بسم الله الرحمان الرحيم
طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور والمادة 18 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، يسعدنا أن نترأس اليوم هذه الجلسة العمومية المخصصة لافتتاح أعمال دورة أبريل من السنة التشريعية 2022-2023.
وإنه لمن بشائر الخير واليمن أن يتزامن هذا الموعد الدستوري الهام مع العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل، وهي أعظم أيامه، وفيها تلتمس أعظم الليالي، ليلة القدر المباركة.
وفي غمرة هذه الأجواء الروحانية، ندعو الله عز وجل أن يجعلنا جميعا ممن تنالهم رحمة ومغفرة شهر رمضان وتشملهم بركاته وأنواره الربانية، ضارعين إليه تعالى أن يحفظ الشعب المغربي قاطبة، ويمن على مولانا الإمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس بموفور الصحة والسلامة والعافية، وأن يقر عينه بولي عهده الأمير مولاي الحسن ويشد أزره بصنوه السعيد مولاي رشيد ويحفظ كافة الأسرة الملكية الشريفة.
السيدات والسادة المستشارون المحترمون،
أيها الحضور الكريم،
بينما نفتتح هذه الدورة، لا تزال آثار الأزمة الاقتصادية الحالية، التي أدت أسباب متشابكة إلى تعقيدها، ترخي بظلالها الثقيلة على كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في كل الدول، ومن أبرزها استمرار تفاقم العوامل المتعلقة بالتضخم بكل أنواعه، والمشكل الطاقي، وندرة المواد الأساسية، وأزمة ارتفاع كلفة المعيشة وغلاء الأسعار، وتضرر القطاعات الفلاحية، وتشديد السياسات النقدية، وانكماش النمو، وهي كلها عوامل تؤثر على جميع الشرائح المجتمعية.
حضرات السيدات والسادة،
إن الملامح الكبرى للوضعية الدولية الراهنة حبلى بالكثير من المعضلات، ومن الطبيعي أن لهذه الوضعية إسقاطات سلبية على الإطار العام الذي تتفاعل فيه بلادنا، وبالتالي فهي ليست في منأى عن هذه التأثيرات السلبية، والتي لا تدخر حكومتنا جهدا في تجاوز هذه الصعوبات، وتخفيف العبء عن المواطنين.
إن المرحلة اليوم، تتطلب منا، أكثر من أي وقت مضى، مزيدا من شحذ الهمم وتقوية العزائم وتوطيد تماسكنا الوطني والتفافنا القوي حول القيادة الملكية الرشيدة، فهذا السبيل هو وحده الكفيل بتعزيز الشروط الموضوعية والذاتية لمناعتنا السياسية والاقتصادية ولحمتنا الاجتماعية، وحماية نموذجنا التنموي الجديد، والوصول إلى أعلى الدرجات الممكنة للمقاومة والصمود في وجه الأزمات والتقلبات المرتبطة على الخصوص بالسياق الدولي المضطرب، تماما مثلما فعلنا وحالفنا النجاح في تطويق تداعيات جائحة كورونا وغيرها.
حضرات السيدات والسادة،
إن الأزمات التي بعثرت أوراق المشهد العالمي خلال السنوات الأخيرة بقدر ما تفرزه لنا من تحديات جمة، بقدر ما تقوي فينا الإيمان العميق بأهمية ونجاعة مسلسل الإصلاحات الهيكلية الكبرى الجارية في بلادنا، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، خصوصا في الجوانب المتصلة بالمراجعة المستمرة للمنظومة التشريعية الوطنية في نطاق أحكام دستور المملكة وبما يتلاءم مع المعايير والالتزامات الدولية للمغرب.
وفي هذا الإطار، لابد من الإشارة إلى حدث هام عرفته الفترة الفاصلة بين الدورتين، ويتعلق الأمر بالقرار الأخير لمجموعة العمل المالي (GAFI)، بإجماع أعضائها، والقاضي بخروج المملكة المغربية من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بـــ "اللائحة الرمادية"، وذلك بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، منذ اعتماد خطة العمل الخاصة بالمملكة المغربية من طرف هذه المجموعة في فبراير 2021.
وإن من شأن هذا القرار المهم، الذي نعتز به من موقعنا البرلماني بحكم المساهمة المقدّرة لمجلس المستشارين في الإصلاحات التي أفضت إليه، من شأنه تعزيز مكانة المغرب وسمعته على المستوى الدولي فيما يتعلق بملاءمة منظومته التشريعية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز تعاون المغرب وموقعه التفاوضي مع المؤسسات المالية الدولية والمؤسسات متعددة الأطراف، فضلا عن ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي.
