اعتبر السيد حكيم بن شماش، رئيس مجلس المستشارين، أن التحديات المتعلقة بحماية المجتمع الديمقراطي تتمثل بالخصوص في كيفية الوقاية من التطرف العنيف والإرهاب، ومكافحة العروض السياسية المهددة للمجتمع الديمقراطي كالعروض المستثمرة في الرأسمال الرمزي للدين الإسلامي، والعروض السياسية ذات الطابع الشعبوي أو المبنية على خطاب الكراهية، وكيفية استكمال بناء المنظومة الوطنية لحماية حقوق الإنسان.
وتطرق السيد بن شماش، خلال يوم دراسي نظمه مجلس المستشارين ومؤسسة وستمنستر للديمقراطية، اليوم الخميس 28 شتنبر 2017 بقاعة الندوات بمقر المجلس في موضوع "تحديات وآفاق الديمقراطية بالمغرب"، إلى التحديات المتعلقة بأزمة الإدماج ضمن آليات الديمقراطية التمثيلية، وبأزمة إعادة التوزيع و الإدماج الاجتماعي، وبأزمة الوساطة خاصة في سياق الديناميات الاحتجاجية، وبحماية المجتمع الديمقراطي.
ودعا السيد بن شماش إلى للتفكير في هذه التحديات باعتبارها تسائل البرلمان بوصفه مؤسسة رئيسية للديمقراطية التمثيلية، وملتقى تقاطع الآليات الجديدة للديمقراطية التشاركية.
وطرح بن السيد شماش على طاولة النقاش العديد من الأسئلة من قبيل: "لماذا ما زالت أصوات عدة أو معدودة تشكك في الإنتاج المحلي المحض لوثيقة دستورية متقدمة على سابقاتها والتي قيل عنها أنها ممنوحة؟ أليست لنا الشجاعة لنقر ولأول مرة بكفاءة ودراية الذكاء الوطني في هذا المجال؟، وإلى متى ستبقى ديمقراطيتنا رهينة استراتيجيات وسياسات شعبوية ترمي إلى تطويع الإرادة الشعبية والسطو عليها وتفويتها وعدم اعتبار حقوق المعارضة في شكلها التمثيلي أو طابعها المدني وغير الحكومي؟"...
وفي نفس المنحى، طرح للنقاش كذلك بعض التحديات في صيغة إشكالات بشأن مقومات التوطيد الديمقراطي، من قبيل: ما السبيل إلى التوفيق بين تنامي الطلب الاجتماعي على المزيد من الدمقرطة وحجم وثيرة منظومة التأطير والوساطة من جهة، ورفع سقف التوقعات وخيبة الأمل من عدم تحقيقها والنزوع إلى عدم الثقة في مسارات التوطيد من جهة أخرى؟
وكيف يمكن ضمان الانسجام والالتقائية والتنسيق بين المؤسسات المنتخبة ومؤسسات الحكامة والديمقراطية التشاركية، لتفادي الوقوع فيما يمكن وصفه من قبل البعض بـ"التضخم المؤسساتي"؟ وختاما، ما العمل من أجل ضمان دوام الديمقراطية وجعلها سبيلا لنزع فتيل النزاعات، ليس فقط في حالة الاستقرار، ولكن أساسا في حالة التوتر والأزمات؟
وذكر السيد رئيس المجلس أن هذا اللقاء يندرج في إطار الاحتفال بالذكرى العشرين للإعلان العالمي للديمقراطية ، مضيفا أن الاتحاد البرلماني الدولي دعا البرلمانات في إطار برنامج "ديمقراطية 2030 " إلى التفكير في تحديات تتعلق بمستقبل الديمقراطية.
وأضاف أن الحديث عن أزمة الديمقراطية التمثيلية بالدول الغربية الديمقراطية يطرح العديد من الأسئلة الملحة على النظام التمثيلي المغربي وقدرته على ضمان مشاركة فعالة للمواطنين في العملية السياسية أمام التحديات الخطيرة التي تواجه الديمقراطية والتي تشمل العزوف عن المشاركة في الانتخابات والأفكار التي يغذيها الإحباط الناتج عن الاحساس بالظلم والفقر، مبرزا أن التجارب الديمقراطية المقارنة تؤكد على ضرورة ضمان حقوق الانسان والحقوق الأساسية وإشاعة السلام والأمن وترسيخ أسس التنمية.
وأشار السيد اليزمي إلى أن الديمقراطية هي حق أساسي للمواطن ينبغي أن يمارس في ظل مناخ من الحرية والمساواة والشفافية والمسؤولية، مضيفا أن هذه الأخيرة تهدف إلى صون وتعزيز كرامة الفرد وحقوقه الأساسية وتحقيق العدالة الاجتماعية ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتأمين تماسك المجتمع وتلاحمه وتوطيد الاستقرار الوطني والسلام الاجتماعي. من جهتها، أبرزت ممثلة مؤسسة وستمنستر للديمقراطية، السيدة دينا ملحم، أن هذا اليوم الدراسي يأتي استكمالا للاحتفالات باليوم العالمي للديمقراطية في ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة التعقيد. وأكدت أن تعزيز الديمقراطية التشاركية هي على سلم أولويات مجلس المستشارين تنفيذا للإصلاحات التي شهدها المغرب في السنوات الماضية. واعتبرت السيدة ملحم أنه لطالما ربط مجلس المستشارين بين الديمقراطية وحقوق الانسان باعتبار الديمقراطية نهجا وأسلوبا في الحكم، وهو جزء مهم في حقوق الانسان كما أنه ربط الديمقراطية مع أهداف التنمية المستدامة معتبرا هذه الأخيرة هي الطريق الأمثل للاستقرار والازدهار والأمان والعدالة الاجتماعية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء عرف مشاركة السيد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسيد محمد الصبار أمين عام المجلس، والسيدة دينا ملحم، مديرة برنامج مؤسسة وستمنستر للديمقراطية بشمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، وخبراء وجامعيين( الدكتور عبد الله ساعف، الدكتور محمد الطوزي..)، وممثلين عن مؤسسات وطنية وفاعلين في المجتمع المدني الحقوقي.