المنتدى البرلماني المغربي الفرنسي
الديبلوماسية البرلمانية في مواجهة التحديات الكونية
الدورة الرابعة - باريس – 12 إلى 14 دجنبر 2019.
السيدان رئيسا مجلسي البرلمان الفرنسي المحترمان
السيد رئيس مجلس النواب المحترم
السيدات والسادة البرلمانيين المحترمين
الحضور الكريم
أود في البداية أن أعبر عن أسف واعتذار السيد حكيم بن شماش، رئيس مجلس المستشارين عن عدم تمكنه من الحضور والمشاركة في فعاليات الدورة الرابعة من منتدانا البرلماني المنعقد بباريس عاصمة جمهورية فرنسا الصديقة. أتشرف بإلقاء كلمة نيابة عن السيد الرئيس بصفتي الخليفة الأولالمكلف بالدبلوماسية البرلمانية،ورئيسمجموعة الصداقة المغربية الفرنسية بمجلس المستشارين،وأتقاسم معكم من خلالها وجهة نظرنا بشأن القضايا المطروحة على جدول أعمال المنتدى.
وإنه لمن دواعي سعادتي أيضا أن أسجل هنا استمرارية ودورية لقاءاتنا ومشاوراتنا المثمرة في إطار المنتدى البرلماني المغربي الفرنسي، والتي تعكس عراقة العلاقات التاريخية والثقافية والسياسية بين بلدينا وتنسيقنا المشترك في كل المحافل الإقليمية والجهوية والدولية، كما تعكس متانة علاقاتنا الاقتصادية والتجارية وحرص بلدينا المستمر من أجل تذليل كل الصعاب التي قد تظهر بين الفينة والأخرى.
فجمهورية فرنسا، مهد الثقافة والحرية والتعاقد الاجتماعي، والمملكة المغربية بلد العراقة الحضارية والعمق الإسلامي الأفريقي، لا يجدان أدنى صعوبة في الالتئام حول نفس التقديرات والمواقف في عالم اليوم المتقلبِ، المتسارعِ التَّطورِ، مما يضفي مزيدا من الأهمية على الانسجام الحاصل بين بلدينا ويدفعنا، على جميع مستويات العلاقات المؤسساتية التي تربط بيننا، إلى الحرص على تطويرها وتعزيزها وترسيخ أواصرها.
وربما اليوم نحن في حاجة أكبر وأمس إلى هذا الانسجام في الرؤى وهذا ما يعزز إمكانيات عملنا المشترك في إطار الدور المنوط بمؤسستينا في إطار الدبلوماسية البرلمانية ودورها في مواجهة التحديات الكونيةوالتي تتطلب منا المزيد من اليقظة في التتبع والتفاعل والنجاعة في التنفيذ، وعلى رأسها آفةالإرهاب. وإننا لنسجل الموقف الثابت لبلدكم فرنسا في مواجهة هذه الآفة ومدى ما تؤديه من ثمن في سبيل ذلك، ولن أترك المناسبة تمر دون تجديد تقديم العزاء مجددا في مواطنيكم الذي طالتهم يد الإرهاب مؤخرا بعض دول الساحل.
ثم هناك ظاهرة الهجرة السرية التيتواجه كل بلداننا أكانت بلدان عبور أم بلدان إقامة. ونحن نرى الصور المأساويةللضحايا الذين يلفظهم البحر في حوض المتوسط. وهنا يجب التأكيد على مسؤولية كل بلد في ضمان السياسات المدمجة لمواطنيه، بالاضافة لسياسات دولية وجهوية متضامنة، دائمة ومنسجمة مع قيم كرامة الإنسان ومع مبدأ حسن الجوار والتعاون المشترك.
السيدات والسادة الأفاضل،
هناك اليوم ظاهرة أخرى مقلقة أصبحت تتوسع وتتمدد ويتعلق الأمر بظاهرة الشعبوية التي تتخذ أشكالا مختلفة اليوم في عدةبلدان وتشكل إحدى الأخطار المحدِقة ليس فقط باستقرار البلدان والمناطق ولكن كذلك بالنموذج الديمقراطي في العالمويهدد توازن الدول.
ورجوعا للجهود المشتركة لكل من المغرب وفرنسا إلى جانب الأسرة الدولية من أجل مواجهة معضلة الاحتباس الحراري التي أصبحت تهدد مستقبل البشرية نفسها وتفرض اتخاذ القرارات الجريئة والعاجلة قبل فوات الأوان. إن من واجبنا التحرك في جميع المحافل من أجل ترسيخ الوعي بالظاهرة وأخطارها. إن بعض التصرفات التي نلاحظها على مستويات عليا من القرار السياسي الدولي في هذا المجال تربك العديد من المتدخلين وتمنع من نمو وإنضاج القرارات المطلوبة. ربما هنا يطرح علينا التنبيه إلى ضرورة استفاقة الوعي الجمعي الحازم ويمكن لبلدينا، باعتبارهمااحتضنا لحظتين تاريخيتين في مسلسل الكفاح في سبيل مواجهة التغيرات المناخية (كوبباريس21ومراكش 22(وباعتبارهما من أشد المدافعين عن الخيارات المستقبلية في هذا المجال، أن تتحرك مؤسساتنا التمثيلية بمبادرات مشتركة بشكل متواصل في هذا الاتجاه.
وقد تسعفنا الجغرافيا في ذلك. فاهتمامنا المبكِّر بإفريقيا ومقدراتها ومصيرها وتموقعُ بلدينا جغرافيا وحضاريا وثقافيا يؤهلهما لاعتماد دور مشترك أكثر من أي وقت مضى. وذلك على واجهات متعددة،على
سبيل المثال لا الحصر: ضمان الاستقرار والأمن ومحاربة التصحر واستباق الخصاص المائي ومحاربة الهجرة السرية والاتجار في البشر وهنا أود التنويه بالعمل والمبادرات التي تقوم بها مجموعة الصداقة والتعاون بين مجلس المستشارين ومجلس الشيوخ والتي أتشرف برئاستها إلى جانب زميلي وصديقي السيد Christian Cambon، رئيس لجنة الخارجية والدفاعوالقوات المسلحة، لاسيما الزيارة الأخيرة للمجموعة، والتي جاءتفي إطار تمتين العلاقات الاستثنائية التي تجمع بين المغرب وفرنسا، وكذا تعزيز التعاون البرلماني بين المؤسستين التشريعيتين بالبلدين، ولإبراز الدور الذي يقوم به المغرب، إلى جانب فرنسا، من أجل استتباب الأمن وتعزيز التعاون في مجال محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعيةوالجريمة المنظمة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء. كما كانت فرصة للاطلاع على المؤهلات الاقتصادية وفرص الاستثمار بالاقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وعلى رأسها جهة الداخلة - وادي الذهب.
السيدات والسادة الأفاضل،
لقد شكلت عودة المملكة المغربية إلى مكانها الطبيعي في المنظومة الإقليمية لإفريقيا مرحلة جديدة متطورة بالنسبة لبلادنا أكدت بعد نظرها في إيلاء الأهمية التاريخية القصوى لإفريقيا كفضاء ذي أولوية في كل المجالات وذي مؤهلات ستجعل منه قطبا هاما في عالم اليوم والغد في مجال التنمية والبناء والتبادل المشترك.
ولذلك، وبالنظر للانتظارات التي تعرفها شعوب وبلدان إفريقيا فإن من اللازم بالنسبة لبلدينا التحرك عاجلا في شكل مبادرات مشتركة على المستويات الامنية والاقتصادية والانسانية والتنموية.
وبالنظر لفتوة هذه القارة فإن تحدي إعطاء التنمية كل أبعادها السياسية والاقتصادية والترابية والإنسانية هو اليوم أكثر إلحاحا وراهنية من اي وقت مضى.
السيدات والسادة الأفاضل،
لا يسعني في النهاية إلا الإشادة بكل ما حققه ويراكمه بَلَدَانا من عمل مشترك مثمر ومن نتائج ايجابية في كل المحافل.
وفي الأخير أعبر عن أملي في أن نمضي معا يدا في يد من أجل استثمار كل الافاق الواعدة أمام شراكتنا الاستراتيجية تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادسوفخامة السيدEmanuelMacro رئيس جمهورية فرنسا، ومسنودين بمتانة القيم والقواسم المشتركة، وأتمنى أن تشكل دورتنا الرابعة هاته للمنتدى البرلماني المغربي الفرنسي لبنة أخرى في هذا المسار بما يخدم مصلحة بلدينا ومستقبل الأجيال الصاعدة.
Vive le Maroc vive la France
vive l’amitié franco-marocaine