بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس النواب المحترم؛
السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني؛
السيدات والسادة أعضاء المكتب المحترمون؛
السيدات والسادة رؤساء الفرق والمجموعات المحترمون؛
السيدات والسادة رؤساء اللجان المحترمون؛
السيدات والسادة البرلمانيون المحترمون؛
السادة الأساتذة المحترمون؛
السيدات والسادة الحضوركلّ بإسمه وبصفته؛
يتشرف مجلسا النواب والمستشارين بتنظيم هذا اليوم الدراسي المشترك، الذي يندرج في إطار استعداد المجلسين لتعديل نظاميهما الداخليين، بعد مرور أكثر من أربع سنوات على التعديل الدستوري الذي عرفته بلادنا سنة 2011، بكلّ ما يعنيه ذلك من تراكمات عديدة لامست مختلف جوانب العمل البرلماني، وإشكاليات مختلفة نجمت عن إعمال المساطر المعتمدة طبقا للدستور الجديد، مما فتح الباب على مصراعيه أمام نقاشات واجتهادات أفضت إلى معالجة عدد من القضايا، فيما بقي عدد آخر موضوع نقاش ومثار خلاف يتوجب علينا العمل جميعا وبشكل تشاركي على إيجاد حلول لها.
وتبعا لذلك، فإن أهمية تنظيم هذا اليوم الدراسي تكمن في كونه سيسمح بتوطيد جسور التواصل بشكل آني ومتوازي مع ممثلي الأمة من المجلسين، ومع الهيئات والمؤسسات ذات العلاقة بالبرلمان، وكذا مع مختلف المهتمين بالشأن البرلماني من أساتذة وباحثين وفاعلين مجتمعيين، إيمانا منا بأهمية تبادل الآراء والتصورات وإشراك كافة الأطراف المعنية لأجل تطوير النقاش في اتجاه موضوعي وواقعي يستحضر الأبعاد المختلفة للقضايا المعروضة للنقاش، ويأخذ بعين الاعتبار الأهداف الملحة للمؤسسة البرلمانية في الوقت الراهن.
السيدات والسادة الحضور؛
لقد نص المشرع الدستوري في فصله 69 على وجوب وضع مجلسي البرلمان لنظاميهما الداخليين مع مراعاة تناسقهما وتكاملهما ضمانا لنجاعة العمل البرلماني، وتوخى من وراء هذا التنصيص بيان أهمية النظامي الداخليين لمجلسي البرلمان، من حيث كونهما الأداة الأساسية لتنظيم وحسن سير العمل البرلماني.
فالنظام الداخلي هو الذي يقنّن العلاقات بين مكوّنات كلّ مجلس، ويحقّق التوازن المطلوب بينها، كما أنه يضمن حقوق المعارضة، ويحدّد الواجبات، ويبيّن المخالفات ويضع لها الجزاءات والعقوبات، بالإضافة الى أنه يحتكم إليه لفض النزاعات والخلافات، ولأجل ذلك أضفى المشرّع على تعديل النظام الداخلي نوعا من المرونة، من أجل التمكن من إدخال التعديلات الملائمة عليه في الوقت المناسب، مع استلزامه مقابل ذلك إخضاع العمل بمقتضيات النظام الداخلي لأي من مجلسي البرلمان للمراقبة الدستورية القبلية، باعتبارهما امتدادا للدستور والقوانين التنظيمية، ومكملان ومفسّران له.
ولا شك أن تعديل النظام الداخلي يعتبر شرطا أساسيا للإصلاح البرلماني، ومدخلا لتطوير آليات العمل به، ليس فقط فيما يخص الأدوار المتعارف عليها بالنسبة للمؤسسة البرلمانية، بل أيضا في إطار علاقاتها بالمحيط الخارجي، سواء تعلّق الأمر بالمجالس الدستورية وهيئات الحكامة، أو بالمجتمع المدني.
