السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور والمادة 21 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، نختتم اليوم، دورة أبريل للسنة التشريعية 2019 ـ 2020 في تزامن مع احتفالات الشعب المغربي بعيد العرش المجيد والذي يتوج هذه السنة استكمال 21 سنة من حكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. وهي مناسبة لتجديد التهاني لجلالة الملك : أولا بمناسبة تماثل جلالته للشفاء إثر العملية الجراحية التي أجريت لجلالته، وثانيا بمناسبة حصول ولي العهد المحبوب مولاي الحسن على شهادة البكالوريا.
وإنها لمناسبة تبعث على الاعتزاز والاطمئنان من حيث قدرة بلادنا على مجابهة التحديات المرتبطة بالعشرية الثالثة من هذه الألفية. فإذا كانت العشريتان الأولى والثانية من حكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله قد شهدتا ثورة إصلاحية هادئة تجسدت عناوينها الكبرى في الأوراش المهيكلة ذات البعد السياسي والمؤسساتي والحقوقي، فإن هذه السنة قد دشنت العشرية الثالثة بعنوان عريض وبارز مرتبط بمصالحة أشمل وأعمق، ألا وهي المصالحة الاجتماعية والاقتصادية من خلال تجديد جلالة الملك نصره الله في خطابه السامي بمناسبة عيد العرش يوم 30 يوليوز 2019، لدعوته إلى مراجعة وتحيين النموذج التنموي الحالي، من خلال الصياغة التشاركية لمشروع نموذج تنموي جديد يرقى إلى تطلعات وطموحات المغاربة ويحقق الإقلاع الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والمجالية ببلادنا .
وقبل استعراض حصيلة عمل المجلس خلال هذه الدورة، لابد من التوقف عند أهم حدث طبع هذه الدورة العادية التي انطلقت، وتختم، في سياق وظرف وطني وعالمي استثنائي وغير مسبوق مرتبط بتفشي وباء كورونا كوفيد- 19، وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على المستوى الوطني والدولي.
ونجدد بهذه المناسبة، اعتزازنا بحكمة وتبصر جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ونظرته الاستباقية بدعوته إلى اعتماد تدابير وإجراءات حاسمة وسريعة لمواجهة تفشي الوباء، عبر مقاربة ارتكزت على جعل صحة المواطنين والمواطنات وسلامة الوطن في صدارة الأولويات، بدءا من الدعوة إلى إغلاق الحدود البرية والجوية، وإحداث صندوق خاص بتدبير ومواجهة فيروس كورونا، وإصدار جلالته لتعليماته السامية من أجل تعبئة وسائل الطب العسكري لتعزيز الهياكل الطبية المخصصة لتدبير هذا الوباء، ومختلف الإجراءات المتخذة من قبل السلطات العمومية تنفيذا للتعليمات الملكية السامية. وهي التدابير التي مكنت بلادنا من التحكم في الوباء، والحد من انتشاره، وتجنب خسائر كبيرة على المستوى البشري، قياسا بما تكبدته حتى أكبر الدول وأكثرها تقدما.
كما نعبر عن افتخارنا بالمبادرة الملكية الرائدة لدعم 15 دولة افريقية صديقة، بمستلزمات طبية وأدوية لمواجهة وباء كورونا، والتي تندرج في سياق المبادرة الملكية السابقة بإطلاق إطار عملياتي للتعاون الإفريقي- الإفريقي لمواجهة وباء كورونا، وهي المبادرات التي عكست قيم التضامن التي يبلورها المغرب في تعاونه مع دول القارة، وتجسد الإرادة الملكية الراسخة لتأكيد التعاون والتضامن الافريقي.
وفي هذا الصدد، يتقدم المجلس بالتعازي الحارة لعائلات كافة الضحايا التي وافتهم المنية بسبب هذا الوباء، متمنيين الشفاء العاجل لباقي المصابين، سائلين المولى عز وجل أن يرفع هذا الوباء عن الإنسانية جمعاء.
