ينطلق هذا النص من تشخيص جوهري أبرزه جلالة الملك حفظه الله في خطاب عشرين غشت لسنة 1999 حين تساءل جلالته عن "كيف يمكن الرقي بالمجتمع والنساء اللواتي يشكلن نصفه تهدر حقوقهن ويتعرضن للحيف والعنف والتهميش في غير مراعاة لما خولهن ديننا الحنيف من تكريم وانصاف؟" وكذا دعوة جلالته إلى ترسيخ مقومات أسرة مغربية وفية لقيمها وأصالتها ومنفتحة على عصرها في كنف العدل والمساواة والتضامن.
كما يأتي كثمرة مسار طويل من الإعداد والدرس للنهوض بأوضاع الأسرة والمرأة وإدماجها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووضعها مؤسساتيا في شتى مواقع القرار المفعل لبناء الدولة الديمقراطية العصرية. ومن هذا المسار تعيين صاحب الجلالة اللجنة الاستشارية الملكية لإصلاح مدونة الأحوال الشخصية بتاريخ 27 أبريل 2001 التي اشتغلت تحت التوجيهات الملكية السامية، والتي أعلن جلالته عن محاورها الكبرى في خطابه السامي بمناسبة افتتاح البرلمان بتاريخ 10 أكتوبر 2003.
وتتلخص أهم مقتضيات هذا النص فيما يلي:
- تبني صياغة حديثة بدل المفاهيم التي تمس بكرامة وإنسانية المرأة وجعل مسؤولية الأسرة تحت رعاية الزوجين؛
- جعل الولاية حقا للمرأة الرشيدة، تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها؛
- مساواة المرأة والرجل بالنسبة لسن الزواج وتوحيده في ثماني عشرة سنة، مع تخويل القاضي إمكانية تخفيضه في حالات مبررة، وكذلك مساواة البنت والولد المحضونين في بلوغ سن الخامسة عشرة لاختيار الحاضن؛
- تقييد التعدد؛
- رفع أشكال المعاناة عن الرعايا المقيمين بالخارج عند إبرام عقد الزواج من خلال تبسيط مسطرته؛
- جعل الطلاق حلا لميثاق الزوجية يمارس من قبل الزوج والزوجة كل بحسب شروطه، وبمراقبة القضاء؛
- توسيع حق المرأة في طلب التطليق؛
- الحفاظ على حقوق الطفل ومصلحته الفضلى وفقا لمقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب؛
- حماية حق الطفل في النسب في حال عدم توثيق عقد الزوجية لأسباب قاهرة؛
- تخويل الحفيدة والحفيد من جهة الأم حقهم في تركة جدهم على غرار أبناء الإبن؛
- إقرار مبدأ جواز الاتفاق بين الزوجين، في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، على وضع إطار لتدبير واستثمار أموالهما المكتسبة خلال الحياة الزوجية مع الاحتفاظ بقاعدة استقلال الذمة المالية لكل منهما.