تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد رئيس مجلس المستشارين بمناسبة افتتاح الدورة دورة أبريل من السنة التشريعية 2021 - 2020

2022-04-08

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

السيد الوزير المحترم؛

السيدات المستشارات المحترمات؛

السادة المستشارون المحترمون؛

الحضور الكريم؛

طبقا لأحكام الفصل 65 من الدستور والمادة 18 من النظام الداخلي للمجلس،نفتتح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2021ء2022، في مستهل هذا الشهر الفضيل المفعم بالمشاعر وروابط الأخوة والمحبة، شهر رمضان المبارك الكريم، أعاده الله تعالى على مولانا أمير المؤمنين مولانا صاحب الجلالة حفظه الله وعلى الأمة العربية والإسلامية وعلينا جميعا بالخير واليمن والبركات.

وكما لا يخفى عليكم، تنعقد هذه الدورة في سياق دولي يتسم باستمرار تداعيات جائحة كورونا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وكذا ما ترتب وسيترتب من آثار وانعكاسات إنسانية واقتصادية واجتماعية وأمنيةعلى سائر دول المعمور جراء الأعمال الحربية بين دولتي روسيا واوكرانيا منذ مارس المنصرم، والمتواصلة إلى حدود اللحظة، وما خلفته منذ اندلاعها من اختلالات ولا سيما ما يتعلق بانسيابية مبادلات السلع والمواد الأساسية.

وتلتئم هذهالدورة أيضا بعد مضي أيام قليلة على تتويج مجهودنا الجماعي الرسمي والموازي بالاختراق غير المسبوق الذي حققته ديبلوماسيتنا الوطنية تحت القيادة المقدامةوالرشيدة لصاحب الجلالة حفظه الله وبحكم رؤيته الثاقبة والمتبصرة، والمتمثل في الموقف الاسباني الأخير الذي اعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس "الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف المتعلق بالصحراء المغربية"، كما جاء ذلك في رسالة رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله. 

ولا يسعنى سوى الإشادة، باسمكم جميعا، بهذا الموقف التاريخي والتنويه إلى ضرورة مواصلة عملنا الدؤوب والحرص على ضمان التنسيق وإلتقائية مجهودنا الدبلوماسي الوطني كل من موقعه. فضلا عن ذلك وجب التنويه أيضا بما تحقق ميدانيا من خلال الرفع من عدد التمثيليات الدبلوماسية بأقاليمنا الجنوبية إلى 24 تمثيلية بعد افتتاح القنصلية العامة لمنظمة دول شرق الكراييب بمدينة الداخلة في الأسبوع الماضي. 

أما على الصعيد الداخلي، فتنعقد هذه الدورة في سياق مناخي خاص، متسم بانعكاسات الجفاف على الفلاحة الوطنية، رغم أمطار الخير التي عرفتها مناطق متفرقة من بلادنا في الآونة الأخيرة.مما عجلوبتعليمات ملكية سامية باتخاذ عدد من المبادرات الرامية إلى دعم بعض الفئات المجتمعية لمجابهة الاثار السلبية المختلفة للجفاف وتقلباتأسعار المحروقات، وبإطلاق دينامية الحوار الاجتماعي كترجمة لالتزام السيد رئيس الحكومة بذلك إبان التئام المنتدى البرلماني الدوليللعدالة الاجتماعية الذي نظمناه في دورته السادسة.

حضرات السيدات والسادة؛

وحيث أن الأزمة الوبائية قد أبانت عن عودة قضايا السيادة للواجهة، والتسابق من أجل تحصينها، "وإذا كان المغرب قد تمكن من تدبير حاجياته،  وتزويد الأسواق بالمواد الأساسية ، بكميات كافية ، وبطريقة عادية، فإن العديد من الدول سجلت اختلالات كبيرة، في توفير هذه المواد وتوزيعها"؛ كما نوه إلى ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة فإنه لم يفته التشديد في ذات الخطاب السامي "على ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة ، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية ، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية ، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية ، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد" . (انتهى النطق الملكي السامي).

وتبعا لذلك واسترشادا بهذه الرؤية المتبصرة واستحضارا للسياق الحالي المتسم باستعجالية الاستجابة لهذا المسعى والتعاطي مع بعض القضايا ذات الصبغة الاجتماعية الملحة،شكل مكتب المجلس بالتشاور مع السيدة والسادة رؤساء الفرق ومنسقي المجموعات بالمجلس، مجموعتين موضوعاتيتينلإعداد تقريرين حول الأمن الغذائي والأمن الصحي، وهي مناسبة للدعوة لتعبئة جهودنا جميعا لإنجاح عمل المجموعتين والخروج بخلاصات مفيدة في هذا الصدد. كما حرصنا على تيسير عمل اللجان الدائمة وما برمجته من حزمة من الأنشطة حيث دعت لجان المجلس إلى طلب عقد اجتماعات خاصة خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين، والتي اتسمت باجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية بتاريخ 24 فبراير 2022 لمناقشة موضوع تداعيات تأخر التساقطات المطرية والتدابير المتخذة للتخفيف منها، بحضور كل من السيد وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والسيد المدير العام للقرض الفلاحي، والذي شكل مناسبة لطرح مختلف الإشكالات التي تعرفها الفلاحة الوطنية في هذه الظرفية الصعبة، وكذا لتقديم الحكومة شروحات وافية حول البرنامج الوطني الاستعجالي لدعم المتضررين من تداعيات الجفاف.

