بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
السيد رئيس الحكومة المحترم،
السيدات والسادة الوزراء المحترمون،
السيدات والسادة المستشارون المحترمون،
طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور والمادة السادسة من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، نختتم اليوم، دورة أبريل للسنة التشريعية 2016- 2017 بحصيلة قد لا يكون من المبالغة وصفها بالحصيلة الهامة على مختلف واجهات عمل المجلس سواء على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، أو على مستوى الدبلوماسية البرلمانية وكذا انفتاح المجلس على محيطه.
وقبل عرض حصيلة عمل المجلس خلال هذه الدورة، لابد من التوقف عند المضامين القوية للخطاب الملكي السامي الأخير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي إن كانت تسائل في المقام الأول الفاعلين السياسيين والمسؤولين الإداريين بمغرب اليوم ومدى ارتباطهم وتجاوبهم مع انتظارات وتطلعات المواطنات والمواطنين، فإننا نجزم أنها، تدعونا كبرلمانيين، وكجزء من المنظومة المؤسساتية، إلى تقييم وتقويم عملنا على مختلف المستويات، واستخلاص العبر والدروس من أجل تجويد عملنا البرلماني وبلورة مقترحات عملية لتفعيل مضامين هذا الخطاب السامي المرجعي، بما يكفل انخراطنا الفاعل في المشروع الوطني الديمقراطي الذي يرعاه ويقوده جلالة الملك حفظه الله.
وجدير بالتنويه، إلى أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يقف فيها جلالته على مكامن الخلل في أدائنا كمؤسسات، وليست هذه هي المرة الأولى التي يضعنا فيها جلالة الملك أمام مسؤولياتنا كممثلين للأمة، فقد حرص جلالة الملك في كل المناسبات وخصوصا، إبان افتتاح كل دورة تشريعية، بتذكيرنا بواجباتنا ومسؤولياتنا، واستسمحكم هنا في ذكر فقرة واحدة من إحدى خطبه السامية، حيث يقول جلالته"أن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات، هو خدمة المواطن. وبدون قيامها بهذه المهمة، فإنها تبقى عديمة الجدوى، بل لا مبرر لوجودها أصلا. " و"إذا كان من حق أي حزب سياسي، أو أي برلماني، أن يفكر في مستقبله السياسي، وفي كسب ثقة الناخبين ، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب القضايا الوطنية الكبرى، والانشغالات الحقيقية للمواطنين"{انتهى المنطوق الملكي السامي}. إن سداد وقوة هذا المعنى الذي ينطوي عليها هذا النص وغيره كثير ، يلزم أن يشكل، بالنسبة لنا، موجها لعملنا ونبراسا لتقويم أدائنا، بل اسمحوا لي بالذهاب إلى حد القول بأن الأوان قد آن، أكثر من أي وقت مضى، لمباشرة المراجعة العميقة الضرورية في عملنا وأدائنا وإلى النقد الذاتي الموضوعي والجريء والمسؤول عن منجزنا وأثره على تطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين الذين حظينا بشرف تمثيلهم.
وفي نفس المنحى، فالتفاعل مع مضامين الخطابات السامية لصاحب الجلالة نصره الله، ولاسيما خطاب العرش لهذه السنة، يفرض علينا، ليس فقط الانفعال اللحظي، وترديد العبارات التي ألفناها وصارت من كثرة تردادها تثير سخرية المواطنات والمواطنين بل تحمل مسؤوليتنا كإحدى أهم مكونات النسيج المؤسساتي ببلادنا للنهوض بمهامنا ووظائفنا الدستورية، مما يقتضي الانكباب الجدي على إعداد خارطة طريق تنفيذية تستلهم تلك المضامين لتثمين ومواصلة مجهود استكمال الأوراش الإستراتيجية التي أطلقناها، من جهة، ولكن لتصويب الاختلالات وتجاوز مكامن الضعف في عملنا بغرض ترشيد الحكامة البرلمانية والرقي بنجاعة تدخلاتنا، من جهة ثانية. وأود التأكيد على أن مكتب المجلس منفتح وسيسعده استقبال اقتراحات السيدات والسادة المستشارين في هذا الشأن.
