خطاب
الأستاذ عبد الحكيم بن شماش
رئيس مجلس المستشارين
بمناسبـــة اختتام دورة أكتوبر من السنة التشريعية 2015-2016
الثلاثاء 09 فبراير 2016
بسم الله الرحمان الرحيم
السيد رئيس الحكومة المحترم،
السيدات والسادة أعضاء الحكومة المحترمون،
السيدات والسادة المستشارون المحترمون
أيها الحضور الكريم،
طبقا لأحكام الفصل 65 من الدستور وعملا بمقتضيات النظام الداخلي لمجلس المستشارين ولا سيما المادة 6 منه، تنعقد هذه الجلسة العمومية الخاصة لاختتام الدورة التشريعية الحالية واستعراض حصيلة أعمالها في أبعادها المتعددة، تشريعا ورقابة ودبلوماسية برلمانية.
إن هذه الدورة، كما تعلمون، تكتسي أهمية بالغة ليس فقط بالنظر إلى ما تعكسه بجلاء من استمرار مجلسنا الموقر في النهوض بأدواره الدستورية بالنجاعة المطلوبة، كما سيتضح فيما بعد، بل أيضا وأساسا لكون هذه الدورة تدشن لمرحلة تاريخية في التطور الدستوري والمؤسساتي ببلادنا.
فهي تُعد الدورة الأولى من الولاية التشريعية الجديدة بعد خروج مجلس المستشارين من نطاق المقتضيات الانتقالية الواردة في الفصل 176 من الدستور وإقامة المجلس في صيغته الدستورية الجديدة في محطة 02 أكتوبر 2015 التي توجت مسارا انتخابيا متميزا للبلاد كانت أهم معالمه الكبرى متجسدة، بالإضافة إلى ذلك، في الشروع في تنزيل الجهوية المتقدمة بوصفها تجديدا هاما لهياكل الدولة وتعزيزا للبناء الدستوري والديمقراطي الوطني.
وإنها لمناسبة سانحة لأعبر لكم مجددا عن فخري واعتزازي بالثقة الغالية التي محضتموها لشخصي المتواضع يوم انتخابكم لي رئيسا لهذه المؤسسة المحترمة وتطويقكم لي بأمانة رعاية وتدبير شؤونها، وهو ما سنسعى جاهدين إليه بكل ما يتطلبه من حياد وموضوعية وحكمة وانفتاح على جميع المكونات السياسية والنقابية.
وهذه الروح البناءة هي التي اشتغلنا بها طيلة الفترة التي تلت افتتاح هذه الدورة والمطبوعة بالبدء في العمل بالصيغة الجديدة للمجلس، وهو ما اقتضى تعديل النظام الداخلي للمجلس بغاية أخذ المتغيرات الدستورية والسياسية بعين الاعتبار وتمكين كل الحساسيات السياسية والنقابية من التعبير عن نفسها في إطار هياكل وأجهزة المجلس.
زميلاتي زملائي ،
سجلوا علي أنني أجدد التعبير عن الالتزام بالمضي قدما على هذا النهج الرصين، متسلحين بالمقاربة التشاركية باعتبارها الآلية التي لا مندوحة عنها ليتملك الجميع مشروع تطوير عمل وأداء المجلس في كافة الميادين وتحسين صورته لدى الرأي العام، انطلاقا من التخطيط والتنفيذ إلى التتبع والتقويم، وهو ما عملنا على الانكباب عليه جميعا منذ اللحظات الأولى لتسلمنا مهامنا في الرئاسة والمكتب ورئاسة الفرق والمجموعات البرلمانية واللجان الدائمة.
وبهذه المقاربة توفقنا في معالجة بعض المشاكل العالقة المرتبطة بتدبير الفضاء وتوزيع المكاتب وتوفير الموارد البشرية للفرق والمجموعات البرلمانية وتوزيع الحصص الزمنية الخاصة بجلسات الأسئلة الشفهية بمراعاة مبدأ التمثيل النسبي، وكذلك الشأن بالنسبة للعضوية في اللجان الدائمة والشعب البرلمانية ومجموعات الأخوة والصداقة مع المجالس الصديقة والشقيقة.
وسيظل هاجسنا على الدوام كامنا في إبراز الدور الذي يضطلع به المجلس كمؤسسة فاعلة ومؤثرة في صياغة التوجهات والتصورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لبلادنا، وحقلا غنيا بالطاقات المحلية والوطنية القادرة على جلب إضافات نوعية وقيمة للعمل البرلماني، وذلك إيمانا واهتداء بما أكده جلالة الملك في خطابه السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية إذ قال حفظه الله:
"لقد أعطى الدستور لمجلس المستشارين مكانة خاصة في البناء المؤسسي الوطني، في إطار من التكامل والتوازن مع مجلس النواب.
فهو يتميز بتركيبة متنوعة ومتعددة التخصصات، حيث يضم مجموعة من الخبرات والكفاءات، المحلية والمهنية والاقتصادية والاجتماعية. لذا، يجب أن يشكل فضاء للنقاش البناء، وللخبرة والرزانة والموضوعية، بعيدا عن أي اعتبارات سياسية." انتهى النطق الملكي السامي.
