إن المشاركين والمشاركات في اليوم الدراسي المنعقد بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية تحت موضوع"الديمقراطية وأسئلة الوساطة بالمغرب"المنظم من طرف مجلس المستشارين يوم07نونبر 2018 بتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وبدعم من مؤسسة وستمنستر للديمقراطية، والذي عرف مشاركة مستشارين ونواب ومنتخبين وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمركزيات النقابية، وباحثين وأكاديميين...
إذ يستحضرون:
- وثيقة الاتحاد البرلماني الدولي رقم 33 الصادرة عن جمعية الاتحاد في دورتها 117؛
- الإعلان العالمي بشأن الديمقراطية، لاسيما البند العاشر الذي ينص على أنه"يتعين على المؤسسات الديمقراطية أن تقوم بدور الوسيط في تخفيف حدة التوتر والحفاظ على التوازن بين التنوع والتوحد، وبين الفردي والجماعي وذلك من أجل دعم الترابط والتضامن على الصعيد الاجتماعي"؛
- المقتضيات الدستورية ذات الصلة بهذا الشأنوخصوصا الديباجة والفصول 1 و2 و6 و7 و8 و11 و12 و13؛
إذ يسترشدون:
بخطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ذات الصلة بالديمقراطية في مختلف جوانبها،ولاسيما فحوى الخطاب الملكي السامي الملقى بمناسبة عيد العرش ليوم 29 يوليوز 2017،وخطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة بتاريخ 12 أكتوبر 2018.
إذ يلاحظون بقلق:
-تراجع المغرب في مؤشر التنمية البشرية السنوي خلال السنوات العشر الأخيرة، رغم أن الدولة تخصص ما يفوق 50 % من الميزانية العامة للقطاعات الاجتماعية؛
- أن الإصلاحات التي تم القيام بها لم ترقَ لمستوى التطلعات مما أدى إلى ظهور الاحتقان الاجتماعي والاحتجاجات؛
- أن الاحتجاجات التي شهدها المغرب في الآونة الأخيرة كشفت ضعف مؤسسات الوساطة في تأطير المواطنين ولعب دور الوساطة وتخفيف منسوب الغضب؛
- تفاقم أزمة التمثيلية لدى غالبية الأحزاب السياسية والنقابات والمؤسسات المنتخبة وهيئات المجتمع المدني؛
- تزايد أزمة مصداقية النخب السياسية التي تقوم بدور الوساطة بين المواطنات والمواطنين والسلطة السياسية من خلال المؤسسات، وفشلها في القيام بأدوارها في تمثيل المواطنين في المؤسسات المنتخبة والتعبير عن أصواتهم وتطلعاتهم والاستجابة لمطالبهم الملحَّة لدى صانعي القرار؛
- أن أزمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات ليست وليدة هذه المرحلة، بل إن بوادرها ترجع إلى أوائل الألفية الحالية، حيث بدأنا نلمس تقلص دور الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية، والأسرة، والمدرسة، ومختلف الآليات الأخرى، كالإعلام والاتصال...، في تنظيم وتأطير المجتمع.
- أن أزمة الثقة وليدة عدة عوامل، من ضمنها: ظهور وتطور وسائل جديدة للوساطة أفرزتها الثورة الرقمية، وضعف حكامة المؤسسات التقليدية للوساطة،واحتدام أزمة المشاركة الشعبية في تدبير الشأن العام، وتدهور الأوضاع الاجتماعية وتفاقم الفوارق المجالية؛ وهي عوامل أدت كلها إلى الشعور بـعدم الرضى، والحيف، والإقصاء، والتهميش، وانسداد الآفاق وإغلاق باب الأمل في غد أفضل، خاصة لدى الشباب.
