تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

" مداخلة السيد حميد كوسكوس حول موضوع "المشاركة الديمقراطية لشتات المهاجرين في بلدان المنشأ"

2017-09-08

 

إذا كانت المشاركة الديمقراطية للمهاجرين من المسلمات التي لا جدال فيها، فإن التدابير والسياسات العمومية المنتهجة لصيانتها وتعزيزها تختلف باختلاف الوزن الاقتصادي والاجتماعي الذي تشكله الجالية المقيمة بالخارج بالنسبة لكل بلد  منشأ، وباختلاف درجة الوعي والقناعة السياسية بأهمية الآفاق التي يتيحها الاستثمار في مشاركة وازنة لأفراد هذه الجالية في أنساق وميكانيزمات اتخاذ القرار.

واسمحوا لي هنا، ومن باب تبادل التجارب، بأن أتقاسم معكم بعض الممارسات التي انتهجها وينتهجها بلدي، المغرب، في سبيل تعزيز المشاركة الديمقراطية للجالية المغربية بالخارج. وأبدأ بالتذكير بفصول الدستور الجديد للمملكة، دستور 2011، التي خصصت حيزا هاما للتنصيص على حقوق مغاربة المهجر في مشاركة ديمقراطية فعلية. ويتعلق الأمر بخمسة فصول:

 

الفصل 16

تعمل المملكة المغربية على حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين في الخارج، في إطار احترام القانون الدولي، والقوانين الجاري بها العمل في بلدان الاستقبال. كما تحرص على الحفاظ على الوشائج الإنسانية معهم، ولاسيما الثقافية منها، وتعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية.

تسهر الدولة على تقوية مساهمتهم في تنمية وطنهم المغرب، وكذا على تمتين أواصر الصداقة والتعاون مع حكومات ومجتمعات البلدان المقيمين بها أو التي يعتبرون من مواطنيها. 

 

الفصل 17

يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية. ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي. كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقا من بلدان الإقامة. 

 

الفصل 18

تعمل السلطات العمومية على ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين في الخارج، في المؤسسات الاستشارية، وهيئات الحكامة الجيدة، التي يحدثها الدستور أو القانون.

 

الفصل 30

لكل مواطن أو مواطنة، الحق في التصويت، وفي الترشح للانتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية، والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية. وينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية.

التصويت حق شخصي وواجب وطني.

يتمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين والمواطنات المغاربة، وفق القانون.   

ويمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية، بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل.

يحدد القانون شروط تسليم الأشخاص المتابعين أو المدانين لدول أجنبية، وكذا شروط منح حق اللجوء. 

 

الفصل 163

يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج، على الخصوص، إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه.

 

وجدير بالذكر، أن حكومة المغرب عمدت، من أجل مواكبة هذه المقتضيات، إلى بلورة استراتيجية وطنية طموحة ومندمجة لفائدة مغاربة العالم تقودها وزارة مكلفة خصيصا بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة.

وقد تضمنت هذه الاستراتيجية المندمجة 14 واجهة عمل، تهم:

-        تنويع العرض الثقافي؛

-        النهوض بالعرض التربوي والتعليمي؛

-        توسيع العرض الاجتماعي؛

-        إحداث آلية للمواكبة القانونية والإدارية؛

-        تعزيز شبكات الكفاءات؛

-        مواكبة حاملي المشاريع الاستثمارية؛

-        تعزيز الشراكات مع جمعيات المغاربة النقيمين بالخارج ودعم قدراتها؛

-        تعزيز التواصل الإلكتروني مع أفراد الجالية؛

-        تشجيع وتعزيز التواصل الإعلامي والمؤسساتي؛

-        تنظيم تظاهرات واحتفالات لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج؛

-        تحسين صورة المغاربة ببلدان المقصد والمساهمة في مكافحة العنصرية ورهاب الأجانب؛

-        الارتقاء بعملية العبور (مرحبا)؛

-        تطوير آليات الحكامة؛

-        وإجراء دراسات استشرافية.

وقد تضمنت هذه الواجهات مجموعة من التدابير والإجراءات التي تروم في كنهها ومضمونها الاستجابة لمتطلبات وحاجيات المغاربة المقيمين بالخارج وضمان التنزيل الفعلي لمضامين الدستور في هذا الباب وفق مبدأ التدرج.

ودون الخوض في تفاصيل هذه الإجراءات والتدابير، أؤكد فقط بأن مغاربة العالم اليوم، حاضرون ويشاركون بقوة وفاعلية في اتخاذ القرار، سواء على مستوى التشريعات أو على مستوى إعداد السياسات العمومية الوطنية. ولا أدل على ذلك انخراطهم القوي في مسلسل التنسيق المؤسساتي لتفعيل ورش الجهوية المتقدمة، الذي يحتضنه ويقوده مجلس المستشارين بشراكة مع رؤساء الجهات والقطاعات الحكومية والمؤسسات الدستورية المعنية، في صيغة ملتقى برلماني للجهات، بالإضافة إلى تنظيمهم لملتقى سنوي بشراكة مع مجلس المستشارين في موضوع "الجهوية الموسعة ومغاربة العالم".

وعلاقة بالموضوع، أود أن أختم بالإشارة إلى أنه، وإلى جانب الحكومة، تسهر مجموعة من المؤسسات الدستورية الوطنية على إشراك مغاربة العالم، من خلال مجلس الجالية، في اتخاذ القرار، وعلى رأسها مجلس المستشارين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي... ناهيك عن أن العديد من الأحزاب قد شيدت جسورا مع الجالية المغربية بالخارج.

تلكم إذن بعض التجارب المؤسساتية التي نعيشها في المغرب على مستوى تمكين المغاربة المقيمين بالخارج، والتي وددت تقاسمها معكم باقتضاب من باب إغناء النقاش وتبادل الخبرات والتجارب. وشكرا.