تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس مجلس المستشارين بمناسبة انعقاد الاجتماع المشترك للجن

2017-01-25

الاثنين 23 يناير 2017

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات المحترم؛

السيد رئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية المحترم؛

السيد رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان المحترم؛

السيد رئيس لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية المحترم؛

السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛

السادة القضاة المحترمون؛

الحضور الكريم؛

 

يشرفني أن أترأس هذا الاجتماع المشترك لكل من لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، ولجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، ولجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية، للاستماع لعرض السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول التقرير الصادر عنه حول "الصندوق المغربي للتقاعد" بناء على طلب من مجلس المستشارين طبقا لأحكام الفصل 148 من الدستور.

وفي البداية، أود أن أتوجه بالشكر الجزيل للسيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات على تفاعله الايجابي وتعاونه المستمر مع مجلس المستشارين، وعلى الاستجابة السريعة لطلب المساعدة للمجلس بغاية القيام بمهمة مراقبة الصندوق المغربي للتقاعد، وذلك من أجل فسح المجال أمام أعضاء مجلس المستشارين لاستثمار المعطيات الواردة في التقرير ضمن مهامهم الرقابية.

والشكر موصول للسيد الرئيس الأول كذلك على تلبيته التلقائية لدعوة المجلس من أجل الحضور في هذا الاجتماع المشترك لعرض التقرير، وإعرابه عن استعداد متواصل لتقديم المزيد من التوضيحات حول فقراته، وما هذا إلا تأكيد لمستوى العلاقة التي تربط مجلس المستشارين بالمجلس الأعلى للحسابات وبباقي المجالس والمؤسسات الوطنية، التي نسعى جاهدين إلى تعميق أواصر التعاون معها تطبيقا لأحكام الدستور الجديد للمملكة، وذلك وفق تصور شامل للمكتب يتأسس على التطلع الجماعي للرقي بهذه العلاقة لاستثمار جميع أوجه التعاون الممكنة دستوريا وقانونيا.

 

السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات المحترم؛

السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛

حضرات السيدات والسادة؛

يأتي انعقاد هذا الاجتماع المشترك طبقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 148 من الدستور والمادة 279 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، وتماشيا مع ما تقتضيه المادة 62 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، والتي تخوّل للجن الدائمة بالمجلس إمكانية عقد اجتماعات مشتركة تحت رئاسة رئيس المجلس أو أحد خلفائه، وذلك لمعالجة المواضيع الهامة أو التي تتعدى اختصاص أكثر من لجنة دائمة واحدة. وقد دأب مجلسنا الموقر على عقد مثل هذه الاجتماعات للتداول في القضايا الوطنية ذات الأولوية.

وهنا، لابد من الإشارة إلى أنه لأول مرة في تاريخ مجلس المستشارين يعقد اجتماع مشترك للجان المجلس على هذا المستوى، يجمع أعضاء ثلاث لجان دائمة مع أعضاء لجنة لتقصي الحقائق للاستماع لعرض مؤسسة دستورية مرموقة حول موضوع هام، وذلك بالنظر للطبيعة الخاصة لموضوع إصلاح أنظمة التقاعد وآثاره، وما واكب تنزيله من نقاش مجتمعي ومؤسساتي استدعى إعطائه الأهمية التي يستحقها، وهو ما يعكس كذلك تطور مجالات عمل البنيات والمكونات الداخلية للمؤسسة البرلمانية، التي أصبحت تتفاعل بشكل أكثر ايجابية وفعالية مع تطورات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ببلادنا.

من هذا المنطلق ومساهمة في الدينامية المجتمعية المتعلقة بالقضايا الكبرى للوطن، وطبقا لما يتيحه الدستور من إمكانيات في مراقبة تدبير الشأن العام، يجدر التذكير بأن مجلسنا شكّل -بناء على طلب مجموعة من أعضائه- لجنة لتقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد، التي وضعت منذ غشت 2016 برنامجا متكاملا للعمل، تركز بالأساس على الاستماع للشهود في إطار "جلسات الاستماع" وعلى جمع وتحليل الوثائق ذات الصلة، غير أنه مع تقدم أشغال اللجنة ظهرت الحاجة إلى مساعدة مؤسسة متخصصة، لإسنادها ودعمها في الوصول إلى حقيقة التدبير، ولتقدير مدى فعالية الاختيارات المنبثقة عنه لإنقاذ أنظمة التقاعد مما اصطلح عليه في الخطاب الاعلامي ب"الإفلاس".

وبناء على ذلك، توجهنا إلى المجلس الأعلى للحسابات بغرض طلب مراقبة تدبير الصندوق المغربي للتقاعد، والذي أصدر تقريرا في الموضوع سيعرض علينا السيد الرئيس الأول خطوطه العريضة في هذا الاجتماع، وهو ما سيشكل لا محالة مصدرا مهما وثريا لأعضاء المجلس قصد تعميق النظر في الموضوع، وبصفة خاصة في مناقشة التقرير الذي ستعده لجنة تقصي الحقائق أمام الجلسة العامة.

