تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة رئيس مجلس المستشارين بمناسبة افتتاح دورة ابريل 2024

2024-04-12
باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين،
 
طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور، والمادة 18 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، يشرفني ويسعدني أن أترأس اليوم هذه الجلسة العمومية لافتتاح أشغال الدورة الثانية من السنة التشريعية 2023-2024.
 
وخير ما نفتتح به هذه الدورة المباركة آيات بينات من الذكر الحكيم يتلوها على مسامعنا فضيلة المقرئ عبد الكريم الباقي الله.
 
الآن أدعو الجميع للوقوف من أجل الاستماع للنشيد الوطني.
 
 
 
 
 
السيد رئيس الحكومة المحترم،
السادة الوزراء المحترمون،
السيدات والسادة المستشارون المحترمون،
أيها الحضور الكريم،
يسرني في بداية هذه الكلمة أن أتقدم إليكم بخالص عبارات التهاني وأطيب المتمنيات بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد، سائلا المولى عزو وجل أن يعيده علينا أعواما عديدة وأزمنة مديدة والجميع في كنف رعاية الله الشاملة وفضله العميم.
وفي ظل هذه الأجواء الربانية العطرة، نضرع إلى العلي القدير أن يحفظ بلادنا العزيزة ويمن على جلالة الملك محمد السادس حفظه الله تعالى وأيده، بموفور الصحة والعافية والسعادة، ويقر عينه في سمو ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن ويشد أزره بشقيقه الأمير مولاي رشيد وبسائر أفراد أسرته الملكية الشريفة، إنه سميع مجيب وبالإجابة قدير.
أيها الحضور الكريم،
نفتتح هذه الدورة في سياق وطني يتسم بدينامية مستمرة يتخللها نقاش عمومي منتج حول قضايا ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية ولها علاقة بمتطلبات المرحلة الحالية والتحديات المستقبلية، ومنها على الخصوص موضوع تعديل مدونة الأسرة الذي حظي بمشاورات موسعة ومثمرة مع مختلف الفاعلين، الرسميين وغير الرسميين، تنزيلا للتوجيهات الملكية الداعية إلى إعمال المقاربة التشاركية في التعاطي مع هذا الورش الإصلاحي الذي أطلقه جلالة الملك حفظه الله وأكد عليه في العديد من خطبه السامية.
وإن مما يبعث على الاطمئنان المطلق أن هذا الورش المجتمعي الحاسم جاء بمبادرة من أمير المؤمنين وسبط الرسول الأمين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، حامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.
وعلى هذا الأساس المتين، فإننا على يقين تام بأن هذا النقاش، وعلى الرغم مما رافقه من تجاذب وتفاعل حاد في بعض الأحيان، سيفضي لا محالة إلى إقرار إصلاح شامل وفعلي لمدونة الأسرة، بما يعزز دورها الحيوي في بناء مجتمع يتمتع فيه الجميع بالحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص، ويحافظ على تماسك الأسرة المغربية التي شكلت على الدوام نواة المجتمع المغربي المتضامن، والذي حافظ عبر التاريخ على تفرده وتميزه بفعل استناده إلى منظومة القيم التي تجمع بين الحفاظ على التقاليد العريقة وبين الانفتاح على معطيات العصر المتجددة.
لقد حققت بلادنا في العقدين الأخيرين مكتسبات وإنجازات هامة في مجال الإقرار الدستوري للمساواة والسعي للمناصفة بين الرجل والمرأة، غير أن الحاجة لاتزال قائمة إلى مباشرة إصلاحات جديدة تتأسس على التراكمات الفضلى لواقع مجتمعنا وطموحاتنا المشروعة في مزيد من التقدم والازدهار.
 كما أن التغييرات الجوهرية التي ستطال مدونة الأسرة تتطلب أيضا الانكباب على إصلاح ومعالجة كافة التشريعات والسياسات والممارسات التي لاتزال تنتابها بعض أوجه القصور والعجز في مواكبة المباني والمعاني العميقة لدستور 2011 المتقدم لجهة النهوض بوضعية المرأة المغربية، ومنها مراجعة مختلف القوانين ذات الصلة ولاسيما القانون الجنائي وقانون الجنسية وقانون كفالة الأطفال المهملين، واستكمال البناء المؤسساتي بالعمل على إخراج الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة إلى حيز الوجود.