حضرات السيدات والسادة،
اسمحوا لي الآن، لأنتقل لتقديم الخطوط العريضة لحصيلة المجلس خلال هذه الدورة،
فعلى مستوى التشريع، وافق المجلس خلال هذه الدورة على 46 مشروع قانون، منها 34 مشروع يتعلق بالموافقة على اتفاقيات دولية تواكب الالتزامات القارية والدولية لبلادنا و12 مشروع قانون تهم مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، يأتي في مقدمتها مشروع قانون المالية رقم 73.16 للسنة المالية 2017.
ولئن كانت الاتفاقيات الدولية -سواء الثنائية منها أو المتعددة الأطراف- تشكل الجزء الوافر من مشاريع القوانين التي وافق عليها المجلس خلال الدورة، فإن عددا لا بأس به من هذه الاتفاقيات، تتعلق بالدول الإفريقية، وذلك تنفيذا للتوجه الملكي السامي المتجدد نحو إفريقيا، منذ أن بادر جلالته نصره الله إلى اتخاذ قرار استئناف شغل عضوية بلادنا في المؤسسة الإفريقية القارية، وعلى إثر زياراته لعدد من الدول الإفريقية، التي تم خلالها التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات الثنائية، والتي شملت دولا مثل روندا واثيوبيا وجنوب السودان وزامبيا ونيجيريا ومدغشقر وغانا، وهي الاتفاقيات التي تتميز بطابعها العملي لما تتضمنه من مؤشرات مدققة وآليات للتنفيذ.
على أن ذلك، لم يمنع المجلس من الانخراط في الدراسة المعمقة والإسهام الايجابي في تجويد باقي مشاريع القوانين التي وافق عليها، وفي مقدمتها مشروع قانون المالية الذي مثل فرصة للمناقشة المستفيضة للسياسات القطاعية المختلفة بحضور السيدات والسادة أعضاء الحكومة الجديدة، مما أخذ حيّزا مهما من زمن مجلس المستشارين امتد من 13 ماي 2017 تاريخ التوصل به إلى غاية فاتح يونيو تاريخ المصادقة عليه، بمدة زمنية غطت 160 ساعة موزعة بين أشغال اللجان الدائمة والجلسات العامة، تميّزت بإدخال عدة تعديلات بلغت في مجموعها 34 تعديلا، شملت عددا من مواد النص، حظيت جميعها بالقبول في إطار البت النهائي من قبل مجلس النواب.
كما أن باقي النصوص المصادق عليها تتراوح بين طابعها الحقوقي والاقتصادي والاجتماعي، من بينها، مشروع القانون الخاص بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، ومشروع القانون الرامي إلى نقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة، والمساهمة في تحصين الملكية العقارية وحمايتها من السطو غير المشروع، بموجب القانون المنظم للحقوق العينية. فضلا عن مشروعي قانونين متعلقين بإحداث وكالتين جديدتين، تعنيان بالتنمية الرقمية وبتنمية الاستثمارات والصادرات.
وفي نفس السياق تم إقرار قوانين، ذات طبيعة تكافلية وتعنى ببعض الفئات المجتمعية، من قبيل الموافقة على مشروع القانون المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وتعديل القانون المنظم للتعاونيات، والموافقة على مشروع القانون المحدث لنظام المعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، دون إغفال المجال الرياضي وتأطيره بقواعد حمائية من تعاطي المنشطات.
وإن كان الجانب الكمي مهما في مقاربة الحصيلة التشريعية، فإن الجوانب النوعية ذات دلالة هامة في بسط حصيلة الدورة، بحيث واصل المجلس تعزيز علاقاته المؤسساتية مع الهيئات الوطنية التي يخولها القانون مساعدة البرلمان، وكذا سياسة فتح أبوابه أمام جمعيات المجتمع المدني وفعالياته للإدلاء برأيها حول قضايا الساعة، من خلال لقاءات مباشرة مع مكونات المجلس أو بتنظيم لقاءات دراسية مشتركة أو بإحالة مذكراتها بشأن النصوص موضوع الدراسة على الفرق والمجموعات، وهو ما انعكس على حجم التعديلات التي تقدمت بها الفرق والمجموعات المكونة للمجلس، بحيث بلغت خلال هذه الدورة ما مجموعه 519 تعديلا، منها 224 تعديلا ورد على مشروع قانون المالية، و295 تعديلا على 8 مشاريع قوانين أخرى، وهو الأمر الذي مكّن من تعديل 7 مشاريع قوانين بشكل جوهري.