ومن هذا المنطـلق، سارعنا إلى إعـداد مشروع استرتيجيـة عمل مجلس المستشارين في شكـل ورقة طريـــق للفترة 2016-2018، تضمنت رؤية استشرافية ترتكز على محددات منهجية واضحة وعناصر مرجعية توجيهية أساسية في طليعتها مقتضيات الدستور في كليتها وترابطها، والخطاب السامي لجلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة التشريعية ، مع استحضار الأدبيات الدولية في هذا الخصوص.
وتهدف هذه الخطة إلى تحقيق سبعة أهداف رئيسة، تتمثل في المساهمة النوعية في التسريع بمناقشة والمصادقة على مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية والعادية، وضمان ممارسة فعالة وناجعة للأدوار الدستورية لمجلس المستشارين في المجالات الموكولة إليه، وجعل المجلس فضاء للحوار العمومي والنقاش المجتمعي التعددي، ورافعة مؤسساتية لإنجاح ورش الجهوية المتقدمة، ووضع إطار مؤسساتي متكامل لآليات ممارسة الديموقراطية التشاركية، والتموقع الاستراتيجي لمجلسنا الموقر على مستوى الديبلوماسية البرلمانية في المجالات التي يتوفر فيها على ميزة مقارنة بالنظر لتأليفه وطابعه التعددي، وأخيرا تحديث العمل البرلماني والإدارة البرلمانية بالمجلس.
وأملنا أن ينخرط جميع الفاعلين والمعنيين، بكل مسؤولية وبالروح الإيجابية المطلوبة، في تنزيل هذه الاستراتيجية المرحلية التي وضعت لكل هدف من أهدافها السبعة الإجراءات الملائمة لتجسيدها على أرض الواقع، مع التأكيد على أنها خطة تبقى منفتحة وقابلــة لمزيد من الإغناء والإثراء كلما لزم الأمر.
السيدات والسادة الكرام؛
لقد تابع مجلس المستشارين خلال هذه الدورة وظيفته في المجال التشريعي مستحضرا التوجيهات الملكية بخصوص ما ينتظرنا خلال هذه السنة التشريعية من عمل لاستكمال إقامة المؤسسات الوطنية، وأن ذلك لا يستحمل إضاعة الوقت في الصراعات الهامشية.
وللتذكير فإن المكتب وضع قاعدة تتمثل في الاحالة الفورية للمشاريع والمقترحات على اللجان..... (دون تأخير ولو ليوم واحد)
ومع ذلك، فإنه لا بد من الاعتراف بأن الحصيلة التشريعية لهذه الدورة، التي لم تنطلق فعليا إلا بعد إحالة مشروع القانون المالي لسنة 2016 على المجلس بتاريخ 17 نونبر 2015، لا ترقى من حيث الكم مقارنة مع الدورات السابقة الى ما كنا نطمح اليه كمجلس، وإن كان الأمر بديهيا اعتبارا للإكراهات التي رافقت البنيات التنظيمية للمؤسسة.
وفي هذا الصدد، فقد بلغ عدد النصوص القانونية الموافق عليها 24 نصا قانونيا، يأتي في مقدمتها مشروعي قانونين تنظيميين يهمان ميدان العدالة، الأول رقم 100.13 يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والثاني رقم 106.13 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وقد تمكن المجلس من المصادقة عليهما بالرغم من ضيق حيز الزمن التشريعي المتاح له في هذا الشأن.
وبالإضافة إلى ذلك، تمت إجازة مقترح قانون واحد يتعلق بتعديل المادتين 46 و53 من النظام الداخلي للمجلس والذي استدعته ظروف التأسيس لتجربتنا الجديدة بعد أجرأة مقتضيات الدستور ذات الصلة، و11 مشروع قانون يوافق بموجبها على عدد من اتفاقيات التعاون مع دول صديقة وشقيقة ومنظمات دولية.
أما النصوص المتبقية، فتوزعت مضامينها على المجال المالي من خلال المصادقة على مشروع قانون المالية رقم 70.15 للسنة المالية 2016، الذي لا تخفى عليكم أهميته الاستثنائية، بالنظر إلى الحيز الواسع الذي يستأثر به في الزمن التشريعي وكذا لما ينطوي عليه من قرارات وتوجهات ترهن البلاد على مدى سنة كاملة في ميادين حساسة.
فيما سجل المجال البيئي والطاقي المصادقة على ثلاثة مشاريع قوانين، الأول مشروع قانون رقم 77.15 يقضي بمنع الأكياس من مادة البلاستيك واستيرادها وتصديرها وتسويقها واستعمالها، والثاني مشروع قانون رقم 58.15 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة، والثالث مشروع قانون رقم 67.15 يقضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.255 بتاريخ 18 من محرم 1393 (22 فبراير 1973) يتعلق باستيراد مواد الهيدروكاربور وتصديرها وتكريرها والتكفل بتكريرها وتعبئتها وادخارها وتوزيعها.