ومن هذا المنطلق، فإننا نود أن نؤكد بهذه المناسبة تأهب مجلس المستشارين، بكل مكوناته السياسية والنقابية والاقتصادية والمهنية والترابية، للقيام بكل ما يلزم واتخاذ المبادرات الكفيلة بتنشيط قوته الاقتراحية التشريعية والرقابية والتقييمية من أجل الانخراط العملي والمنتج في المجهود الوطني الرامي إلى تأهيل وتحديث بنيات الدولة المجتمعية والاقتصادية والسياسية، بما يمكن بلادنا من تحقيق أهدافها الطموحة وتحصين مكتسباتها المتعددة وتأمين جاهزيتها لرفع تحديات المستقبل.
السيدات والسادة الأفاضل،
لقد تميزت الفترة الفاصلة كذلك بالاهتمام الخاص الذي حظي به، ضمن النقاش العمومي، ورش تخليق الحياة السياسية والعامة، وكما أكدنا في خطاب اختتام الدورة التشريعية السابقة، فإن البرلمان المغربي انخرط بشكل جدي في هذا الورش الإصلاحي، مسترشدا في هذا الصدد بالتوجيهات السديدة التي جاءت في متن الرسالة الملكية السامية الموجهة إليه بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيسه خلال شهر يناير الماضي.
 وتتويجا للمجهودات الجماعية التي بذلناها منذئذ وطيلة الفترة الفاصلة، فإنه يطيب لي أن أعلن أمامكم أننا قطعنا أشواطا هامة على درب تكريس الإرادة الملكية السامية في هذا الصدد، وسنكون إن شاء الله تعالى، قريبا على موعد مع تقديم مشروع مسودة لمدونة الأخلاقيات على أنظاركم، وذلك بعد استكمال التدقيق في بعض الأمور التفصيلية في إطار المشاورات الجارية مع السادة رؤساء الفرق والمجموعات بالمجلس وبمراعاة التنسيق الواجب مع مجلس النواب الموقر.
أيها الحضور الكريم،
لقد شكلت الفترة الفاصلة امتدادا حقيقيا لدورة أكتوبر المنصرمة ومحطة تحضيرية للدورة التي نفتتح أشغالها في هذا اليوم المبارك، وذلك من خلال الاستمرار في العمل بنفس الاستعداد وبذات الروح الإيجابية السائدة بيننا.
 فقد استطعنا، بفضل من الله تعالى وتوفيقه وبتعاون جميع المكونات، أن نحافظ على وثيرة أداء مقدرة في كل المجالات، في مجال الديبلوماسية البرلمانية والأنشطة الإشعاعية ذات الصلة بالمحاور التي نشتغل عليها ضمن النقاش العمومي التعددي، وفي التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية. 
وهكذا، ففي مجال العلاقات الخارجية والديبلوماسية البرلمانية، فقد تميزت الفترة ما بين الدورتين وبمساهمة كافة مكونات المجلس بمواصلة تقوية التعاون البرلماني الثنائي ومتعدد الأطراف على مستوى مختلف المناطق الجيوسياسية بهدف الدفاع، ضمن منظومة الدبلوماسية الوطنية، عن القضايا الاستراتيجية والحيوية للمملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وعلى رأسها القضية الوطنية.
فعلى مستوى المنظمات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية، شاركت الشعب الوطنية الدائمة ووفود مجلس المستشارين خلال هذه الفترة في أشغال كل من جلسة الاستماع البرلمانية بالأمم المتحدة، ومهمة مراقبة الانتخابات الرئاسية بجمهورية أذربيدجان، والدورة الشتوية للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والدورة ال18 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والدورة الـ68 للجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة، والجمعية العامة الـ148 والدورة الـ213 للمجلس الحاكم للاتحاد البرلماني الدولي.
وعلى المستوى الثنائي، فقد تميزت هذه الفترة بقيامنا بزيارة عمل للولايات المتحدة المكسيكية، على رأس وفد عن المجلس، بدعوة كريمة من رئيسة مجلس الشيوخ المكسيكي، السيدة Ana Lilia River، وذلك لتعزيز مسار العلاقات البرلمانية الثنائية، بعد الزيارة التي قامت بها الرئيسة السابقة إلى المملكة المغربية في يونيو 2022، بدعوة منا.