ومن جانبها، عقدت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية اجتماعا بتاريخ 7 مارس 2022، بحضور السيد وزير النقل واللوجستيك، لمناقشة تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات على الصعيد الدولي على قطاعي نقل المسافرين والنقل السياحي، تداولت خلالها اللجنة حول السبل الكفيلة بدعم العاملين في القطاع، وبصفة خاصة تعويض المتضررين.

كما كان مزمعا أن ينعقد اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية، لمناقشة موضوع ذيراهنية كبيرة، يتعلق بمستقبل الطلبة المغاربة المسجلين في الجامعات الاوكرانية، غير أن إكراهات الأجندة دفعت إلى تأجيله إلى ما بعد افتتاح الدورة الجارية.

وبجانب هذه المبادرات التي تفاعلت خلالها لجان المجلس مع ما يموج في الساحة الوطنية من قضايا وإشكالات، عرفت الفترة الفاصلة بين الدورتين تنظيم زيارات ميدانية للاطلاع عن كثب على مشاريع مهيكلة، ويتعلق الأمر بالزيارة التي قامت بها لجنة الداخلية إلى ورش الطريق السريع رقم 1 الرابط بين تزنيت والداخلة خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 20 فبراير 2022، والتي تم الاطلاع خلالها على المراحل التي قطعها وظروف انجاز هذا المشروع الضخم، على امتداد الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة.

ومن جهتها قامت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لتقييم السياسات العمومية المرتبطة بالشباب، بزيارتين ميدانيتين لجهة طنجةءتطوان وجهة كلميمءواد نون، في سابقة هي الأولى من نوعها في الانتقال إلى الفاعلين في الميدان، والحوار معهم حول الاستراتيجيات الوطنية وكيفيات تنزيلها والإكراهات التي تحد من تحقيق نتائجها، وذلك وفق منهجية مبتكرة، تم خلالها الاستماع إلى الفاعلين الحكوميين المعنيين بالشباب. ويتعلق الأمر بالسادة أعضاء الحكومة المكلفين بالشباب والتربية الوطنية والرياضة والتضامن والسياحة، وعقد لقاأت مع المنتخبين على اختلاف مستوياتهم الجهوية والترابية، وممثلي المصالح الخارجية للقطاعات الحكومية، وجمعيات المجتمع المدني، وزيارة مشاريع نموذجية ذات الصلة، وهي تجربة متميزة مكنت من التوصل إلى معطيات غنية حول الموضوع، تم تعزيزها بتبادل الخبرة مع خبراء وطنيين ودوليين في إطار برامج التعاون الدولي، ولا يزال برنامج المجموعة الموضوعاتية يضم عددا من جلسات الاستماع، والتي ستتيح أخذ نظرة أكثر دقة عن موضوع التقييم، في أفق رفع تقريرها إلى المجلس قبل اختتام هذه الدورة.

ووفق المنهج التوافقي، اشتغلت جميع مكونات المجلس خلال الفترة الفاصلة على وضع مقترحات تعديلات على النظام الداخلي للمجلس، بلغت في مجموعها ما يقارب 400 تعديل، والتي تم الاتفاق على عرضها على لجنة فرعية مؤلفة من أعضاء المكتب ورؤساء الفرق ومنسقي المجموعات ورؤساء اللجان الدائمة أو من ينوب عنهم، وستباشر أشغالها في القريب العاجل، في أفق التنسيق والتشاور مع مجلس النواب حول المواضيع المشتركة.

ونأمل أن تعطي هذه المراجعة دفعة قوية للأدوار التشريعية والرقابية للمجلس، التي نسعى جميعا، إلى جعلها أكثر فاعلية واستجابة للحاجيات المجتمعية مع مراعاة خصوصية تركيبة المؤسسة، وهنا لا بد من التذكير بالتداول المستمر حول النمط المناسب للأسئلة الشفهية الأسبوعية بجانب ملفات أخرى، والذي كان من نتائجه التقييم المرحلي لطريقة عرض الأسئلة الشفهية ومحاورها والقطاعات المعنية بها، وسندشن خلال الدورة الحالية نمطا جديدا يقوم على جدول أعمال مفتوح يستند إلى بنك الأسئلة الخاص بكل مكون من مكونات المجلس.

ولا تفوتني هذه الفرصة، دون التأكيد أيضا على مستوى العمل التشريعي، بأن اختصاص الحسم في قبول أو رفض المبادرات التشريعية لأعضاء المجلس وتعديلها، هو حق مكفول لأجهزة المجلس، والتي ندعوها إلى برمجة مقترحات ومشاريع القوانين ومناقشتها والبت فيها وفقا لأحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس، لا سيما أن البعض منها يكتسب أهمية خاصة، نذكر منها مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون بعد ترتيب الآثار القانونية لقرار المحكمة الدستورية، والذي سيحال على المجلس في الأسابيع المقبلة.

وعلى صعيد العلاقة مع المؤسسات الدستورية، فقد توصل المكتب بالتقريرين السنويين لكل من وسيط المملكة برسم سنة 2020، والمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2019 و2020. ومن المزمع مناقشتهما بتنسيق مع مجلس النواب وفق المساطر القانونية ذات الصلة. 

