تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس مجلس المستشارين خلال اللقاء الدراسي المنظم من طرف اللجنة الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة

2023-05-29

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛

السيدة، رئيسة اللجنة الموضوعاتية المؤقتة  الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة،المحترمة؛

السادة والسيدات ممثلي الهيئات والمؤسسات الدستورية، المحترمات والمحترمين؛

السيدات والسادة المستشارات والمستشارين، المحترمات والمحترمين.

الحضور الكريم؛

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

يسعدني أن أرحب بكم جميعا في مجلس المستشارين الذي يحتضن هذا اللقاء الدراسي الهام، والمنظم من طرف اللجنة الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، كما يشرفنيأن أشارك معكم في الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاءالذي يعتبر محطة منمحطاتبرنامج العمل الغني و الهام  الذي سطرته اللجنة للقيام بمهمتها.

ولا يفوتني في البداية أن أشير إلى أن   هذا اللقاء  بقدر ما  يشكل فرصة للتحسيس بأهمية وضرورة حماية حقوق هذه الفئة والنهوض بها وإذكاء الوعي بوضعيتهم في كل المجالات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وضمان جميع شروط العيش الكريم لهمولتمكينهم منالمساهمة فيمسلسل تنمية بلادنا. فهو أيضا مناسبة للتأكيد على الأهمية التي يوليها مجلسنا الموقر، رئاسة ومكتبا وفرقا، وبمختلف مكوناته وتشكيلاته لتمتيعهذه الفئةبحقوقها ودعمها ودعم ذويها، بما سيمكن من تعزيز فعلية حقوقها ورفاهها في مختلف مناحي الحياة.

ولقد سبق لمجلسنا الموقر أن خصص، طبقا لمقتضيات الفصل 100 من الدستور،خلال الولاية التشريعية الماضية، (12 نونبر سنة 2019)،جلسة عمومية خصصت لتقديم أجوبة السيد رئيس الحكومة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة في موضوع: "السياسة الحكومية المرتبطة بالمسنين و الأشخاص في وضعية اعاقة". وهو ما يؤكد ويعبر عن الاهتمام الدائم والأهمية البالغة التي يوليها مجلسنا لهذه الفئة الهشة والضعيفة.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل،

كمايعلم الجميعلقد أعطى دستور بلادنا أهمية خاصة لقضية الإعاقة،حيث  نص في تصديره على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، لا سيما بسبب الإعاقة، ويعتبر  الفصل 34 من بين الضمانات الدستورية الأساسية لتمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من حقوقهم الشاملة، وألزم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إليهم، كما دعا إلى تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية أو حسية أو حركية أو عقلية وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها.

ولا يخفى عليكم أيضا العناية الكبيرة التي ظل يوليها صاحب الجلالة، الملك محمد السادسنصره الله وأيدهمنذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، لهذه الفئةمن خلال توجيهاته السامية الداعية إلى صيانة حقوقها وإدماجها الاجتماعي والمهني. والتي تشكلمنطلقا وركيزة ومرجعا لمختلف المبادرات والمشاريع الموجهة لهذه الفئة وخصوصا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشريةالتي احتفلنا بالذكرى 18 لإطلاقها يوم 17 ماي الماضي والتي جعلت من برامجها الأساسية دعم الفئات الهشة.

ولقد سبق لجلالته أن قال في خطابه السامي،سنة 1999، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب:"أَمْ كَيْف يُدْرَكُ تكافؤ الفرص وإتاحتها للجميع إذا كان المعَوقُونَ جسديا يهمشون ويُبعدون عن الميادين التي هم لها مكونون ومستعدون، في حين أن الاسلام – وهو دين التكافل والتكامل – يدعو إلى الاهتمام بالمستضعفين ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع والأخذ بيدهم ليكونوا أعضاء فيه عاملين ومنتجين...". انتهى كلام صاحب الجلالة.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛

إن بلادنا ما تَنْفَك تعبرعن التزامها، الصريح والفعلي،بصيانة وتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، منذ مصادقتها، في 08 مايو 2009، على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري الملحق بها.وفي هذا الإطار، وإن مزال الطريق طويلا،قُطِعَتْ أشواط لابأس بها فيقضية  الإعاقةمن خلال إطلاق مجموعة من الاصلاحات واتخاذ عدد من التدابير والاجراءات،منها ماهو ذو طابع تشريعي ومنها ماهو ذو  طابع تنظيمي وإجرائي وخدماتي،والتي لا تسمح هذه الكلمة الافتتاحية لسردها ونكتفي هنا فقط ببعض النماذج الدالةمن قبيل:إصدار القانون الإطار 97.13 المتعلق بحماية هذه الفئة والنهوض بها، سنة 2016،باعتباره إطارا عاما يوجه تدخل مختلف الفاعلين في المجال.

إضافة إلى إقرار 30 مارس من كل سنةيوماوطنيا للأشخاص في وضعية إعاقة.ثم اعتماد مخطط العمل التنفيذي للسياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق هذه الفئة (2017-2021). وإعداد إطار تنظيمي مؤطر لتوظيفها بالقطاع العام.وكذا أجرأة وتوفير عدد من الخدمات الموجهة لها تحقيقا للأهداف التي تساهم في النهوض بها وحمايتها في اطار انخراط بلادنا في تفعيل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ومنها على الخصوص مختلف المبادرات والمشاريع التي تم تنفيذها في إطار  الأوراش التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وفي مقدمتها مشاريعالمبادرة الوطنية للتنمية البشريةالتي سبقت الإشارة إليها.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛

كلي أمل أن لا يكون هذا اللقاء الدراسي مجرد مناسبة للحديث عن البرامج والإنجازات، وإنما لا بد أن يشكل، وهذا هو المبتغى والهدف، فرصة لتقييم جميع السياسات والبرامج والخطط والإجراءات التي تم إقرارها واتخاذها لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، على اعتبار أن التقييم  يعتبر واحدا من الاختصاصات المهمة والجديدة التي منحها المشرع الدستوري لمجلسنا الموقر والذي نسعى جاهدين لتفعليه قدر المستطاع.

كما أتمنى أن يكون أيضا محطة  للوقوف على مختلف التحديات التي يفرضها النهوض بحقوق هذه الفئة الهشة كصيغة من صيغ التفكير الاستشرافي في قضاياها ومشاكلها، وخصوصا  أن هذا اللقاء  يتميز بتنوع وتعدد مشارب ومجالات المشاركين والمتدخلين فيه(مؤسسات دستورية، فاعلين حكوميين، ممثلي الجماعات الترابية، الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعين والمدنيين)إيماناواقتناعا من مجلسنا بأن الإدماج الاجتماعي لهذه الفئةليس مجرد سياساتقطاعية بل هو مسؤولية تتقاسمها كل مؤسسات الدولة وكذاكل أفراد ومؤسساتالمجتمع.

 لذلك يقتضي التفكير والاشتغال على قضية الإعاقة  ،في ذات الآن، عملاً تشاركيا وأفقياوأن يمتد إلى كل المجالات والسياسات العمومية ومختلف المخططات القطاعية والمجالية والترابية،مما يستلزم تكاثف وتظافر جهود جميع الفاعلين(مؤسساتيين، رسميين،مدنيين،اجتماعيين واقتصاديين،وحقوقيين...) للتنسيقوالتعاون والعملالمشتركين،ولتحقيقنوع من التكاملوالإلتقائية والانسجام خدمة لهذه الفئة الهشة والضعيفةوعلى كل المستويات في أفق إدماجها الفعلي والحقيقي، وتليين كل العقبات والحواجز أمامها وكيفما كان شكلها، وتيسير التمتع الفعلي بحقوقها كاملة.

في الأخير ،حضرات السيادة والسادة،أتمنى النجاح لأشغال لقاءكم هذا آملين أن يتوج بمقترحات وتوصيات عملية تمكن مجلس المستشارين من النهوض بمختلف مهامه واختصاصاته الدستورية بما سيمكن من خدمةمصالحهذه الفئة من المجتمع ويضمن فعلية حقوقها.

وشكرا على حسن اصغائكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.