارات التي تروم سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمار والتبادل التجاري بين إفريقيا والعالم العربي، وعلى رأسها تأسيس الشبكة البرلمانية للأمن الغذائي في إفريقيا والعالم العربي، والتي تمكنت من عقد العديد من اللقاءات الهامة في الموضوع، وعلى رأسها"الندوة الدولية حول الأمن الغذائي" التي نظمتها الرابطة بمقر مجلس المستشارين بالمملكة المغربية بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو، إضافة إلى المشاركة في الملتقيات والشبكات القارية والدوليةحول الأمن الغذائي، وعلى رأسها إجتماعات البرلمان الإفريقي والبرلمان العربي ذات الصلة.

وبغاية تعزيز التمكين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للشباب والنساء، عقدت الرابطة اجتماعات للسيدات البرلمانيات في المنطقتين الإفريقية والعربية، تم خلالها طرح ومناقشة القضايا المرتبطة بهذين الموضوعين المحوريين. ولذلك فإنه ينبغي علينا مواصلة البناء على التراكم طبقا لما تم إنجازه بهذا الخصوص.

السيدات والسادة الرؤساء،

السيدات والسادة الأفاضل،

كما تعلمون تواجه إفريقيا والعالم العربي تحديات متسارعة ومتنامية على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والبيئية، فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، وهو ما يجسده ضعف مؤشرات التنمية وارتفاع نسبة البطالة لدى فئات الشباب، ويكفي التذكير بمؤشر واحد ودال على حجم الضرر الناتج عن الجائحة، حيث أنها أدت بالقارة الإفريقية إلى انكماش في النمو بنسبة 2.1٪ في عام 2020 وزيادة في نسبة الديون بمقدار 10 نقاط من الناتج المحلي الإجمالي، لكن مع كل ذلك فقد شكل التوجه العالمي نحو التلقيح أملا كبيرا من أجل ضمان التعافي الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما تجلى في المؤشرات الإيجابية للاقتصاد العالمي خلال سنة 2021.

ولا شك أن التحديات السالفة تستوجب تطوير أشكال مبتكرة ومتجددة من الشراكات الإستراتيجية الشاملة والمندمجة على قاعدة تعاون جنوب-جنوب قوامه النفع المشترك، وتعزيز القدرات الوطنية وتقوية التنسيق والتعاون والتضامن على المستويات الثنائية وتقوية الاندماج الإقليمي والتعاون البيني في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والأمنية والإنسانية، وهي مداخل أساسية للحفاظ على وحدة أوطاننا واستقرارها وتنميتها أمام التحديات الجديدة المحدقة بالعالم والتي بدأت تفرزها تحولات النظام الاقتصادي العالمي، جراء التغير الجذري لموازين القوى الاقتصادية والديموغرافية والتكنولوجية والأمنية التي يعرفها العالم.

وحيث أننا بصدد مقاربة تداعيات جائحة كورونا، وبحكم انشغالنا كمؤسسات تشريعية بالمنطقتين، بمواكبة الاستجابات الوطنية للأزمة الصحية الحالية واستلهام الدروس والعبر منها،فلابد من التأكيد على أن العنوان البارز، لما يعيشه محيطنا المشترك، هو "التعافي والتأهيل الاقتصادي والاجتماعي لما بعد الجائحة"، بعد التبعات الغير مسبوقة لجائحة كوفيد 19 على الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية والتجارية العالمية. وقد استطاع العالم الدخول في مرحلة الانتعاش بفضل مجهودات جبارة لضمان المناعة الجماعية عبر اللقاحات المضادة للفيروس، وكذلك بفضل الأبحاث العلمية التي مكنت من الفهم الأمثل لفيروس كورونا المستجد ومتحوراته، مما مكن من تطوير بروتوكولات علاجية ناجعة وأدوية أكثر فعالية. وبهذه المناسبة، أود تجديد عبارات التقدير والامتنان لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي أعطى انطلاقة تصنيع اللقاحات بالمملكة المغربية لبلوغ السيادة اللقاحية والرد على مخاطر ندرة اللقاحات، وكذا على الخطر الطبيعي المتمثل في ظهور أوبئة جديدة، وهي إحدى المداخل الأساسية لضمان سيادتنا الصحية، من خلال توفير الاكتفاء الذاتي لشعوبنا من الأدوية واللقاحات، كما أود بنفس المناسبة أن أتقدم باسمكم جميعا بجزيل الشكر وعظيم الامتنان للعلماء والأطباء والخبراء والأطقم الطبية على تضحياتهم الجسام من أجل أن تنتصر البشرية على جائحة غير مسبوقة.