غير أن تجاوب الحكومة معها، وإن كان لا يرقى إلى مستوى تطلعاتنا كمجلس، فإن حجمها الكمي يعكس المجهود المبذول من مختلف مكونات المجلس، كما أن تبني معظم هذه التعديلات من طرف مجلس النواب في إطار البت النهائي يثبت طبيعة مساهمة المجلس في تجويد الإطار التشريعي الوطني.
ولقد كان لافتا للنظر أن جميع النصوص التي تمت المصادقة عليها خلال هذه الدورة وردت في شكل مشاريع قوانين، وبناء عليه فإننا نؤكد عزم مكتب المجلس على تطبيق أحكام الفصل 82 من الدستور خلال الدورة البرلمانية المقبلة التي تنص على أنه "يخصص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة"، وذلك عبر برمجة مسبقة لتواريخ الجلسات بتنسيق مع الحكومة، بجانب مناقشة باقي مشاريع القوانين الموجودة حاليا قيد الدرس أمام اللجان الدائمة، وعددها 17. وتجدر الإشارة إلى أن اللجان الدائمة قد عقدت خلال هذه الدورة 73 اجتماعا بمدة زمنية وصلت إلى 244 ساعة عمل.
حضرات السيدات والسادة؛
أما على مستوى مراقبة العمل الحكومي، فقد عقد المجلس خلال هذه الدورة 35 جلسة عامة، استغرقت حوالي 68 ساعة عمل، جاءت جلسات الأسئلة الشفهية في مقدمتها ب 14 جلسة، وتلتها الجلسات التشريعية ب 9 جلسات، ثم الجلسات الخاصة التي بلغت 6 جلسات، بالإضافة إلى 3 جلسات مشتركة مع مجلس النواب، و3 جلسات شهرية متعلقة بالسياسة العامة.
وقد بلغ المعدّل العام لحضور السيدات والسادة أعضاء المجلس بالجلسات العامة حوالي 56 في المائة من أعضاء المجلس في مجموع الجلسات، وإن كانت جلسات الأسئلة الأسبوعية تعرف استقرارا نسبيا من حيث عدد الحاضرين بمعدل حضور حوالي 69 مستشار(ة) في كل جلسة.
أما على مستوى الأنشطة الرقابية والاستطلاعية للجان الدائمة، نسجل أنه فيما يخص طلبات الاستماع إلى السادة الوزراء بخصوص مواضيع الساعة أو ذات الأولوية في السياسات العمومية، فقد ورد على اللجان الدائمة في ظل الحكومة الجديدة، 19 طلبا من الفرق والمجموعات، تفاعلت الحكومة مع (4) طلبات منها، يتعلق الأول بإعراب السيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان عن استعداده لحضور أشغال لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، والثاني بدفع وزارة العدل بعدم اختصاصها بمناقشة قضايا حقوق الإنسان، في حين تم عقد اجتماع واحد للجنة الفلاحة والقطاعات الإنتاجية، نوقش خلاله وضعية المكتب الوطني المغربي للسياحة، واجتماع لجنة المالية حول الإطار العام لإعداد لمشروع القانون المالي لسنة 2018 تطبيقا لأحكام القانون التنظيمي لقانون المالية.
أما بخصوص المهام الاستطلاعية والزيارات الميدانية، فقد استقبلت اللجان الدائمة 5 طلبات في هذا الشأن، استجابت الحكومة لاثنين (2) منها، تتعلقان بزيارة مقالع الرمال بمدينتي القنيطرة والعرائش، ولميناء الناظور والمركز الحدودي بني انصار، وهي الآن في طور الإعداد من لدن لجنتي المالية والداخلية، وننتظر رد الحكومة بخصوص الطلبات الثلاثة الأخرى.
أما بالنسبة للجن المؤقتة، فأهم ما ميّز أشغال المجلس خلال هذه الدورة هو تواصل أشغال المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية في مجال المرفق العمومي، التي سبق لمكتب المجلس أن شكلها تطبيقا لأحكام الفصل 101 من الدستور ومواد النظام الداخلي. وكذا لجنة النظام الداخلي للمجلس، التي لم تتمكن من التقدم في أشغالها بفعل الضغط الكبير على جدول أعمال المجلس.
