كلمة السيد رئيس مجلس المستشارين،
ذ.حكيم بنشماش
ورئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي
في أشغال المنتدى البرلماني الاقتصادي الإفريقي- العربي
تحت شعار: "من أجل بناء نموذج تكاملي للتعاون الإقليمي"
يومي 25 و 26 أبريل 2018، بمقر مجلس المستشارين.
-
معالي السيد أحمد بن عبد الله زيد آل محمود، رئيس مجلس الشورى بدولة قطر المحترم
-
معالي السيد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة بدولة ليبيا المحترم
-
معالي السيد Reverien Ndikuriyo، رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية البوروندي المحترم
-
السيدة مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب المحترمة
-
معالي الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي المحترم
-
معالي السيد Ilias Castillo، رئيس البرلمان الامريكولاتينيي المحترم
-
معالي السيد Fernando Meza Moncada، رئيس البرلمان الانديني المحترم
-
السيدات والسادة رؤساء وفود المجالس الأعضاء في الرابطة المحترمون
-
السيدات والسادة أعضاء البرلمان المغربي المحترمون
-
السيد Orlando Dias Pereira، نائب رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) المحترم
-
السيدة Florence Rolle، ممثلة منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بالمغرب المحترمة
-
السيدة بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية المحترمة
-
السيد مصطفى أمهال، رئيس جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات المحترم
-
السادة رؤساء وممثلي اتحادات غرف التجارة والصناعة والفلاحة في افريقيا والعالم العربي المحترمون
-
السادة ممثلو اتحادات المقاولات في افريقيا والعالم العربي المحترمون
-
السيد عبد الواسع يوسف علي، أمين عام الرابطة المحترم
-
السادة ممثلو المنظمات الدولية المحترمون
-
السادة السفراء المحترمون
حضرات السيدات والسادة الحضور الكريم؛
يشرفني أن أرحب بكم جميعا في بلدكم الثاني-المغرب، وأن أعبر لكم عن سعادة مجلسنا باستضافته لأشغال هذا المنتدى البرلماني الاقتصادي الإفريقي العربي الهام، بشراكة مع رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وجامعة غرف التجارة والصناعة والخدمات، وجامعة غرف الفلاحة المغربية، وبتعاون مع كل من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO)، وهيئة منظمة الأمم المتحدة المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (UN-WOMEN)،
حضرات السيدات والسادة؛
كما تعلمون تجتاز إفريقيا والعالم العربي تحولات بنيوية عميقة ومتسارعة، وتواجه تحديات متنامية على كل الأصعدة السياسية والأمنية، و في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وفي هذا السياق أُلْفتُ النظر إلى التحديات والأخطار والظروف الدقيقة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي انعكست على أمن واستقرار المنطقة ومعدلات التنمية. فرغم الإمكانيات والموارد الضخمة التي تتوفر عليها الدول العربية والإفريقية، إلا أن أجزاء منها مازالت تعاني من ويلات الفقر والجوع وتزايد موجات الهجرة وضعف مؤشرات التنمية وإقصاء النساء وتزايد مطالب الشباب، وذلك لعدة أسباب متداخلة ومركبة منها ما هو بنيوي مرتبط بالأوضاع الداخلية ومنها ما هو خارجي مرتبط بالرهانات الاقتصادية والحسابات الجيو- استراتيجية للقوى الدولية، والتي لا يسع المجال للتفصيل فيها، مما يستوجب معه تطوير أشكال من الشراكات الاستراتيجية والتي تأخرت كثيرا، لذلك نعتبر أن البحث عن سبل تنويع التعاون الاقتصادي يعد أحد المداخل الأساسية التي لا غنى عنها للحفاظ على وحدة أوطاننا واستقرارها وتنميتها وفق منظور استراتيجي تنموي تشاركي وتكاملي وتضامني يرتكز على تمتين نسيج المصالح الاقتصادية والتجارية والروابط الإنسانية بين العالمين الإفريقي والعربي، والنأي بها عن أي تدخل خارجي.
