الأربعاء 8 مارس 2017
السيدة ممثلة ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة ؛
السيدة ممثلة مؤسسة وستمنستر للديمقراطية؛
السيدات البرلمانيات، السادة البرلمانيون؛
السيدات والسادة الحضور؛
إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن ينظم مجلس المستشارين، بشراكة مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية وائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة، الاجتماع الوطني لائتلاف البرلمانيات من الدول العربية حول " مشروع اتفاقية عربية لمناهضة العنف ضدّ المرأة والفتاة والعنف الأسري، وهو الاجتماع الذي يأتي تزامنا مع تخليد اليوم العالمي للمرأة الذي اختارت الأمم المتحدة أن تحتفل به هذه السنة تحت شعار "المرأة في عالم العمل المتغير: تناصف الكوكب ( 50/50 ) بحلول عام 2030”. ولقد جاء اختيار هذا الموضوع للتعجيل بتحقيق خطة أهداف التنمية المستدامة في جانبها الرامي إلى تمكين المرأة والنهوض بحقوقها، والمتمثلة أساسا في:
-
ضمان أن يتمتّع جميع البنات والبنين والفتيات والفتيان بتعليم ابتدائي وثانوي مجاني ومنصف وجيّد، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج تعليمية ملائمة وفعالة بحلول عام 2030
-
ضمان أن تتاح لجميع البنات والبنين فرص الحصول على نوعية جيدة من النماء والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي حتى يكونوا جاهزين للتعليم الابتدائي بحلول عام 2030
-
القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان
-
القضاء على جميع أشكال العنف ضد جميع النساء والفتيات في المجالين العام والخاص، بما في ذلك الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي وغير ذلك من أنواع الاستغلال
-
القضاء على جميع الممارسات الضارة، من قبيل زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)
حضرات السيدات والسادة،
لقد قدرت الأمم المتحدة وفقاً لبيانات البنك الدولي نسبة النساء اللائي يتعرضن للعنف أثناء حياتهن ب 70 في المائة، وأوضحت بأن النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و 44 عاماً يزيد خطر تعرضهن للاغتصاب والعنف العائلي عن خطر تعرضهن للسرطان وحوادث السيارات والحرب والملاريا، وهو ما نعتبره بحق كارثة إنسانية عظمى يتوجب علينا كل من موقعه العمل بجهد من أجل مواجهتها، بل وإنهائها إذا كنا ننشد مجتمعات سليمة، متقدمة، نشيطة ومتزنة. وهذا ما حدا بجعل25 نوفمبر من كل عام يوما عالميا لمناهضة العنف ضد المرأة؛ وذلك تلبية للدعوة التي أطلقتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1999.
من هذا المنطلق، وإيمانا منه بأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي انخرط المغرب في خطتها قلبا وقالبا لا يمكن أن يستقيم أو يحقق النتائج المتوخاة منه بدون النهوض بحقوق المرأة، ينظم مجلس المستشارين هذا الاجتماع الوطني عطفا على نتائج مؤتمر القاهرة الذي عقد في الأول من ديسمبر في جامعة الدول العربية برعاية دائرة إدارة المرأة والأسرة والطفولة واستكمالا للمسيرة التي تبناها الائتلاف في تفعيل أداة قانونية عربية لمناهضة العنف ضد المرأة.
من جهته أحرز المغرب تقدما كبيرا في مجال تعزيز مكانة النساء والفتيات وتحسين أوضاعهن. وتم تكريس هذه المكتسبات وتوسيع نطاقها بموجب المقتضيات المتقدمة لدستور 2011 الذي يحظر التمييز، لا سيما على أساس الجنس أو أي ظرف شخصي، ويمنع في فصله 22« المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة«، ومعاملة »الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أولا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية«. كما راكم المغرب تجربة مؤسساتية ومدنية رائدة على صعيد العالم العربي في مجال التعبئة والتوعية ونشر المعرفة.