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
ارتباطا بهذا الوضع، كان من المنطقي أن يعمد مجلس المستشارين إلى ملائمة نظام اشتغاله خلال هذه الدورة مع مستجدات الوضعية الوبائية لبلادنا وحالة الطوارئ الصحية المعلنة من قبل السلطات العمومية، وبما يضمن استمرار أداء مجلسنا الموقر للأدوار الدستورية المناطة به، وتبعا لذلك وضع المجلس نظاما استثنائيا للاشتغال خلال هذه الدورة، حاول الاستجابة لكل مرحلة من مراحل تطور الحالة الوبائية. ويمكن الاشارة إلى ذلك كالآتي:
- المرحلة الأولى: تركزت خلالها أشغال المجلس على القضايا الجوهرية وذات الأولوية التي تطلبها التجاوب السريع والحازم مع تداعيات انتشار وباء كورونا بعد تزايد عدد الحالات التي تم تسجيلها ببلادنا، بحيث تضمنت اتخاذ تدابير همت وضع نظام استثنائي للجلسات الأسبوعية للأسئلة الشفهية، وإعطاء الأولوية للنصوص التشريعية المرتبطة بتدبير جائحة كورونا والحد من آثارها، مع وضع نظام مؤقت للحضور في أشغال الجلسات العامة واللجان الدائمة، وضمان مشاركة السيدات والسادة المستشارين في المشاركة في الأشغال من خلال اعتماد آلية التصويت الإلكتروني والمشاركة في اجتماعات اللجان عن بعد.
- المرحلة الثانية: تم تليين التدابير الاحترازية المتخذة، بشكل يتماشى مع تطور الحالة الوبائية، بهدف فسح المجال لمواكبة الإجراءات الحكومية والحاجة التشريعية لمواجهة تداعيات الوباء، خاصة، على المستويات الاجتماعية والاقتصادية.
- المرحلة الثالثة: تم خلالها إقرار الرجوع إلى نظام الاشتغال العادي لأجهزة المجلس بعد رفع الحجر الصحي، مع الإبقاء على جميع التدابير المادية للوقاية من انتشار الوباء.
ولقد مكنت التدابير المتخذة خلال المراحل الثلاثة المذكورة من تكريس دور مجلس المستشارين كشريك أساسي وفاعل، إلى جانب مجلس النواب والحكومة، في مواجهة جائحة كورونا ومكافحة مختلف تداعياتها. كما حظيت هذه الإجراءات بالإشادة والتنويه من طرف المراقبين، لاسيما بعد اعتماد التجربة الأولى من العمل البرلماني بالمغرب، والمتمثلة باعتماد آلية التصويت الإلكتروني عن بعد.
وحرصا على تكريس الدور المحوري لمجلسنا الموقر في محاربة الوباء واستثمار كافة الآليات الدستورية لتتبع العمل الحكومي ذي الصلة شهدت وتيرة اجتماعات مكتب المجلس وندوة الرؤساء كثافة وارتفاعا ملحوظا. كما اتسم عمل اللجان الدائمة بتعبئة وتفاعل مسؤول مع متطلبات تسريع إقرار القوانين المرتبطة بتدبير الجائحة وتداعياتها، ومواكبة دقيقة للعمل الحكومي ذي الصلة، لاسيما عبر تقديم طلبات الاستماع إلى المسؤولين الحكوميين المعنيين بشكل مباشر بتدبير الجائحة.
وبصفة، فقد اتسمت هذه الدورة البرلمانية بروح المسؤولية والعمل الجاد والالتزام الذي أبانت عليه مختلف مكونات المجلس: مكتب المجلس، ندوة الرؤساء، اللجان الدائمة، الفرق والمجموعة البرلمانية وباقي أعضاء المجلس، وكافة الأطر الإدارية بالمجلس.
السيدات المستشارات والسادة المستشارون المحترمون؛
تميزت هذه الدورة على الصعيد التشريعي باعتماد مجلس المستشارين لأول مرة في تاريخ العمل البرلماني بالمغرب، والثانية على صعيد افريقيا والشرق الأوسط، لآلية التصويت الإلكتروني عن بعد، عبر منصة معلوماتية مؤمنة ابتداء من الجلسة العامة المنعقدة يوم الثلاثاء 12 ماي 2020، وقد جاء اعتماد هذه الآلية بغية ضمان مشاركة أوسع للسيدات والسادة المستشارين في عملية التصويت، بما يتوافق مع مقتضيات الفصل 60 من الدستور الذي ينص على أن التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه ومضمون المادة 175 من النظام الداخلي للمجلس.