حضرات السيدات والسادة،
نفتتح هذه الدورة بعد فترة فاصلة استطعنا خلالها، ولله الحمد، تحقيق العديد من المنجزات بإسهام وافر من كل الفرق والمجموعات البرلمانية واللجان الدائمة والمؤقتة، وبتعبئة مقدرة للجهاز الإداري للمجلس.
وقد لامست حصيلة هذه الفترة على الخصوص مجالات التشريع وتقييم السياسات العمومية والعلاقات الخارجية والديبلوماسية البرلمانية، فضلا عن ترسيخ دور مجلسنا الموقر في احتضان الحوارات الوطنية الكبرى بشأن القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني وتحظى بأسبقية خاصة لدى للمجلس.
فعلى مستوى التشريع، تواصل عمل اللجان الدائمة خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين، حيث صادقت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية، بعد نقاش عميق ودقيق مع الوزارة المختصة، على مشروع قانون يتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات، بعد إدخال مجموعة من التعديلات عليه.
ومن جهتها، وفي إطار أحكام الفصل 81 من الدستور، وافقت لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين على مشروع مرسوم بقانون رقم 2.23.102 يتعلق بحل وكالة حساب تحدي الألفية – المغرب وتصفيته.
ومن جهة أخرى، فإنه يعول على مجلسنا خلال هذه الدورة، المساهمة في تطوير المنظومة القانونية الوطنية، لجعلها في خدمة الأولويات المجمع حولها، ولا سيما تأهيل المنظومة الصحية وتعميم التغطية الاجتماعية، سواء من خلال البت في مشروع القانون المتعلق بالتعاون المتبادل، أو مشاريع القوانين التي سترد علينا من مجلس النواب، المتعلقة بإحداث الهيئة العليا للصحة والوكالة الوطنية للدم ومشتقاته والوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، كما نتطلع إلى المصادقة على باقي النصوص المحالة على مجلسنا والتي من شأنها تقديم أجوبة لبعض الإشكالات المجتمعية.
كما سنسعى خلال هذه الدورة بتنسيق مع الحكومة إلى التجاوب الإيجابي مع المبادرات التشريعية للسيدات والسادة المستشارين نحو تحقيق نوع من التوازن على هذا المستوى بين الجهازين.
وبالنسبة لمراقبة العمل الحكومي، فإننا كممثلين للأمة، مطوقون بأمانة إيصال هموم المواطنين والسعي إلى إيجاد حلول لها، لذلك ينبغي استثمار الآليات الرقابية المختلفة التي وضعها الدستور، لفائدة المصلحة العامة، ولا سيما الجلسات الأسبوعية والشهرية للأسئلة الشفهية، التي يتعين أن تكون محطة حقيقية للنقاش المفتوح والبنّاء مع الحكومة، لمعالجة قضايا الحالة الراهنة.
وإن الحديث عن الأسئلة كآلية رقابية، يدفعنا إلى التنويه بثبات أعضاء المجلس على الطرح المنتظم لقضايا المواطنين، بحيث تواصل خلال الفترة الفاصلة بنفس الوتيرة المعهودة إيداع الأسئلة الكتابية منها والشفهية، دون أن نغفل المجهود الكبير الذي تبذله وزارة العلاقات مع البرلمان في عملها التنسيقي بخصوص الأجوبة عن الأسئلة الكتابية، والتي بلغت خلال الفترة الفاصلة فقط ما مجموعه 1144 جوابا كتابيا توصل بها المجلس، علما بأن عدد الأسئلة الكتابية المقدمة خلال نفس الفترة بلغ 111 سؤالا مقابـل 322 سؤالا شفهيـا، لتبلغ بذلك نسبة الإجابة عن الأسئلـة الكتـابية خلال دورة أكتوبـر2022 والفتـرة الفاصلـة 63 % (1522 جوابا من أصل 2418 سؤالا كتابيا مطروحا).
ورغبة في التواصل مع جميع الفئات المجتمعية، تفعيلا لأحكام القانون التنظيمي المتعلق باللغة الأمازيغية، ستعرف الدورة الحالية انطلاق الترجمة الفورية لأشغال جلسات الأسئلة الشفهية للمجلس إلى اللغة الأمازيغية، وذلك كثمرة لمجهود تنسيقي وثيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومع الوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي واصلاح الإدارة تحت إشراف السيد رئيس الحكومة.