وعلى الرغم من حجم الإصلاحات المنجزة والمكتسبات المحققة إلا أن المعركة ضد ظاهرة العنف في حق النساء تبقى متواصلة وتستدعي العمل بشكل أكبر من أجل ضمان انسجام التشريع الوطني مع المعايير الأممية المعتمدة، والمتمثلة أساسا في :
-
المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المنعقد في فيينا سنة1993 ،الذي أقر أن العنف ضد المرأة يشكل انتهاكا لحقوق الإنسانالأساسية؛
-
المادة الأولى من الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأممالمتحدة سنة 1993 ،التي تعرف العنف ضد المرأة بأنه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسامنية أو الجنسية أو النفسية، بما يف ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة". ويشمل على سبيل المثال لا الحصر" العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار الأسرة بما في ذلك الضرب، والعنف المتصل بالمهر، واغتصاب الزوجة، وختان الإناث وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال؛ والعنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام، بما في ذلك الاغتصاب، والتعدي الجنسي، والمضايقة الجنسية والتخويف في مكان العمل وفيالمؤسسات التعليمية وأي مكان آخر، والاتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء؛ والعنف البدني والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما وقع"؛
-
التوصية العامة رقم 19 للجنة القضاء على التمييز ضد المرأة التي تنص على أن المرأة تتعرض للعنف "بسبب كونها امرأة". وبالتالي، فإن "العنف القائم على أساس نوع الجنس الذي ينال من تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بموجب القانون الدولي العمومي أو بمقتضى اتفاقيات محددة لحقوق الإنسان، أو يبطل تمتعها بتلك الحقوق والحريات، يعتبر تمييزا في إطار معنى المادة 1 من الاتفاقية" المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛
-
اتفاقية اسطنبول لسنة2011 التي أقرت فيها دول مجلس أوروبا الموقعة عليها بأن تحقيق المساواةبين النساء والرجال يعتبر عنصرا هاما في الوقاية من العنف ضد المرأة، وعرفت العنف المنزلي بأنه "كل عنف بدني أو جنسي أو نفسي أو اقتصادي يقع داخل الأسرة أو البيت أو بين زوجين أو شريكين سابقين أو حاليين، بغض النظر عما إذا كان الفاعل أقام أو يقيم مع الضحية في نفس المكان"؛
-
ديباجة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، المعتمدة في 13 دجنبر 2006 ،التي أقرت بأن "النساء والفتيات ذوات الإعاقة غالبا ما يواجهن خطرا أكبر في التعرض، سواء داخل المنزل أو خارجه، للعنف أو الإصابة أو الاعتداء، والإهمال أو المعاملة غير اللائقة، وسوء المعاملة أو الاستغلال"؛
-
الملحق المعنون"الاستراتيجيات والتدابير الملموسة النموذجية المتعلقة بالقضاء على العنف ضد النساء في مجال الوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية" بالقرار 86/52 ل 12 دجنبر 1997، حيث دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى:
« أ- مراجعة وتقييم دوريين لقوانينها، ومدوناتها ومساطرها، خاصة في القانون الجنائي، من أجل التأكد من قيمتها وفعاليتها للقضاء على العنف ضد النساء وإعداد تقارير بشأن المقتضيات التي تسمح بهذا النوع من العنف.