وتميزت هذه الدورة باستكمال الإجراءات القانونية المرتبطة بتشكيل لجنتي تقصي الحقائق حول المكتب الوطني المغربي للسياحة وترخيص الحكومة باستيراد النفايات.
وفي نفس المنحى، فإلى جانب الدور الرقابي للجان الدائمة، والجيل الجديد من الاختصاصات الدستورية المتمثل في التفاعل مع تقارير المؤسسات الوطنية، تظل الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفهية موعدا هاما لطرح قضايا الشأن العام الوطني، وقد أجابت الحكومة بهذا الصدد خلال 14 جلسة عامة انعقدت في هذه الدورة على 242 سؤالا شفهيا، من أصل 749 سؤالا توصل بها المجلس خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين ودورة أبريل 2017، من ضمنها 51 سؤالا آنيا و 191 سؤالا عاديا، بينما تمت الإجابة على 147 سؤالا كتابيا من أصل 186 بنسبة 79 في المائة.
كما عقد المجلس ثلاث جلسات شهرية (03) خاصة بـتقديم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل السيد رئيس الحكومة طبقا لمقتضيات الفصل 100 من الدستور، تمت برمجة تواريخ انعقادها، بصفة مسبقة في مستهل الدورة، وبتنسيق مع مجلس النواب، وقد همّت المواضيع التالية:
-
الجلسة الأولى تناولت محورين وهما: نجاعة سياسات التشغيل ومحاربة الفقر وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، وإستراتيجية النهوض بالعالم القروي والمناطق الجبلية والغابوية.
-
الجلسة الثانية تناولت محورين وهما: إصلاح الإدارة ومتطلبات الحكامة الجيدة، والسياسة الحكومية في التنمية الصناعية وتحسين مناخ الأعمال.
-
الجلسة الثالثة تناولت بدورها محورين وهما: حصيلة السياسات العمومية المتعلقة بمغاربة العالم، والتقائية السياسات العمومية وأثرها على تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية.
وتجدر الإشارة إلى أنه لأول مرة منذ تفعيل هذه الآلية الرقابية الجديدة -منذ عقد المجلس لأول جلسة شهرية في يوليوز 2012- نظم مكتب المجلس بحضور السيدات والسادة رؤساء الفرق والمجموعات بتاريخ 24 يوليوز 2017 لقاء تقييميا لمنهجية تدبير 21 جلسة عامة شهرية، تم التطرق خلاله لمختلف الجوانب المرتبطة بالموضوع، من حيث الإشكالات التي يطرحها النص القانوني، وكيفية توزيع محاور الجلسة والحصص الزمنية، والمجالات الأساسية التي حظيت بالنقاش طيلة هذه الفترة، ومستويات الحضور لهذا الصنف من الجلسات، وغيرها من التفاصيل.
وبالنظر إلى النتائج التي أبان عنها اللقاء، فإن المكتب عازم في القريب على تنظيم لقاءات تقييمية من هذا النوع، حول مختلف القضايا المندرجة ضمن مجالات اهتمامه.
وعلى مستوى حضور السيدات والسادة الوزراء لجلسات الأسئلة الشفهية الأسبوعية، فقد اتسم بالتباين، وذلك ارتباطا بالأسئلة المبرمجة من طرف مكونات المجلس في جدول الأعمال من جهة، ونسبة اعتذار السيدات والسادة الوزراء عن حضور أشغالها من جهة ثانية.
وهكذا، عبّر السيدين وزيري التربية الوطنية والعلاقات مع البرلمان عن استعدادهما لحضور جميع أشغال جلسات الأسئلة الأربعة عشر التي عقدها المجلس خلال هذه الدورة، متبوعا بقطاع الصحة، الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، والشغل والإدماج المهني ب 13 مرة، ثم قطاعات الطاقة والمعادن، والسياحة والنقل الجوي، وكتابة الدولة المكلفة بالنقل ب 12 مرة.