ولقد شهدت الحصيلة التشريعية للمجلس الموافقة على 20 نصا تشريعيا، كانت على درجة كبيرة من الأهمية، من حيث استجابتها لمتطلبات الفترة الراهنة، ومن أبرزها، بالإضافة إلى مشروع قانون المالية المعدل رقم 35.20 للسنة المالية 2020، والنصوص التشريعية المرتبطة بتدبير جائحة كورونا "كوفيد-"19، وهي:
-
مشروعين قانونين يرميان إلى المصادقة على مراسيم قوانين، تم اصدارهما خلال الفترة الفاصلة بين دورتي أكتوبر وأبريل، ويتعلق الأمر ب:
-
مرسوم بقانون رقم 2.20.320 المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، الذي تمت المصادقة عليه بالقانون رقم 26.20؛ ومرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، الذي تمت المصادقة عليه بالقانون رقم 23.20؛ مشروع قانون رقم 25.20 يتعلق بسن تدابير استثنائية لفائدة المشغلين المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والعاملين لديهم المصرح بهم، المتضررين من تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19".
-
مشروع قانون 27.20 بسن أحكام خاصة تتعلق بسير أشغال أجهزة إدارة شركات المساهمة وكيفيات انعقاد جمعياتها العامة خلال مدة سريان حالة الطوارئ الصحية.
-
مشروع القانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات.
-
مشروع قانون رقم 42.20 بتغيير المرسوم بقانون رقم 2.20.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها؛
-
ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بتنظيم مؤسسات الأعمال الاجتماعية لموظفي الجماعات الترابية وبعض الفئات التابعة لوزارة الداخلية؛
-
مشروع القانون المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية؛
-
ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بالأمن والدفاع، تتعلق على التوالي بالأمن السيبراني، وبعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، ثم بتتميم القانون المتعلق بجيش الرديف في القوات المسلحة الملكية.
مشروع القانون رقم 50.17 المتعلق بمزاولة أنشطة الصناعة التقليدية.
وعلى صعيد آخر، عرفت هذه الدورة البرلمانية تكوين المجلس للجنة النظام الداخلي طبقا للمادة 368 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، من أجل دراسة مقترح لتغيير وتتميم النظام الداخلي للمجلس، والتي تمكنت بعد اجتماعات مطولة من اقرار تعديلات توافقية ترمي إلى إقرار قواعد خاصة لاشتغال المجلس في الأحوال غير العادية، وإقرار أحكام خاصة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في عمل مجلس المستشارين، وبكيفيات دراسة مشاريع قوانين المالية التعديلية.
وعلى الرغم من النظام الاستثنائي لعمل اللجان الدائمة بغاية التكيف مع التطورات المرتبطة بانتشار الوباء، فان وتيرة الاجتماعات حافظت الى حد ما على نفس مستواها، مع ملاحظة تسجيل سلاسة ومرونة واضحتين في برمجة النصوص القانونية ذات الصبغة الاستعجالية، في أجواء من التضامن والوحدة عكست المجهود الوطني المتراص لمجابهة آثار الوباء.
وفي هذا الصدد، فقد عقد المجلس ما مجموعه 33 جلسة عامة بما يناهز 46 ساعة عمل، و32 اجتماع للجان الدائمة بمعدل 75 ساعة عمل، وأربع اجتماعات للجنة النظام الداخلي بمدة زمنية فاقت 7 ساعات.
كما قدمت مختلف مكونات المجلس ما مجموعه 244 تعديلا على مختلف النصوص التي تدارستها اللجان الدائمة، قبلت الحكومة منها 37 تعديلا، علما بأن أغلب التعديلات المقترحة تم سحبها أو ادماجها في اطار صيغ توافقية، عكست أجواء التعاون الايجابي لمكونات المجلس مع الحكومة خلال هذه الفترة الحساسة.
وبالمقابل فقد بلغت عدد التعديلات المقترحة حول أرضية تعديل النظام الداخلي لمجلسنا 113 تعديلا، أدمجت الأغلبية الساحقة منها في الصيغة النهائية التي وافقت عليها اللجنة المختصة، والتي ستحال على المحكمة الدستورية طبقا للمساطر المرعية.
