الكلمة الترحيبية لرئيس مجلس المستشارين السيد حكيم بن شماش خلال الجلسة الرابعة من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان العربي.
-الأربعاء 9 ماي 2018، بمقر مجلس المستشارين بالرباط –
السيد رئيس البرلمان العربي، معالي الدكتور مشعل بن فهم السلمي المحترم؛
السيد رئيس مجلس النواب المغربي، أخي وزميلي السيد الحبيب المالكي المحترم؛
السيدات والسادة عضوات وأعضاء البرلمان العربي؛
السيدات والسادة الحضور والضيوف الكرام؛
في البداية أرحب بالسادة والسيدات أعضاء وعضوات البرلمان العربي في بلدهم الثاني المغرب وأتمنى لهم مقاما سعيدا وطيبا، وبالمناسبة أعبر عن سعادتنا باحتضان مجلس المستشارين للجلسة الرابعة من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان العربي، وذلك “تعزيزا وتمتينا للعلاقات البرلمانية العربية العربية، وتتويجا للتعاون والتنسيق بين البرلمان العربي ومجلس المستشارين المغربي”.
وتأتي هذه الجلسة في سياق ما تعرفها منطقتنا العربية من تحولات وأحداث، وما تواجهه من تحديات متسارعة على كل الأصعدة السياسية والأمنية وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وبالخصوص الأخطار والظروف الحساسة والمعقدة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، التي انعكست بشكل غير مسبوق على أمن واستقرار المنطقة وكذا على مستقبلها، وبالخصوص ما آلت إليه الأوضاع في عدد من الدول العربية كسوريا واليمن وليبيا التي استضفنا في الأيام الأخيرة في البرلمان المغربي معالي رئيس مجلس الأعلى للدولة ومعالي رئيس مجلس النواب بطبرقة في إطار الوساطة التي تقوم بها بلادنا للم شمل الأخوة الليبيين، وإننا نتق في الذكاء الجماعي لأشقائنا الليبيين من أجل تفويت الفرصة على كل المتربصين بوحدة واستقرار ليبيا الشقيقة، وأيضا واقع ومآل قضيتنا المصيرية القضية الفلسطينية التي كانت ولا تزال قضيتنا الأولى، مجـــددين بالمناسبة تأكيـــد موقـــفنا الثابـــت كبرلمـــانات عـــربية وشعوب عربية تجـــاه مدينـــة القـــدس المحتلـــة وعـــدم المســـاس بوضعهـــا القانـــوني والتاريخـــي وفقـــاً لقـــرارات الشرعيـــة الدوليـــة ذات الصلـــة.
حضرات السيدات والسادة؛
إننا نواجه ظروفاً استثنائية يجب أن تُوجِّه مختلف أشكال تعاوننا لمواجهة التحديات المستقبلية. ونظراً لعدم الاستقرار الذي تعرفه المنطقة والأزمات التي طال أمدها في بعض الدول العربية وندرة الحوارات الوطنية والاجتماعية وارتفاع معدلات البطالة، وبالخصوص في فئة الشباب التي تعتبر الأكبر والأكثر تضررا، واتساع أوجه عدم المساواة وبالخصوص ما يتعلق بوضعية النساء في العالم العربي وغياب التكافؤ في الحقوق بين الجنسين وارتفاع معدلات بطالة المرأة. وينضاف إلى هذا مشاكل الهجرة واللجوء، وتحديات الإرهاب وعدم كفاية الإصلاحات الاقتصادية. مما يجعل من التعاون العربي المشترك بمختلف أشكاله وفي جميع المجالات ضرورة حيوية ، ويفرض نفسه علينا بشكل أقوى وأكثر منه في المناطق الأخرى من العالم لحجم التحديات والمشاكل التي تواجه بلداننا وشعوبنا، وبالخصوص أن أغلب المؤشرات تُنذر بالأسوأ لأنه يبدو أن مستقبل الدول العربية يبتعد عن العدالة الاجتماعية بدلاً من التوجه نحوها، ونورد هنا كمثال العدد الهائل من النازحين في الدول الهشة وهي في الغالب بلدانٌ تعصف بها أعمال العنف أو الصراعات، ينضاف إلى هذا انتشار أفكار التطرف والكراهية والإرهاب بشكل مقلق، وهناك إجماع على أن عدم الحد من الفقر وانعدام المساواة وعدم وجود نموٍ اقتصادي شامل وفرص عمل لائق تضمن الكرامة الانسانية وضعف الحماية الاجتماعية بوصفها حقاً من حقوق الإنسان... ساهمت وستساهم في ذلك.