 

السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات المحترم؛

السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛

حضرات السيدات والسادة؛

قبل إعطاء الكلمة للسيد الرئيس الأول، أود أن استأذنكم من أجل توضيح بعض الأمور المرتبطة بالتحضير لهذا الاجتماع، وتتعلق بمعايير اختيار اللجان الدائمة المعنية بالموضوع.

ولا أخفيكم أننا توقفنا في المكتب مطولا عند هذه النقطة، بعد أن اعتبرنا أن الموضوع يهم جميع السيدات والسادة المستشارين وجميع اللجان الدائمة، غير أن البحث عن إطار محدّد لتقديم عرض السيد الرئيس الأول، وباعتبار أن الموضوع يهم في امتداده الأفقي بشكل مباشر ثلاث لجان دائمة من لجان المجلس، فقد قرّر المكتب جمع أعضاء اللجان التالية:

- لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بوصفها اللجنة التي ناقشت وصوّتت على القوانين المتعلقة بأنظمة التقاعد؛

- لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان التي تختص بدراسة القضايا المتعلقة بالوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة؛

- لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية والتي يشمل مجال اشتغالها الشأن الاجتماعي الذي يعتبر أساس إحالة مشاريع القوانين ذات الارتباط بالأولوية على مجلس المستشارين طبقا لأحكام الفصل 78 من الدستور الجديد للمملكة؛

- بالإضافة إلى لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد، وهي صاحبة المبادرة بتقديم طلب إنجاز هذا التقرير.

ومع ذلك، فقد حرصنا على إحالة تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى جميع مكونات المجلس من فرق ومجموعات ولجان دائمة بمجرد ما توصلنا به، والتي أخبرت بأنه يمكنها التقدم كتابة بطلب المزيد من التوضيحات حول مضامين هذا التقرير، كما وجهنا الدعوة لحضور هذا الاجتماع إلى جميع أعضاء المجلس عن طريق الفرق والمجموعات التي ينتمون إليها، وهو ما يعني أن اختيار المكتب للجان المذكورة هو اختيار إجرائي وقانوني لا ينتقص من أهمية اللجان الأخرى، التي قد تجتمع في مناسبات أخرى حول مواضيع ذات العلاقة بمجال اختصاصاتها.

السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات المحترم؛

السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛

حضرات السيدات والسادة؛

تنضاف هذه المبادرة إلى سلسلة من المبادرات التي توطد العلاقة مع المجلس الأعلى للحسابات، والتي يأتي في مقدمتها مناقشة التقارير الصادرة عن المجلس مرة كل سنة، والتي بلغت الى حدود سنة 2016 ثلاث جلسات استمع خلالها أعضاء مجلسي البرلمان لعرض السيد الرئيس الأول للمجلس حول عمل المحاكم المالية برسم سنوات 2012 و2013 و2014، والتي نوقشت في مجلس المستشارين مع الحكومة في جلسات عامة.

وجدير بالذكر أن التفاعل البرلماني مع المجلس الأعلى للحسابات لم يقتصر على تقاريره السنوية، وإنما شمل صنفا آخر من  التقارير ذات الطابع الموضوعاتي التي يعدّها المجلس بمبادرة منه أو بناء على طلب أحد مجلسي البرلمان، وتتضمن في غالب الأحيان اقتراحات عملية وتوصيات مهمة تروم إيجاد الحلول المناسبة للإشكالات الإستراتيجية التي تعرفها بلادنا، والتي توفر مادة علمية غنية حول المواضيع التي تعالجها، بفعل إنجازها من طرف قضاة متمرسين وأكفاء، ممّا يجعل منها مرجعا لا غنى عنه لكل مهتم ودارس في المجالات ذات الصلة.

وعلى سبيل التذكير، فقد انعقد بتاريخ 25 ماي 2015 أول اجتماع مشترك للجنتين دائمتين بمجلس المستشارين للاستماع لعرض السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول التقرير الموضوعاتي المتعلق بـ: "المالية المحلية"، والذي جمع كل من لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية ولجنة الداخلية والبنيات الأساسية والجماعات المحلية.

ونأمل أن تمثل هذه المبادرات حلقة في سلسلة الخطوات الرامية إلى تعزيز التعاون المثمر والفعال بين المؤسسة التشريعية والمجلس الأعلى للحسابات، في إطار التفعيل البرلماني لقنوات التعاون المؤسساتي كما سطّرها دستور بلادنا، الرامي في فلسفته إلى تمكين ممثلي الأمة من بنك للمعطيات يتأتى استثماره بشكل جيد عند ممارسة الأدوار التشريعية والرقابية والتقييمية الموكولة إلى المؤسسة البرلمانية، في إطار ما أشار إليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في الندوة الدولية المنعقدة بمناسبة الاحتفاء بالذكرى الخمسين لإحداث البرلمان في المغرب بتاريخ 25 نونبر 2013، لمّا أكد جلالته على أن الهدف الأسمى يظل هو "الوصول إلى استعمال كل الامكانيات التي يتيحها القانون الأسمى في إطار ممارسة سياسية ومؤسسية طبيعية." انتهى النطق الملكي السامي.

وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه، وأعطي الكلمة للسيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات المحترم، لتقديم تقرير المجلس حول الصندوق المغربي للتقاعد، فايتفضل مشكورا.