وفي نفس الاتجاه، يجدر في اعتقادنا، استكشاف سبل التعاطي الجدي للتفعيل الأمثل للمبادرة الخلاقة التي أطلقها جلالة الملك، بشأن إرساء إطار عملياتي لمواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها للجائحة والتي تتيح، بالمناسبة، فرصة تقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة.

وتبعا لذلك، يبدو أنه من الأهمية بمكان، حضرات السيدات والسادة، العمل على تشجيع وتحفيز عمليات التشبيك بين مؤسسات البحث والمعاهد الطبية المتخصصة بالمنطقتين العربية والافريقية وفي مقدمتها المؤسسات الاستشفائية الجامعيةفي أفق نقل المعارف الطبيةوالتكنولوجيات الصحية وعلى رأسها تلك المرتبطةبإنتاج اللقاحات وتصنيع الأدوية، بما يعزز نظمنا الصحية. ومن باب إعمال قوتنا الاقتراحية، نقترح إطلاق مسار إعداد دراسة جدوى متخصصة تنكب على فحص سبل إنشاء مرصد برلماني للاستجابة الشاملة للأزمات بما فيها الوبائيةوالوثيقة الصلة بالصحة العامة، على أمل أن يكون هذا المقترح أرضية لموضوع اللقاء التشاوري المقبل للرابطة.

ومن بين الفرص المتاحة أيضا، والتي تستدعي التنويه، لتعزيز التضامن العربي الإفريقي، استثمار الشعار السياسي للاتحاد الإفريقي لعام 2022، عام التغذية: تعزيز المرونة في التغذية والأمن الغذائي في القارة الإفريقية ونظم الأغذية الزراعية، وأنظمة الحماية الصحية والاجتماعية من أجل تسريع تنمية رأس المال البشري والاجتماعي والاقتصادي، لبلورة خطة عمل برلمانية عربية - إفريقية مشتركة،لبلوغ هذا المسعى عبر الآلية التي كان لرابطتنا السبق في خلقها لهذا الغرض.

وهنا تأتي، حضرات السيدات المحترمات والسادة المحترمين،أهمية دورنا كبرلمانات وطنيةللعمل، على سن التشريعات والقوانين الملائمةوالكفيلة بتحقيق التنمية بجميع أبعادها، وتحفيزحكوماتنا قصد بلورة سياساتتنموية ناجعة وفعالة بشراكة مع القطاعين العام والخاص وهيئات المجتمع المدني.

السيدات والسادة الرؤساء،

السيدات والسادة الأفاضل،

إننا إلى جانب طرحنا للإشكالات والرهانات التي تعيشها المجموعتان الإفريقية والعربية، فإننا قد رفعنا في الرابطة رهان الانفتاح وتعزيز حضورنا كمنظمة إقليمية في المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، وكمنظمة للحوار وربط جسور التعاون مع التجمعات البرلمانية الجهوية والإقليمية الأخرى سواء بالشمال كما بالجنوب.