وبالنسبة للقطاعات الحكومية الأقل حضورا، فنجد في المقام الأول قطاعي الاقتصاد والمالية، والفلاحة والصيد البحري الذين اعتذرا عن الحضور 13 مرة، متبوعين بقطاعات الداخلية، والخارجية، كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري ب 12 مرة، فقطاعي الصناعة والاستثمار والتجارة وكتابة الدولة المكلفة بالمياه والغابات ب11 مناسبة، علما بأن المعدل العام لاعتذار جميع أعضاء الحكومة خلال الجلسات 14 المخصصة للأسئلة الشفهية بلغ حوالي 36%.
ولا بد من الإشارة إلى إرساء مجلس المستشارين لآلية ستتولى متابعة التزامات وتعهدات السادة الوزراء المعبر عنها خلال جلسات الأسئلة الشفهية، وسيصبح بإمكان الفرق والمجموعات البرلمانية الاطلاع على مجموع هذه الالتزامات عقب كل دورة، من أجل اتخاذ ما تراه مناسبا بشأنها وبصفة خاصة ترتيب أشكال رقابية على ضوئها، من قبيل تشكيل لجان استطلاع، أو استدعاء الوزراء للجان الدائمة أو صياغة أسئلة شفهية وكتابية.
السيدات والسادة؛
على مستوى تقييم السياسات العمومية، فقد شرع مكتب المجلس في التحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية ابتداء من مستهل أكتوبر 2016 بمراسلة الفرق والمجموعات البرلمانية قصد اقتراح مواضيع الجلسة السنوية، وتمت هيكلة المجموعة الموضوعاتية المكلفة بذلك بعد تحديد مجال اشتغالها على المرفق العمومي، وقد حصرت هذه الأخيرة محاور اشتغالها في: المراكز الجهوية للاستثمار، والخدمات الصحية، ومنظومة التربية والتعليم.
وفي هذا الصدد، لا بد من التنويه باستجابة جميع القطاعات الحكومية المعنية مع طلب المجموعة الموضوعاتية.
وقد مكنت هذه اللقاءات التفاعلية وعمليات البحث التي أجرتها المجموعة الموضوعاتية من جمع عدد من المعطيات حول القضايا المذكورة، وقد ارتأى نظر مكتب المجلس بناء على طلب المجموعة تمديد اجل إيداع تقريرها إلى حين استكمال جميع شروط التقييم.
وبخصوص العلاقة مع المؤسسات الوطنية، فقد واصل المجلس توطيد علاقات التعاون مع هذه الهيئات والمؤسسات، وعلى رأسها المحكمة الدستورية من خلال بتها في المنازعات المتعلقة بانتخاب أعضاء المجلس، وبتفعيلها لأحكام المادة 25 من قانونها التنظيمي، الذي يفسح المجال أمام أعضاء المجلس لأجل إبداء النظر في القضايا المرتبطة بدستورية القوانين والأنظمة المحالة عليها، وهو ما تم بالنسبة للنظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
كما أن الآراء الصادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان وجدت صداها في التعديلات المقدمة من الفرق والمجموعات حول بعض النصوص التي تمت الموافقة عليها خلال هذه الدورة، ولعل أبرز مثال في هذا الصدد، مشروعي القانونين المتعلقين على التوالي، بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وبنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة.
أما بالنسبة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فقد توطدت علاقات التعاون معه، عن طريق إخبار المجلس بجميع المستجدات المتعلقة بجدول أعماله.
على أن المؤسسة التي جمعتنا معها خلال هذه الدورة لقاءات هامة، هي المجلس الأعلى للحسابات، عن طريق المحطة السنوية التي تربطنا بها طبقا لأحكام الفصل 148 من الدستور، بحيث ألقى السيد الرئيس الأول عرضه عن أعمال المحاكم المالية في الجلسة البرلمانية المشتركة لـ 4 يوليوز 2017، عقب إيداع التقرير السنوي للمجلس لسنة 2015، مما وفر مادة غنية أمام السيدات والسادة أعضاء المجلس، تم استثمارها في الجلسة التي خصصت لمناق
شة العرض المذكور بتاريخ 2 غشت 2017، بحضور ثمانية قطاعات حكومية.
ولا يمكن إغفال حجم التنسيق المكثف والبناء مع الحكومة الذي يكاد يكون بصفة يومية، من خلال وضعها في الصورة قبل وضع جدول الأعمال، عن طريق ندوة الرؤساء وبتنسيق مباشر مع السيد رئيس الحكومة، ما مكّن من تذليل عدد من الصعوبات المرتبطة بالبرمجة، وبصفة خاصة حضور السادة الوزراء لأشغال المجلس.
