تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد رئيس مجلس المستشارين خلال المؤتمر الثالث والثلاثون الطارئ للاتحاد البرلماني العربي.

2022-05-22
صاحبة المعالي السيدة فوزية بنت عبد الله زينل المحترمة، رئيسة الاتحاد البرلماني العربي ؛
أصحاب المعالي والسعادة السيدات والسادة رؤساء البرلمانات والمجالس العربية المحترمات والمحترمين؛
أصحاب المعالي والسعادة أعضاء وممثلي المجالس والبرلمانات العربية؛
أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكريم كل باسمه وصفته؛
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
 
في البداية أتوجه بالشكر الجزيل لمعالي السيدة فوزية بنت عبد الله زينل الفاضلة، رئيسة اتحادنا البرلماني العربي، على دعوتها الكريمة للمشاركة مع  أصحاب المعالي والسعادة رؤساء وممثلي المجالس والبرلمانات من مختلف الدول العربية الصديقة والشقيقة، في هذا المؤتمر  الطارئ المخصص "للمسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية"، والذي يتزامن مع الذكرى الرابعة والسبعين للنكبة  المؤلمة لفلسطين، ونؤيد بالمناسبة  ما جاء في بيان رئاسة الاتحاد البرلمان العربي الصادر بتاريخ 14 ماي من الأسبوع الماضي.
وإذ أعبر عن فخري واعتزازي بهذه المشاركة التي تعتبر بالنسبة إلينا كممثلين لشعوبنا العربية  آلية من آليات تعزيز التعاون والتكامل والتضامن  وتمتين العلاقات العربية العربية،  لا يفوتني أن أنقل إليكم، بالمناسبة، تحيات وتقدير كافة أعضاء وعضوات البرلمان المغربي بغرفتيه، كما أشكر الإخوة والأشقاء في جمهورية مصر العربية  على حسن الاستقبال و كرم الضيافة الذي عودونا عليه في كل المحافل واللقاءات التي تعقد في هذه الأرض العربية الغالية.
 