واليوم ونحن نعقد المؤتمر الحادي عشر لرابطتنا، ونخلد بذلك ذكرى مرور عشرين سنة على التأسيس، فنحن مطوقون بمسؤولية التقييم الموضوعي لعملنا، ذاك التقييم الذي يروم استشراف آفاق العمل ومستقبل رابطتنا، وكما كانت العاصمة الرباط فضاء الانطلاقة الفعلية لتأسيس الرابطة في يونيو من سنة 2002، نريد لعاصمتنا الرباط اليوم، أن تظل شاهدة على أن مؤتمرنا في سنة 2022، كان محطة حقيقية لجعل رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في افريقيا والعالم العربي، إطارا إقليميا معززا لدينامية التعاون الافريقي العربي، وفضاء للحوار السياسي الرصين مع نظرائنا في بلدان الجنوب، وقبل كل هذا وذاك، نريدها منظمة برلمانية حاملة ومجيبة لهموم شعوبنا، وفضاء ترافعيا من أجل قضاياها العادلة والمشروعة، وصوتها المسموع في مختلف المحافل الجهوية والإقليمية والدولية.

ومن هذا المنطلق، السيدات والسادة الأفاضل، وبغرض تقوية مكانة الرابطة كمنصة للحوار البرلماني الرصين بالمنطقتين،وبالإضافةإلىتنظيم الملتقى الأول للحوار البرلماني جنوب-جنوب مع مجالس الشيوخ في أمريكا اللاتينية والكراييب غدا إن شاء الله، قمنا بإعداد مقترح برنامج عمل للرابطة لعام 2022، يرتكز على تطوير رؤية مشتركة تتمحور حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتحديات الراهنة، لاسيما في ظل جائحة كوفيد 19 وتداعياتها المتعددة الأبعاد، وكذا تعزيز الانفتاح على مجال الشيوخ والمجالس المماثلة بدول مختلف مناطق العالم.

وفضلا عن مسعى تسطير برنامج لزيارات تبادل الخبرات والتبادل الثقافي،فإننا نتطلع إلىمواصلة هذا المجهود خلال هذه السنة عبر:

  • تنظيم اجتماع مشترك شمال-جنوب بين رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي وجمعية مجالس الشيوخ في أوروبا؛ 
  • تنظيم المنتدى الاقتصادي البرلماني العربي الإفريقي الثاني تفعيلا لمضامين البيان الختامي للمنتدى الاقتصادي البرلماني العربي الإفريقي الأولالمنعقد بتاريخ 25-26 أبريل 2018 بمقر مجلس المستشارين؛
  • ونقترح بنفس هذه المناسبة عقد اجتماع غرف التجارة والصناعة في إفريقيا والعالم العربي، يتوج بتأسيس الشبكة البرلمانية لاتحاد غرف التجارة والصناعة بإفريقيا والعالم العربي؛
  • تنظيم اللقاء التشاوري التاسع للرابطة، على أنيتم اختيار أحد الموضوعات أو القضايا الضاغطة وذات الأهمية لدول الرابطة والقيامبإعداد أوراق عمل من قبل متخصصين في الموضوع وتتويج ذلكبعقد اللقاء التداولي لمناقشتها؛
  • تنظيماجتماع السيدات البرلمانيات في إفريقيا والعالم العربي استمرارا لاضطلاع الرابطة بمهمة تشجيعمشاركة النساء في الحياة البرلمانية والسياسية.

السيدات والسادة الرؤساء،

السيدات والسادة الأفاضل،

في الختام، إنني على يقين تام بأن المداولات والنقاشات التي ستجري حول هذين الموضوعين الهامين من خلال مداخلاتكم وما تمتلكونه من أفكار نيرة وخبرات واسعة على النحو الذي يمكن هذا المؤتمر من الخروج بقرارات وتوصيات هامة تصب في تعزيز الحوار البرلماني بين دول وشعوب والمنطقتين العربية والإفريقية.

مرة أخرى أجدد الترحيب بكم جميعا في بلدكم الثاني المغرب، متمنيا أن تكلل أعمال هذا المؤتمر بالنجاح.

وشكرا لكم جميعا على حسن الإصغاء والاستماع والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.