السيدات والسادة الحضور؛
تشكل التوجيهات الملكية السامية المعبّر عنها في عدد من المناسبات، وفي مقدّمتها الخطب الملقاة بمناسبة افتتاح السنوات التشريعية الخيط الموجه لأشغالنا في هذا الورش الكبير، ونذكر هنا - على سبيل المثال لا على سبيل الحصر- التوجيهات المتعلقة ب:
-
"عقلنة المناقشات ورفع مستواها وتفادي تكرارها وحسن تدبير الزمن سواء في أعمال اللجان أو الجلسات العامة تطلعا لممارسات أرقى ومنجزات أكثر؛
-
"التنسيق والتعاون بين المجلسين في اتجاه عقلنة و ترشيد عملهما باعتبارهما برلمانا واحدا تتكامل فيه الأدوار،وليس برلمانين مختلفين"؛
-
"عقلنة الأداء النيابي بالانطلاق من تجانس النظامين الداخليين للمجلسين والنهوض بدورهما في انسجام وتكامل كمؤسسة واحدة هدفها المشترك جودة القوانين والمراقبة الفعالة والنقاش البناء للقضايا الوطنية"؛
-
"ترسيخ التعاون الضروري بين مجلسي البرلمان عبر نظام محكم مضبوط"؛
-
"ترشيد علاقات الحوار الدائم والتعاون الوثيق والمتوازن بين الحكومة والبرلمان، وجعله إطارا راسخا قوامه الاحترام التام لخصوصية كل منهما ومجال اختصاصه"؛
-
"اعتماد ميثاق أخلاقي لأخلاقيات العمل السياسي بشكل عام دون الاقتصار على بعض المواد المدرجة ضمن النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان"؛
-
"إخراج النظام الخاص بالمعارضة البرلمانية، لتمكينها من النهوض بمهامها في مراقبة العمل الحكومي والقيام بالنقد البنّاء وتقديم الاقتراحات والبدائل الواقعية بما يخدم المصالح العليا للوطن"؛
-
"استثمار التكامل بين مجلسي البرلمان للرفع من مستوى أدائه ومن جودة التشريعات التي يصادق عليها".
إضافة إلى ذلك، فنحن مدعوون كبرلمان يتفاعل مع واقعه الجهوي والقاري والكوني ليس فقط إلى تأهيل ديبلوماسيتنا كي تتمكن من أن تكون في مستوى الرهانات التي تواجه بلادنا في قضايا مختلفة وعلى رأسها قضية وحدتنا الترابية، بل وإلى استحضار الالتزامات الدولية التي وقّعت عليها بلادنا في مواضيع مختلفة، ورتّبت التزامات على البرلمان المغربي، ويتعلق الأمر اليوم خصوصا ب:
-
الملاحظات الختامية والتوصيات ذات العلاقة بإعمال الدستور الموجهة إلى بلادنا من طرف هيئات المعاهدات وأصحاب الولايات برسم المساطر الخاصة، وفي إطار الاستعراض الدوري الشامل؛
-
خطة التنمية المستدامة لعام 2030 المعنونة "تحويل عالمنا" المعتمدة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 25 سبتمبر 2015 في دورتها السبعين، ولاسيما منها الفقرات المتعلقة بدور البرلمانات في تحقيق أهداف الخطة المذكورة؛
-
مبادئ بلغراد حول "العلاقات بين البرلمانات والمؤسسات الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها"، كما أقرّها مجلس حقوق الإنسان في دورته العشرين المنعقدة بجنيف من 18 يونيو إلى 6 يوليوز 2012، وكما تعكسها المذكرة التي أبرمها مجلس البرلمان مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
-
المبادئ التوجيهية بشأن المقاولة وحقوق الإنسان بتنفيذ إطار الأمم المتحدة المعنون "الحماية والاحترام والانتصاف" والمعتمدة بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان 4/17 بتاريخ 16 يونيو 2011.
-
قرارات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي، و لاسيما:
-
القرار حول التنمية البشرية: النمو الاقتصادي والديمقراطية، دور البرلمانات في التفاعل الضروري بين الحريات، مشاركة المواطنين، النمو الاقتصادي والاستثمارات الاجتماعية، المصادق عليه من طرف المؤتمر البين البرلماني بسانتياغو بتاريخ 12 أكتوبر 1991.
-
القرار حول "دور ومكانة البرلمانات في تقوية المؤسسات الديمقراطية والتنمية البشرية في عالم منقسم"، المصادق عليه من طرف المؤتمر البين البرلماني الثامن بعد المائة، بسانتياغو، الشيلي بتاريخ 11 أبريل2003.
-
القرار حول "مشاركة المجتمع المدني وتفاعله مع البرلمان وباقي المجالس المنتخبة ديمقراطيا من أجل تطوير وتنمية الديمقراطية"، المصادق عليه من طرف الجمعية البين البرلمانية الثالثة عشرة بعد المائة، بجنيف بتاريخ 19 أكتوبر 2005.
-
القرار حول "مشاركة الشباب في المسارات الديمقراطية"، المصادق عليه في الجمعية البين البرلمانية الثانية والعشرون بعد المائة، ببانكوك، بتاريخ فاتح أبريل 2010 .
-
قرار الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا، المعتمد بتاريخ 21 يونيو 2011 بشأن منح المغرب وضع الشريك من أجل الديمقراطية.
السيدات والسادة الحضور؛
لقد شرع البرلمان بمجلسيه في إعمال العديد من المقتضيات المنصوص عليها في دستور 2011، مما استلزم تفصيل المعطيات المتعلقة بهذه المقتضيات في النظامين الداخليين للمجلسين، وذلك في إطار حراك عملي ونقاش فكري شارك فيه مختلف الفاعلين المعنيين بالعمل البرلماني في بلادنا.