ولقد ألقينا بهذه المناسبة، كلمة في جلسة عامة لمجلس الشيوخ المكسيكي، خصصت في سابقة في مسار العلاقات البرلمانية المغربية - المكسيكية، لاستقبال وفد مجلس المستشارين، أكدنا من خلالها أن المغرب والمكسيك مدعوان للعمل سويا من أجل إعطاء العلاقات الثنائية دينامية جديدة ترقى إلى شراكة نموذجية للتعاون جنوب-جنوب، بحيث أن المغرب والمكسيك يخلدان هذه السنة 62 سنة من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كما يخلدان الذكرى العشرين للزيارة التاريخية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، إلى هذا البلد سنة 2004، وهي الزيارة الميمونة التي فتحت آفاقا واعدة في مسار العلاقات بين البلدين، وجعلت من المغرب اليوم الشريك التجاري الأول عربيا والثاني إفريقيا للمكسيك.
     وأكدنا في الكلمة على أننا كبرلمانيين، مطوقون بمسؤولية تعزيز هذه العلاقات إلى مجالات أوسع وأرحب من خلال الدبلوماسية البرلمانية. كما أبرزنا ضرورة العمل سويا من أجل إرساء منتدى برلماني اقتصادي مغربي - مكسيكي، يكون فضاء لتبادل الخبرات في مختلف المجالات، وتطوير مبادرات ملموسة للتعاون، تستثمر الفرص المشتركة، ولاسيما الوضع الإقليمي للمغرب وموقعه الجغرافي الاستراتيجي، وكذا الموقع الجغرافي للمكسيك وما تحظى به من وزن ومكانة في محيطها الإقليمي.
وكانت هذه المشاركة أيضا فرصة أجرينا خلالها محادثات مع كل من رئيسة مجلس النواب المكسيكي، ورئيسة مجلس الشيوخ المكسيكي، تم خلالها التطرق إلى التحديات الإقليمية والدولية المشتركة التي تواجه كلا البلدين، مع إبراز ضرورة تعزيز التعاون المشترك لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والبيئية، بما يعزز استقرار المنطقة ويعمق التكامل بين البلدين؛
 كما أجرينا خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين لقاءات ثنائية مع شخصيات حكومية ودبلوماسية، ورؤساء برلمانات وطنية واتحادات برلمانية جهوية وقارية ودولية، حيث استقبلنا كل من الرئيسة الجديدة للبرلمان الانديني، ورئيس الجمعية الوطنية الانتقالية بجمهورية الغابون، ورئيس مجلس الشيوخ بجمهورية مدغشقر، ورئيس مجلس الأعيان الأردني، ورئيس مجلس الشيوخ الكيني، ورئيس مجلس الشيوخ الليبيري، ونائب وزير الشؤون الخارجية بجمهورية بنما، ورئيس الديوان الوطني لحقوق الإنسان بدولة الكويت، والسفراء المعتمدون بالمملكة المغربية لكل من كندا وجمهورية الفلبين وجمهورية أذزيربيدجان، والأمين العام لمجلس الشورى البحريني.
وعلى مستوى تنظيم التظاهرات الإقليمية والدولية، نظم مجلس المستشارين ورابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي ومنتدى الحوار جنوب-جنوب، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، المؤتمر البرلماني للتعاون جنوب-جنوب بعنوان: "التعاون جنوب-جنوب: دور البرلمانات الوطنية والاتحادات البرلمانية الإقليمية والقارية في إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية في تعزيز الشراكات الاستراتيجية وتحقيق التكامل والاندماج والتنمية المشتركة"، وذلك بمقر المجلس.
وجاء تنظيم هذه التظاهرة التي عرفت مشاركة 30 رئيسة ورئيسا للبرلمانات الوطنية والاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية والدولية انطلاقا من المسعى المشترك لتعزيز التنسيق والتشاور وتبادل الرؤى والتجارب بشأن القضايا الإستراتيجية الراهنة، وفي طليعتها قضايا التنمية والتحول الاقتصادي والتجارة والاستثمارات والتكنولوجيا والابتكار والأمن الطاقي والصحي والغذائي والمائي.