ومن جهة أخرى، فإن مكتب المجلس عازم على برمجة جميع مشاريع ومقترحات القوانين المحالة على اللجان الدائمة بالمجلس، وقد راسل في هذا الصدد هذه اللجان، كما الحكومة، بغرض الوقوف على الأسباب الحقيقية التي تحول دون برمجة البعض من هذه النصوص، وقد تبين له بأن هذه الاسباب لا تعود بالضرورة إلى تعثر الاجراءات المرتبطة بالتنسيق والأجندة، بقدر ما ترجع كذلك إلى مدى تجاوب الفاعل الحكومي مع الحضور إلى أشغال اللجان للتعبير عن الموقف من بعض المقترحات التي يتعين على الحكومة أن تحدد الموقف منها، إما لكونها لا تحظى بالأولوية لديه أو لتغيير الوزراء المشرفين على بعض القطاعات المعنية ببعض المشاريع ذات الأهمية، وأملنا أن يتم في الدورة المقبلة البت في جميع النصوص العالقة لدى لجان المجلس.
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
أما على مستوى مراقبة العمل الحكومي، فقلد شكلت الأسئلة الشفهية مناسبة للتفاعل بين أعضاء المجلس والحكومة حول مستجدات الحالة الوبائية ببلادنا وكافة التدابير المتخذة لمكافحة تداعياتها، وقد حظيت هذه الجلسات بمتابعة مهمة من قبل الرأي العام ووسائل الإعلام، لدرجة أصبحت منبرا مهما للتعرف على المستجدات والتطورات المرتبطة بالحالة الوبائية ببلادنا.
وفي هذا الصدد، فقد عقد المجلس خلال دورة أبريل 2020 إثنى عشر (12) جلسة للأسئلة الشفهية، عالج خلالها السادة المستشارين التدابير والإجراءات التي اتخذتها القطاعات الحكومية المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر بتدبير آثار هذه الجائحة إن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي بغية التخفيف من انعكاساتها ووقعها السلبي على الاقتصاد الوطني وعلى مختلف الشرائح المجتمعية المتضررة.
كما عقد المجلس ثلاث (03) جلسات شهرية خاصة بتقديم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل السد رئيس الحكومة طبقا لمقتضيات الفصل 100 من الدستور، همت المواضيع التالية:
-
الجلسة الأولى: تناولت محور "واقع وآفاق مواجهة تداعيات أزمة كورونا".
-
الجلسة الثانية: تناولت محور "سياسة الحكومة لما بعد رفع الحجر الصحي: أية خطة إقلاع اقتصادي لمعالجة الآثار الاجتماعية للأزمة؟"
-
الجلسة الثالثة: تناولت محور "السياسات العمومية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والرقمية في ضوء الدروس المستخلصة من تداعيات أزمة كورونا."
كما عقد مجلسا البرلمان طبقا لأحكام الفصل 68 من الدستور جلسة عامة مشتركة خصصت لتقديم رئيس الحكومة لبيانات تتعلق "بتطورات تدبير الحجر الصحي ما بعد 20 ماي"، وذلك يوم الإثنين 18 ماي 2020، أعقبتها عقد مجلس المستشارين جلسة عامة يوم الثلاثاء 19 ماي 2020 لمناقشة هذه البيانات من قبل ممثلي الفرق والمجموعة البرلمانية، تفعيلا لمقتضيات المادة 273 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، ليشهد العمل البرلماني المغربي بذلك لأول مرة في تاريخه عقد جلسات عمومية لتقديم ومناقشة البيانات المقدمة من قبل رئيس الحكومة.
وعلى صعيد التزامات وتعهدات السادة الوزراء خلال جلسات الأسئلة الشفهية، فقد تم حصر 18 التزاما تتعهد بموجبه الحكومة بمعالجة عدد من الإشكالات الاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا من قبيل: (توفير الكمامات الواقية وأجهزة التنفس الصناعي في السوق الوطنية- إعداد خطة لضمان انطلاقة جيدة للقطاعات الاقتصادية وتعزيز مقومات الحماية الاجتماعية- تعزيز منظومة التعلم عن بعد- إرجاع المغاربة العالقين خارج أرض الوطن- تعزيز تقنية التقاضي عن بعد وضمان المحاكمة العادلة- إعداد استراتيجيات مستقبلية على مستوى قطاعي الصحة وإعداد التراب الوطني لتشجيع الطلب على السكن وتيسير الولوج إليه- القضاء على البناء المفكك وتوفير الوسائل والإمكانيات للولوج للتعلم- إعداد مخطط لإعادة إقلاع القطاع السياحي يرمي الحفاظ على مناصب الشغل وإنعاش السياحة الداخلية.)
