فخامة السيد رئيس جمهورية الدومنيكان
معالي الأمين العام لمنظومة الاندماج الجهوي بأمريكا الوسطى
معالي رئيس برلمان أمريكا الوسطى
السيدات والسادة الوزراء
زميلاتي زملائي البرلمانيين المحترمين،
السيدات والسادة،
يشرفني في البداية أن أعبر عن سعادتي واعتزازي الكبير بتجديد اللقاء بكم، وبتواجدي الثاني بجمهورية الدومنيكان الصديقة بعد تشريفي من طرف جلالة الملك محمد السادس بتمثيله في حفل تنصيب فخامة الرئيس دانيلو ميدينا.
ومن جهة ثانية فهو تجديد اللقاء بمكونات برلمان أمريكا الوسطى والكاراييب، بعد الاجتماع المشترك الذي عقدناه بمدينة العيون بالمملكة المغربية، والذي توجناه بالإعلان التاريخي المشترك "إعلان العيون"، وهو الإعلان الذي سطرنا فيه خارطة طريق للعمل المشترك، و عبرتم فيه عن موقفكم النبيل الداعم للقضايا العادلة للمغرب.
ويمكننا اليوم ان نسجل ارتياحنا الكبير لمستوى تحقيق وبلوغ الأهداف التي سطرناها سويا، وكذا اعتزازنا العميق لمسار علاقاتنا سواء مع برلمان امريكا الوسطى الذي نعتبره اليوم مؤسسة صديقة وشريكة للبرلمان المغربي، أو مع برلمانات بلدان المنطقة، فهو بالتأكيد مسار غني ومثمر في مدة يمكن اعتبارها قصيرة، ولكنه بالتأكيد مسار تغذيه ذاكرة تاريخية مشتركة، وعمق حضاري وثقافي متقاسم.
فكما تعلمون، ينعقد منتداكم القيم هذا بعد أربع سنوات من انضمام المملكة المغربية لنظام الاندماج بأمريكا الوسطى بصفتها عضوا مراقبا 27.06.2014، وذلك على هامش قمة رؤساء الدول والحكومات لنظام "سيكا " في دورتها 43 والتي انعقدت هنا بجمهورية الدومنيكان الصديقة.
ولاشك ان انضمام المغرب لتكتلكم الإقليمي الهام قد جاء تجسيدا لقناعة المغرب الراسخة بأهمية الدور الطلائعي الذي تلعبه اليوم التكتلات الإقليمية والجهوية في عالم شديد التعقيد ومتسارع التحولات والتغيرات، ورغبة منه في دعم مسلسل الاندماج الجهوي الذي يوجد ضمنه نظام "سيكا" كمنظمة إقليمية نوعية ووازنة، وكذا انسجاما مع الخيار الاستراتيجي لبلادنا تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس بتعزيز التعاون جنوب جنوب، من اجل تقاسم التجارب في مختلف المجالات والأصعدة وبلورة تدابير ومبادرات ملموسة للتعاون تستثمر الفرص المشتركة المتاحة، وعلى رأسها مكانة المغرب الجهوية والإقليمية المتميزة وموقعه الجيو استراتيجي كبوابة تربط بين أمريكا الوسطى والكاراييب وأمريكا اللاتينية على العموم والعالم العربي وإفريقيا، فالمغرب يتطلع دائما إلى مزيد من التعاون والشراكة مع بلدان الجنوب، وهو ما جسدته الزيارة التاريخية لجلالته لبلدان أمريكا اللاتينية سنة 2004، والتي شملت جمهورية الدومنيكان الصديقة.
فالمملكة المغربية تتوفر على كل المقومات لتكون شريكا فريدا وجديرا بالثقة، بفضل الأوراش الكبرى التي باشرها المغرب تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس، خاصة في مجالات المصالحة والعدالة الانتقالية وتوطيد البناء الديمقراطي وتعزيز حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، كما أن المغرب يتقاسم مع بلدان أمريكا الوسطى والكاراييب عبر التاريخ تراثا ثقافيا وقيما حضارية غنية شكلت لا شك النواة الصلبة لصمود علاقاتنا أمام كل الصعوبات والتحولات التي فرضتها بعض المتغيرات في بعض الفترات.
وبدورنا فإننا بمجلس المستشارين، إلى جانب زملائنا بمجلس النواب، نتطلع إلى أن يكون البرلمان المغربي جسرا متينا لتقوية العلاقات المغربية ببلدان أمريكا الوسطى والكاراييب، وكدا تعزيز التضامن بين شعوبنا، فلقد كان لي الشرف مباشرة بعد تولي لرئاسة مجلس المستشارين بالمملكة المغربية، أي قبل ثلاث سنوات الأربعاء 14 أكتوبر 2015 ان تكون اول اتفاقية اوقعها هي اتفاقية انضمامنا كعضو ملاحظ دائم لدى برلمان امريكا الوسطى.