وبالنسبة لتقييم السياسات العمومية، وبعد موافقة مكتب المجلس على منهجية وبرامج عمل المجموعات الموضوعاتية الثلاث التي شكلها في الدورة المنصرمة حول الإعاقة، التعليم والتكوين، والجهوية ومناخ الأعمال، فقد بلغت هذه الأخيرة مراحل متقدمة في إطار جمع المعلومات، بعد توصلها بمجموعة من الإحصائيات والمعطيات من القطاعات الحكومية المعنية ومن المندوبية السامية للتخطيط، وهي الآن بصدد عقد اجتماعات مع السادة الوزراء المعنيين بمجال اشتغالها وبرمجة زيارات ميدانية في إطار مواصلة تنفيذ برنامج عملها وبغرض تدقيق المزيد من المعطيات.
ولا بد من التذكير كذلك بالأنشطة التواصلية المهمة المنظمة في هذا الصدد قبل افتتاح هذه الدورة، بحيث نظمت المجموعة الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بتقييم السياسات العمومية حول موضوع: 'التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح" يوم الإثنين 06 مارس 2023 لقاء دراسيا حول موضوع: "التقييم البرلماني للسياسات العمومية: المرجعيات ومداخل التجويد".
ومن جانبها، قامت مجموعة العمل الموضوعاتية المختصة بقضايا الإعاقة بتنظيم لقاء دراسي في 07 مارس 2023، وبادرت المجموعة كذلك إلى إطلاق استشارة واسعة عبر البوابة الإلكترونية للمجلس، بهدف الانفتاح على المجتمع واستقاء آراء المواطنات والمواطنين بشأن الإكراهات والصعوبات التي تقف حاجزا أمام اندماج هذه الفئة المجتمعية في مختلف مناحي الحياة.
وبالنسبة للعلاقة مع المؤسسات الدستورية، وفي إطار تكريس علاقات التعاون معها في شتى المجالات، سواء على مستوى الأنشطة والمنتديات التي ينظمها المجلس أو باقي أجهزته، والتي اتسمت بعقد لجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين في الخارج يوم الإثنين 20 فبراير 2023 للقاء تواصلي، قدم خلاله السيد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأي هذا المجلس حول "تمتين الرابط الجيلي مع مغاربة العالم- الفرص والتحديات".
ومن المزمع كذلك خلال هذه الدورة، وبعد صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021، تقديم السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات عرضا عن ذلك أمام جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان، والذي سيكون متبوعا بمناقشة داخل مجلسنا مع الحكومة، كما أن تقديم ومناقشة مشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية للسنة المالية 2021، سيكون أيضا مناسبة أخرى للاطلاع على تقرير هذا المجلس المتعلق بتنفيذ قانون المالية والتصريح العام بمطابقة الحسابات الفردية للمحاسبين والحساب العام للمملكة.
حضرات السيدات والسادة،
وفيما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، فإننا نعرب عن اعتزاز المجلس بالإنجازات الدبلوماسية المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي أدت إلى مكاسب نفخر بها وإلى تحولات كبرى على صعيد دعم الوحدة الترابية للمملكة، فالاعتراف الأمريكي بمغربية أقاليمنا الجنوبية شكل منعطفا مهما في الدفاع عن حقنا المشروع، كما أن موقف المملكة الإسبانية الداعم لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الإطار الأنسب والأكثر مصداقية لحل قضية الصحراء المغربية، والذي كان ثمرة اللقاء التاريخي الذي جمع صاحب الجلالة حفظه الله برئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز، معطيّا الانطلاقة لخارطة طريق طموحة وبناءة، مما أدى إلى المزيد من التنسيق والتشاور المستمر، أعطى زخما إيجابيا للتبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين، ومجلس المستشارين -رئيسا ومكتبا وأعضاء- يواكب هذه المرحلة ويدعمها لتستمر الروابط بين المملكتين المغربية والإسبانية نموذجا في علاقات الجوار البنّاء والمتضامن.
كما أن اعتراف العديد من الدول الأوروبية وأغلب الدول العربية والإفريقية بأهمية المقترح المغربي لطيّ صفحة النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، وكذا تنامي حضورنا بالقارة الإفريقية والتلاحم الوطني الدائم للدفاع عن وحدتنا الترابية، يحتّم علينا كبرلمانيين بذل المزيد من الجهود في إطار كل التجمعات البرلمانية وعلى المستوى الثنائي، لتفنيد كل الإدعاءات والأكاذيب التي تروم النيل من كل هذه المكاسب، ونجدّد بالمناسبة تجنّدنا الدائم وراء جلالة الملك نصره الله للدفاع المستميت عن القضايا الكبرى للمملكة.