وفي مجال التربية والتكوين، وافق المجلس على مشروع قانون رقم 71.15 بتغيير وتتميم القانون رقم 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، ومشروع قانون رقم 45.15 بتغيير وتتميم أحكام القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.199 بتاريخ 15 من صفر 1421 (19 ماي 2000) والظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.75.398 الصادر في 10 شوال 1395 (16 أكتوبر 1975) المتعلق بإحداث الجامعات وبسن أحكام خاصة.
كما ساهم المجلس في مجال تقنين الصحافة والإعلام الوطني عبر المصادقة على نصين تأسيسيين هامين، الأول تحت رقم 89.13 يتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين والثاني رقم 90.13 يقضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة.
وفي المجال الاقتصادي، وافق المجلس على مشروع قانون رقم 107.12 بتغيير وتتميم القانون رقم 44.00 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، ومشروع قانون رقم 91.14 يتعلق بالتجارة الخارجية.
وقد تطلبت هذه الحصيلة انعقاد 69 اجتماعا على مستوى اللجن الدائمة بعدد ساعات عمل ناهز 246 ساعة، فيما انعقدت لأجل الدراسة والتصويت على هذه النصوص القانونية 13 جلسة تشريعية، أي بنسبة مائوية تقارب 40 % من مجموع الجلسات العامة التي شملت أيضا 14 جلسة للأسئلة الشفهية بنسبة 43%، وجلستين شهريتين خاصتين بتقديم الأجوبة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة و4 جلسات عامة مختلفة.
أيها الحضور الكريم،
إذا كانت الحصيلة المسجلة في هذه الدورة تبدو غير وافرة بما يكفي لاستخلاص ما يمكن استخلاصه من دروس وعبر، فإن استحضار الرصيد التشريعي للمجلس ككل وإمعان النظر فيه يسمح لنا بالقول إن مجلس المستشارين ما فتئ يؤكد مكانته كقوة تقريرية واقتراحية بناءة نهوضا بصلاحياته الدستورية وتثمينا لموقعه في المشهد المؤسساتي الوطني، فهو يتبنى دائما مواقف إيجابية ولا يصرف مواقف رافضة بطريقة ممنهجة، كما قد يعتقد البعض.
وهذه الروح البناءة ينبغي الحفاظ عليها، لأننا بهذا الإسهام الإيجابي نقدم الدليل الحي والملموس بأن الثنائية البرلمانية تشكل ضمانة للفعالية وتجويد التشريعات الوطنية وفرصة لتطوير الديمقراطية ببلادنا.
وتجدر بنا في هذا السياق الإشارة إلى أنه علاوة على إسهامه النوعي في مناقشة النصوص التشريعية ذات المصدر الحكومي، فإن مجلس المستشارين يعمل جاهدا على تفعيل حقه الدستوري في المبادرة التشريعية بما يمكنه من مواكبة انشغالات الحياة اليومية للمواطنين.
وهكذا فقد تقدمت الفرق البرلمانية خلال هذه الدورة بما يناهز 25 مقترح قانون تغطي مضامينها مجالات حيوية ومهمة من بينها ستة مقترحات قوانين تنظيمية ستخضع لأول مرة للدراسة أولا في مجلس النواب تفعيلا لقرارات المجلس الدستوري في هذا الشأن المستند على الفصل 85 من الدستور .
غير أننا لم نتمكن، مع الأسف، من استكمال المسطرة التشريعية والمصادقة على أي مقترح قانون منها.
وبهذه المناسبة ندعو الحكومة إلى التحلي بمزيد من سعة الصدر ومزيد من التفاعل الإيجابي مع مقترحات القوانين التي يتقدم بها السيدات والسادة أعضاء المجلس، حتى نكون جميعا في مستوى المتطلبات الدستورية لا سيما الفصل 82 ( الفقرة الأخيرة) التي تنص على أنه " يخصص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة".
أيها السيدات والسادة
إذا كانت الحصيلة التشريعية للدورة التي نختتمها اليوم لا ترقى الى ما تطمع اليه المؤسسة، فإن مردّ ذلك يرجع (وأنا هنا أفسر ولا أبرر ) إلى الصعوبات التي رافقت وضع لبنات إقامة البنيات التنظيمية للمؤسسة وتشكيل أجهزة المجلس، وهو أمر طبيعي في بدايات تنزيل الصيغة الدستورية لأي مؤسسة جديدة، لذلك فإن أملنا كبير في أن نكثف وثيرة التعاون والتنسيق بين مختلف الفاعلين حتى ننكب في الدورة المقبلة والفترة الفاصلة على التقدم في دراسة مشاريع ومقترحات القوانين التي لا تزال قيد الدرس بمجلسنا الموقر، وعلى رأسها مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالملتمسات والعرائض التشريعية، ومشاريع القوانين المتعلقة بإصلاح أنظمة التقاعد ومعاشات ونظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، أو المشاريع التي ستعرض علينا في المستقبل القريب، سيما وأن الدورة المقبلة هي آخر دورة في الولاية الحالية لمجلس النواب، والتي تصادف كذلك انتهاء الأجل الدستوري المتعلق بعرض مشاريع القوانين التنظيمية على البرلمان بموجب الفصل 86 من الدستور.