لذلك تلاحظون، حضرات السيدات والسادة الأفاضل، أن المواضيع التي اختيرت لهذا الملتقى فرضتها نوعية المخاطر والأجيال الجديدة من التحديات التي بدأت تفرزها التحولات الجديدة للنظام الاقتصادي العالمي، جراء التغير الجذري لموازين القوى الاقتصادية والديموغرافية والتكنولوجية والعسكرية والأمنية التي يعرفها العالم. إن هذه التحولات تفرض إعادة التفكير بمقاربة جديدة تتماشى مع نوعية هذه المخاطر الجديدة المحدقة بالعالم، والجيل الجديد من التحديات التي يشهدها؛
إن العرب والأفارقة إذا أرادوا أن تحتل شعوبهم مكانة محترمة في عالم شديد التحول وبالغ القسوة عليهم أن يبدعوا أنماطا جديدة من التعاون والتكامل والشراكات وان يؤسسوا لجيل جديد من الحكامة القائمة على التنسيق بين مختلف مكوناتها، سواء على صعيد السياسات الاقتصادية في مختلف أبعادها أو على صعيد السياسات الأمنية والعسكرية، وكذا التغيرات المناخية.
ذلك هو السبيل الأكثر فاعلية للتحرر من قيود النظام العالمي وسطوة الطامعين في خيرات ومقدرات أوطاننا. وفي هذا الإطار يمثل طموح شعوبنا في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية ومختلف أنماط التعاون والتكامل العربية الإفريقية أولوية استراتيجية عربيًا وإفريقيًا.
لسنا بحاجة إلى التذكير بتواضع ومحدودية ما راكمناه من رصيد في مجال التعاون بين المنطقتين، وللاستشهاد على ذلك تكفي الإشارة إلى رقم واحد وهو أن صادرات إفريقيا إلى العالم العربي بلغت خلال السنوات الخمس الماضية 6.5 في المائة من إجمالي صادراتها، في حين مثلت صادرات العالم العربي إلى إفريقيا أقل من 6 في المائة، وهي معطيات تؤكد ضعف مؤشرات التعاون بين الدول الإفريقية والعربية، وتساءل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين العرب والأفارقة للبحث على أنجع الوسائل لتعزيز المبادلات التجارية والاستثمار. لذلك فهذا الوضع يتطلب العمل من أجل الارتقاء بهذه المؤشرات وتحسينها، وهو ما يُحتّم على البرلمانات تطوير دورها بهدف البحث عن سبل تفعيل التبادل التجاري والاقتصادي، وهذا جزء مما يسعى هذا المنتدى إلى مناقشته والبحث عن آليات لتجاوز هذا الوضع، من خلال البحث عن الفرص الجديدة لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول العربية والافريقية ودور البرلمانات في ذلك.
حضرات السيدات والسادة؛
بهذه المناسبة أذكر بالدور الذي يمكن أن يلعبه المغرب بحكم شبكة العلاقات التي يتوفر عليها مع مختلف الشركاء الدوليين على صعيد أوربا، أمريكا اللاتينية، وأسيا، وكذا مع الدول الشقيقة العربية والأفريقية، والتي ستسمح بتعزيز العلاقات التجارية وتطوير قطاع الأعمال وخلق شراكات جديدة وتجاوز العديد من التحديات التي تؤثر على تطور العلاقات التجارية بين المنطقة الافريقية والدول العربية؛
لذلك يشكل تعزيز روابط التضامن والتعاون بكل أبعادهما بين بلدان القارة الافريقية والعربية محورا رئيسيا للسياسة الخارجية المغربية كما رسمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس وتشكل الزيارات المتعددة التي قام بها جلالته إلى مختلف الدول الافريقية دليلا على الإرادة الملكية لترسيخ وتعميق جذورنا الأفريقية بشكل أكبر في القارة التي ننتمي إليها بفعل الروابط التاريخية التي توطدت منذ قرون. كما تبرز هذه الزيارات أيضا الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالته، حفظه الله، لتعزيز التعاون جنوب-جنوب بإحاطة افريقيا بعناية خاصة على اعتبار أن القارة تشكل امتدادا طبيعيا للمغرب. وتتجدد هذه الشراكة الاستثنائية، التي بنيت منذ القدم من خلال المبادلات الثقافية والدينية، وأصبحت تقوم حاليا، من أجل ضمان ديمومتها، على تعاون اقتصادي رابح-رابح وكذا على التنمية البشرية وتقاسم التجارب.
