الرباط، 5 يناير 2017
هذا اللقاء الدراسي يندرج في إطار التعاون بين مجلسنا والمركز الدولي لقوانين منظمات المجتمع المدني
الهدف العام : توسيع دائرة الحوار والتفكير بين مكونات المجلس والجمعيات والفعاليات الأكاديمية بغية تأهيل آليات المجلس القانونية والتنظيمية والإدارية لتفعيل وتدبير الحق في تقديم العرائض والملتمسات وكذا تمكين قدرات ووسائل المجتمع المدني لممارسة هذا الحق ولمرافقة وتأطير المواطنين والمواطنات لممارسته.
لبتذكير بأن هذا اللقاء هو أيضا استمرارية لمسلسل التفكير التراكمي الذي دشنه مجلس المستشارين مع فعاليات المجتمع المدني :
-
اللقاء الدراسي حول آليات التعاون بين البرلمان والمجتمع المدني
-
والحلقة الدراسية حول تمكين الآليات القانونية والتنظيمية لعلاقات مجلس المستشارين مع المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية.
نتطلع إلى أن يشكل هذا اللقاء الثالث فرصة لاستكشاف الإمكانيات التنظيمية والإدارية التي يجذر بمجلسنا استثمارها لتضمينها في نظامه الداخلي بما يخدم مأسسة علاقاته مع منظمات المجتمع المدني وتفعيل أدواره بشأن الديمقراطية التشاركية من جهة، واستشراف أفق تأهيل وتقوية قدرات الجمعيات في مجال مشاركتها العمومية من جهة ثانية.
المرجعيات:
الدستور
كما لايخفى عليكم عزز الدستور الحالي آليات الديمقراطية التمثيلية والتشاركية وشبه المباشرة عبر :
ترسيخ الدور المركزي للأحزاب السياسية
وضع نظام لحقوق المعارضة البرلمانية
تكريس دور النقابات في مجال الديمقراطية الاجتماعية
دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في مجال الديمقراطية التشاركية،
دسترة دور الإعلام في النهوض بالديمقراطية وحقوق وحريات المواطنين
خلق فضاءات وآليات جديدة للتشاور والديمقراطية التشاركية وشبه المباشرة (الحق في الملتمسات في مجال التشريع، الحق في العرائض...).
وفي هذا السياق وضع الدستور مجموعة من الآليات بهدف أجرأة الديمقراطية التشاركية، وتمليك ممارستها للمواطنين والمواطنات وتمكين المجتمع المدني من سلطة مضادة لضمان التوازن بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، وذلك من خلال هيئات التشاور والعرائض والملتمسات التشريعية كما هو منصوص عليها في الفصول: (12)؛(13)؛ (14)؛(15)؛ (139)؛ (156).
وتعتبر دسترة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع أحد أهم أركان الديمقراطية التشاركية، وإحدى ضمانات المشاركة العمومية في الحياة العامة ومؤشر من مؤشرات إعادة تنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن. فالمشاركة العامة للمواطنين والمواطنات في المسار صناعة القرارات يعزز الشفافية والمصداقية والفعالية ويساهم في بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات الدستورية المنتخبة.
المرجعية الأممية
يتعين في هذا الصدد أيضا استحضار القانون الدولي لحقوق الإنسان وخاصة مقتضيات المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
وكذا الفقرة السادسة من الملاحظة العامة رقم 25 للجنة المعنية بحقوق الإنسان والتي تعتبر أن المواطنين يشاركون "مباشرة في إدارة الشؤون العامة عندما يمارسون السلطة بوصفهم أعضاء الهيئات التشريعية أو بشغل مناصب تنفيذية وتؤيد الفقرة (ب) الحق في المشاركة المباشرة للمواطنين في إدارة الشؤون العامة
إن مرجعية الأمم المتحدة، ما فتئت تذكر بضرورة تبسيط شروط المشاركة المواطنة في الحياة العامة. ففي تقريرها المعنون "دراسة ﻋﻦ التحديات المشتركة التي تواجهها الدول في إطار جهودها الرامية إلى ضمان الديمقراطية وسيادة القانون ﻣﻦ منظور حقوق الإنسان" أوصت مفوضة الأمم المتحدة السامية سابقا لحقوق الإنسان بـ"القضاء على العوائق أمام المشاركة في الحياة العامة و صنع القرار".