- أزمة علاقة السياسات العمومية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية على رأسها مشروع الجهوية المتقدمة وما يترتب عنه من غياب الحكامة في معالجة الملفات المحلية والجهوية الشائكة، ومن سوء تدبير مشاريع التنمية والمرافق العمومية وضعف النخب المحلية ومحدودية أدوارها وتدخله؛
- وقوع اختلال جوهري وفجوة عميقة ومعقدة في معادلة التعايش السياسي والمجتمعي، واتساعها سيولد إحباطًا وسخطًا في أوساط المجتمع مما سيعمل على زعزعة الاستقرار ودفع المواطنين إلى الاحتجاج بمختلف أشكاله ومن خلال قنوات وآليات جديدة؛
إذ يؤكدون على أن:
هيآت الوساطة المؤسساتية قد أصبحت بالإضافة الى مؤسسات الحزبية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني،تشكل جزءا من البناء الحديث للدولة، يوفرلها الدستور بنية قانونية هامة، ويضمن لها استقلالية عملها (الفصل 159 من الدستور)،وهي الاستقلالية التي عززتها قرارات المجلس الدستوري (قرار924/2013 وقرار932/2014)..
-
أهمية الاستثمار الأمثل للإمكانيات الاستراتيجية التي أقرها الدستور في مجال تقوية آليات الوساطة المرتبطة بالديمقراطية التمثيلية و في مجال إرساء إطار مؤسساتي متكامل لآليات الديمقراطية التشاركية؛
تحقيق التنمية الحقيقية يتطلب نخبا سياسية وإدارية تشعر بوعي عميق تجاه مسؤولياتها، نخب عارفة تنتج وترسم الاستراتيجيات ونخب فاعلة سياسية تترجمها ميدانيا؛
- السلم الاجتماعي رهين بضمان شروط الحكامة المسؤولة والتدبير التشاركي للسياسات العمومية مركزيا وترابيا؛
- الحاجة الماسة إلى وعي جماعي منبثق عن حس مواطناتي، نابع عن وطنية حقة تجعل من كل مكونات مجتمعنا مسؤولة عن مآل الأمة برمتها، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة إحداث قطيعة مع تعامل كافة مكونات المجتمع مع الشأن العام، عبر تطوير قيم وسلوكيات تتميز بالمواطنة، والوطنية، ممزوجة بالتحلي بروح المسؤولية والضمير المهني؛
- الحكامة السياسية تبنى على أساس التنشئة الاجتماعية والسياسية للمواطنين وفي ظل غياب تنشئة سياسية لا يمكن لنا أن نتحدث عن وجود أحزاب أصلا؛
- تأخر تفعيل الجهوية المتقدمة، وعدم توفق الأحزاب السياسية في تزكية نخب مؤهلة لتدبير الشأن العام، مؤشرات تعكس في العمق فشل السياسات العمومية في الكثير من المناطق والقطاعات وتفسر اتساع دائرة الاحتجاجات بالمغرب.
- الوساطة هي الالية المثلى لترقية ثقافة التغيير والتحول السياسي السلمي.
إن المشاركات والمشاركين إذ يعتبرون أن:
-
الوساطة وسيلة نبيلة لإعمال حق من حقوق الإنسان وقيمة أساسية من قيم حقوق الإنسان ألا وهي العيش المشترك والحوار والنقاش الحر؛
-
الثقة في مؤسسات الديمقراطية التمثيلية والتشاركية بمثابة رأس مال رمزي ذي طابع اجتماعي وسياسي يزيد منسوبه وينقص حسب درجات ونوعيات استجابة الفاعلين العموميين للطلبات المجتمعية على الحقوق، ومن ثم يتعين اتخاذ مسافة نقدية من أي "خطاب قدري" وغير مدعم علميا، حول أزمة الثقة أو فقدانها التام.
-
عدم كون أزمة النسيج الوطني للوساطة السياسية و الاجتماعية و المدنية قدرا محتوما، بقدر ما يمكن اعتبارها عنوانا على أزمة نمو الديمقراطية المغربية؛
-
الديناميات الاحتجاجية كفرصة تاريخية لتجديد النسيج الوطني والترابي للوساطة ببلادنا عبر إدماج فاعلين جدد، وقضايا جديدة، وابتكار حلول مؤسساتية جديدة في إطار دستوري لم تستنفذ إمكانياته في هذا المجال بعد.
