الرباط 14 نونبر 2017
السيد حبيب المالكي رئيس مجلس النواب المحترم
السيدة Laura Tucker رئيسة مجلس نواب بيليز ورئيسة منتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية بامريكا الوسطى والكاراييب
السيدات والسادة رئيسات ورؤساء برلمانات الدول الاعضاء بمنتدى الفوبريل
السيدات والسادة ممثلو رؤساء البرلمانات
السيدات والسادة سفراء الدول الاعضاء بالفوبريل المعتمدين بالمملكة المغربية
السيدات والسادة،
يشرفني في البداية أن أرحب بوفود برلمانات الدول الأعضاء في منتدى رؤساء ورئيسات المجالس التشريعية بأمريكا الوسطى والكاراييب في افتتاح أشغال هذا اللقاء البالغ الأهمية حول "دور البرلمانات في مجال الهجرة البين-جهوية " كما أود أن أحيي وأهنئ كل مكونات الفوبريل على الجهود التي تبذلها من أجل تعزيز التعاون البرلماني مع المملكة المغربية وتمتين جسور الحوار والتواصل وقيم التضامن بين الشعب المغربي وشعوب أمريكا الوسطى الكاراييب الصديقة.
وأغتنم هذه المناسبة كي أعبر لكم عن تقديرنا العميق لموقفكم الاخوي النبيل الذي عبرتم عنه على إثر عقدكم لأشغال اجتماعكم الاستثنائي السابع عشر بالبرلمان المغربي شهر مارس من السنة الماضية، حيث جددتم دعمكم ومساندتكم لنضالات المغرب في استكمال وحدته الترابية ومساعيه السلمية والحضارية من اجل ايجاد حل نهائي وسلمي للنزاع الذي يقوض امال شعوب منطقتنا في التنمية والعيش الكريم والسلام.
وإذا كان لقاؤكم الأول بالمملكة المغربية، قد تناول موضوع “التعاون جنوب – جنوب”، والذي لا شك أن خلاصاته وتوصياته قد أسهمت في مقاربة التحديات والرهانات المشتركة ورسمت أفاقا جديدة في تعزيز برامج التعاون جنوب-جنوب ، بما يسهم في تقوية التقارب ودعم الانفتاح والحوار بين البرلمان المغربي و ممثلي شعوب أمريكا الوسطى والكاراييب وأمريكا اللاتينية على العموم، فإن الموضوع الذي اخترتموه لدورتكم الحالية، وهو "الهجرة بين الجهوية" يمثل إحدى أعقد التحديات التي تواجهها بلدان الجنوب وإحدى الرهانات الكبرى التي تدعونا الى التفكير والعمل والترافع المشترك من أجل اعتماد مقاربة كفيلة بضمان حقوق المهاجرين وذويهم و قائمة على تعزيز حقوق الإنسان ومحاربة كل أشكال التمييز وتمتين قيم التسامح والتضامن بين الشعوب،
السيدات والسادة الرئيسات،
إن الصور التي نشاهدها بشكل يومي، وبوثيرة غير مسبوقة لمآسي المهاجرين والمهاجرات، تفرض تضافر جهود جميع الأطراف وإعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية الدولية في اتجاه إقرار سياسة عالمية عادلة وقادرة على تدبير تدفقات المهاجرين والاستجابة للرهانات التي يواجهها المصير المشترك الذي يربط شعوب الجنوب، وتجاوز المشاكل الهيكلية للدول المصدرة للهجرة، وتدعيم برامج التشغيل وتعزيز اليد العاملة بدول الاستقبال، مع ضرورة تحسين ظروف هذه الدول والارتقاء بمستوى مواطنيها الاقتصادي والاجتماعي في مقاربة شمولية تسعى إلى تسوية الصراعات والنزاعات السياسية والحروب والخلافات الدينية والعرقية وضمان العدالة المناخية، ليسود السلام والاستقرار كمرتكزات أساسية لأية تنمية اقتصادية أو اجتماعية.
ولاشك انكم تعلمون انه انطلاقا من هذه المرتكزات، اعتمد المغرب منذ شتنبر 2013، سياسة واستراتيجية جديدة للهجرة واللجوء، تروم أولا وقبل كل شيئ، حماية حقوق الأشخاص الذين قرروا الاستقرار بالمغرب وكذا اللاجئين، انسجاما مع الإطار القانوني المتعلق بالهجرة واللجوء في إطار دستور يوليوز 2011، الذي سجل قفزة نوعية في مجال مقاربة المملكة لهذه الظاهرة، بعد أن نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنات والمواطنين المغاربة، واتخذ موقفا واضحا وصريحا بخصوص التصدي لجميع أشكال التمييز
كما تم إعداد هذه الاستراتيجية وفق مقاربة تشاركية بتوجيهات سامية من جلالة الملك محمد السادس نصره الله استمرت منذ شتنبر 2013، جرى فيها الانفتاح على التجارب الدولية وانطلقت من تشخيص للوضعية وتوجت بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول وضعية المهاجرين واللاجئين بالمغرب، وخلصت إلى اعتماد استراتيجية تقوم على أربعة أهداف كبرى، تتجلى في تدبير تدفق المهاجرين في إطار احترام حقوق الإنسان، وإقامة إطار مؤسساتي ملائم، وتسهيل اندماج المهاجرين الشرعيين، وتأهيل الإطار القانوني.
ولاشك أن عروض السادة ممثلي وزارة الداخلية والوزارة المنتدبة لدى وزارة الخارجية المكلفة بالهجرة، وفق برنامج لقائنا اليوم، ستعرفكم أكثر وتطلعكم بشكل أدق على التجربة المغربية الرائدة في هذا المجال.
السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
إن الإشكالات والقضايا المرتبطة بالهجرة واللجوء، إلى جانب التحديات المرتبطة بتنامي التهديدات الأمنية والإرهابية ، والتحديات المرتبطة بتعثر وتعقد مسارات إشراك المواطنين والمواطنات والشباب والنساء على وجه الخصوص، في عمليات صناعة القرار السياسي المرتبطة ببلدان الجنوب، وقضايا التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والتوترات والنزاعات ومستلزمات تأمين أجيالنا القادمة من مخاطر التغيرات المناخية، يحتم علينا اليوم كممثلين لشعوب الجنوب، وخاصة بافريقيا وأمريكا اللاتينية، الاستثمار في بناء الثقة في أنفسنا وفي قدرتنا الجماعية على تقرير مصائرنا بأنفسنا وصياغة المستقبل المشترك، وهو ما يستلزم أكثر من أي وقت مضى بناء شراكات وإطلاق ديناميات مشاريع تكاملية لضمان الرفاه الاجتماعي لشعوبنا وتوطيد مسارات دمقرطة نظمنا السياسية وتعزيز مشاركة المواطنات والمواطنين في صناعة القرارات المرتبطة بحاضر ومستقبل بلدانهم.
السيدات والسادة
إذا كان واقعنا اليوم بالقارتين الافريقية والامريكو لاتينية، يفرض كل هذه الاكراهات والتحديات والتعقيدات، فهو يوفر آفاقا وفرصا تاريخية لإرساء شراكات تعطي معنى حقيقي لما ينبغي أن يكون عليه التعاون جنوب- جنوب، لما تملكه دول المنطقتين من إمكانات حقيقية، بعضها ظاهر وبعضها كامن، من أجل تحقيق نهضة حقيقية على المستويات السياسية والفكرية والاقتصادية، تتوج مسارات من الدمقرطة والمصالحات السياسية، خصوصا في ظل إرادة سياسية تتجاوز مخلفات الحرب الباردة، لقد سبق لجلالة الملك أن لخص بشكل بليغ هذه الفرص في الرسالة السامية التي وجهها للمشاركين في أشغال منتدى "كرانس مونتانا"بتاريخ 17 مارس 2017 بمدينة الداخلة، حيث أكد جلالته على "أن "تحقيق النهضة الإفريقية المنشودة، يبقى رهينا بمدى ثقتنا في نفسنا، وبالاعتماد على مؤهلاتنا وقدراتنا الذاتية، واستغلالها على أحسن وجه، في إطار تعاون جنوب جنوب مربح، وشراكة استراتيجية وتضامنية بين دول الجنوب.
وإننا لواثقون من كسب هذه الرهانات. فإفريقيا اليوم، يحكمها جيل جديد من القادة البراغماتيين، المتحررين من العقد الإيديولوجية، التي عفا عنها الزمن. هؤلاء القادة الذين يعملون، بكل غيرة وطنية ومسؤولية عالية، من أجل استقرار بلدانهم، وضمان انفتاحها السياسي، وتنميتها الاقتصادية، وتقدمها الاجتماعي". انتهى كلام جلالة الملك.
إني وإذ أذكر بهذه الفقرة من الخطاب الملكي السامي، فإنما لقناعتي العميقة أن هذا الوضع ينطبق على واقع علاقاتنا بشركائنا في بلدان أمريكا اللاتينية اليوم.
السيدات والسادة
الحضور الكريم
إن هذه الرهانات والتحديات الجيوسياسية، هي التي حكمت تفكيرنا في البرلمان المغربي لإطلاق مشروع مبادرة إرساء المنتدى البرلماني لشعوب افريقيا وأمريكا اللاتينية، باعتبارها جوابا مستعجلا على الضرورة الملحة لتطوير دبلوماسية برلمانية ومدنية ناجعة واستكشاف فضاءات جديدة للتعاون المتعدد الأبعاد وتعميق البعد الاستراتيجي الذي من شأنه جعل التعاون بين بلدان القارتين نموذجا للشراكة جنوب-جنوب، وفق منطق شراكة تضامنية من شأنها التخفيف من الآثار السلبية لعدم الاندماج على كافة الأصعدة.
اننا نسعى ان يكون هذا المنتدى البرلماني فضاء للحوار التفاعلي البناء وأرضية لالتقائية العمل البرلماني في أفق تيسير الاندماج الجهوي وتعزيز التعاون جنوب- جنوب. ونتطلع إلى أن يكون هذا المنتدى بمثابة آلية للترافع وإسماع صوت شعوب القارتين بشأن قضايا السلم والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والعدالة المناخية والحكامة الديمقراطية العالمية وسيادة القانون وحقوق الإنسان .
-
الاتحاد البرلماني الدولي: تكامل وإلتقاء موضوعاتي بين وفود القارتين.
السيدات والسادة الرؤساء
الحضور الكريم
في الختام أود ان أجدد لكم مشاعر الاعتزاز والسرور بهذا اللقاء وسعادتي التي بالتأكيد، يتقاسمها معي إخواني وأخواتي في برلمان المملكة المغربية –كما اجدد لكم استعدادنا لمواصلة العمل سويا من اجل الرقي بعلاقات التعاون بين مؤسستنا التشريعية وبرلمانات امريكا الوسطى والكاراييب الى مستوى طموحات شعوبنا والى مستوى التحديات التي تواجهنا جميعا على كافة المستويات.
وشكرا على حسن المتابعة.