أيها السيدات والسادة
بالإضافة إلى وظيفته التشريعية، أَوْفَى مجلس المستشارين بمهام مراقبة العمل الحكومي على نحو جعل المجلس دائما في قلب المجتمع بكل ما يخترقه ويعتمل فيه من مشاكل وانشغالات وهواجس وتطلعات مشروعة نحو أوضاع وشروط معيشية أفضل.
فقد مكنتنا آليات الرقابة المخولة دستوريا، سيما الأسئلة الشفهية والكتابية والجلسات الشهرية الخاصة بالأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، من معانقة هموم المواطنين ومشاكلهم الوطنية والجهوية والمحلية وكبريات القضايا التي تؤرق الرأي العام.
وفي هذا الإطار، بلغ عدد الأسئلة الشفهية المطروحة خلال الدورة، 822 سؤالا، (بمعدل 85, 6 سؤالا لكل مستشار)، أجابت الحكومة، خلال الجلسات الأسبوعية، على 130 سؤالا آنيا، و 87 سؤالا عاديا، ما يعني أن معظم الأسئلة المجاب عنها تناولت مواضيع الساعة.
كما عقد المجلس جلستين شهريتين أجاب خلالهما السيد رئيس الحكومة على أسئلة تتعلق بالسياسة العامة وكانت متمحورة حول القضايا التالية:
§ حصيلة الحكومة في السياسة الاجتماعية؛
§ السياسة الطاقية في علاقتها مع مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار حول التغيرات المناخية cop 22؛
§ الحوار الاجتماعي .
أما بالنسبة للأسئلة الكتابية، فقد بلغ عدد الأسئلة المطروحة خلال دورة أكتوبر 165 سؤالا، أجابت الحكومة على 12 سؤالا منها.
ومن جانبها، توصلت اللجان الدائمة بطلبات من الفرق والمجموعات ترمي الى عقد جلسات استماع لبعض الوزراء والمسؤولين عن المؤسسات العمومية بلغت في مجموعها 18 طلبا، ثلاثة منها تتعلق بعقد اجتماعات مشتركة للجن الدائمة.
وعلى الرغم من إحالة الطلبات المذكورة الى القطاعات الحكومية المعنية بمواضيعها، فانها لم تحظ بما يكفي من التجاوب، إذ أنه باستثناء دفع وزارة العدل بعدم الاختصاص بخصوص طلب انعقاد لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان حول موضوع "التدخلات الأمنية العنيفة في مواجهة وقفات الاساتذة المتدربين"، وكذا موافقة وزارة الخارجية على حضور اجتماع اللجنة المختصة لمناقشة موضوعي: "تداعيات الحكم القضائي للمحكمة الأوربية حول الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوربي، وتصويت البرلمان الاوربي على قرار توسيع صلاحيات المينورسو بالاقاليم الجنوبية"، فإن اللجان الدائمة لا تزال تنتظر ردّ القطاعات الحكومية المعنية. مما يؤشر على عدم استثمار الفرص القوية التي يتيحها الدستور.
وعلاوة على الوظيفة التقليدية في مراقبة العمل الحكومي، انضافت للبرلمان بموجب الفصل 70 من الدستور وظيفة ذات صلة وعلى قدر كبير من الأهمية والحيوية ترتبط بتقييم السياسات العمومية التي تشكل أداة التدخل الرئيسة للحكومات.
وقد بادر مجلس المستشارين إلى القيام بأول تمرين في هذا الخصوص خلال دورة أبريل الماضية، أبان عن الدور المركزي لهذه الوظيفة الجديدة باعتبارها أحد أركان تحديث الدولة على قاعدة الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، من خلال ما تتيحه من إجراء تقييم موضوعي لفعالية وجدوى السياسات العمومية اعتمادا على مؤشرات أداء واضحة.
وانطلاقا من هذه التجربة الواعدة، فإننا نتطلع إلى أن نباشر في أقرب وقت، بتعاون مع المؤسسات الدستورية المعنية، مرحلة الإعداد الجيد للجلسة السنوية المرتقبة لهذا الغرض في غضون السنة الجارية، وأن تتظافر جهود جميع الفاعلين لإنجاح وترسيخ هذه التجربة الرائدة، بما يسهم في الرفع من أداء المجلس في هذا الشأن وتمثل واستبطان الغايات الفضلى من وراء دسترة هذه المهمة الجديدة، ووضع الآليات والميكانيزمات الملائمة لتتبع وتقويم السياسات العمومية في مختلف المجالات.
أيها الحضور الكريم
لازالت بلادنا تجابه تحديات جسام في علاقاتها الخارجية بارتباط مع قدَرها الجغرافي والتاريخي وطموحها المتنامي والمشروع في احتلال المكانة اللائقة التي تستحقها داخل الأسرة الدولية، انسجاما مع رصيده التاريخي التليد وموقعها المتميز في محيطها الجيواستراتيجي.