ومن جهة أخرى، فقد تميزت هذه الفترة وبمساهمة كافة مكونات المجلس بمواصلة تعزيز الانخراط في الاتحادات والجمعيات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية وفي الإطار الثنائي في الدفاع، ضمن منظومة الدبلوماسية الوطنية، عن القضايا الإستراتيجية والحيوية للمملكة المغربية، وعلى رأسها القضية الوطنية.
وفي هذا الإطار، وبدعوة كريمة من رئيس مجلس الشيوخ البولندي، قمنا على رأس وفد عن مجلس المستشارين، بزيارة عمل لجمهورية بولندا.
كما قمنا بزيارة عمل لجمهورية مصر العربية الشقيقة بدعوة كريمة من رئيس مجلس الشيوخ المصري، شكلت مناسبة لترسيخ مسار العلاقات المتميزة التي تجمع بين المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وعلى مستوى المنظمات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية، شاركنا خلال هذه الفترة على رأس وفد من مجلسي البرلمان، في أشغال الجمعية العامة ال146 للاتحاد البرلماني الدولي، بمدينة المنامة، عاصمة مملكة البحرين، تحت عنوان “تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الشاملة: محاربة التعصب”.
وقد أجرينا بهذه المناسبة سلسلة من المباحثات واللقاءات الثنائية مع رؤساء ووفود البرلمانات الوطنية والاتحادات الجهوية والإقليمية المشاركة، وعلى رأسهم رئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب بمملكة البحرين، ورئيس المجلس الوطني لدولة فلسطين، ورئيسة مجلس الشيوخ ونائبة رئيس جمهورية الأوروغواي، ورئيس الجمعية الوطنية بجهورية الزيمبابوي، ورئيس البرلمان العربي، ورئيس البرلمان الإفريقي، ورئيسة برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب.
وقد همت هذه اللقاءات سبل تعزيز الحوار البرلماني بين مجلس المستشارين والبرلمانات الوطنية والقارية والإقليمية، وتقوية حضوره في المحافل البرلمانية الدولية، خدمة للمصالح العليا لبلادنا، وإبراز مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وقد شاركت وفود مجلس المستشارين خلال هذه الفترة في أشغال الدورة الثانية من المؤتمر البرلماني روسيا إفريقيا الذي انعقد بالعاصمة موسكو، والدورة الحادية والثلاثين للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي والدورة الشتوية للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، والاجتماع الطارئ للجنة فلسطين التابعة لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إضافة لزيارة لمجلس اللوردات البريطاني في إطار مجموعة الصداقة والتعاون المغربية البريطانية.
كما استقبل مجلسنا في إطار زيارة عمل للمملكة هي الأولى من نوعها، رئيس مجلس الشيوخ الكنـدي على رأس وفد برلماني هام، كانت مناسبة سانحة لإجراء مباحثات مثمرة مع المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين ببلادنا، تناولت جودة العلاقات الثنائية المغربية الكندية وسبل النهوض بها في مختلف الميادين، والمجالات ذات الاهتمام المشترك.
واستقبل مجلسنا في إطار زيارة عمل لبلادنا رئيسة مجلس الشيوخ بمملكة إيسواتيني شددنا خلالها على ضرورة تطوير التعاون البرلماني وتبادل الخبرات بين المؤسستين التشريعيتين، انسجاما مع مستوى العلاقات الجيدة التي تجمع بين البلدين.
وعلى مستوى أمريكا اللاتينية استقبل مجلسنا في إطار زيارة عمل رئيس وأعضاء مجموعة الصداقة الأوروغويانية المغربية برئاسة نائب رئيسة مجلس الشيوخ الأوروغواياني، تم خلالها استعراض أهم الخطوات التي ميزت مسار العلاقات البرلمانية بين البلدين، والتأكيد على أهمية تبادل الزيارات البرلمانية.
وعلى مستوى تنظيم التظاهرات الإقليمية والدولية، احتضن مجلس المستشارين أشغال الجمعية العامة السابعة عشر لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، تناولت مواضيع وقضايا ذات راهنية كبرى بالنسبة للمنطقة، وعلى رأسها الهجرة والأمن والإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، والتطورات الجيوسياسية والأمنية في المنطقة، والأزمة المالية والاقتصادية، والذكاء الاصطناعي والنجاعة الطاقية والأمن المائي.
وقد عرفت هذه الدورة، انتخابنا بالإجماع رئيسا لهذه المنظمة البرلمانية الإقليمية للفترة 2023-2024، وهو ما شكل اعترافا وتقديرا للدور الذي تقوم به المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في تعزيز القيم المشتركة والحوار والتفاهم بين بلدان المتوسط، بما يخدم السلام والاستقرار والتعايش والتنمية والازدهار لشعوب المنطقة.