ونفس الأمر يسري على العلاقة مع مجلس النواب، من حيث العمل الهام الذي تقوم به لجنة التنسيق ، والتنسيق المتواصل مع السيد رئيس مجلس النواب حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتي تجلت بالأساس في التنظيم المشترك لملتقيات دولية، وعقد ثلاث جلسات عامة مشتركة تعلقت بتقديم البرنامج الحكومي، وبعرض قانون المالية برسم سنة 2017، وبتقرير السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات.
حضرات السيدات والسادة،
لعل ما ميز عمل مجلس المستشارين على مستوى الدبلوماسية البرلمانية، خلال هذه الدورة، هو التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم مع مجالس البرلمانات في البلدان الصديقة، إضافة إلى الزيارات واللقاءات الهامة التي قام بها مجلسنا على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف.
واتسم عمل وفود مجلس المستشارين بالدفاع عن القضايا الكبرى لبلادنا وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية لبلادنا، والترويج للنموذج الديمقراطي والتنموي المغربي المتفرد، وكذا الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني وحقه في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وتأكيد مواقف بلادنا بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم حفظ الأمن والسلم الدوليين.
وفي إطار هذه الدينامية التي ميزت عملنا الدبلوماسي، استقبل مجلسنا 30 وفدا برلمانيا وحكوميا وشخصيات دبلوماسية، كما شارك في 20 تظاهرة برلمانية إقليمية ودولية وقارية.
وعرفت هذه الدورة، زيارة عمل لرئيس مجلس المستشارين إلى اليابان، توجت بالاتفاق على إحداث "منتدى برلماني بين مجلس المستشارين المغربي ومجلس المستشارين الياباني"، سينظم مجلسنا اول نسخة منه بالرباط خلال الدورة المقبلة، وزيارة ثانية لجمهورية الشيلي تميزت بمباحثات مثمرة مع السيد وزير الخارجية ونائبه، ولقاء مع السيد رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية الشيلي، توج بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين مجلس المستشارين المغربي ونظيره الشيلي. كما حظيت هذه الزيارة باستقبال الوفد المغربي من طرف فخامة رئيسة الجمهورية.
وقد تميزت كل هذه اللقاءات بتجديد المسؤولين الشيليين لدعمهم الثابت لقضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وتأكيدهم على عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين، مع التعبير على الإرادة المشتركة للرقي بالعلاقات الثنائية إلى مستوى شراكة إستراتيجية نموذجية بين البلدين.
ولنا اليوم أن نعتز بمسار علاقات التعاون والتفاهم مع البرلمان الشيلي، والذي أسهم بشكل كبير بل وحاسم في محاصرة تحركات خصوم وحدتنا الترابية، ذلك أنه لأول مرة بعد ما يناهز عقدين من الزمن، لم يرفع البرلمان الشيلي الملتمس الدوري والسنوي لحكومته للاعتراف بـ"الجمهورية الوهمية".
وضمن نفس الإطار، تمكنا خلال هذه الدورة في إطار مجموعة الصداقة والتعاون المغربية الايطالية، من التصدي لمناورات أعداء وحدتنا الترابية داخل البرلمان الايطالي وإفشال مناورات جديدة لأعداء وحدتنا الترابية بالبرلمان الأوروبي من خلال إسقاط التعديلات المناوئة بشأن "مشروع التقرير حول توصية البرلمان الأوروبي للمجلس بخصوص الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة" خلال الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي بستراسبورغ في شهر يوليوز الماضي.
كما تميزت هذه الدورة بزيارة السيدة نائبة رئيس جمهورية الأرجنتين ورئيسة مجلس الشيوخ لبلادنا، وهي الزيارة التي فتحت آفاقا واعدة في مسلسل التعاون بين البلدين والمؤسستين البرلمانيتين، حيث توجت بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين مجلس المستشارين المغربي ومجلس الشيوخ الأرجنتيني.
وعرفت، هذه الدورة أيضا، زيارة السيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ البرازيلي والرئيس الأسبق للجمهورية، وتم الاتفاق خلالها على إحداث لجنة مشتركة بين مجلس المستشارين المغربي ومجلس الشيوخ البرازيلي، لمواكبة التعاون بين حكومتي البلدين في مختلف المجالات.