وقد توجت أشغال هذا اللقاء الهام بإصدار بيان ختامي، تمت فيه الإشادة والترحيب بـمبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على المستوى الدولي الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، والضرورة الملحة لمعالجة الخصاص الكبير في البنيات التحتية والاستثمارات بمنطقة المحيط الأطلسي في إفريقيا. 
وتم التأكيد على أن هذه المبادرة التي تهدف إلى خلق إطار مؤسساتي متين يوحد بلدان القارة االــ23 المطلة على المحيط الأطلسي، من شأنها جعل الواجهة الأطلسية للمغرب منطلقا لتعزيز الربط اللوجيستي على المستويات البحرية والجوية لتسهيل تبادل السلع وتأهيل آليات التدفقات الاستثمارية في دول الجنوب وتقريب السلاسل الإنتاجية الخالقة للثروة من مصادر المواد الأولية، خاصة في الفضاء الجيو اقتصادي الإفريقي العربي الأمريكولاتيني الذي تتركز فيه الموارد والمواد الأولية العالمية.
وقد أجرينا على هامش أشغال المؤتمر البرلماني للتعاون جنوب-جنوب لقاءات ثنائية مع رؤساء البرلمانات الوطنية والاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية المشاركة همت سبل تقوية التعاون البرلماني الثنائي ومتعدد الأطراف.
كما نظم كل من مجلس المستشارين ومجلس النواب بشراكة مع الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ندوة حول تقييم القوانين من قبل المؤسسة البرلمانية في إطار برنامج "دعم وتعزيز دور البرلمان في توطيد الديمقراطية في المغرب برسم 2020 – 2024، وهي الندوة التي عرفت مشاركة أعضاء عن مجلسي البرلمان المغربي وخبراء وأكاديميين وممثلين عن لجنة البندقية والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي في المغرب، وهمت تسليط الضوء على مواضيع رئيسية لتطوير التشريع وتعزيز قدرات البرلمانيين والمسؤولين بمجلسي النواب والمستشارين في مجال تقييم القوانين.
السيدات والسادة،
مواصلة منه لاحتضان النقاش العمومي حول القضايا الكبرى التي تستأثر باهتمام خاص وعلى رأسها تلك المرتبطة بالمسألة الاجتماعية والتي تتماهى مع خصوصيته وتفرده الدستوري، نظم مجلس المستشارين، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، يوم الإثنين 19 فبراير 2024 فعاليات المنتدى البرلماني الدولي الثامن للعدالة الاجتماعية، تحت شعار "العمل اللائق من أجل التنمية المستدامة".
ويندرج هذا الحدث الهام في سياق تفاعل المجلس المؤسساتي المتواصل مع التوجيهات السامية لجلالة الملك، الذي ما فتئ يؤكد، حفظه الله، ضمن خطبه ورسائله السامية على "الترابط الوثيق بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي"، وعلى أن "أسمى أشكال الحماية الاجتماعية هو الذي يأتي عن طريق خلق فرص الشغل المنتج، والضامن للكرامة"، وعلى أن قضايا "المساواة الفعلية ومكافحة التمييز بين الجنسين في مجال العمل، والقضاء بالفعل على تشغيل الأطفال، مع ضمان شروط العمل اللائق للأشخاص ذوي الإعاقة، وتأهيل القطاع غير المهيكل لتوسيع مجالات وفرص العمل اللائق" تعتبر من صميم انشغالات جلالته، ومن صلب الالتزامات الدستورية والاتفاقية لبلادنا.
وقد سعى هذا المنتدى، الذي تميز بمشاركة وازنة لأعضاء الحكومة ورؤساء وأعضاء المؤسسات الدستورية، وبمشاركة نوعية لأعضاء مجلسي البرلمان، ورؤساء الجهات، ورؤساء وممثلي الأحزاب السياسية والتنظيمات المهنية والنقابية، ورؤساء وممثلي المؤسسات الدستورية الوطنية، ورؤساء الجامعات وعمداء ومديري مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات الأجنبية وممثلي المنظمات الدولية ذات الصلة، وخبراء مغاربة من ذوي التخصص، إلى: 
أولا، الوقوف عند واقع العمل اللائق في بلادنا والإشكالات المختلفة التي يثيرها، وبصفة خاصة مدى إسهام العمل اللائق في إدراك وتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، كما حددها الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة؛  
ثانيا، إبراز المكانة التي توليها المنظومة القانونية المتعلقة بالتنمية المستدامة للعمل اللائق، باعتباره عاملا ذو طبيعة أفقية، وذو تأثير على العديد من أهداف التنمية المستدامة؛
ثالثا، تسليط الضوء على تحديات تأهيل المنظومة الاقتصادية الوطنية وتعزيز الاندماج بين مختلف مكوناتها الإنتاجية.