وبالنسبة لإحصاءات الأسئلة الشفهية، فقد بلغ عدد الأسئلة الشفهية المتوصل بها خلال الفترة الفاصلة بين دورتي أكتوبر 2019 وأبريل 2020 ما مجموعه 246 سؤالا، أجابت الحكومة على 163 منها خلال 12 جلسة عامة، من ضمنها 124 سؤالا محوريا، و17 سؤالا آنيا و22 سؤالا عاديا.
وبالنسبة للتوزيع المجالي القطاعي، فقد ركزت أسئلة السادة المستشارين على القطاع الاجتماعي بنسبة تعادل حوالي (38%) من مجموع الأسئلة المطروحة، فالقطاع الاقتصادي بنسبة (32%)، ثم قطاع الشؤون الداخلية والبنيات الأساسية بنسبة (18%)، فالمجال الحقوقي والإداري والديني بنسبة (06%)، وأخيرا قطاع الشؤون الخارجية بنسبة (06%) أيضا.
بينما بلغ عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال نفس الفترة ما مجموعه 808 سؤالا، أجابت الحكومة على 320 سؤالا منها، أي بمعدل (39%)
وعلى مستوى العمل الرقابي للجان الدائمة، فلقد تميزت أشغالها خلال هذه المرحلة بمواكبة دقيقة للعمل الحكومي ذي الصلة بتدبير جائحة كورونا، وسعت الفرق والمجموعة البرلمانية بالمجلس دائما إلى التعبير عن انشغالات وتساؤلات المواطنين، حيث طرحت الفرق والمجموعة البرلمانية قضايا محورية وطلبت الاستماع للحكومة حول مستجدات التدبير الحكومي في شتى القطاعات لاسيما المتضررة من الجائحة بلغت في مجموعها 14 طلبا خلال هذه الدورة، وتكلل ذلك ببرمجة ستة اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين المعنيين بشكل مباشر لدراسة المواضيع التالية:
-
إحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19"؛
-
الانعكاسات الاقتصادية والمالية لتفشي فيروس كورونا "كوفيد-19" على بلادنا؛
-
التدابير والإجراءات ذات الطابع الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة لمواجهة جائحة كورونا؛
-
وضعية الحرفيين التقليديين في ظل جائحة وباء كورونا؛
-
أوضاع المهنيين داخل مؤسسة الضمان الاجتماعي ودورها في التداعيات الاجتماعية التي أفرزتها جائحة كورونا كوفيد-19؛
-
تطور وضعية الحالة الوبائية والإجراءات الصحية لما بعد رفع الحجر الصحي.
وفي إطار تعزيز قدرات المجلس وحرصه على تمكين العموم من المعلومات وتيسير ولوج الباحثين والمهتمين إلى المعلومات ذات الصلة بوظائف المجلس الدستورية، فضلا عن تطوير الخدمات المعلوماتية المقدمة للباحثين والعموم، تم توقيع اتفاقية شراكة بين مجلس المستشارين والمندوبية السامية للتخطيط بهدف تعبئة الدور الطلائعي للمركز الوطني للتوثيق التابع للمندوبية السامية للتخطيط في تثمين ما ينتجه مجلس المستشارين من وثائق في مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية، إضافة إلى الأنشطة التي ينظمها المجلس في إطار احتضانه للنقاش العمومي والحوار المجتمعي التعددي ونهجه لسياسة البيانات المفتوحة والبرلمان الإلكتروني.
وبغرض الارتقاء بمستوى التعاون المؤسساتي بين مجلس المستشارين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، سيتم العمل على تحيين مذكرة التفاهم التي سبق توقيعها سنة 2014 على ضوء مقتضيات النظام الداخلي الجديد لمجلس المستشارين والقانون الجديد المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإغنائها بواجهات عمل إضافية تهم بالخصوص مواضيع ذات الصلة بالعدالة الانتقالية والعدالة الاجتماعية، ومتابعة تفعيل توصيات أجهزة المعاهدات، وما يستلزمه ذلك من الرقي بملائمة التشريعات الوطنية مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلا عن تقوية الحضور والمساهمة البرلمانية في أشغال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كما سيهم تحيين مذكرة التفاهم اعتبار الأنشطة التي تندرج في نطاق احتضان مجلس المستشارين للنقاش العمومي والحوار المجتمعي التعددي ولاسيما منها ذات الصلة بالعدالة المناخية وأجندة أهداف التنمية المستدامة.