وفي مقدمة هذه التحديات ملف الوحدة الترابية والسكانية للمملكة وتدبير ملف الجوار الإقليمي الصعب شرقا وشمالا وجنوبا، وما يترتب عن ذلك من إشكالات يتعين علينا جميعا المساهمة البناءة في التصدي لها بكل قوة وحزم وحنكة وتبصر كذلك، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وفي هذا الإطار، فإن مجلس المستشارين، الواعي بحجم هذه التحديات، يواصل بكل اقتدار إسهامه النوعي في حشد وتعبئة الدعم اللازم لدبلوماسيتنا الرسمية في تناغم تام مع أولوياتها الرئيسة المتمثلة أساسا في التوجه الإفريقي، ودعم العلاقات جنوب - جنوب والانفتاح على فضاءات جيوسياسية جديدة في آسيا وأمريكا اللاتينية.
وهكذا فقد تابع المجلس نشاطه في هذا البعد الدبلوماسي عبر المشاركة في التظاهرات والمحافل الدولية في الإطار المتعدد الأطراف أو في إطار العلاقات الثنائية التي ينسجها المجلس مع المجالس المماثلة في الدول الصديقة والشقيقة.
وفي هذا الصدد شرفني جلالة الملك حفظه الله بتمثيل جلالته في حفل تنصيب الرئيس الغيني الذي أعيد انتخابه، ألفا كوندي يوم 14 دجنبر 2015 بكوناكري، وكانت مناسبة أجريت خلالها مباحثات مع رئيس الجمعية الوطنية الغينية وأيضا مع رئيس البرلمان الليبي لطبرق.
كما شاركت وفود المجلس بفعالية في أعمال الدورة 133 للاتحاد البرلماني الدولي المنعقدة في مدينة جنيف بسويسرا خلال الفترة بين 17- 21 أكتوبر 2015 وأعمال المنتدى المغربي– الإسباني الأول، وجلسة الاستماع البرلمانية بالأمم المتحدة حول موضوع "المشكل العالمي للمخدرات: الحصيلة وتعزيز الرد الدولي" ، والمؤتمر 21 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة حول المناخCOP21 والاجتماع البرلماني المنعقد بهذه المناسبة في باريس والذي حرصت على المشاركة فيه شخصيا، والاجتماعات الثلاث للجنة البرلمانية المشتركة المغربية الأوروبية، وأشغال لجنة قيادة البرنامج الثلاثي المغرب - مجلس أوروبا- الاتحاد الأوروبي برسم سنة 2015-2017، والدّورة الثامنة عشر للجنة التّنفيذيّة للاتّحاد البرلماني العربي، وأشغال المؤتمر الحادي عشر لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والمرحلة الأولى من الدورة العادية للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، وأشغال الجمعية العامة لبرلمان أمريكا الوسطى، وحفل تقديم التهاني بمجلس الشيوخ الفرنسي المنظم من طرف نادي Eugène De Lacroix المؤسس من طرف المنتخبين الفرنسيين ذوي الأصول المغربية.
واستقبلنا بمقر المجلس، لإجراء مباحثات بناءة، كلا من نائب رئيس الرابطة التقدمية للاشتراكيين والديمقراطيين بالبرلمان الأوروبي، ورئيس مجلس النواب الشيلي، والوزير الأول للجمهورية الديموقراطية لساوطومي وبرينسيبي، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان التونسي، ووفد قضائي تركي، والسيد Jean-Pierre Raffarin رئيس لجنة الشؤون الخارجية والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ الفرنسي رئيس الوزراء الأسبق للجمهورية الفرنسية، ووفد عن اللجنة الدائمة للنقل والمواصلات بالبرلمان الكيني، ورئيسة الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا، ووفد برلماني عن مجلس الشيوخ الروماني، ورئيس جهة بروفانس ألب كوت دازور الفرنسية، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي البرتغالي، ووزير العلاقات مع البرلمان بجمهورية الكونغو الديموقراطية، ورئيسة الجمعية الوطنية الصربية ورئيس مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
كما استقبلنا عددا من السفراء المعتمدين ببلادنا لكل من باكستان، وألمانيا الإتحادية، وفرنسا، وروسيا الفيدرالية، وبعثة الإتحاد الأوربي، والمملكة الإسبانية، وإيطاليا، والصين والمملكة المتحدة. ( وغدا سنستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية)
وقد سجل المجلس تميزا واضحا في العديد من المناسبات حيث تمكن من إحباط مؤامرات وخصوم الوحدة الترابية، وآخر هذه الإنجازات تم في البرلمان الأوربي الذي تحاول بعض الجهات فيه، المعروفة بعدائها للمغرب، المس بسيادة المملكة من خلال استغلال مفضوح ومقيت لورقة حقوق الإنسان، كما كانت لوفود وبعثات المجلس مشاركات ناجحة في الدفاع المستميت عن المصالح العليا للمغرب في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها. وفي مجال الترافع على مقترح الحكم الذاتي الرائد الذي تقدمه بلادنا .