ب- مراجعة وتقييم القانون الجنائي والقانون المدني في إطار المنظومة القانونية الوطنية للتأكد من أن كل أعمال العنف ضد النساء محظورة واعتماد تدابير لذلك في حالة عدم وجودها«؛
-
القرار رقم 86/52 للأمم المتحدة حول "التدابير في مجال الوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية للقضاء على العنف ضد النساء" المعتمد من طرف الجمعية العامة، حيث إن الدول مدعوة إلى مراجعة وتقييم سياساتها ومساطرها في مجال العقوبة الجنائية، بشكل يمكن من الوصول إلى تحقيق الأهداف التالية : مساءلة مرتكبي العنف ضد النساء عن أفعالهم، وضع عقوبات مماثلة لتلك المقررة على أنواع أخرى من العنف، أن يتم الاعتبار في تحديد العقوبة جسامة الضرر الجسماني والنفسي الذي حصل للضحية وآثار الوضع القانوني للضحية، خاصة عندما يسمح القانون بذلك، تصريحات الضحية بخصوص هذه الأضرار، سن قوانين تضع رهن إشارة المحاكم مجموعة من العقوبات والتدابير لحامية الضحية، وكذا الأشخاص الآخرون المعنيون، وكذا المجتمع من أعمال عنف جديدة، الحرص على تشجيع القضاة على التوصية بمعالجة مرتكب العنف عند النطق بالعقوبة، تأمين سلامة الضحايا والشهود قبل وأثناء وبعد المسطرة الجنائية؛
-
منهاج عمل بيجين لعام 1995 الذي وضع العنف ضد المرأة ضمن المجالات ذات الأولوية الإثني عشر والاستنتاجات المتفق عليها بشأن القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات ومناهضتها، التي اعتمدتها الحكومات في الدورة 57 للجنة وضع المرأة(2013)؛
-
قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن تكثيف الجهود للقضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة (2012 ) والاتجار بالنساء والفتيات (2012)؛
حضرات السيدات والسادة،
إن العنف ضد المرأة يمثل انتهاكًا لحقوق الإنسان التي أقرتها المواثيق والمعاهدات الدولية، وعائقًا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ليس قاصراً على ثقافة أو دين أو بلد بعينه، أو على فئة خاصة من النساء بمجتمع ما، كما أنه يستهدف جميع الفئات العمرية ويطال جميع الفضاءات: في البيت وداخل الأسرة وفي مقر العمل والمؤسسات التعليمية وأماكن سلب الحرية والفضاءات العمومية، كمايمكن أن يرتكب من قبل شخص ذاتي أو معنوي أو من طرف موظفي الدولة. لذا فإن مسؤوليتنا الجماعية كبرلمان أو حكومة أو مجتمع مدني تقتضي منا تكثيف الجهود وتنسيق المبادرات من أجل محاربة هذه الظاهرة التي تشكل بالأساس التزاما إنسانيا وأخلاقيا قبل أن يكون التزاما دوليا تدعو إليه المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
ويجدر التذكير بهذه المناسبة، بأن مجلس المستشارين يشتغل وفق خطة عمل إستراتيجية تنهل من مبادئ حقوق الإنسان، وفي مقدمتها حقوق المرأة والفتاة. وأذكر بهذه المناسبة، بأن المجلس انخرط بقوة في الحملة التي أطلقتها ONU Femmes شهر نونبر المنصرم للتحسيس بأهمية مناهضة العنف ضد النساء. وضمن نفس المنطق، يحتضن المجلس بمعية شركائه هذه المائدة المستديرة لمناقشة الاتفاقية العربية لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة.
وحري بالذكر كذلك أنه يوجد مشروع قانون يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ضمن جدول أعمال لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين، وهي ستعكف على دراسته، لا محالة، فور تشكيل الحكومة.
وأخيرا، اسمحوا لي أن أجدد الشكر لمؤسسة وستمنستر للديمقراطية على رعايتها لهذه المبادرة، وإلى ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة على الجهود التي يبذلها في سبيل اعتماد اتفاقية عربية لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة والعنف الأسري.
والشكر أيضا موصول إلى كافة الفعاليات النسائية المشاركة معنا في هذه المائدة المستديرة، وكذا إلى وسائل الإعلام التي تواكب معنا أشغال هذه الورشة. دون أن أنسى التنويه بأطر وموظفي المجلس الذين سهروا على إعداد هذا اللقاء.
أتمنى لأشغال هذه الندوة موفور النجاح، وشكرا على حسن الإصغاء.