يدعون إلى:
-ضرورة القيام بمراجعات جذرية في مؤسسات الوساطة، تأخذ بعين الاعتبار التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع المغربي؛
- ترسيخ الوساطة كثقافة لا كممارسة ظرفية، بمعنى جعلها سلوكا قبليا واستباقيا قبل انتشار العنف واندثار رأس المال الاجتماعي؛
-تقوية آليات المراقبة والتتبع والتقييم، وكذا إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ضمانا لفعلية الحكامة المسؤولة التي تعتمد الإنصات للساكنة، وفق مقاربة تشاركية تجعل من خدمة المواطن وحاجياته وطموحاته هدفها الأساس؛
-ضرورة تطوير علاقة جديدة، على كل المستويات، مع الانتباه إلى عامل الزمن في مجال تدبير الشأن العام، ولن يتأتى هذا إلا من خلال احترام الالتزامات إزاء المواطنين، والقطع مع هدر الزمن الاجتماعي والسياسي في تدبير الشأن العام، المفضي إلى فقدان الثقة في المؤسسات؛
-تقوية مؤسسات الوساطة، خصوصا الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية، عن طريق تأهيلها ودعمها ماليا؛
- القيام بتعاقد جديد بين الدولة والمجتمع، وبين الأحزاب والمواطنين، وبين المقاولين والعمال، وبين النخبة والمجتمع، حتى يساهم الجميع في تقوية الروابط الاجتماعي، والعيش المشترك في إطار مؤسسي تسوده الثقة بين كافة مكونات الأمة، وما من شك في أن دور المدرسة، والأسرة، ووسائل الاعلام والاتصال تبدو حاسمة لبناء وإشاعة هذا الوعي الجماعي الوطني الجديد؛
-توفير شروط المواطنة الحقة للساكنة، بدءا بتلبية حاجياتها الأساسية، عبر تمكينها من تملك كامل حقوقها الأساسية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، والبيئية، وتلك المتعلقة بمشاركتها في الحياة السياسية الوطنية. وهذا ما يجعل من العدالة الاجتماعية، ومن الديمقراطية السياسية في صلب أي عملية دائمة لتحويل الاحتجاج إلى تعبئة من أجل الوطن، وفي خدمة نمائه الاقتصادي ووحدته وتلاحمه؛
- مراجعة مؤسسات الوساطة لذواتها بصفة جذرية، وأن تدخل في مرحلة إعادة بنائها وفق مقاربات جديدة، تأخذ بعين الاعتبار التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع، والتي أفرزت جيلا جديدا من المواطنين بوعي عميق بما يجري، وأصبحت لديهم سلطة كبيرة في التنظيم الذاتي، وقدرة حقيقية، منظمة وعفوية في الآن نفسه، على الاحتجاج لمواجهة أوضاعهم فرادى وجماعات ؛
- دعوة كافة مكونات المجتمع إلى التحلي بحس عال من الوطنية والمواطنة، وبقيم العطاء، والتضحية، ونكران الذات، وتغليب المصلحة العليا العامة، والوحدة من أجل البناء، والاحتكام إلى الحوار الهادف والمسؤول في إطار الحفاظ على المكتسبات والتشبث بالثوابت؛
- إعادة النظر في الكيفية التي تشتغل بها الأحزاب السياسية باعتبارها هياكل وأدوات للوساطة السياسية بدونها تفقد الديمقراطية جميع دلالاتها باعتماد التواصل الدائم مع المواطنين، والقيام بمبادرات تخرجها من الانتظارية وتجنبها العزوف الانتخابي للمواطنين...؛
- تنظيم مناظرة وطنية تشارك فيها كل مؤسسات الوساطة، تعمل على البحث عن سبل استنهاض فعل المشاركة المواطنة ومأسسة الاستجابة الفورية لمطالب المجتمع وتقوية دعائم الوساطة الاجتماعية والسياسية؛
- يدعون مجلس المستشارين لمواصلة احتضان النقاش المجتمعي التعددي والتشاركي، بشأن قضايا الديمقراطية، والعمل على صياغة مخطط برلماني لتقوية آليات الوساطة.