ولا يفوتنا هنا التذكير ببعض المبادرات الأخرى الدالة التي قامت بها بلادنا وبالخصوص مبادرة جلالة الملك، نصره الله، منذ السنوات الأولى لتوليه العرش بإلغاء ديون المغرب المستحقة على الدول الإفريقية الأقل نموا وإعفاء منتوجاتها الواردة إلى المغرب من الرسوم الجمركية، الأمر الذي حظي بإشادة دولية واسعة، خاصة أن قضايا التنمية المحلية للدول الإفريقية تأتي في صلب انشغالات المملكة.
كما أنني لست محتاجا للتفصيل في السياسة والاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء التي انتهجها المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بصفته رائد الاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة، والمبنية على القيم الكونية لحقوق الإنسان، من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات الإدارية الهادفة إلى تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين واللاجئين لتمكينهم من الولوج إلى الحقوق الأساسية، خاصة تلك المتعلقة بالصحة والتعليم والسكن والشغل والمواكبة الاجتماعية والقانونية، والمرافق الترفيهية والرياضية.
كما لا يخفى على حضراتكم المشاريع الطموحة التي أنجزها المغرب في العديد من المجالات خصوصا التنمية البشرية وتقاسم المعارف والخبرات وتكنولوجيا الاعلام والاتصال والفلاحة والصحة والماء والطاقة، من أجل تحسين الانتاجية الفلاحية والنهوض بالأمن الغذائي والتنمية القروية، والنهوض بأوضاع الشباب والنساء.
حضرات السيدات والسادة؛
إن المغرب بحكم موقعه الجيو-استراتيجي كملتقى للأسواق العالمية من جهة ، وانطلاقا من علاقاته مع دول المنطقة العربية والقارة الأفريقية في ذات الآن، فإنه ينطلق من تصور استراتيجي متجدد ومتكامل حدده جلالة الملك،نصره الله، في أكثر من مناسبة، وهو تصور ينبني ليس فقط على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية جنوب - جنوب من خلال الاعتماد على المقومات والقدرات الذاتية لقارتنا ومنطقتنا العربية، بل أيضا يتأسس على ترسيخ العلاقات التاريخية مع جميع بلدان المنطقة عبر مبادرات لا تشمل فقط الجانب الاقتصادي بل تمتد إلى مختلف الحقول الإنسانية والتنموية والتضامنية والسياسية والدينية والأمنية.... وغيرها
إن المملكة المغربية، الوفية لمبادئ التضامن والتعاون، التي فَعَّلَت علاقاتها مع الدول الإفريقية والعربية الشقيقة والمصممة على تعميق واغناء علاقات التعاون المتبادل والمثمر، عازمة على الانخراط بشكل لا رجعة فيه في المساهمة الملموسة في نهضة منطقتنا العربية والافريقية اقتصاديا واجتماعيا، وتَدْعَمٌ كل المبادرات الهادفة إلى تطوير الشراكة بين المنطقتين العربية والإفريقية. ولذلك نعتبر أن التعاون الاقتصادي الأفريقي -العربي سيفتح أفاقا واعدة أمام بلداننا وسيسمح بوضع الخبرة والتجربة التي راكتمها بلادنا رهن اشارة أشقاءنا وإخواننا في هذه المنطقة، وسنتقاسم معهم نتاج الدينامية الاقتصادية، التي تعرفها بلادنا. كما أن الشعوب العربية والأفريقية تملك كثيرا من الميزات المشتركة ثقافيا وتاريخيا كي تتحقق من خلالها أهداف التنمية، ونستغل هذه المناسبة للدعوة للوقوف في وجه التحديات والمشاكل التي تعترض التعاون حتى تتمكن بلداننا من ممارسة سيادتها وتعزيز العلاقات السياسية القائمة على الاحترام المتبادل وإرساء شراكات متنوعة ومثمرة، وكل هذا في ظل الوفاء للروابط التاريخية العميقة التي نسجت بين بلدان منطقتنا، والتفكير في إحداث آليات التنسيق في ما بين الدول الإفريقية والعربية من جهة وآليات التنسيق في تعاملاتها مع التكتلات الاقتصادية في العالم، وتمويل المشاريع الاقتصادية في دول إفريقيا.