إن هذه الصورة تفرض علينا بالضرورة، أكثر من أي وقت مضى، لمواجهة الصعاب المشتركة التي تواجهنا أن يكون هناك تغيير جذري في نمط سياساتنا وتوجهاتنا الحالية، وأن نناضل ونجتهد ، في المقابل، من أجل إبداع أشكال جديدة من التعاون والتكامل والشراكات وان نؤسس لمرحلة جديدة تنبني على الحكامة القائمة على التنسيق بين مختلف المكونات، سواء على صعيد السياسات الاقتصادية والاجتماعية في مختلف أبعادها أو على صعيد السياسات الأمنية والعسكرية، وكذا التغيرات المناخية... وغيره من المجالات التي تستلزم مزيدا من التنسيق والتعاون وبأشكال مختلفة ومتنوعة لتحضير بلداننا للتغييرات التي تشهدها المنطقة والعالم بأسره، ولوضع سياساتٍ فعالة تعالج مختلف الأزمات والمشاكل وترسم مستقبلا أفضل لأبنائنا وبناتنا تسوده المساواة والعدل والكرامة والرخاء.
حضرات السيدات والسادة؛
وإذ نؤكد ونشدد، في هذا الإطار، على أهمية دور البرلمان العربي في تعضيد العمل العربي المشترك وفي تعزيز ودعم الحوار البرلماني العربي العربي، وعلى اعتباره واحداً من أهم آليات العمل المشترك وأداةً فعالةً من أدوات التعاون والتنسيق، ومعبراً أيضا عن آمال وتطلعات الشعوب العربية. فإننا نعتبر هذا اللقاء فرصة مهمة للوقوف على تطورات أوضاعنا، ونتائج أعمال القمة العربية السابقة، ومواصلة جهود البرلمان العربي في دعم القضايا العربية المحورية والاستراتيجية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ونحثه بالمناسبة على أن يقوم بدور أساسي ومحوري في الحل السياسي للأزمات المستعصية في بعض الدول العربية.
ونتمنى أن تكون اجتماعات اللجان الأربع الدائمة لبرلماننا العربي التي انعقدت البارحة، والتي من المقرر أن ترفع تقاريرها لهذه الجلسة العامة لمناقشتها والنظر في إقرارها، فرصة لتقييم الحالة السياسية ومستجدات الوضع السياسي في العالم العربي، وأيضا مناسبة لمتابعة تنفيذ تكليفات الاجتماعات السابقة وما انبثق من قرارات في الجلسة العامة السابقة. وكذا محطة للوقوف على حالة حقوق الإنسان في العالم العربي، وأيضا أن تكون قد اكتملت عناصر مشروع الرؤية البرلمانية حول: "تخفيف أثار الحروب والصراعات في العالم العربي من منظور حقوق الإنسان". وأن يكون النقاش ناضجا فيما يتعلق بخطط العمل بشأن التعليم العالي والبحث العلمي والصحة، كما نتمنى أن يكون هناك أيضا تَقدُم فيما يخص الترتيبات لعقد مؤتمر حول اللاجئين والنازحين من النساء والأطفال العرب.
وفي الأخير، وإذ أجدد ترحيبنا بسيادتكم ومعاليكم، وسعادتنا باستضافة مجلس المستشارين والمملكة المغربية لهذه الجلسة الرابعة من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان العربي، فإننا نتمنى أن تتمخض عن أشغال هذه الجلسة العامة قرارات هامة تدعم قضايانا الاستراتيجية وتحمي المصالح العربية المشتركة، وأن نجعل البرلمان العربي إطارا حقيقيا وعمليا للحوار البناء لتعزيز اللحمة العربية والدفاع عن مصالح وقضايا أمتنا على كل الأصعدة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، على اعتبار أن التعاون البرلماني العربي مرتكز جوهري في التضامن العربي، ومدخل أساسي لتجاوز ما يعوق تنمية بلداننا واستقرارها وأمنها ودمقرطتها.
وشكرا على حضور ومساهمات معاليكم، والسلام عليكم ورحمة الله.