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد واصل مجلس المستشارين عمله في إطار خارطة طريق تمت بلورتها من طرف مكتب المجلس حول تدبير العمل الدبلوماسي في سياق حالة الطوارئ الصحية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد ومخطط وفترة رفع الحجر الصحي ببلادنا والخروج منها، بالإضافة إلى رقمنة العمل الدبلوماسي لمجلس المستشارين عبر اتخاذ تدابير مكملة للإجراءات القائمة وتطوير وسائل العمل عن بعد ووضع الإطار التقني المناسب للأنشطة الدبلوماسية والذي أمن مشاركة أعضاء الشعب الوطنية الدائمة للمجلس لدى الاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية في الاجتماعات والمؤتمرات التي عقدتها هذه الأخيرة عبر التناظر المرئي.
وفي هذا الإطار، شاركت وفود مجلس المستشارين في أشغال كل من: لجنة القضايا القانونية وحقوق الإنسان التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، ولجنة القضايا السياسية والديمقراطية التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، وجلسة الاستماع المنظمة من قبل لجنة القضايا القانونية وحقوق الإنسان التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا حول موضوع:"حقوق الإنسان وجوانب سيادة القانون لأزمة فيروس كورونا"،والمؤتمر المنظم من طرف البنك الدولي حول موضوع:"اجتماع برلماني افتراضي حول إستراتيجية البنك الدولي بشأن الهشاشة والصراع والعنف"، والاجتماع البرلماني حول موضوع: "مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في إطار وباء كوفيد19"،والاجتماع البرلماني الدولي حول موضوع: "تأمين مستقبلنا المشترك: مشروع دليل للعمل البرلماني بشأن نزع السلاح من أجل الأمن والتنمية المستدامة"، واجتماع مجموعة البحر المتوسط والشرق الأوسط التابعة للجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي حول موضوعي "التنمية والأمن في منطقة الساحل"و"وباء كوفيد19 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
هذا وشارك المجلس أيضا في ندوة حول موضوع: "إعادة البناء بشكل أفضل: الدروس المستفادة من وباء كوفيد 19 لتعزيز دور البرلمانات في الحد من مخاطر الكوارث"، والندوة الدولية حول موضوع: "الاستجابة لكوفيد 19 وأهداف التنمية المستدامة" المنظمة من قبل الاتحاد البرلماني الدولي وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، واللجنة الفرعية للشرق الأدنى والأوسط التابعة للجنة القضايا السياسية والديمقراطية بالجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
فضلا عن ذلك، شارك مجلسنا الموقر في اجتماعات هياكل الاتحادات والشبكات البرلمانية التي هو عضو فيها ولاسيما: اللجن الدائمة والجلسة العامة للبرلمان العربي، والاجتماع المشترك للجنة الهجرة والجمارك ولجنة النقل والتكنولوجيات التابعتين للبرلمان الإفريقي، والمنتدى البرلماني المنعقد بمناسبة المنتدى السياسي رفيع المستوى بالأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة.
وأود استغلال هذه الفرصة للوقوف عند مواقف الإشادة والتنويه التي أصدرتها الاتحادات الجهوية والقارية والدولية حول الإستراتيجية المتفردة التي اعتمدتها المملكة المغربية في مواجهة فيروس كورونا المستجد والتي أجمعت كلها على التنويه بالنموذج المغربي وبإجراءاته الاستباقية من أجل محاصرة الوباء وبدعمها لمبادرة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده من أجل خطة إفريقية موحدة وتضامنية لدعم الدول الإفريقية في مكافحة فيروس كورونا المستجد، وكذا مجموع المبادرات والمساهمات المادية والتشريعية التي قام بها البرلمان المغربي ضمن الجهود الوطنية لمواجهة الوباء وتدبير تداعياته، ويتعلق الأمر بكل من الاتحاد البرلماني الدولي، والبرلمان الإفريقي، وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، وبرلمان أمريكا الوسطى، والبرلمان الأنديني، ومنتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطى والكراييب "الفوبريل".