ونعتبر هذا المنتدى فرصة لتحديد الأولويات ووضع خريطة للعمل على كل المحاور السياسية والاقتصادية والتنموية والتشريعية، وذلك من خلال إطار يسمح بدعم اقتصادات بلداننا وتعبئة الموارد المالية اللازمة. ومن هذا المنطلق، فإن الدول العربية وخصوصا ذات الاحتياطيات المالية تستطيع أن تساهم في حل مشاكل الدول الإفريقية من خلال توفير التمويل اللازم بدون شروط تعجيزية كما تفعل ذلك المنظمات والمؤسسات الدولية، وذلك في إطار من التعاون والاستفادة المتبادلة في إطار علاقة رابح -رابح. حيث يمكن للدول العربية الاستفادة من الموارد الطبيعية والأولية الضخمة بالقارة الإفريقية ()، مقابل استفادة الأفارقة من أموال الدول العربية الغنية ويعتبر هذا شكلا من أشكال الشراكة العادلة والمنصفة بين دول المنطقة وتحالفا قويا في وجه الدول المهيمنة والمؤسسات الدولية المتحكمة.
كما نتمنى أن يشكل هذا المنتدى نقطة تحول من خلال التوصيات والمقترحات التي سيخرج بها من أجل بلورة خطط واستراتيجيات تسمح لشعوب المنطقتين من العيش بمستوى اقتصادي أفضل، وبالخصوص ما يتعلق بالشباب على كل المستويات(التعليم، الصحة، السكن...) وتشجيعهم على خلق المشاريع الخاصة، وتمكين النساء اقتصاديا،ومواجهة ما يترتب عن ظاهرة الهجرة، والبحث عن الوسائل التي من خلالها يمكن أن تواجه الدول العربية والأفريقية المتغيرات التي لحقت النظام الاقتصادي الدولي، والتي أفضت في النهاية إلى بروز التكتلات الاقتصادية كأداة يمكن من خلالها مواجهة تحديات عملية تحرير التجارة الدولية والعولمة عبر فكرة التكامل الاقتصادي، والعمل على التعريف بخصائص ومميّزات منطقتنا العربية والإفريقية باعتبارها وجهة للاستثمار وتطوير العلاقات الاقتصادية بين دول المنطقة من جهة وبقية الكتل الاقتصادية في العالم. ولذلك نطمح إلى مايلي:
1- أن يتوج هذا المنتدى بإنشاء شبكات برلمانية تضم غرف التجارة والصناعة وغرف الفلاحة لمتابعة تنفيذ مخرجات هذا اللقاء الهام؛
2- استصدار توصيات في شكل تصور افريقي عربي موحد لرهانات الهجرة في ضوء إقرار "ميثاق عالمي من أجل هجرات آمنة ومنظمة ومنتظمة خلال شهر دجنبر 2018؛
3- استصدار مجموعة من التوصيات التي تعبر عن وجهات نظر الفعاليات الاقتصادية المشاركة والإجراءات اللازم اتخاذها من لدن الحكومات والبرلمانات الإفريقية والعربية لتشجيع الشراكات التجارية والاقتصادية الكفيلة بتحقيق التنمية المستدامة.
وفي الأخير أجدد الترحيب بكم وأتمنى لضيوف المملكة المغربية مقاما طيبا في بلدهم الثاني وأتمنى النجاح لأشغال هذا المنتدى، كما أعبر بالمناسبة عن أملي أن يحافظ على انتظاميته وأن يظل منصة رئيسية للتعاون والتنسيق والتشاور بين المؤسسات التشريعية في الدول العربية ونظيراتها في الدول الأفريقية.
وشكرا على حسن الإصغاء، والسلام عليكم.