فخامة السيد الرئيس
السيدات والسادة
إن الإشكالات والقضايا التي تطرحها المحاور الغنية لجدول أعمالكم خلال هذا المنتدى الهام، وخصوصا التحديات المرتبطة بالتنمية المحلية وحقوق النساء وادوار الاحزاب السياسية وما يرتبط بها من تعثر وتعقد مسارات إشراك المواطنين والمواطنات والشباب والنساء على وجه الخصوص، في عمليات صناعة القرار السياسي المرتبطة ببلدان الجنوب، يحتم علينا اليوم كدول و شعوب الجنوب، وخاصة بافريقيا وأمريكا اللاتينية، الاستثمار في بناء الثقة في أنفسنا وفي قدرتنا الجماعية على تقرير مصائرنا بأنفسنا وصياغة المستقبل المشترك، وهو ما يستلزم أكثر من أي وقت مضى العمل وفق منطق شراكة تضامنية من شأنها التخفيف من الآثار السلبية لعدم الاندماج على كافة الأصعدة، وبناء شراكات على أساس التعاون جنوب-جنوب والمضي قدما في إطلاق ديناميات مشاريع تكاملية لضمان الرفاه الاجتماعي في تساوق مع توطيد مسارات الدمقرطة وتعزيز مشاركة المواطنات والمواطنين في صناعة القرارات الوطنية.
فإن كان واقعنا اليوم بالقارتين الافريقية والأمريكو لاتينية، تطبعه العديد من الاكراهات والتحديات والتعقيدات، فهو يوفر آفاقا وفرصا تاريخية لإرساء شراكة حقيقية تكون في مستوى نموذج للتعاون جنوب- جنوب، خصوصا في ظل إرادة سياسية تتجاوز مخلفات الحرب الباردة، لخصتها وترجمتها بشكل بليغ الرسالة السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله التي وجهها للمشاركين في أشغال منتدى "كرانس مونتانا"بتاريخ 17 مارس 2017 بمدينة الداخلة، حيث أكد جلالته على "أن "تحقيق النهضة الإفريقية المنشودة، يبقى رهينا بمدى ثقتنا في نفسنا، وبالاعتماد على مؤهلاتنا وقدراتنا الذاتية، واستغلالها على أحسن وجه، في إطار تعاون جنوب جنوب مربح، وشراكة استراتيجية وتضامنية بين دول الجنوب.
وإننا لواثقون من كسب هذه الرهانات. فإفريقيا اليوم، يحكمها جيل جديد من القادة البراغماتيين، المتحررين من العقد الإيديولوجية، التي عفا عنها الزمن. هؤلاء القادة الذين يعملون، بكل غيرة وطنية ومسؤولية عالية، من أجل استقرار بلدانهم، وضمان انفتاحها السياسي، وتنميتها الاقتصادية، وتقدمها الاجتماعي". انتهى كلام جلالة الملك.
إني وإذ أذكر بهذه الفقرة من الخطاب الملكي السامي، فإنما لقناعتي العميقة أن هذا الوضع ينطبق على واقع علاقاتنا بشركائنا في بلدان أمريكا اللاتينية والكاراييب اليوم.
فالمتغيرات التي تعرفها القارة الإفريقية اليوم، والتي اتسمت بالعودة المؤسساتية للمملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي، كتتويج لمسار من المبادرات والتحركات الدبلوماسية التي أشرف عليها جلالة الملك محمد السادس وقادها بشكل مباشر.
وفي نفس الإطار فان بروز قوى إقليمية صاعدة بأمريكا اللاتينية والكاراييب في السنوات الأخيرة، وما تعرفه المنطقة من نهضة على المستويات السياسية والفكرية والاقتصادية، كفيل لا محالة بجعل علاقاتنا الثنائية نموذجا للتعاون جنوب جنوب قادر على رفع التحديات المرتبطة بالحاضر وصنع مستقبل مشترك يسوده السلم والأمن والحرية وتلازمية العلاقة بين الأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون واحترام الوحدة الوطنية للدول والتضامن بين الشعوب.
فخامة السيد الرئيس
السيدات والسادة
الحضور الكريم
في الختام أود ان أجدد التعبير عن مشاعر الاعتزاز والسرور بهذا اللقاء وامتناني لرئاسة برلمان أمريكا الوسطى وكافة المسؤولين بجمهورية الدومنيكان على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة–كما اغتنم هده الفرصة لأجدد لكم استعدادنا لمواصلة العمل سويا من اجل الرقي بعلاقات التعاون مع بلدان أمريكا الوسطى والكاراييب إلى مستوى طموحات شعوبنا والى مستوى التحديات التي تواجهنا جميعا على كافة المستويات.