ونود بهذه المناسبة أن نعرب عن أملنا في أن تسهم الزيارة المرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون للمنطقة في حلحلة الوضع وحمل الطرف الآخر المتعنت على الانخراط الجدّي في مسلسل تسوية النزاع المفتعل حول مغربية أقاليمنا الجنوبية بما يؤدي إلى إيجاد حل سلمي دائم ومتوافق عليه يمكن من إنهاء المعاناة الإنسانية لمواطنينا الصحراويين المحتجزين داخل الأراضي الجزائرية، وتأهيل المنطقة للتفرغ لإنجاز مهام التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار اتحاد المغرب الكبير بدوله الخمس.
كما نجدد، بنفس المناسبة، موقفنا الثابت الداعم للقضية الفلسطينية ولنضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة في إقامة دولة حرة ومستقلة عاصمتها القدس الشريف، داعين المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته كاملة في إرغام اسرائيل على الوقف الفوري لانتهاكاتها المتكررة للأرض والإنسان الفلسطيني، والإنصياع للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وننوه كذلك بالتقدم الذي تم إحرازه في مسلسل تسوية الأزمة الليبية بعد "اتفاق الصخيرات" التاريخي الذي تم تحت رعاية الأمم المتحدة وبمشاركة وازنة من طرف المغرب الذي بذل جهودا محمودة في هذا الملف نالت إشادة المجتمع الدولي، معربين أيضا عن متمنياتنا للأشقاء في سوريا واليمن بالنجاح في إيجاد حلول عاجلة تضع نهاية للأزمات التي تمزق البلدين العربيين الشقيقين وتعين على استعادتهما لعافيتهما واستقرارهما بما يخدم مصالح الدول العربية كافة.
ونعبر أيضا عن تضامننا مع كل القضايا العادلة في العالم، متطلعين إلى أن تسود قيم الحوار والتفاوض ويُغلب منطق التفاهم والمنهج السلمي في إدارة الأزمات وإخماد بؤر التوتر المشتعلة هنا وهناك، ومكافحة الإرهاب وتجفيف المنابع التي تغذيه وتمده بالحياة، وخاصة في منطقتنا العربية.
السيدات والسادة،
ونحن نتحدث عن الدبلوماسية البرلمانية، لا بد من الإشارة إلى أن المجلس سيسعى ضمن أهداف خطة عمله، المذكورة في أول هذا الخطاب، إلى إعادة التموقع على هذا المستوى في المجالات التي يتوفر فيها، بالنظر إلى تأليفه وطابعه التعددي، على ميزة مقارنة.
وسنعمل على تحقيق هذا الهدف من خلال الإجراءات التالية:
§ وضع تشاركي لخطة دبلوماسية موازية على قاعدة التوزيع الوظيفي للأدوار مع مجلس النواب موجهة نحو الغرف البرلمانية الثانية والبرلمانات الجهوية ومؤسسات التعاون اللامركزي على المستويين الإقليمي والدولي وإلى المنظمات المهنية للمشغلين في الدول ومنتديات رجال الأعمال وإلى الحركة النقابية العالمية والمنتديات الاجتماعية العالمية والإقليمية؛
§ وضع مخطط سنوي للتدبير الاستباقي لبعض المواعيد البالغة الأهمية بالنسبة للقضية الوطنية (مثال: أبريل على مستوى مجلس الأمن، سبتمبر على مستوى اللجنة الرابعة للأمم المتحدة،...)، في إطار التنسيق مع مجلس النواب ووزارة الخارجية والتعاون والمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
§ إبرام اتفاقيات شراكة أو مذكرات تفاهم مع مراكز الدراسات التي تعنى بالعلاقات الدولية حسب أولويات مجلس المستشارين الدبلوماسية؛
§ تنظيم منتدى سنوي مع شبكة منتخبي مغاربة العالم بشراكة مع القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية المعنية.
§
السيدات والسادة،
ضمانا لمزيد من فعالية ونجاعة العمل البرلماني، وتوخيا للتناسق والتكامل بين مجلسي البرلمان كواجب دستوري، واصلنا بمعية مجلس النواب الجهود المبذولة لتحقيق هذه الأهداف السامية من خلال الحرص على انعقاد لجنة التنسيق البرلماني بشكل منتظم وتنويع مجالات تدخلها واشتغالها، وهو ما أدّى إلى انبثاق مقاربات ومعالجات موحدة لعدد من الإشكالات والصعوبات التي يطرحها العمل البرلماني، أسهمت في تحسين الأداء وتبديد الغموض واللبس لدى المتتبعين للشأن البرلماني.
وكانت آخر القرارات المتخذة في هذا الشأن ترتبط بتعميق التعاون في مشروع البرلمان الإلكتروني ونزع الطابع المادي عن العديد من العمليات الإدارية، ورقمنة الأرشيف حفاظا على الذاكرة البرلمانية.
كما تميزت الدورة التشريعية المنتهية بتنظيم يوم دراسي مشترك يوم 13 يناير الماضي حول النظامين الداخليين للمجلسين تحت عنوان:"النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان: من إقرار آليات التنظيم إلى تحقيق النجاعة البرلمانية"
وكان الغرض من هذا اللقاء العلمي، الذي حضره عدد من الفعاليات البرلمانية والحكومية، هو توسيع دائرة المشاركة والتشاور حول مجموعة من المواضيع ذات العلاقة بالعمل البرلماني، انطلاقا من التراكمات التي أفرزتها الممارسة البرلمانية.