أيها الحضور الكريم،
أما على المستوى التشريعي، فقد واصلت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان دراستها لمشروع قانون رقم 10.23 يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، وستعرف النصوص المؤطرة لهذا المجال مراجعة شاملة وعميقة من خلال هذا المشروع قانون الذي سيعزز آليات حماية وصيانة حقوق وكرامة الإنسان.
وعلى مستوى المجموعات الموضوعاتية وتقييم السياسات العمومية، واصلت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية حول قطاع السياحة، عملها بعقد اجتماعين خصصا للاستماع على التوالي للسيدة وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومع السيد وزير الثقافة والشباب والتواصل حول عرض استراتيجية وزارتيهما ذات الصلة بالسياحة.
 كما أن المجموعة قامت بزيارتين ميدانيتين لكل من جهة طنجة- تطوان - الحسيمة يومي 12 و13 فبراير 2024 وجهة درعة - تافيلالت يومي 26 و27 فبراير 2024، مثلت فرصة للقاء والتشاور مع المهنيين وممثلي الجماعات الترابية المعنية.
كما عقدت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بإعداد تقرير حول التعدد اللغوي بالمغرب سلسلة من الاجتماعات التمهيدية لوضع اللمسات حول برنامج وخطة عملها، تجلت بالأساس في اللقاءين اللذين عقدتهما في مقر كل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والمعهد الملكي للغة الأمازيغية.
وفي مجال مراقبة العمل الحكومي، شكلت الفترة الفاصلة بين الدورتين مناسبة متميزة لمعالجة القضايا والإشكالات ذات الطابع المحلي من خلال آلية الأسئلة الكتابية التي بلغ عدد الأسئلة المطروحة منها خلال هذه الفترة 209 سؤالا، همت مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية المحلية لفئات قطاعية أو مجتمعية على صعيد عدد من أقاليم وعمالات المملكة لتكون مكملة للرقابة الشفوية التي تنكب من جهتها على القضايا ذات البعد الوطني.
وقد أجابت الحكومة خلال هذه الفترة عن 352 سؤالا كتابيا تضم عدد مهما من الأسئلة المقدمة في فترات سابقة، بينما بلغ عدد الأسئلة الشفهية المطروحة خلال نفس الفترة 273 سؤالا.
أيها السيدات والسادة الكرام، 
تلكم كانت بعض المعالم الكبرى التي ميزت عملنا خلال الفترة الفاصلة، وهو ما يشحذ هممنا ويقوي عزيمتنا للمضي بنفس منهجية العمل البناءة التي توجه أعمالنا منذ بداية الفترة التشريعية الحالية.
فهي منهجية تحتكم إلى الدستور وتنتصر للوطن وتعطي الأولوية القصوى للصالح العام، منهجية تعتمد التوافق والإجماع، لكنها تبقي أيضا على ذلكم الهامش المقبول بل والمطلوب أحيانا من الاختلاف البناء والتعدد المنتج بين مكونات مجلسنا الموقر، كل حسب موقعه ومرجعياته واختياراته الخاصة به.
إننا نتطلع فعلا إلى مواصلة تجسيد ذلك خلال هذه الدورة التي لا شك أن برنامجها وجدول أعمالها سيكون غنيا ومتنوعا في كل المجالات التشريعية والرقابية والتقييمية، كما نترقب أيضا أن نكون جميعا في مستوى اللحظة السياسية الهامة التي نحن على موعد معها عند تقديم السيد رئيس الحكومة المحترم للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة تطبيقا للفقرة الأولى من الفصل 101 من الدستور.
وفي الختام، نجدد استعداد مجلس المستشارين، وفاء لمقومات النظام الدستوري للمملكة في ما يتصل بفصل السلط وتوازنها وتعاونها، للعمل الجدي والتعاون البناء من أجل النهوض بالتنمية الاقتصادية والبشرية الشاملة لبلادنا التي يرعاها بكفاءة واقتدار عاليين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
أشكركم على حسن الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.