وضمن نفس المنحى أشارت مفوضة الأمم المتحدة السامية سابقا لحقوق الإنسان في تقريرها المعنون "العوامل التي تعوق المشاركة السياسية على قدم المساواة بين الجميع والخطوات اللازم اتخاذها للتغلب على هذه التحديات إلى أن : "حقوق المشاركة يمكن أن تفهم الآن على أنها تشمل حق المرء في أن يستشار وأن تتاح له الفرص على قدم المساواة وبصورة فعلية للمشاركة في عمليات صنع القرارات المتعلقة بجميع شؤون الصالح العام ".
وضمن نفس الإطار يتعين الأخذ بالملاحظة العامة رقم 34 للجنة المعنية بحقوق الإنسان بخصوص حربة الرأي و حرية التعبير حيث تشير اللجنة إلى أنه يجب "ألا تنقلب العلاقة بين الحق والقيد وبين القاعدة والاستثناء" ومبدأ عدم تحويل الشروط التي من شأنها تنظيم وتسهيل ممارسة الحق إلى قيود.
السيدات والسادة
اسمحوا لي أن أعيد التذكير بأن الهدف الخامس من استراتيجية عمل مجلس المستشارين يتمثل في وضع إطار مؤسساتي متكامل لآليات ممارسة الديمقراطية التشاركية في مجال اختصاص المجلس، ويتضمن هذا الهدف إجراءا ذا أولوية يتمثل في تعديل النظام الداخلي لمأسسة العمل الترافعي للمجتمع المدني على مستوى المجلس بما في ذلك نظام للتسجيل لدى مكتب المجلس حسب موضوعات الترافع، كيفيات وشروط تنظيم الأنشطة المتعلقة بالترافع، شفافية عمليات الترافع، إمكانية الاستماع إلى ممثلي المجتمع المدني في إطار عمل اللجان الدائمة، وضع البنيات التنظيمية لتلقي ومعالجة الملتمسات والعرائض في إطار أجرأة القانونين التنظيميين 44.14 و 64.14 مع مراعاة الانسجام مع مجلس النواب، وسيتم تقديم الخطوط العريضة لمقترح تعديلات النظام الداخلي لمجلسنا في الجلسة الموالية.
كما أود أن أتقاسم معكم بعض الهواجس ذات الصلة بتفعيل قدرات المجتمع المدني على ترجمة الإمكانيات الدستورية والقانونية ليكون مساهما في الإنتاج التشريعي في شكل مداخل أساسية لتفعيل الديمقراطية التشاركية وتتجسد فيما يلي:
-
أهمية مواكبة المجتمع المدني بإجراءات وتدابير تنظيمية تهم التتبع والتكوين والتأهيل من شأنها تقوية استخدامه لهذه الآليات والإمكانيات دون أن يعني ذلك المس باستقلاليته حتى يتم الارتقاء بالفاعل المدني في ممارسته للصلاحيات الدستورية بنوع من الحرفية والمهنية؛
-
أهمية التحسيس الواسع بكيفية ممارسة الصلاحيات الدستورية الجديدة والتعامل معها قصد ضمان الترجمة الفعلية والفاعلة لها مع تخصيص محطات دورية لتقييم أداء هيئات المجتمع المدني للوقوف على التزامها بمؤشرات الفاعلية سواء تعلق الأمر بملتمسات التشريع وكذا تقديم العرائض؛
-
دعم وتعزيز استقلالية هيئات المجتمع المدني وتقوية قدرتها عن طريق الموارد والمشاورات المنتظمة والتدريب الملائم وأنشطة التوعية لتضطلع بدور أكبر في المشاركة على جميع المستويات؛
-
تعزيز قدرات الفاعل الجمعوي المرتبطة بفهم النص القانوني والإجراءات المسطرية اللازمة وكذا القدرة على التواصل مع المؤسسات الرسمية والارتقاء بملكاته التدبيرية.
وشكرا على حسن الإصغاء.