وشهدت هذه الدورة أيضا، المشاركة في المؤتمر التأسيسي لمنظمة "البديل الديمقراطي للأمريكتين" Democratica de las Américas Alternativa في إطار الانفتاح على التجمعات النقابية القارية والدولية، انسجاما مع المخطط الاستراتيجي لمجلس المستشارين الرامي إلى إبراز المكونات والخصوصيات السوسيو-اقتصادية، وتعزيز التواجد في أمريكا الجنوبية، وهو ما تجلى كذلك في المبادرة إلى تقديم طلب الانضمام للشبكة البرلمانية للأمريكتين PARLAMERICAS.
وعلى مستوى العلاقات مع برلمانات الدول الإفريقية الصديقة، فإضافة إلى احتضان البرلمان المغربي للدورة 70 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، تميزت الدورة بزيارة السيد رئيس مجلس الشيوخ الرواندي، تخللتها مباحثات ثنائية ولقاءات مع مسؤولين في الحكومة والمؤسسات الدستورية الوطنية، توجت بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين مجلسي البلدين؛ فضلا عن تفعيل مجموعات التعاون والصداقة مع مختلف الدول، وإحداث مجموعات على مستوى إفريقيا في إطار تنزيل المخطط الاستراتيجي الخاص بالقارة الإفريقية. كما عرفت هذه الدورة المشاركة الأولى في دورات برلمان عموم إفريقيا كمواكبة من مجلسنا لعودة المملكة المغربية للاتحاد الإفريقي.
وعلى مستوى العلاقات مع المنظمات والهيئات الدولية، احتضن المجلس بتنسيق مع مجلس النواب فعاليات:
-
المؤتمر 24 للاتحاد البرلماني العربي؛
-
الدورة 70 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي؛
-
والمؤتمر 25 الطارئ للاتحاد البرلماني العربي؛
وفي إطار هذه الدينامية القوية التي تعيش على إيقاعها الدبلوماسية البرلمانية، سنواصل عملنا خلال الدورة المقبلة عبر محطات ومواعيد هامة تتمثل في زيارات لرؤساء المجالس المماثلة، واحتضان مجلسنا لعدة ندوات ومؤتمرات إقليمية وقارية ودولية ك:
-
المؤتمر 11 لرابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي؛
-
المؤتمر البرلماني الدولي رفيع المستوى حول "تسهيل التجارة والاستثمارات في منطقة المتوسط والقارة الإفريقية" بشراكة مع الجمعية البرلمانية المتوسطية والمنظمة العالمية للتجارة؛
-
ميدكوب 2017 بورزازات بشراكة مع الجمعية البرلمانية المتوسطية؛
-
ندوة حول "ظاهرة انتشار التطرف العنيف بمنطقة منظمة الأمن والتعاون بأوروبا، والإستراتيجية الكفيلة بالحد من استقطاب وتجنيد المنظمات الإرهابية للشباب: المقاربة المغربية" والتي سننظمها على هامش الزيارة الهامة التي يعتزم القيام بها لبلادنا وفد عن الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا؛
-
اجتماع منتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية في أمريكا الوسطى والكارايبي "فوبريل".
السيدات والسادة،
وعلى مستوى انفتاح المجلس على محيطه الخارجي، وتفعيلا لدوره المركزي باعتباره امتدادا مؤسساتيا للجهات، مجاليا، مهنيا، اجتماعيا، واقتصاديا، وإطارا حاضنا للأسئلة المستجدة في الساحة الوطنية على مختلف الواجهات، احتضن مجلسنا 5 لقاءات دراسية تمحورت حول "الرقابة البرلمانية على السياسات العمومية في مجال الأمن" بشراكة مع المركز المغربي للديمقراطية والأمن؛ و"العلاقات بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية: من أجل نموذج للتعاون جنوب-جنوب " بتعاون مع مؤسسة غابرييل غارسيا ماركيث؛ و"استعراض أفضل الممارسات والتجارب المرتبطة بآليات دعم العمل البرلماني" بشراكة مع برنامج "سيغما" لدعم تحسين المؤسسات العمومية ونظم التدبير؛ و"البنوك التشاركية في المغرب "الرهانات والتحديات وتسوية المنازعات في المعاملات المالية الإسلامية" بتعاون مع المركز الدولي للوساطة والتحكيم .