حضرات السيدات والسادة،

وعلى مستوى الدبلوماسية البرلمانية، وفي إطار ترسيخ حضور مجلس المستشارين بالمملكة المغربية على مستوى أمريكا اللاتينية والكراييب، ترأسنا وفدا عن المجلس للقيام بزيارة عمل لجمهورية بنما، ، تخللتها المشاركة في فعاليات الجمعية العامة السنوية لبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، وقمة رؤساء الاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية بإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وقد اتسمت هذه الزيارة خصوصا بالحدث التاريخي المتمثل في تدشين الفضاء المغربي الذي تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بإطلاق اسم جنابه الشريف عليه "مكتبة الملك محمد السادس"، حيثعرف حفل التدشين حضور رئيسة برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، ووفود الدول الأعضاء في هذه المنظمة، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد ببنما، إضافة لرئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، ورئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي.

وفي الكلمة التي ألقيناها بهذه المناسبة، وعقب رفع العلم المغربي أمام مقر البرلاتينو وعزف النشيد الوطني المغربي، أكدنا أن “مكتبة الملك محمد السادس” تشكل رمزا يجسد غنى وتنوع الموروث الثقافي والمجالي للمملكة المغربية داخل مقر أكبر تجمع برلماني بمنطقة أمريكا اللاتينية والكراييب، وكذا جسرا للتواصل والتقارب بين شعوب إفريقيا ومنطقة أمريكا اللاتينية والكراييب، علما أن المكتبة ستكون منصة رقمية تفاعلية هامة للتوثيق والربط المباشر مع البرلمانات الوطنية للدول 23 الأعضاء في برلمان أمريكا اللاتينية والكرايبب.

ومن جهة أخرى عقدنا قمة رؤساء الاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية بإفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث أصدرنا "إعلان بنما" أكدنا فيه أن الفضاء المغربي يمثل دعما وتقديرا لمسار التعاون بين المنطقتين الإفريقية والأمريكولاتينية.

كما عبر الموقعون على "إعلان بنما" عن التثمين العالي والتقدير العميق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على التفضل بإطلاق إسم جنابه الشريف على الفضاء المغربي بمقر برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، مثمنين المجهودات التي يقوم بها برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب ومجلس المستشارين بالمملكة المغربية، من أجل ترسيخ دور المنتدى البرلماني الإفريقي الأمريكولاتيني، كمبادرة تشكل جسرا متينا للربط بين القارتين الإفريقية واللاتينية، وفضاء للحوار وترسيخ مؤسسات الحوار وبرامج التعاون جنوب – جنوب، والترافع المشترك الكفيل بالتخفيف من الآثار السلبية لعدم الاندماج على كافة الأصعدة.

كما تميزت الفترة الفاصلة بين الدورتين، بزيارة العمل التي قمنا بها لجمهورية غواتيمالا تلبية لدعوة كريمة من قبل برلمان أمريكا الوسطى، اتسمت باللقاء مع رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لبرلمان أمريكا الوسطى، بمقر هذه الهيئة البرلمانية الجهوية الهامة بجمهورية غواتيمالا.

وخلال هذا اللقاء أشاد رئيس برلمان أمريكا الوسطى، بالدعم الكبير الذي تقدمه المملكة المغربية، من خلال مجلس المستشارين لأنشطة البرلاسين، مشيرا إلى أن مكونات برلمان أمريكا الوسطى واعية جدا بالمكانة والموقع المتميز الذي يحظى به المغرب في محيطه الإقليمي والجهوي. كما أكد رئيس برلمان أمريكا الوسطى أن السياسة المغربية في مجال الهجرة، والتي تمت بلورتها بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، تعتبر نموذجية في اعتماد المبادئ والمعايير الأممية ذات الصلة باحترام حقوق الإنسان.

كما حظينا بحفاوة الاستقبال خلال مختلف اللقاأت التي تم إجراؤها مع المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين بجمهورية غواتيمالا، حيث أصر المسؤولون الغواتيماليون على تبيان مظاهر الاهتمام الكبير والرغبة الأكيدة في تعزيز علاقات بلدهم بالمملكة المغربية، وخصوصا خلال المباحثات مع كل من وزير الخارجية ورئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لكونغرس جمهورية غواتيمالا.

وتوجت الزيارة بشرف استقبالنا من قبل فخامة رئيس جمهورية غواتيمالا، والذي أعرب بهذه المناسبة، عن تقديره الكبير للمملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وعلى الموقف الثابت لبلاده بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، مشددا على أن هذا الدعم يشمل مواقف الجمهورية في كل المحافل الإقليمية والدولية.

ومن جهة أخرى ترأسنا وفدا عن المجلس للقيام بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، أجريت خلالها مباحثات ثنائية مع رئيس المجلس الوطني الاتحادي، توج بالتوقيع على بيان مشترك، أكدنا فيه على عمق العلاقات المتينة التي تجمع بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تستمد قوتها من الروابط الأخوية الوثيقة بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وبين الشعبين الشقيقين المغربي والإماراتي، والتي أرسى دعائمها المغفور لهما، جلالة الملك الحسن الثاني، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراهما.

وأكد البيان المشترك، على مواصلة تعزيز وتوطيد علاقات التعاون البرلماني المثمر القائمة بين مجلس المستشارين بالمملكة المغربية والمجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال كل المبادرات التي تروم تعميق العلاقات المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وإرساء حوار منتظم من شأنه المساهمة في توحيد الرؤى الاستراتيجية نحو المستقبل، وتحقيق الطموحات المشتركة في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز السلم والاستقرار والتعايش على المستويين الإقليمي والدولي، إضافة إلى العمل على تكثيف التنسيق والتشاور بين المجلسين في مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، دفاعا عن المصالح العليا للبلدين. 

كما عقدنا لقاء مع وزير التسامح والتعايش، أكدنا فيه على تشبث المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة بالقيم الروحية والإنسانية وقيم التعايش والوئام والحوار، وهو ما يتجسد في العديد من المبادرات الدولية التي طرحها البلدان من أجل دعم السلام.

كما أبرزنا خلال هذا اللقاء أن زيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، إلى كل من المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة، أعطت زخما كبيرا للعلاقات بين البلدين والفاتيكان، ورسخت دورهما الحيوي في تعزيز العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي.

وبهذه المناسبة، شددنا على الأهمية التي يوليها دستور المملكة المغربية لتعزيز وترسيخ مبادئ التسامح والتعايش وحماية المواقع الدينية، مؤكدين، على الدور المحوري لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بصفته أميرا للمؤمنين، في إرساء التعايش والوئام والأمن الروحي.

كما كانت زيارة عملنا لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، مناسبة:

 للوقوف على جودة العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والإنسانية، والسعي المشترك، كممثلين لشعبي البلدين الشقيقين، للمساهمة في الارتقاء بهذه العلاقات وتوطيدها، لاسيما بحكم توفر إمكانات ومؤهلات وفرص كبيرة للتعاون والاستثمار المشترك، في جميع الميادين والمجالات؛

 لتجديد التمسك بالعمل العربي المشترك كإطار مناسب لترسيخ دعائم الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة العربية وتطوير أساليبه وآلياته بما يتلاءم والتطورات المتسارعة التي تفرضها المستجدات الاقتصادية والسياسية الدولية على أسس من التضامن والتعاون الملموس وتعزيز التجارب الناجحة والبناء المشترك لمستقبل الدول العربية، بما يتوافق مع احترام السيادة الوطنية للدول ووحدتها الترابية؛ 

 للتأكيد على العمل المشترك والتنسيق بين مجلس المستشارين بالمملكة المغربية والمجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة، في إطار المنتدى البرلماني للحوار جنوبءجنوب الذي عمل مجلس المستشارين على تأسيسه بالعاصمة الرباط يوم 04 مارس 2022، من أجل تعزيز الانفتاح على الاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية والدولية، والتموقع على مستوى أمريكا اللاتينية والكراييب، وعلى رأسها برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، كأكبر تجمع برلماني إقليمي يضم 23 دولة.

وعلى مستوى احتضان التظاهرات الإقليمية والدولية، نظم مجلس المستشارين، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، أشغال كل من المؤتمر الحادي عشر لرابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العـربـي، ومنتدى الحوار البرلماني مع مجالس الشيوخ في منطقة أمريكا اللاتينية والكراييب، وهما التظاهرتان اللتان تندرجان، في إطار تنزيل مبادرة رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، التي نتشرف برئاستها، والرامية إلى تعزيز العمل على المستوى الإفريقي والعربي والأمريكولاتيني، بما يخدم الدفاع عن المصالح العليا لبلادنا وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة، وإلى إرساء حوار برلماني بين مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة بدول الجنوب، استرشادا بالنهج السديد والتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، لترسيخ الدور الريادي لبلادنا في تعزيز التعاون جنوبءجنوب.

وقد شكلت هذه الفعاليات التي توجت بإصدار "إعلان الرباط عاصمة للتعاون جنوب جنوب"، مبادرة هي الأولى من نوعها التي تنجح في ضم مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة والاتحادات البرلمانية الجهوية والاقليمية لأزيد من 32 دولة تنتمي إلى ثلاث مجموعات جيوسياسية كبرى، تشكل دول الجنوب (بحضور فعلي لـ21 رئيس مجلس): إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكراييب. وهو الإعلان الذي حظي بإشادة دولية واسعة، وعلى رأسها ترحيب جامعة الدول العربية والبرلمان العربي، وبيانات الاتحادات الجهوية والإقليمية بأمريكا اللاتينية (برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، برلمان أمريكا الوسطى، منتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطى والكراييب"الفوبريل" وبرلمان السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية).

وقد أكد المشاركون في هذا المنتدى على الدور الريادي الذي تلعبه المملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في إطلاق ودعم كل المبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى دعم التعاون جنوبءجنوب، معربين عن "عظيم امتنانهم لحفاوة الاستقبال الذي حظوا به بالمملكة الشريفة وعميق تنويههم لمجلس المستشارين على الدعوة والتنظيم المحكم لفعاليات هذا المنتدى".

وشدد المنتدى على ضرورة تقوية التنسيق والتعاون والتضامن جنوب – جنوب بين بلدان إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكراييب على المستويات الثنائية وتعزيز آليات الاندماج الإقليمي وسبل التعاون البيني وخصوصا في المجالات المرتبطة بضمان السيادة والأمن الغذائي والطاقي والصحي والتبادل الاقتصادي والتنمية المستدامة والتنسيق والتشاور المستمر عبر قنوات مؤسساتية دائمة.

وفي إطار ترسيخ التعاون بين المملكة المغربية ودول منطقة غرب إفريقيا، شكلت زيارة العمل التي قام بها لبلادنا السيد صيديي Mوهاميد طونيس، رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، لبنة أخرى في مسار تعزيز التعاون البرلماني مع هذه المنظمة البرلمانية الجهوية الهامة، وفرصة لتقوية التنسيق والتشاور بشأن مختلف المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

وقد تميزت هذه الزيارة بإجراأت العديد من اللقاأت الثنائية مع المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين ببلادنا، إضافة لزيارة لمدينتي العيون والداخلة، تخللتهما لقاأت مع المسؤولين المحليين وشيوخ القبائل، إضافة لزيارة ميدانية للمشاريع التنموية وباقي الأوراش التي تهدف إلى تعزيز البنيات التحتية للمدينتين.

وتوجت الزيارة للأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية بالتوقيع بمدينة العيون على "إعلان العيون" بين مجلس المستشارين وبرلمان سيدياو، نوه بالدور الهام الذي يضطلع به المغرب، بريادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في القضايا الإقليمية الرئيسية، وأكد على الدور الحاسم الذي تضطلع به المملكة في تدبير التحديات المرتبطة بالهجرة، وتعزيز الأمن الغذائي والصحي والطاقي، وتحقيق التنمية المستدامة.

وأكد الإعلان على محورية الدور الذي يمكن أن يضطلع به كل من مجلس المستشارين، لاسيما بحكم تركيتهة المتنوعة والغنية، وبرلمان (سيدياو) في تقوية جسور التعاون بين المغرب وبلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وكذا تهيئ الأطر والظروف المواتية لتحقيق الاندماج المنشود، مع الالتزام بتعزيز هذا التعاون خدمة لرفاه وتقدم شعوب المنطقة.

وعلى مستوى انخراط مجلس المستشارين في الجمعيات والاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية والدولية، شاركت الشعب الوطنية ووفود مجلس المستشارين خلال هذه الفترة الفاصلة بين الدورتين في أشغال كل من المؤتمر الرابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية، والمؤتمر ال32 للاتحاد البرلماني العربي المنعقد تحت شعار "التضامن العربي"، والجلسة الثالثة من دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثالث للبرلمان العربي، واجتماعات مشاورات أعضاء المجموعات البرلمانية الإقليمية للبرلمان الإفريقي، والدورة ال16 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، والجمعية العامة ال40 لمنتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطى والكراييب، والدورة ال77 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الافريقي، ومؤتمر رؤساء البرلمانات والشعب البرلمانية لجهة إفريقيا التابعة للجمعية البرلمانية الفرونكوفونية، ولجنة القضايا القانونية وحقوق الانسان التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والجمعية العامة ال144 للاتحاد البرلماني الدولي، والندوات المنظمة من قبل الاتحاد البرلماني الدولي بمناسبة انعقاد لجنة المرأة بالأمم المتحدة، وجلسة الاستماع البرلمانية المنظمة بمناسبة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وعلى المستوى الثنائي، فقد أجرينا خلال هذه الفترة لقاأت ثنائية مع شخصيات حكومية ودبلوماسية، ورؤساء برلمانات وطنية واتحادات برلمانية جهوية وقارية ودولية، وعلى رأسها: الوزير الأول بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، ووزير العدل بجمهورية العراق، ورئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ورئيسة برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، ورئيس الجمعية الوطنية بجمهورية بنما، ورئيسة الجمعية التشريعية بجمهورية غواتيمالا، ورئيسة الجمعية التشريعية بجمهورية كوستاريكا، ورئيسة مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة المكسيكية، ورئيسة مجلس الشيوخ بجمهورية بليز، ورئيس مجلس الشيوخ بجمهورية بوليفيا، ورئيس البرلمان العربي، ورئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، رئيس الجمعية الوطنية بجمهورية جيبوتي، ورئيس المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيس مجلس الشيوخ بجمهورية مصر العربية، ورئيس مجلس الشورى بمملكة البحرين، ورئيس مجلس الأعيان بالمملكة الأردنية الهاشمية، ورئيس مجلس الشورى بسلطنة عمان، ورئيس مجلس الشيوخ بجمهورية الكونغو الديمقراطية، ورئيسة مجلس الشيوخ بغينيا الاستوائية، ورئيسة مجلس الشيوخ بجمهورية الغابون، ورئيس المجلس الفيدرالي بجمهورية إثيوبيا الفيدرالية، ورئيس مجلس الشيوخ بجمهورية كوت ديفوار، ووفد عن مجلس الشيوخ بجمهورية كينيا، ووفد عن مجلس الشورى بدولة قطر، ورئيس لجنة الصداقة بين مجلس الشيوخ الفرنسي ومجلس المستشارين المغربي، رئيس لجنة الخارجية والدفاع والقوات المسلحة، وأمينة ديوان المظالم بجمهورية أذيربيجان، ووفد برلماني عن الجمعية الوطنية بجمهورية الكونغو الديمقراطية برئاسة نائبة مقرر بمكتب الجمعية الوطنية وعضو لجنة الدفاع والأمن، ووفد عن المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان بدولة ليبيا، والسفيرات والسفراء المعتمدون بالمملكة المغربية لكل من جهورية تركيا، والجمهورية الفرنسية، والجمهورية اللبنانية، وجمهورية رومانيا.

وقد تم التوقيع خلال هذه الزيارات واللقاأت على بروتوكولات تعاون ومذكرات تفاهم وإعلانات وبيانات مشتركة مع كل من مجلس الأعيان بالمملكة الأردنية الهاشمية، ومجلس الشيوخ بجمهورية مصر العربية، ومجلس الشيوخ بجمهورية غينيا الاستوائية، ومجلس الشيوخ بجمهورية كوت ديفوار، والمجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبرلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والاتحاد البرلماني الإفريقي، وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، تروم تعزيز الانخراط في الاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية، وتوطيد علاقات التعاون البرلماني الثنائي مع مجالس هذه الدول الصديقة والشقيقة، وتكثيف التنسيق والتشاور البرلماني في مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

أما فيما يتعلق بالشراكة، ففي إطار تنزيل برنامج عمل التوأمة المؤسساتية مع الاتحاد الأوروبي (2) حول "دعم قدرات مجلس المستشارين"، نظم مجلس المستشارين ندوات موضوعاتيةومهمات خبرة بهدف تقوية قدرات السيدات والسادة المستشارين والاطر الإدارية في مختلف واجهات العمل البرلماني. وتجذر الإشارة إلى أن هذا البرنامج يندرج في إطار المشروع الممول من قبل الاتحاد الأوروبي وبتنفيذ من مجلس أوروبا والممتد على مدى ثلاث سنوات (2020ء2023).     

ويهدف إلى "دعم تطوير دور البرلمان في توطيد الديمقراطية في المغرب" من خلال تعزيز قدرات ودور المؤسسة البرلمانية في تقييم السياسات العامة، والتواصل ورقمنة العمل البرلماني وتعزيز الديمقراطية التشاركية علاقة البرلمان مع المجتمع المدني وانفتاحه على المواطنين. وهكذا فقد نظم مجلس المستشارين والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يوم 30 مارس مائدة مستديرة حول موضوع تقييم السياسات العامة بعنوان "سياسات الشباب: إعداد الشباب وإدماجهم في الحياة العملية" بمقر البرلمان بالرباط. وشهدت هذه المائدة مشاركة رئيس وأعضاء رئيس مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية المرتبطة بالشباب، رؤساء الفرق ومنسقي المجموعات البرلمانية، رئيسة وفد برلمان المملكة المغربية لدى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، رئيس اللجنة الفرعية المكلفة بالشرق الأوسط والعالم العربيءعضو البرلمان اليوناني، عضوة البرلمان الفنلندي، رئيس قسم التعاون لدى الاتحاد الأوروبي بالمغرب ورئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب. 

وفي نفس الإطار عقدت دورة تكوينية في مجال تقييم السياسات العمومية بتنظيم من منظمة اليونيسف بشراكة مع الجمعية المغربية للتقييم (إMى) والمدرسة الوطنية للإدارة العامة ء كيبيك / كندا (ىNإP) في موضوع: "بحث الأساليب المختلطة: الأساسيات الكمية والنوعية للمقيم الميداني" لفائدة الوحدة الإدارية المواكبة لمجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية بمجلس المستشارين. 

وسيواصل مجلسنا انطلاقا من هذه الدورة تعزيز دبلوماسيته البرلمانية من خلال تبادل الزيارات، والانخراط في الاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية، واحتضان وتنظيم ملتقيات ودورات الاتحادات الإقليمية والدولية واستقبال العديد من الشخصيات ورؤساء مجالس وطنية، تروم تعزيز العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف وترسيخ الحضور والتموقع على مستوى مناطق جيوسياسية هامة، إلى جانب مواصلة المبادرات النوعية التي عمل مجلس المستشارين على إرسائها، لاسيما على مستوى التعاون جنوبءجنوب.

 حضرات السيدات والسادة 

في ارتباط بانفتاح المجلس على المحيط والمساهمة في إثراء الفكر والحوار المجتمعي، فقد احتضن مجلس المستشارين يوم الإثنين 21 فبرير 2022، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره،أشغال المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، في دورته السادسة تحت شعار "الحوار الاجتماعي ورهانات الدولة الاجتماعية". وقد شهدت هذه الدورة حضورا نوعيا ملحوظا من لدن جميع الأطراف المهتمة بأهمية الحوار الاجتماعي ودوره في تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمعات المعاصرة بشكل عام، وفي المجتمع المغربي بشكل خاص.وتميزت الدورة على الخصوص بالكلمات الافتتاحية التي ألقاها كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وكذا بالكلمة الشرفية لرئيس برلمان مجموعة دول غرب إفريقيا، وهي الكلمات التي ثمنت في مجملها مبادرة مجلس المستشارين وشركائه، وأكدت على دقة ووجاهة اختيار الحوار الاجتماعي في علاقته بالدولة الاجتماعية كموضوع للدراسة والتفكير في إطار هذه الدورة السادسة للمنتدى. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على استمرار اهتمام مجلس المستشارين وتفاعله الايجابي مع التوجيهات السامية الواردة في الرسالة الملكيةالموجهة للمنتدى البرلماني الثاني للعدالة الاجتماعية. 

هذا، وقد انكب المشاركون والمشاركات على الموضوع من ثلاث منطلقات مترابطة وتتقاطع فيما بينها من حيث التركيز على إبراز أوجه العلاقة المتينة والتأثيرالمتبادل بين الحوار الاجتماعي وصيرورة بناء صرح الدولة الاجتماعية ويتعلق الأمر بمكانة الحوار الاجتماعي في الأجندة المؤسساتية الدولية والوطنية، ودور الحوار الاجتماعي في الحد من التأثيرات السلبية للأزمات على الإنتاجية وسوق الشغل،وآفاق الانتقال إلى جيل جديد من الحوار الاجتماعي في سياق تعزيز بناء الدولة الاجتماعية.

وقد توج المنتدى باعتماد بيان ختامي أشاد بمبادرة مجلس المستشارين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لاختيارهما الحوار الاجتماعي موضوعا للدراسة والتأمل وتمحور حولملحاحية اعتماد منظور متقدم للحوار الاجتماعي لمواجهة رهانات الدولة الاجتماعية وتقديممقترحات وحلول واقعية ومجدية، في شكل حزمة من التوصيات الإجرائية تروم في مجملها تطوير حوار اجتماعي إرادي منفتح على الفعاليات المجتمعية ومنخرط في الانشغالات التنموية للبلاد.

ونتطلع إلى إطلاق دينامية ترافعية للتسريع بتفعيل إحدى المقترحات المتضمنة فيه والمتمثلة في تشكيل لجنة من الأطراف الرسمية للحوار الاجتماعي تنكب على دراسة المقترحات الواردة في البيان الختامي الصادر عن المنتدى البرلماني الدولي السادس للعدالة الاجتماعية، وتحديد سبل إعمالالتوصيات المنبثقة عنه.

وفي سياق متصل وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وفضلا عن الاحتفاء ببرلمانيات وموظفات مجلس المستشارين وتكريمهن، أشرفنا على رئاسة الملتقى الدراسي الرابع لموظفات وموظفي مجلس المستشارين كثمرة للحوار الاجتماعي بمؤسسة مجلس المستشارين وتجسيدا للمقاربة التشاركية التي اختارتها رئاسة ومكتب مجلس المستشارين في التعامل مع كل مكونات المجلس. علما أن أهدافه تتمثل في الرقي بالحوار الاجتماعي إلى مستوى شراكة استراتيجية تحقق حكامة الفعل الإداري ونجاعة ومردودية الموارد البشرية، واعتباره شكلا من أشكال مأسسة الحوار وتكريس ثقافة الحق والواجب عبر إقرار التوصيات والتزام كافة الأطراف بحسن تفعيلها واحترام نتائجها.

كما احتضن مجلس المستشارين لقاء دراسيا نظمه النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات خصص لتقديم خلاصات تقرير الملاحظة غير الحزبية لانتخابات شتنبر 2021 وكذا مشمولات المذكرة الترافعية من "أجل قانون انتخابي عادل يضمن انتخابات ديمقراطية" والموجهة لمجلسنا الموقر ومجلس النواب ورئاسة الحكومة.

حضرات السيدات والسادة،

فضلا عن تقديم العناوين الكبرى للمنجز بين الدورتين، والذي سيكون ملحقا في صيغته الشاملة من أجل التوزيع والنشر، اسمحوا لي، باستشراف آفاق تخطيط عملنا البرلماني وفق ما ارتضته مكونات مجلسنا الموقر من أسبقيات وأولويات وما تقتضيه متغيرات سياقنا الوطني والإقليمي والدولي من ضرورات الاستجابة والتعاطي والتفاعل اليقظ وفق معالم خارطة طريق ولايتنا الحالية.

فكما سبق لي أن قلت في كلمة اختتام الدورة الأولى من هذه السنة على أنه يقع على عاتق مجلسنا واجب بصم التشريع كما الرقابة والتقييم بطابع خصوصية تركيبته، ونقل خبرات مكوناته لتجويد التشريع، وتقييم السياسات العمومية لاسيما في المجالات التي يحظى فيها مجلسنا بالأسبقية، وتشكيل فضاء للرزانة والخبرة في تكامل مع دور مجلس النواب، إن هذا الطموح يقتضي انخراطا للجميع، ومواكبة للفرق والمجموعات، وتوظيفا أمثل لما يتيحه الدستور كما النظام الداخلي للمجلس من ممرات وقنوات. 

وضمن هذا المنحى وبغرض تجويد حكامة عملنا البرلماني، فنتطلع خلال هذه الدورة، إلى استكمال ورش إعادة تثبيت هوية مجلس المستشارين كبنية دستورية قائمة وبوظائف وصلاحيات داعمة لمقومات الثنائية البرلمانية من بوابة تعديل النظام الداخلي وفق مقاربة التجويد في أفق استقرار النص تبعا للدروس المستخلصة والبناء على تراكم التجربة الفعلية وبغاية تمتين الانسجام والتناغم في علاقاتنا وعملنا مع المؤسسات الدستورية، خدمة للغايات والأهداف ذات القيمة الدستورية الكامنة وراء إحداثها ودسترتها.

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره من محاور التدخل المستقبلية من جهة التشريع وتقييم السياسات العمومية وتثمين وترصيد عملنا على الواجهة الدبلوماسية، وفضلا عن مواصلة مواكبة المجلس للقاأت المرافقة للدينامية الدولية التي انخرطت فيها بلادنا وتحظى فيها بموقع الريادة وخاصة قضايا الهجرة وحقوق الإنسان والتغيرات المناخية والانفتاح على المحيط واحتضان فعاليات الحوار العمومي اسمحوا لي أن أعرض بعجالة ما هو مؤمل إنجازه معا وبتعاون مع شركاؤنا المؤسساتيين والفاعلين الاجتماعيين والمدنيين.

وهكذا، ينتظم مخطط العمل الاستراتيجي لمجلسنا 8 غايات كبرى و 15 أساسا مرجعيا وتوجيهيا و 8 مبادئ و 4 توجهات و 7 أهداف استراتيجية، سطرت 20 مهمة لبلوغها. 

فمن منطلق تثمين التراكم المؤسساتي واستثمار الفرص المتاحة لتعزيز أداء المجلس الرقابي، التشريعي، التقييمي والدبلوماسي، تتمثل الغايات الكبرى في:

• تعزيز مكانة مجلس المستشارين في النسق المؤسساتي الوطني؛

• تجويد الإنتاج التشريعي؛

• تحسين مستوى تدخلات المجلس في المجال الرقابي وتقييم السياسات العمومية؛

• تقوية المجلس في مجال الدبلوماسية البرلمانية والعلاقات الخارجية؛

• تطوير آليات انفتاح المجلس على محيطه؛

• تعزيز التنسيق والتكامل مع مجلس النواب .

ويتصدر المرجعيات المعتمدة مقتضيات الدستور في كليتها وترابطها وخطب صاحب الجلالة والقانون التنظيمي والنظام الداخلي لمجلس المستشارين وترتبط باقي الأسس بالالتزامات المعيارية والتعاقدية الدولية والقارية والجهوية وبعض البرامج ذات الصلة بالأجندات الأممية والدلائل المرجعية في العمل البرلماني.

أما فيما يتعلق بالمبادئ فتتمثل في الديمقراطية وحقوق الإنسان، العدالة الاجتماعية، المناصفة، التشاركية والتعددية، الحكامة الجيدة، التنوع الثقافي، الشفافية والانفتاح والاستباقية والتوقعية.

أما بشأن الأهداف الاستراتيجية فيتعلق الأمر بـ:

• تقوية قدرات ومؤهلات المجلس للاضطلاع بوظائفه الدستورية وحددت لبلوغه 3 مهام؛

• تعزيز التموقع الاستراتيجي لمجلس المستشارين على مستوى العمل الدبلوماسي البرلماني وحددت لبلوغه 3 مهام؛

• دعم انفتاح المجلس وتعزيز التواصل مع المجتمع المدني وحددت لبلوغه 4 مهام؛

• تكريس اضطلاع المجلس بدور برلمان الجهات والمجالات الترابية والفاعلين المهنيين والاقتصاديين والاجتماعيين وحددت لبلوغه 3 مهام؛

• تعزيز الشراكات المؤسساتية وتجويد آليات التواصل المؤسساتي الداخلي والخارجي، وحددت لبلوغه مهمتان (2)؛

• إرساء نظام تدبيري ناجع وحددت لبلوغه مهمتان (2)؛

• تأهيل وتحديث إدارة المجلس وجعلها مواكبة لاختصاصاته ووظائفه، وحددت لبلوغه 3 مهام.

ولضمان عوامل نجاح هذا المخطط، سيتم إحداث آلية للتقييم والتتبع السنوي عبر إنتاج مؤشرات المردودية الخاصة بكل وحدة إدارية أو منصب عال.

تلكم هي بعض معالم هندسة خارطة طريق عملنا والمعول عليه الانخراط الجماعي لبلوغ مقاصدها بما يخدم تقوية مؤسستنا والرقي بتجربتنا الديمقراطية.

حضرات السيدات والسادة،

في الختام، يسعدني أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى السيدات المستشارات والسادة المستشارين، أعضاء مكتب المجلس، ورؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية، ورؤساء اللجان الدائمة، على ما يقومون به من عمل جاد لتعزيز أداء المجلس، وعلى تفانيهم، وحرصهم على التفعيل الأمثل للأدوار الدستورية للمجلس. 

ويسعدني، بنفس المناسبة، أن أنوه بكافة أطر وموظفات وموظفي مجلس المستشارين، على تفانيهم في العمل والرفع من إنتاجيته وكذا، جميع المصالح الساهرة على أمن المؤسسة التشريعية وتسهيل الولوج إليها.

   ولا يفوتني بهذه المناسبة كذلك، أن أتوجه بالشكر إلى شركاء المجلس وإلى جمعيات المجتمع المدني على مساهمتهم ومتابعتهم وتفاعلهم مع أنشطة المجلس، وكذا مختلف وسائل الإعلام الوطنية على مواكبتها لأنشطة المجلس.

وشكرا على حسن الإصغاء والمتابعة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.