وسيواصل مجلسنا خلال الفترة المقبلة تعزيز دبلوماسيته البرلمانية من خلال تبادل الزيارات، والانخراط في الاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية، وكذا احتضان المنتديات والتظاهرات الإقليمية والدولية.
وفي هذا السياق، يعتزم مجلس المستشارين وبرلمان البحر الأبيض المتوسط تنظيم النسخة الثانية من منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي، والذي سيركز في هذه الدورة على القارة الإفريقية.
كما يعتزم البرلمان المغربي بمجلسيه والاتحاد البرلماني الدولي تنظيم أشغال المؤتمر البرلماني حول "حوار الأديان: العمل معا من أجل مستقبلنا المشترك"، وذلك بدعم من تحالف الحضارات التابع لمنظمة الأمم المتحدة والرابطة المحمدية للعلماء.
وسيكون هذا الحدث مناسبة لإبراز دور المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في ترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلف الديانات، وسيمنح الفرصة للمشاركين في تناول قضايا الإدماج والتماسك الاجتماعي والتعايش المستدام من خلال الحوار بين الأديان باعتباره وسيلة ناجعة لإرساء الثقة داخل المجتمعات وتطوير خارطة طريق لبناء مجتمعات أكثر سلاما وانفتاحا.
إننا نتطلع في مجلس المستشارين أن نكون، كمؤسسة دستورية، في مستوى الثقة المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والتوجيهات الرشيدة والسديدة لجلالته حفظه الله، بشأن مواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن القضايا العادلة لبلادنا، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية، وعن المبادرة المقدامة للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، تحت السيادة الترابية والوطنية للمملكة المغربية.
حضرات السيدات والسادة،
أما على صعيد الأنشطة الإشعاعية، فقد نظم المجلس، يوم الثلاثاء 21 فبراير 2021، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده فعاليات المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية، تحت شعار "الرأسمال البشري: رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية"، وذلك في سياق التفاعل المؤسساتي المتواصل لمجلس المستشارين مع التوجيهات الملكية السديدة بشأن قضايا العدالة الاجتماعية، وكذا في إطار المواكبة العلمية لمشروع إقامة نموذج تنموي جديد ينتصر لمبادئ وقيم الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والتضامن، ويقوم على مرتكزات أساسية تعتبر ضرورية لكسب الرهانات الاقتصادية والاجتماعية.
حضرات السيدات والسادة،
في الختام لابد من التذكير بأنه ينتظرنا خلال هذه الدورة جدول أعمال غني، كما وكيفا، يستدعي منا جميعا أن نباشره وننكب عليه بكل ما يقتضيه من همة وحيوية ونشاط وإرادة لا تلين، حتى نكون في مستوى التطلعات والطموحات المشروعة للشعب المغربي، وجديرين بالثقة المولوية الغالية.
إن مجلس المستشارين يدرك دقة المرحلة الراهنة وما تفرزه من تحديات جسام ورهانات كبرى تتطلب الانخراط الجماعي الواعي، والتحلي بالروح الوطنية العالية ونكران الذات والترفع عن الحسابات الضيقة.
ومن هذا المنطلق نؤكد للحكومة الموقرة أن المجلس، كما كان دأبه دائما، سيبقى متأهبا ومتحمسا لمزيد من التعاون والعمل المشترك البناء في نطاق احترام أحكام الدستور ومراعاة المبدأ الدستوري القاضي بتعاون السلطات بما يحقق المصلحة العامة للوطن والمواطنين من خلال منجزات ملموسة.
وفي هذا الصدد أتقدم بخالص عبارات الشكر والتقدير إلى السيد رئيس الحكومة المحترم وإلى السيدات والسادة أعضاء الحكومة الموقرة، وأخص بالذكر السيد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، على الجهود الطيبة المبذولة لإحكام التنسيق والتعاون بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية.
وأتوجه أيضا بالشكر إلى السيد رئيس مجلس النواب منوّها بالمستوى العالي للتنسيق والتفاهم بين المجلسين.
وإنها مناسبة سانحة أيضا لأتوجه بالشكر كذلك إلى السيدات والسادة المستشارين المحترمين ورؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية واللجان الدائمة والمؤقتة على حسن التعاون والالتزام، مهيبا بالجميع المضي على نفس النهج، نهج الحضور المنتج، والمشاركة المسؤولة، والفعالية والانضباط، وهي قيم نأمل صادقين أن تحظى بمزيد من التكريس في أعمالنا ومبادراتنا المندرجة ضمن المجهود التنموي الوطني تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
شكرا لكم جميعا على حسن الإصغاء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته