يتضمن هذا النص المحال على المجلس من مجلس النواب 50مادة، وشكلت مضامينه خلال هذه الدورة -كما هو الشأن في دورة أكتوبر من كل سنة- موضوع نقاشات وملاحظات وتعديلات السادة المستشارين، وذلك اعتبارا لكون الدورة الخريفية للبرلمان بمجلسيه هي دورة القانون المالي بامتياز.
وقد جاء مشروع قانون المالية لسنة 2009في سياق دولي خاص تميز بالأزمة المالية التي يعرفها الاقتصاد العالمي والتحول الكبير في تطور النشاط الاقتصادي، الذي يرجع إلى أزمة السيولة في النظام البنكي الدولي وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقية، غير أن الوضع المالي والاقتصادي بالمغرب لم يتأثر كثيرا بمخلفات الأزمة العالمية.
وتجدر الإشارة إلى المتغيرات الهيكلية التي جاء في إطارها قانون المالية للسنة المالية 2009والتي تتميز بعجز الميزانية في محيط تميز هو الآخر بتقليص المداخيل الجمركية وتراجع مداخيل الخوصصة وضغط صندوق المقاصة وكتلة الأجور وضعف إنتاجية الشغل.
وتجاوبا مع هذا الواقع، جاء مشروع قانون المالية لسنة 2009بمنهجية متوازنة لمواجهة تحديات الظرفية الحالية، معتمدة المزج بين الإرادية والواقعية للحفاظ على دينامية النمو وعلى الثقة في القدرات المتنامية للاقتصاد الوطني ومستلزمات التنمية البشرية، كما أن الاختيارات الإستراتيجية وأولويات المرحلة عززت بإمكانيات مالية في مستوى التطلعات والأهداف، الشيء الذي سيمكن من الارتقاء إلى عتبة جديدة من النمو الاقتصادي والاجتماعي.
إضافة إلى ذلك رسخ المشروع التوجه الذي يربط بين ضرورة الحفاظ على التوازنات الأساسية وتطوير التميز التنافسي معتمدا على الإستراتيجيات القطاعية التي تعطي الوضوح للفاعلين الوطنيين والدوليين في اتجاه تعزيز تموقع المغرب جهويا، حيث يبقى من بين الأهداف تطوير مخططات التنمية الجهوية المندمجة في تفاعل وانسجام مع المخططات القطاعية.
وفيما يخص الإصلاح الضريبي، تم الربط بين الإصلاح الضريبي وتحسين الدخل إضافة إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين خاصة الفئات المعوزة أو ذات الدخل المحدود والتي ستستفيد من إعفاء ضريبي، إضافة إلى إجراء تخفيض سعر الضريبة على الدخل والذي سيتم عبر مرحلتين.
وعلى صعيد البعد الاجتماعي، تجدر الإشارة إلى أن ميزانية 2009 اتبعت منهجية خاصة في قطاع التعليم من خلال ربطه بالبحث العلمي لتحسين جودته، وهي نفس الطريقة التي عرفها أيضا قطاع الصحة الذي أصبح يتوفر على إمكانيات خاصة.
وبعد أن استوفى مشروع قانون المالية نصيبه من المناقشة والدراسة سواء في اللجنة المختصة أو في إطار الجلسة العامة تمت الموافقة عليه بأغلبية 65صوتا مقابل 27صوتا مع عدم وجود امتناع، لتتم إحالته على مجلس النواب في إطار قراءة ثانية، هذا الأخير وبعد أن وافق عليه بالأغلبية، بادرت فرقه البرلمانية المنتمية للمعارضة إلى إحالة مشروع قانون المالية على المجلس الدستوري قصد التصريح بمطابقة بعض مواده للدستور، وهو الشيء الذي استجاب له المجلس الدستوري مصرحا بعدم دستورية بعض مقتضيات المادة 8من القانون المالي المتعلقة بالغرامات في مجال مخالفات السير والجولان.