وقد تمكنا، بفضل تعاون الجميع، من الخروج بتوصيات عملية هامة نأمل أن نبلورها، في المستقبل القريب، في شكل تعديلات على النظامين الداخليين الجاري بهما العمل، وقد تم لهذا الغرض إحداث لجنة على مستوى المجلس عهد إليها بإعداد مسودة تعديل النظام الداخلي.
أيها الحضور الكريم،
في مجال العلاقات مع المؤسسات الدستورية، عملنا خلال هذه الدورة على ترسيخ وتعميق تعاون المجلس مع هذه المؤسسات في إطار الإستقلال المكرّس دستوريا.
وهنا نشير إلى استمرار المجلس وإصراره على تعبئة الدور الإستشاري لهذه المؤسسات، إذ عمد إلى إحالة مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بتقديم الملتمسات في مجال التشريع والعرائض المرتبطين بالفصلين 14 و15 من الدستور على المجلس الوطني لحقوق الإنسان قصد إبداء الرأي، ومقترح القانون المتعلق بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على المؤسسة المعنية.
وحصل تشاور مع اللجنة الوطنية المكلفة بصياغة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
كما عملنا على تجديد ممثلي مجلس المستشارين بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين، وتلقينا كذلك التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط وتقريري المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول"التدبير المفوض للمرافق العمومية" و"إدماج التغيرات المناخية في السياسات العمومية"، ورأيين حول مشروعي القانونين المتعلقين بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة وهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز اللذين كانا موضوع رأيين استشاريين أيضا من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وننوه عاليا في هذا المضمار بالتفاعل الإيجابي الذي تبديه هذه المؤسسات مع النقاش البرلماني الدائر من خلال مبادرة البعض منها إلى موافاة المجلس بتوضيحات إضافية بشأن مواضيع محددة (مجلس الجالية المغربية بالخارج على سبيل المثال)، ونشيد أيضا بالتعاون القائم مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي تربطنا به مذكرة تفاهم، والذي تجلى بالأساس في مجال تنظيم أيام دراسية وندوات علمية مثمرة وكان آخرها الندوة الدولية المنظمة بمقر المجلس من طرفه بتعاون مع المؤسسة الدولية للنظم الإنتخابية والجمعية المغربية للقانون الدستوري حول إصلاح التشريع الإنتخابي تحت شعار" من أجل تشريع انتخابي في مستوى المتطلبات الدستورية والإلتزامات التعاهدية للمغرب".
وانسجاما مع التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب افتتاح هذه السنة التشريعية، سيعمل المجلس بتنسيق كامل مع مجلس النواب والحكومة، فيما يخصها، على تفعيل المقتضيات الدستورية ذات الصلة بتنصيب الهيئات التي صدرت قوانينها المنظمة وفقا لأحكام الدستور الجديد (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، المحكمة الدستورية).
أيها السيدات والسادة؛
كما تعلمون،يضطلع المجتمع المدني بأدوار هامة على مختلف الواجهات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، حيث راكم جملة من الإنجازات والنجاحات الهامة أهلته للتطلع نحو المساهمة في العمل البرلماني باعتباره واجهة رئيسة للشأن العام الوطني.
ومن هذا المنطلق فإن انفتاح المؤسسة البرلمانية على المجتمع المدني يمكنها من الاستيعاب الإيجابي للتحولات المجتمعية، كما أن أخذ مقترحات وآراء فعالياته هو في الواقع امتداد طبيعي للوظيفة التمثيلية للبرلمان وتعبير صادق عن روحه الديمقراطية.
وإذا كان مجلس المستشارين قد شرع منذ مدة ليست باليسيرة في التفاعل الإيجابي مع تحركات المجتمع المدني عبر احتضان بعض مبادراته الهادفة، فإن الظرفية الراهنة التي تمر منها بلادنا، خاصة بعد اعتماد دستور 2011، والمطبوعة بنزوع قوي نحو الإشراك الفعلي للمواطن في تدبير الشأن العام، تسمح بتعميق أكثر لانخراط المجتمع المدني في العمل البرلماني.
إن البرلمان الذي لا يتفاعل مع ديناميات المجمتع ، هو برلمان ليس جدير بهذا الإسم . ومن هذا المنطلق فنحن عازمون في هذا الإطار، وفق خطة العمل المقترحة، على جعل مجلسنا الموقر فضاء للحوار العمومي والنقاش المجتمعي التعددي لا سيما بخصوص الموضوعات الرئيسة لإعمال الدستور وتحقيق الطابع الفعلي للتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وعلاقة بهذا الموضوع، أذكر ببعض الأنشطة التي قمنا بها خلال هذه الدورة بتعاون وشراكة مع جمعيات المجتمع المدني، ومن بينها اليوم الدراسي المنظم بتعاون مع الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية حول موضوع " القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية" تحت شعار" الأمازيغية مسؤولية ورصيد وطني مشترك لكل المغاربة"، كما احتضن المجلس ندوات علمية نظمتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان حول موضوع "حق اللجوء بين التشريع الوطني والقانون الدولي"، وموضوع "مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالحق في تقديم الملتمسات التشريعية ومشروع القانون المتعلق بالحق في تقديم العرائض" بتعاون مع " دينامية إعلان الرباط".