وفي سياق مواكبة نقاش مشروع قانون المالية للسنة المالية 2017-2018، نظمت الفرق البرلمانية أياما دراسية، حيث نظم فريق الأصالة والمعاصرة يوما دراسيا حول مشروع قانون المالية للسنة المالية 2017 ونظم الفريقان الحركيان بمجلسي البرلمان يوما دراسيا حول موضوع "السياسة المالية للحكومة: تحديات ورهانات"، ونظم الفريق الاشتراكي بشراكة مع الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب يوما دراسيا حول موضوع: أي تصور للمالية العمومية في البرنامج الحكومي وفق قانون المالية 2017 للقضاء على التمييز واللامساواة.
ولملامسة قضايا تندرج ضمن اهتمامات الرأي العام، نظم فريق العدالة والتنمية لقاء دراسيا في موضوع " قراءة في مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية" بتنسيق مع الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية والرابطة المغربية للأمازيغية. ونظم فريق الاتحاد المغربي للشغل يوما دراسيا حول المذكرة الاقتصادية للبنك الدولي "المغرب في أفق 2040: الاستثمار في الرأسمال المادي لتسريع الإقلاع الاقتصادي" بشراكة مع مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال.
كما واصل المجلس استقبال عددا من الزوار بما مجموعه 1783 زائر من مختلف شرائح المجتمع، منهم تلاميذ وطلبة وباحثين وفعاليات جمعوية من داخل المغرب وخارجه.
حضرات السيدات والسادة،
لقد عرفت الدورة التوقيع على مذكرة تفاهم وتعاون بين مجلس المستشارين والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، تتويجا لمسلسل التعاون بين المؤسستين، وذلك من أجل الاستفادة من خبرته التقنية والعلمية وضمان إدماج ناجع وفعال للغة الأمازيغية في أشغال مجلس المستشارين. وجدير بالذكر أن هذه الخطوة تعتبر لبنة إضافية في سعي مجلس المستشارين إلى المساهمة في تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وإغناء للنقاش الوطني حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بهذا الورش الوطني الهام.
ولمواكبة مختلف الأوراش المفتوحة ولاسيما ورش الجهوية المتقدمة وورش البناء التشاركي للنموذج المغربي للعدالة الاجتماعية، وبعد أن تم التوقيع على مذكرة تعاون مع مؤسسة وسمنستر للديمقراطية، عرفت هذه الدورة أيضا توقيع عقد إطار تعاون مع مؤسسة كونراد أدناور.
وفي ذات المنحى ما زالت المشاورات جارية لمأسسة العلاقة مع كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومع جمعية رؤساء الجهات وجمعية رؤساء الجماعات عبر توقيع مذكرات تفاهم معها.
حضرات السيدات والسادة،
في الختام، يسعدني أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى السيد رئيس الحكومة وباقي أعضاء الحكومة المحترمين، على تواصلهم وتعاونهم الدائم مع مجلسنا. والشكر موصول كذلك للسيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، على ما يقوم به من جهود من أجلب تيسير التعاون والتنسيق بين مجلسنا والحكومة.
كما أتقدم بالشكر إلى السيدات والسادة المستشارين المحترمين، وأعضاء مكتب المجلس، ورؤساء الفرق ومنسقي المجموعات البرلمانية، ورؤساء اللجن البرلمانية الدائمة، على نشاطهم الدائم وحرصهم المتواصل من أجل الارتقــاء بأداء مؤسستنا إلى مستوى متقدم.
ويسعدني بنفس المناسبة، أن أنوه بأطر وموظفات وموظفي مجلس المستشارين، على تفانيهم في العمل خدمة لمصلحة مؤسستنا التشريعية.
كما لا يفوتني بهذه المناسبة، أن أتوجه بالشكر إلى هيئات المجتمع المدني على متابعتها الدائمة لأنشطة المجلس، وانخراطها في كل المبادرات التي فتحها المجلس في مختلف واجهات العمل البرلماني، والشكر كذلك لوسائل الإعلام الوطنية والدولية على مواكبتها المهنية لأنشطتنا ونقلها لعموم الرأي العام الوطني والدولي.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.