السيدالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة السيد مصطفى بيتاس المحترم
السادةرؤساء فرق الأغلبية بمجلس المستشارين،
السيدات والسادة البرلمانيات والبرلمانيين المحترمين، كل باسمه وصفته؛
أيهاالحضورالكريم؛
يسعدني أن أساهم معكم في افتتاح أشغال هذا اليوم الدراسي الذي تنظمه فرق الأغلبية بمجلسنا الموقر، قبيل الشروع في دراسة مشروع القانون الإطار رقم 22.03 بمثابة ميثاق الاستثمار.
ولا غروأن موضوع تحفيز الاستثمار يكتسي أهمية بالغة ضمن الأولويات التنموية ببلادنا: أهمية تجسدها الخطب الملكية لصاحب الجلالة اللك محمد السادس نصره الله، وكانآخرها الخطاب الملكي السامي الذي وجهه مولانا حفظه الله يوم الرابع عشر من شهر أكتوبر المنصرم بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجارية، الذي جاء فيه: "وإننا نراهن اليوم، على الاستثمار المنتج، كرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة؛ لأنها توفر فرص الشغل للشباب، وموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية.وننتظر أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية." (انتهى النطق الملكي السامي)
وحري بالذكر، بهذه المناسبة، أن "الاستثمار المنتج لقيمة مضافة ومناصب شغل ذات جودة" يشكل أول المحاور الاستراتيجية للتحول التي اقترحتها اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي لإنجاح الإقلاع الاقتصادي ببلادنا، داعية في تقريرها الصادر شهر أبريل 2021 إلى استثمار كل المؤهلات التي يزخر بها المغرب، من رأسمال طبيعي ورأسمال لامادي وموقع جيو-استراتيجي وسوق داخلية، وتثمينها وتطويرها حتى يصبح بلدا يتيح الفرص ويفسح المجال للمبادرة المقاولاتية وللابتكار.
حضرات السيدات والسادة؛
إن موضوعتحفيز الاستثمار، يحيلبشكل مباشرعلىالتفكيرفي مقومات ومداخل تحقيق التنمية، بمدلولها الشامل، وببعديها الوطني والترابي. ويأتي اللاتمركز الإداري في صدارة هذه المداخل، لمالهمن ارتباط وثيق بتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية والمجالية، من خلال ما يتيحه كنظام إداري من فرص لتحفيز الاستثمار، وخصوصا منه المحلي.ولهذا تضمّن الخطاب الملكي دعوة مباشرة إلى ضرورة التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، كرافعة أساسية للنهوضبالاستثمار.
ويجدر التذكير في هذا الصدد، بتوصيات اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري في تقريرها الصادر شهر يوليوز 2020، خصوصاتلكالتيتدعوإلى إيلاء العناية القصوى لمساطر الاستثمار والاختصاصات المتعلقة بها، وإدراجها ضمن الاختصاصات التي سيتم نقلها إلى المصالح اللاممركزة لا سيما على المستوى الجهوي.
وضمن نفس المنطق، دعا الخطاب الملكي إلى توفير الدعم اللازم، من طرف جميع المتدخلين، سواء على الصعيد المركزي أو الترابي، لفائدة المراكز الجهوية للاستثمار، بغايةالرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود.
حضرات السيدات والسادة؛
لا شك أن القانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار، المعروض على أنظار مجلسنا الموقر، والذي من المقرر الشروع في دراسته من قبل لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية ابتداء من يوم غد الأربعاء، يعتبر نصا تشريعيا مهيكلا لسياسة الدولة في مجال النهوض بالاستثمار، كونه يروم، بالأساس، إحداث مناصب الشغل، والنهوض بتنمية منصفة للمجال وتحديد القطاعات الواعدة ذات الأولوية بالنسبة للاقتصاد الوطني.
وهو نص يأتي، في سياق عالمي مضطرب وموسوم بنوع من اللايقين جراء تداعيات جائحة كورونا التي تسببت في ركود اقتصادي غير مسبوق متبوعة بتداعيات الارتفاع المطرد لأسعار المواد الأولية بسبب الاضطرابات الجيو-سياسية التي احتدمت جراء الحرب...،يأتي ليغني مسلسل الإصلاحات المؤسساتية الكبرى التي تم إطلاقها بهدف تعزيز جاذبية المملكة، والتي نذكر منهاعلى وجه الخصوصورش الجهوية المتقدمة وتعزيز اللاتمركز الإداري وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار وتبسيط المساطر الإدارية والإصلاحات الضريبية، بالإضافة إلى مأسسة التحكيم والوساطة الاتفاقيةوغيرها من السياسات والإجراءات الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال.
لكل هذه الاعتبارات، يتعين علينا التعامل مع هذا النص التشريعي بأعلى درجات المسؤولية، عبر إخضاع مقتضياته لمناقشة جادة ومستفيضة. وأنا على يقين بأن مكونات مجلس المستشارين، بكفاءاتها المتنوعة وخلفياتها التعددية، ستكون لها إسهامات نوعية في تجويد هذا النص.
وبنفس اليقين، أراهن على أن أشغال هذا اللقاء الدراسي ستتكلل بالنجاح، وستتمكن من استشراف كامل شروط ومقومات التنزيل الناجع لهذا النص التشريعي المهيكل، لاسيما ما يرتبط منها بالتدابير المواكبة، من قبيل التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، واستكمال تأهيل المراكز الجهوية للاستثمار، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتيسير الولوج إلى التمويل وإلى العقار وإلى الطاقات الخضراء، وتعزيز قواعد المنافسة الشريفة، وتفعيل آليات التحكيم والوساطة، والانخراط الجماعي للمؤسسات والقطاع الخاص.
تلكم، حضرات السيدات والسادة، بعض مسالك التفكير التي وددت تقاسمها معكم إسهاما مني في تأطير وإثراء النقاش في موضوع هذا اللقاء الدراسي.
وشكرا على حسن الإصغاء والمتابعة.