وتجاوبا مع نبض المجتمع بخصوص النقاش الذي أثير حول معاشات البرلمانيين، بادرنا إلى تنظيم يوم دراسي حول موضوع " معاشات البرلمانيين وسيناريوهات الإصلاح" بغية فتح نقاش مؤسساتي مسؤول ورصين وبدون مزايدات أوشعبوية.
وننوه كذلك بالأيام الدراسية التي تنظمها الفرق البرلمانية بالمجلس، بعضها بتعاون مثمر مع منظمات المجتمع المدني، والتي تساهم في تمكين السادة المستشارين من التوضيحات والرؤى التكميلية حول الملفات المطروحة للنقاش في البرلمان.
وفي سياق الأنشطة الإشعاعية للمجلس، وبمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الذي يصادف 20 فبراير من كل سنة، يعتزم مجلس المستشارين تنظيم منتدى برلمانيا دوليا حول موضوع العدالة الإجتماعية، وذلك يومي 19 و 20 فبراير 2016، وذلك تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وسيشارك في هذا الحدث الهام، إضافة إلى أعضاء مكتب المجلس، ورؤساء الفرق والمجموعات، واللجان البرلمانية، مسؤولون أممـــيون يمثلون مختلف الاتحادات البرلمانية الدولية، والإقليمية والجهوية والقارية، إضافة إلى شخصيات وطنية ودولية وازنة.
وفي إطار انفتاحه المستمر على محيطه الخارجي ومساهمة منه في ترسيخ الوعي بقيم الديمقراطية والمواطنة، واصل المجلس نهج سياسته النشيطة في استقبال الزوار خاصة في شكل مجموعات، مع التركيز على الشرائح التي يمكن أن تكتسي زيارة البرلمان بالنسبة لها أهمية خاصة، حيث نولي اهتماما وعناية بالغين لتلامذة المدارس وطلبة الجامعات والمعاهد العليا.
وهكذا استقبل مجلس المستشارين خلال هذه الدورة عددا من الزوار وصل إلى 2013 زائرا، قادمين من مختلف جهات المملكة ويتوزعون على المؤسسات التعليمية بكل مستوياتها، وكذا جمعيات المجتمع المدني والجالية المغربية المقيمة بالخارج والأجانب.
السيدات والسادة،
لا يفوتني في الختام أن أتوجه بخالص عبارات الشكر والاحترام للسيد رئيس الحكومة والسيدات والسادة أعضاء الحكومة وخاصة الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني على التفهم وحسن التعاون والاستعداد الدائم للعمل سويا من أجل الارتقاء بأدائنا البرلماني والحرص على جودة ومتانة العمل الذي نقوم به.
وللحكومة المحترمة أقول، من هذا المنبر، يدنا ممدودة للإشتغال معا في إطار التعاون وعلى قاعدة مبدإ الفصل بين السلط لاستثمار الفرص التي يتيحها دستور بلادنا، من أجل توطيد وإثراء مشروعنا الوطني المشترك .
كما أخص بالامتنان والعرفان السيدة والسادة أعضاء مكتب مجلس المستشارين والسيدتين والسادة رؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية واللجان الدائمة على حيويتهم ومثابرتهم وعملهم الدؤوب من أجل تبوء مجلسنا الموقر المكانة التي يستحقها ويخولها له الدستور داخل المشهد المؤسساتي الوطني.
ولكافة موظفي وأطر المجلس أقول، أنتم تدركون جيدا حجم الاحترام والتقدير الذي أكنه لكم، وأهيب بكم المزيد من البذل والعطاء بغية تعزيز وتقوية قدرات إدارتنا البرلمانية بما يتطلبه ذلك، وهو معهود فيكم، من إخلاص ووفاء ونكران للذات، متعهدا لكم، باسم مكتب المجلس، يإيلائكم ما تستحقونه من عناية واهتمام بأوضاعكم الإدارية والاجتماعية.
والشكر موصول أيضا لنساء ورجال الإعلام في كل المنابر والوسائل المكتوبة والسمعية والبصرية والإلكترونية، فنحن واعون جيدا بالدور الحاسم الذي يؤدونه في تنوير الرأي العام الوطني بأعمالنا وقراراتنا وما تحفل به المؤسسة من نقاشات وحوارات حول القضايا الوطنية، ولذلك هيأنا لهم فضاء خاصا بالتواصل سنعمل على تطويره وتدعيمه بكل مستلزمات العمل الصحفي.
وأخيرا نتمنى لبلادنا مزيدا من التقدم والرفاه والازدهار تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وشكرا على حسن وكرم إصغائكم.