وفي نفس هذا الإطار، عملت مكونات مجلس المستشارين على مواصلة حشد الدعم لقضية وحدتنا الترابية، وتحقيق التضامن الإفريقي ودعم مبادرة جلالة الملك محمد السادس نصرة الله وأيده من أجل خطة إفريقية موحدة وتضامنية لدعم الدول الإفريقية في مكافحة فيروس كورونا المستجد، والتعاون جنوب جنوب، والانخراط في الجهود العالمية الرامية للتصدي لوباء فيروس كورونا المستجد، وذلك عبر تطوير التعاون وتبادل التجارب والممارسات الفضلى مع برلمانات دول العالم في مجال التعاطي مع فيروس كورونا ومعالجة انعكاسات الوباء على المستويات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية.
وتبعا لذلك، عقدنا بصفتنا رئيسا لرابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي لقاء مع رئيسات ورؤساء كافة الاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية بأمريكا اللاتينية والكاراييب، تمحور حول سبل تعزيز التعاون البرلماني في ظل جائحة كورونا، وتوج هذا اللقاء التواصلي الهام بالمصادقة على الإعلان المشترك، الذي نوه بالمبادرة السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله الرامية إلى إرساء إطار عملي لمواجهة تداعيات هذا الوباء على المستوى الإفريقي، حيث اعتبر رؤساء ورئيسات الاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية بأمريكا اللاتينية والكراييب أن "الركائز والمبادئ والقيم المثلى لمبادرة جلالته تشكل أرضية صلبة لصياغة خطة عمل مشتركة بين كافة دول الجنوب من أجل مواجهة هذا الوباء وتداعياته على جميع المستويات".
وضمن نفس التوجه، عقدنا بصفتنا رئيسا للشبكة البرلمانية للأمن الغذائي في إفريقيا والعالم العربي اجتماع المكتب التنفيذي للشبكة لتدارس موضوع :"تأثير جائحة كوفيد19 على الأمن الغذائي بالمنطقتين الإفريقية والعربية" بمشاركة منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) والذي توج بتوصيات نوعية جد هامة.
وتجذر الإشارة، ونحن نختتم هذه الدورة، التذكير بأن ما حققته بلادنا وخصوصا في مجال توطيد نموذجنا الديمقراطي والتنموي، إلى جانب واقعية وجدية ومصداقية مقترح الحكم الذاتي، ومتانة إجماعنا الوطني، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، قد ساهمت بقدر كبير من الاعتبار في تعزيز الوحدة الترابية وترسيخ السيادة الوطنية على أقاليمنا الجنوبية، وتوسيع دائرة البلدان المقرة بمشروعية وعدالة قضيتنا الوطنية، حيث عشنا خلال السنة الأخيرة ما يمكن أن نسميه سنة اندحار الوهم وانهيار الأطروحات التضليلية والانفصالية، وهو ما تجسد وترسخ من خلال سحب العديد من البلدان اعترافها بالجمهورية الوهمية، وفتح عدد من البلدان الصديقة والشقيقة قنصليات وتمثيليات دبلوماسية بأقاليمنا الجنوبية وخصوصا مدينتي العيون والداخلة العزيزتين.
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
في الختام، يسعدني أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى السيد رئيس الحكومة وباقي أعضاء الحكومة المحترمين، على تواصلهم وتعاونهم الدائم مع مجلسنا، والشكر موصول كذلك للسيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان على ما يقوم به من جهود من أجل تيسير التعاون والتنسيق بين مجلسنا والحكومة.
كما أتقدم بالشكر إلى السيدات والسادة المستشارين المحترمين، وأعضاء مكتب المجلس، ورؤساء الفرق ومنسق المجموعة البرلمانية، ورؤساء اللجن الدائمة، على عملهم الجاد والمسؤول وحرصهم المتواصل من أجل الارتقاء بأداء مؤسستنا إلى مستوى متقدم.
ويسعدني بنفس المناسبة، أن أنوه بأطر وموظفات وموظفي مجلس المستشارين، على تفانيهم في العمل لخدمة مصلحة مؤسستنا التشريعية.
والشكر موصول أيضا لجميع الأجهزة الأمنية التي تسهر على أمن مقرات المجلس والحرص على انسيابية الولوج إليها.
كما لا يفوتني بهذه المناسبة، أن أتوجه بالشكر لمختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية على مواكبتها المهنية لأنشطتنا ونقلها لعموم الرأي العام الوطني والدولي.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.