كلمة الأستاذ حكيم بن شماش، رئيس مجلس المستشارين
خلال الندوة الوطنية حول موضوع" العقوبات البديلة وفق الانتصار لمقاربة جديدة لتعاطي المخدرات مبنية على الصحة، التنمية المستدامة وحقوق الإنسان".
من تنظيم جمعية محاربة السيدا وبتنسيق وبشراكة مع مجلس المستشارين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان
ـ مجلس المستشارين: الثلاثاء 26 يونيو 2018 ـ
السيد الوزير المحترم؛
السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان المحترم؛
السيد رئيس جمعية محاربة السيدا؛
السادة والسيدات الحضور الكريم؛
يسعدني أن أشارك معكم في الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة الوطنية حول:"العقوبات البديلة والانتصار لمقاربة جديدة لتعاطي المخدرات مبنية على الصحة، التنمية المستدامة وحقوق الإنسان"، المنظمة من طرف جمعية محاربة السيدا وبتنسيق وبشراكة مع مجلسنا الموقر وشريكه الاستراتيجي في العديد من القضايا، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي نعتز ونفتخر به وبالعمل الذي يقوم به في مجال إرساء معايير وثقافة حقوق الإنسان والدعم الذي يعطيه للمؤسسة التشريعية في كل القضايا والقوانين التي تعرض عليه من أجل إبداء الرأي.
وكما هو معلوم تأتي هذه الندوة في إطار تفعيل المخطط الوطني للسيدا وحقوق الإنسان المتبنى من لدن وزارة الصحة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومن لدن كافة الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين ومنهم جمعية محاربة السيدا، وإذا ننوه بالمناسبة بالعمل الذي تقوم به جمعيتكم للترافع كما هو حال موضوع هذه الندوة، الذي يكتسي أهمية خاصة لما يطرحه من عدة إشكالات قانونية،وأمنية،وصحية، وإنسانية،وتنموية...،من أجل الانتصار لمقاربة جديدة للتصدي لآفة المخدرات ،مبنية على الصحة ،وحقوق الإنسان وكرامته، وكذا من أجل الانتصار لسياسات تنموية مستدامة يستفيد منها مزارعي النبتات التي تستعمل في صناعة المخدرات ،حتى يتسنى لهذه الفئة الاندماج في التنمية والعمل على إيجاد سياسات بديلة تحد من كوارث استغلال هذه النباتات في صناعة المخدرات.
حضرات السيدات والسادة،
كما لا يخفى عليكم أن جميع النماذج التي اعتمدت على "المقاربات الأمنية"، في أغلب التجارب، "فشلت"في محاربة المخدرات، رغم "نجاعة" بعض سياسات تقليص المخاطر كالتي انخرطت فيها بلادنا، والتي تقوم على إنشاء مراكز لمحاربة الإدمان، ومباشرة وزارة الصحة لإنجاز برنامج وطني يستهدف هذه الفئة.
وفي المقابل نعتبر أن مثل هذه الندوات والعمل الذي تقوم به جمعيتكم من خلال فتح نقاش وطني للنهوض بسياسات تقليص المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي المخدرات، والاعتراف لأشخاص متعاطي المخدرات "بحقهم الإنساني في الكرامة"، والتعامل معهم على أساس مرضى في حاجة للمساعدة والحماية وليس كمجرمين، واعتماد مقاربات تشاركية في السياسات الموجهة لمحاربة المخدرات، وتدعيم الاجراءات الوطنية لمكافحة الإدمان بالإعلام والتحسيس، ومحاولة توفير الرعاية الصحية والولوج إلى العلاج لمتعاطي المخدرات وذلك بضمان مجانية العلاج، وتمكينهم من العلاجات الخاصة بمكافحة الإدمان،وتسريع الحصول على العلاج البديل وتوفيره في المستشفيات والسجون، كلها تعتبر مداخل مهمة .
كما يشكل البعد القانوني الذي هو من اختصاص المؤسسة التشريعية مدخلا مهما،من خلال توفير ترسانة قانونية تواكب المستجدات وتوفر إجراءات ومساطر قانونية ناجعة، وتضمن احترام حقوق الإنسان المتعاطي للمخدرات، بشكل يضمن له الحصول على نفس الحقوق التي توفر لكافة المواطنين، سواء "داخل الحراسة النظرية أو المحاكمة أو داخل السجون"، لذلك يعتبر مراجعة القوانين ذات الصلة بالموضوع، ومنها بالخصوص " ظهير21 ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين عليها"،ذات أولوية في إطار إصلاح القانون الجنائي، ويجب في هذا الاطار الاستفادة واستحضار الديناميات والممارسات الدولية الجيدة القائمة على تفضيل العقوبات البديلة. وضرورة النهوض بترسانة الأحكام البديلة وتسهيل توجيه المتعاطين للولوج للأدوية والعلاجات المقترحة من طرف الأطباء، وضمان توجيه المتعاطين المعتقلين الذين تظهر عليهم علامات الضعف الصحي إلى التكفل الطبي بمجرد اعتقالهم، إضافة إلى العمل على تكوين وتحسيس القضاة ورجال الأمن حتى يغيروا أساليب تعاملهم مع المتعاطين واحترام حقوقهم الإنسانية والتعامل معهم كمرضى، واحترام كافة حقوقهم الإنسانية.
هذه بعض الأفكار المقتضبة التي أريد تقاسمها معكم بخصوص موضوع هذه الندوة التي أتمنى التوفيق لأشغالها والتي ستشكل، لا محالة، فرصة للخروج بعدد من التوصيات التي يمكن أن تفيدنا كمؤسسة تشريعية وبالخصوص فيما يدخل في مجال اختصاصنا في مجالي التشريع ومراقبة وتقييم السياسية العمومية ذات الصلة بهذا الموضوع.
وشكرا على حسن اصغائكم والسلام./.