من جهته، عرف النظام الداخلي لمجلسي المستشارين في ظلّ الدستور الجديد للمملكة ثلاث تعديلات متتالية، منذ ماي 2014، لملائمة مقتضياته مع هذا الدستور، وكان آخرها التعديل الموافق عليه بالإجماع في أمستهل ولايته الحالية في 20 أكتوبر 2015، بعد سلسة من المشاورات، بشأن النصاب القانوني المطلوب لتشكيل الفرق بالمجلس والعضوية بلجانه الدائمة.
ولقد كان للجنة التنسيق بين المجلسين دور كبير في إيجاد الحلول التوفيقية للعديد من الإشكاليات، كما كان لقرارات المجلس الدستوري أثرها البليغ في توضيح عدد من القضايا، لكن وعلى الرغم من ذلك فإن عددا من المواضيع لا تزال مثار نقاش، مما يستلزم منا التفكير بشكل جماعي في حلّها، ونتوخى بالتالي من وراء تنظيم هذا اليوم الدراسي إيجاد عناصر أجوبة بخصوصها، ويتعلق الأمر أساسا ب:
-
القضايا المرتبطة بمسطرة تداول النصوص القانونية بين المجلسين:
-
مآل نظام التداول بالنسبة لمقترحات القوانين المرفوضة من لدن المجلس الذي تقدم بها؛
-
توضيح مآل المسطرة التشريعية في حال تصويت مجلس المستشارين بالرفض على نص قانوني أودع لديه بالأسبقية دون تعديل أي من مقتضياته. فهل تنتهي المسطرة بمجرّد الموافقة من طرف مجلس النواب بصيغته المحالة عليه، أم أن ذلك يستلزم قراءته من جديد من لدن مجلس المستشارين؛
-
مآل المواد المرفوضة من نص قانوني صوّت عليه أحد المجلسين في الأخير بالقبول؛
-
المسطرة التشريعية المطبقة على مقترحات القوانين التنظيمية المقترحة من لدن أعضاء مجلس المستشارين، فمن يتولى تقديمها أمام مجلس النواب ومن له الحق في سحبها؛
-
مدى جواز إصلاح الأخطاء المادية والشكلية المتعلقة بالنصوص القانونية، سواء الموافق عليها نهائيا من طرف المجلسين، أو تلك التي لم يصدر الأمر بتنفيذها، وهل يعتبر ذلك بمثابة تعديل يستلزم اعادتها إلى المجلس الآخر؛
-
نتيجة التصويت في حال امتناع جميع أعضاء المجلس الحاضرين.
-
التوازن بين مجلسي البرلمان:
-
توضيح حدود حقّ البتّ النهائي المخوّل لمجلس النواب؛
-
استرسال تداول النصوص القانونية بين المجلسين بخصوص أي تعديل جديد يدخله أحد المجلسين على النص موضوع المناقشة؛
-
ترشيد الزمن البرلماني وتحقيق التكامل بين المجلسين:
-
توحيد المساطر المتعلقة بتشكيل ومهام اللجان الاستطلاعية في المجلسين، مع التنصيص على الإحالة المتبادلة لتقارير أشغالها بين المجلسين؛
-
دراسة مجلسي البرلمان لمقترحات القوانين ذات المضمون المتشابه أو المتماثل؛
-
الحضور والغياب:
-
حلّ الإشكاليات المسطرية المرتبطة بالحضور والغياب في اللجان الدائمة.
-
العلاقة مع المجالس والهيئات الدستورية:
-
الجهة أو الجهات التي يحق لها طلب إحالة نص معين على مؤسسة دستورية لإبداء الرأي (المجلس، أو المكتب، أو الرئيس، أو بناء على طلب رئيس لجنة أو رئيس فريق أو المجموعة، أو جميعهم)؛
-
تحديد الهيئة التي تقدّم الميزانيات الفرعية المتعلقة بالمؤسسات الدستورية المستقلة وبالمجلس الأعلى للحسابات أمام اللجان الدائمة المختصة؛
-
توضيح الحالات التي يمكن للمجلس طلب الاستعجال بخصوص رأي المؤسسات الدستورية بشأنها؛
-
ضرورة إخبار المجلس الآخر وباقي مكونات كلّ مجلس بإحالة مقترحات أو مشاريع قوانين على مؤسسة دستورية لإبداء الرأي، وموافاته بنص ذلك الرأي؛
-
تحديد شكليات تقديم آراء المؤسسات الدستورية أمام اللجان الدائمة؛
-
تفصيل مسطرة مناقشة البرلمان لتقارير المجالس والهيئات المنصوص عليها في المواد من 161 الى 170 من الدستور استنادا إلى مبدأ التكامل والتناسق.