نيابة عن رئيس مجلس المستشارين الذي يتواجد حاليا في مهمة رسمية بالخارج، استقبل الخليفة الأول لرئيس المجلس السيد محمد حنين يومه الجمعة 12 ماي 2023 بمقر المجلس السيد زاوو ليجي رئيس اللجنة الدائمة للجمعية الشعبية الوطنية لجمهورية الصين الشعبية الذي يقود وفدا رفيع المستوى من المسؤولين الصينيين في زيارة عمل للمغرب.
وبهذه المناسبة أجرى الجانبان محادثات مثمرة تم خلالها استعراض مجمل أوجه التعاون الثنائي بين البلدين وسبل الدفع به في شتى المجالات حتى يرقى إلى مستوى جودة العلاقات السياسية القائمة بين البلدين الصديقين تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله وفخامة الرئيس شي جين بينغ.
وفي هذا الإطار سجل السيد محمد حنين الأبعاد التاريخية والرمزية الكبيرة التي تكتسيها هذه الزيارة التي تعتبر الأولى التي يقوم بها للخارج السيد رئيس اللجنة الدائمة للجمعية الشعبية الوطنية لجمهورية الصين الشعبية منذ توليه هذه المسؤولية، مشيرا إلى أنها تعبير صادق عن عمق العلاقات المتميزة والشراكة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد بين البلدين الصديقين.
وعبر في هذا السياق عن الاعتزاز الكبير لمجلس المستشارين بكافة مظاهر التعاون والتضامن القائم بين المغرب والصين في مختلف الميادين بما فيها التعاون في تطويق جائحة كورونا، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، معربا كذلك عن تطلع مجلس المستشارين إلى تحقيق مزيد من المكاسب تتلائم مع العلاقات السياسية الطيبة التي شهدت دفعة استثنائية بفضل العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله لجمهورية الصين قيادة وشعبا ولتعميق التعاون معها.
كما جدد السيد محمد حنين التأكيد على موقف المغرب الثابت بدعم "مبدأ الصين الواحدة"، قناعة راسخة منه باحترام سيادة الصين والحفاظ على سلامتها الإقليمية ووحدتها الترابية، ووفاء للسياسة الخارجية للمملكة المغربية القائمة على تنويع الشركاء إقليميا ودوليا، ونبذ الحركات الانفصالية، مهما كانت أسبابها وطبيعتها، وكل ما من شأنه تهديد الوحدة الترابية للدول، والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للجوار، والابتعاد عن افتعال الأزمات التي تهدد السلم والأمن الدوليين.
ومن هذا المنطلق أيضا، أكد السيد محمد حنين أن المغرب ما فتئ يسعى إلى إيجاد تسوية سياسية نهائية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية من خلال طرحه لمقترح الحكم الذاتي، منوها في هذا الصدد بالموقف الإيجابي الذي تتبناه جمهورية الصين على مستوى مجلس الأمن الدولي بخصوص هذا الموضوع سعيا منها إلى تعزيز السلم والأمن بالمنطقة.
ومن جهة أخرى، وبعد أن قدم شروحات حول التجربة البرلمانية المغربية ولا سيما فيما يتعلق بتركيبة مجلس المستشارين ووظائفه الدستورية، شدد السيد محمد حنين على أن الولاية التشريعية الحالية للبرلمان المغربي تتزامن مع اعتماد نموذج تنموي جديد بتوجهات جديدة في مختلف القطاعات، وأنه يعمل على مواكبة كل الإصلاحات الهيكلية التي تباشرها الحكومة في مجالات تحسين مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمارات والاهتمام بميادين الصحة والتعليم في إطار بناء الدولة الاجتماعية.
وبعد أن أكد أن المغرب يعول على تدفق أكبر للاستثمارات الصينية للمساهمة في كسب رهاناته الاقتصادية ورفع التحديات التي تواجهه، عبر السيد محمد حنين عن الرغبة الجادة لمجلس المستشارين في تكثيف التعاون البرلماني الثنائي، من خلال تفعيل مجموعة الصادقة والتعاون بين الجانبين وتبادل التجارب والخبرات لا سيما في مجالات البحث العلمي والابتكار والتبادل بين الجامعات الوطنية، مقترحا كذلك إقامة شراكة ثنائية في تنظيم لقاءات برلمانية صينية إفريقية تعقد بالتناوب بين البلدين.
من جانبه عبر رئيس اللجنة الدائمة للجمعية الشعبية الوطنية لجمهورية الصين الشعبية السيد زاوو ليجي عن اعتزازه بالصداقة المغربية الصينية العريقة بفضل القيادة الاستراتيجية لقائدي البلدين ورغبتهما المشتركة في الارتقاء بها إلى أعلى المستويات، منوها إلى أهمية ترسيخ الثقة السياسية المتبادلة كقاعدة أساسية لتطوير العلاقات الثنائية.
وفي هذا الإطار أعرب المسؤول الصيني عن تقديره للمواقف المغربية تجاه القضايا الأساسية لجمهورية الصين الشعبية ومصالحها الجوهرية، كما عبر عن التزام بلاده بالدفاع عن وحدة المغرب وأمنه واستقراره ودعم مجهوداته الموصولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مبديا تفهم الصين لموقف المملكة من قضية الوحدة الترابية من خلال اعتماد موقف موضوعي يدعم الحوار بين جميع الأطراف المعنية.
وعلى صعيد آخر، شدد السيد زاوو ليجي على أهمية مواصلة التعاون والعمل المشترك في كافة المجالات من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي واستكشاف الفرص المتاحة في مجالات البنية التحتية والصحة والأدوية والطاقات النظيفة والجيل الخامس للاتصالات، مشيدا بالانخراط البناء للمملكة المغربية في المبادرات الصينية الرامية إلى ضمان السلم والأمن والتنمية للعالم، وفي طليعتها مبادرة "الحزام والطريق".
وبعد أن أوضح سياسة بلاده في دعم حضور الشركات الصينية داخل النسيج الاقتصادي الوطني، تحدث المسؤول الصيني عن أهمية تعزيز التواصل الإنساني والثقافي بين الشعبين الصيني والمغربي، معربا عن إعجابه بالإقبال المتزايد للمواطنين المغاربة على تعلم اللغة الصينية والتعرف على ثقافتها، منوها إلى أن من شأن ذلك الرفع من تدفق السياح الصينيين على المغرب، مما يعطي فرصا كبيرة لتطوير التعاون في المجال السياحي والثقافي وتعزيز التفاهم والتقارب بين الشعبين الصديقين.
كما شدد على الدور المحوري الذي تلعبه علاقات التعاون البرلماني في تنمية مجمل العلاقات الثنائية وترسيخ أسسها الشعبية، وذلك من خلال الحرص على تقوية وتفعيل قنوات الحوار والتواصل البناء بغية الاستفادة المتبادلة وتقديم مساهمات أكبر في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدين، وتوسيع نطاق التعاون لدعم الشراكة المغربية الصينية.
حضر هذا الاستقبال كل من السيد فؤاد القادري الخليفة الثاني لرئيس المجلس، والسادة محاسبو المجلس عبد الإله حفظي، محمد سالم بنمسعود وميلود معصيد، والسيد لمرابط الخمار رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، والسيد كمال صبري نائب رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، والسيدة زهرة محسن نائبة رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل، والسيد المصطفى الدحماني رئيس مجموعة العدالة الاجتماعية، والسيد الأسد الزروالي الأمين العام لمجلس المستشارين.