أصحاب المعالي والسعادة؛
لا يخفى على معاليكم المكانة التي تحتلها القضية الفلسطينية لدى المغاربة، بشكل عام، ولدى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على وجه الخصوص، الذي يضعها في مثل مكانة قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الصحراء المغربية والوحدة الترابية.
 ولست محتاجا للتذكير والتفصيل في المجهودات الذي يبذلها جلالته كرئيس للجنة القدس، من خلال وكالة بيت مال القدس الشـريف التي قامت بالعديد من المشاريع الاجتماعية والطبية والتربوية والإنسانية للنهوض بالأوضاع الاجتماعية للساكنة ودعم صمود المقدسيين  ومقاومة الشعب الفلسطيني الشقيق للاحتلال وللمحاولات الإسرائيلية لتهويد القدس وترحيل سكانها، وطمس معالمها الحضارية الإسلامية والمسيحية، وأيضا مساندة الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ونؤكد  هنا على الالتزام الذي عبر عنه جلالته  في رسالته إلى أخيه فخامة الرئيس محمود عباس أبو مازن، بالحفاظ على مكانة هذه القضية في مرتبة قضية المغرب الوطنية، مع مواصلة المملكة انخراطها البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط.
كما أن  المجلس  الموقر الذي أتشرف  برئاسته يقوم بدور  بارز ويتخذ العديد من المبادرات، كما هو الحال بالنسبة لمجلس النواب المغربي، للدفاع عن القضية الفلسطينية في مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية (العربية والإسلامية والقارية والدولية)، والتصدي لكل المؤامرات والمخططات التي تحاول طمس عدالة ومشروعية القضية الفلسطينية، مستنيرين في ذلك، بالقيادة والتوجيهات الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيس لجنة القدس، في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، وتشبثه بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية.
 وأُذَكرُ هنا فقط بما سبق وأن دعا إليه ممثلوا البرلمان المغربي، وبالخصوص مجلس المستشارين، والمتمثل في صياغة عريضة برلمانية إلى الاتحاد البرلماني الدولي بغرض إذكاء الوعي الشعبي العالمي بعدالة القضية الفلسطينية بصفة عامة ومسألة الوضع القانوني للقدس الشريف بصفة خاصة.
أصحاب المعالي والسعادة؛
إن ما يشهده القدس الشريف من مَوجة غير مسبوقة من الانتهاكات  والمتمثلة في مواصلة  قوات الاحتلال الاسرائلي لاعتداءاتها المُتجدّدة بحق الفلسطينيين من خلال تقييد حرية العبادة، بل تجاوزت تلك القيود والإجراءات والاعتداءات المستمرة والمُدانة والمرفوضة على حرمة المدينة المقدّسة والمسجد الأقصى المبارك  والمصلين والمعتكفين بالمسجد خلال شهر رمضان الماضي، إلى استهداف المصلين المسيحيين وكنيسة القيامة بالتضييق عليهم وتقييد حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية. وفي المقابل  نسجل الزيادة  في وتيرة دخول المتطرفين الإسرائيليين إلى الحرم وتسهيل ذلك، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات تهدف الى فرض واقع يؤدي للتقسيم الزماني والمكاني فيه.
ويشكل هذا العدوان السافر على المقدسات الاسلامية والمسيحية، مساسا خطيرا  وخرقا  وانتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني والشرعية الدولية ولواجباتها القانونية بصفتها القوة القائمة بالاحتلال للقدس الشريف، فضلا عن التزاماتها القانونية التعاقدية والعرفية معا.
كما أنه يشكل انتهاكا جسيما ومستمرا للعديد من قرارات مجلس الأمن التي اعتبرت  أن كل الاجراءات والاعتداءات التي تقوم بها قوات الاحتلال في القدس الشريف المحتلة باطلة. بل الأكثر من ذلك يشكل هذا العدوان مساسا سافرا بكل القيم الإنسانية الكونية، واستفزازا لاتباع الديانتين، ليس في الاراضي الفلسطينية وحسب، بل وفي كل انحاء العالم. 
إن هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير في القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية يشكل جزء لا يتجزأ من الحرب المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، واستكمالا للسياسات الرامية لتهويد القدس ومقدساتها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك. وهذا سيؤدي إلى مزيد من تأزيم  الأوضاع، مما يستوجب التدخل الفوري والعاجل من طرف المجتمع الدولي لوقف هذه الاعتداءات، وبفرض الاحترام الكامل للوضع القانوني والتاريخي في القدس والمسجد الأقصى، وغيره من دور العبادة في القدس المحتلة، وضرورة ضمان حرية العبادة للجميع.
وفي هذا الإطار  ندعو من جديد  المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته و التحرك لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة ، ولوضع حد  بشكل فوري ورادع لهذا العدوان لما ينتجه من توتر يفضي الى تهيئة الظروف لإنتاج اوضاع تهدد الأمن والسلم الدولي وتؤدي إلى تغذية التطرف وتشجع الجماعات الارهابية .
ونعتبر أن استمرار هذه التصرفات والمحاولات التي يتم القيام بها  لتهويد الأماكن المقدسة في مدينة القدس ستكون لها  انعكاسات خطيرة على المنطقة وأمنها واستقرارها، وستؤدي إلى تأجيج وإشعال فتيل الصراع الديني وسيدخل المنطقة والعالم في دوامة للعنف قد يؤدي إلى المجهول، وسيعمق غياب أي أفق لإحراز أي تقدم في عملية السلام. 
وللإشارة فبتعليمات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصـره الله، فقد تم تبليغ هذا الشجب والتنديد بهذه الانتهاكات الخطيرة مباشرة إلى ممثل دولة إسرائيل بالرباط. واستشعارا منه بمسؤولية مواجهة هذه التحديات، كان جلالته سباقا إلى اتخاذ التدابير والمبادرات. كما نؤكد على مواصلة جلالته الدفاع عن الوضع الخاص للقدس، وعلى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، ولن يدخر جلالته جهدا لحماية طابعها الإسلامي وصيانة حرمة المسجد الأقصى والدفاع عن الهوية التاريخية لهذه المدينة كأرض للتعايش بين الأديان السماوية.
أصحاب المعالي والسعادة؛
في ظل هذه الأوضاع الخطيرة وغير المسبوقة  نحن في حاجة ماسة ومستعجلة  كبرلمانيين عرب، مسلمين ومسحيين، اليوم وأكثر من أي وقت مضى، ليس فقط لاتخاذ موقف حازم  وللقيام بجهود للتهدئة، بل أصبح الوضع  في حاجة مستعجلة للتصدي بكل حزم  لكل ما من شأنه أن يمس هذه المقدسات، وكذا البحث عن جميع السبل لوقف كافة الممارسات التي تستهدف الهوية العربية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس. كما يحتاج الوضع لإرادة سياسية حقيقة وأكثر جدية تضع حدا للاحتلال الاسرائيلي، و تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
لذلك  يجب علينا الانتقال من مستوى الخطاب إلى الفعل والابتكار وإطلاق المبادرات القادرة على التأثير في مجريات الأحداث بما ينسجم مع مصالح الدول العربية جميعا، وتطلعاتها نحو تحقيق السلم والامن والاستقرار والتنمية. وهنا تبرز  أهمية تعزيز التضامن والعمل البرلماني المشترك في مختلف الواجهات لتعزيز الموقف الفلسطيني، والسعي إلى إعادة إطلاق العملية السلمية التي طالها الجمود منذ سنوات، وضرورة التمسك بمبادرة السلام العربية "نصا وروحا" وبكافة الاتفاقات التي تفضي الى إقامة دولة فلسطين كاملة السيادة وعاصمتها مدينة القدس الشرقية.
وكلنا أمل أن يشكل هذا الاجتماع  الطارئ محطة مهمة ونقطة تحول، ويجب أن نعمل سويا على تحقيق انطلاقة جديدة للعمل البرلماني المشترك من خلال استرجاع سلطة القرار العربي ورسم أفق مستقبل يستجيب لطموحات الشعوب العربية ويليق بالمكانة الحضارية للأمة العربية.
و ندعو بالمناسبة إلى تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لاستعادة التهدئة الشاملة والحفاظ عليها، وإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة تعيد الثقة بجدوى العملية السلمية وتضعها على طريق واضحة نحو التوصل لحل تفاوضي على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة لتعيش بأمن وسلام ولإنهاء الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل.
كما نأمل أن تستمر مبادرتنا وأن نحافظ على زخمها الواعد وأن نجعل من  اجتماعاتنا كبرلمان عربي ليس غاية في حد ذاته،  وإنما أن نجعل منها فرصة  حقيقة لاتخاذ اجراءات ومواقف مؤثرة وفاعلة، تجاه قضيتنا الفلسطينية العادلة والمشروعة .
شكرا على حسن اصغاءكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.