تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مداخلة السيد رئيس مجلس المستشارين في ورشة تحضيرية للمنتدى البرلمانى حول تقييم السياسات العمومية المرتبطة بالشباب

2018-02-07

حضرات السيدات والسادة،

يسعدني أن أرحب بكم جميعا في رحاب مجلس المستشارين وأن أشكركم على تلبية دعوة المشاركة في هذه الورشة التشاورية التحضيرية الأولى للمنتدى البرلماني لتقييم السياسات العمومية المزمع عقده من قبل مجلسنا في غضون الأشهر المقبلة.

وكما لا يخفى عليكم، أدرج الدستور الجديد اعترافا بدور الشباب داخل المجتمع وذلك من خلال حث السلطات العمومية على اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، والمساعدة على إدماجهم في الحياة العملية وداخل المجتمع، وكذا تهيئة الظروف لتفتق إمكاناتهم الإبداعية والابتكارية في مجالات مختلفة (المادة 33). ومن هنا أهمية الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي يواجهها الشباب المغربي اليوم.

كما فتح الدستور أفقا جديدا في مجال تطوير سياسات تشاورية من خلال التنصيص على أهمية  إشراك المواطنين والمواطنات سواء على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي. كما كرس مفهوم الديمقراطية التشاركية عبر خلق مجموعة من الهيئات الاستشارية ودسترة حقوق جديدة من قبيل الحق في تقديم العرائض. وبالإضافة إلى ذلك تم التأكيد على الدور المحوري للمجتمع المدني في وضع وتنفيذ وتقييم المشاريع والقرارات الصادرة عن الهيئات المنتخبة والحكومة (المادة 12). وأعطيت، من جهة أخرى أهمية خاصة لهيئات التشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين في مسار إعداد وتفعيل وتقييم السياسات العمومية  (المادة 13).

حضرات السيدات والسادة،

يعرف المغرب انتقالا ديموغرافيا ترتب عنه ارتفاع نسبة الشباب، حيث تمثل الفئة ما بين 15 و 29 سنة، 30 بالمئة من مجموع الساكنة. وهو التوجه الذي سيؤثر بقوة على الشكل المستقبلي للمجتمع خلال العقود القادمة، أضف إلى ذلك التحولات المرتبطة بارتفاع نسبة التمدن والتعليم، حيث وصلت نسبة الساكنة بالمدن سنة 2010 إلى 57 بالمئة مقابل 30 بالمئة سنة 1960. وتحيل هذه التحولات السيوسيوديمغرافية من جهة، إلى التحديات التي تواجه الشباب اليوم والمرتبطة باستعجالية التقليص من مخاطر الإقصاء والتهميش من خلال ضمان الحق في التربية والتعليم والتكوين والشغل والولوج للخدمات الصحية، ومن جهة أخرى إلى ضرورة استثمار الفرص التي يتيحها الشباب كقوى محركة للتنمية والإبداع وبغية بروز شباب نشيط و حامل للتغيير الإيجابي ولقيم الديمقراطية والمواطنة.

فلا يمكن اليوم التفكير في الفعل العمومي اتجاه الشباب بدون تمفصل الوطني والجهوي والمحلي. وبالفعل فالوقوف على الإشكاليات ذات الصلة بالشباب تبقى رهينة الأخذ بعين الاعتبار للخصوصيات الترابية وإبراز التفاوتات ومختلف مسارات التنشئة الاجتماعية وتشكل الهوية والولوج إلى الحقوق. وذلك خاصة عبر التحديد الدقيق للمسؤوليات والموارد ووضع نظام حكامة كفيل بضمان نجاعة التدخلات على المستوى المحلي. إن الهدف من ذلك كله هو إدماج الشباب المغربي في التنمية البشرية للبلد، كانشغال كبير تم الإعلان عنه في الخطاب الملكي لـ 20 غشت 2012 والذي يشدد على استعجالية إعداد" استراتيجيات خاصة لتحضير الشباب من أجل غذ أفضل".

وتبعا لذلك، وتفعيلا لأحد الأهداف الإستراتيجية لمجلس المستشارين والمتضمنة في خطته الإستراتيجية 2016-2018، والمتمثل في تنظيم المنتدى البرلماني لتقييم السياسات العمومية للشباب، والذي اخترنا التحضير له بطريقة تشاركية وتشاورية مع مختلف الفاعلين المهتمين بقضايا الشباب وعلى رأسهم التنظيمات الشبابية وجمعيات المجتمع المدني ذات الانشغال بالموضوع.

أما بخصوص الأهداف التي نتوخاها من تنظيم هذا المنتدى فتتمثل في:

  • تطوير وتعزيز النقاش العمومي والحوار الاجتماعي حول السياسات العمومية الوطنية للشباب والنهوض بأوضاعه وتمكين حقوقه ومشاركته واندماجه وحمايته؛

  • تواصل وتشاور مختلف الفعاليات والجمعيات والمنظمات الشبابية والباحثين والخبراء ومختلف القطاعات الحكومية والمجالس الدستورية والمؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية المعنية وتفاعل اجتهاداتهم واقتراحاتهم؛

  • رصد وتقييم حصيلة السياسات العمومية والبرامج التنموية الخاصة بالشباب ومساءلتها؛

  • بلورة مقترحات واجتهادات لتوجيه وتأطير مسلسل إعداد سياسة عمومية وطنية وترابية مندمجة للشباب وطنيا وجهويا ومحليا؛

  • بلورة مقترحات حول تأهيل مسؤوليات وأدوار مجلس المستشارين في مواكبة السياسة العمومية الوطنية والترابية المندمجة للشباب والبرامج التنموية الشبابية وتقييمها ومراقبتها ومساءلتها.

ولبلوغ هذا المسعى نقترح عليكم، على سبيل تأطير النقاش وليس حصره، التفكير الحر والعميق في القضايا التالية والتي يمكن أن تشكل فيما بعد جزءا من محاور المنتدى، ويتعلق الأمر بـ:

  1. المواثيق الأممية والمرجعيات الدولية للسياسة العمومية للشباب وتمكين حقوقه ومشاركته واندماجه وحمايته؛  

  2. المرجعيات الوطنية والمرتكزات والقواعد والآليات الدستورية لتمكين مواطنة الشباب المغربي ومشاركته واندماجه  وحمايته؛

  3. حصيلة الاجتهاد الوطني حول أوضاع الشباب المغربي وقضاياه ومطالبه ومشاركته؛

  4. حصيلة ونتائج السياسات العمومية المغربية للشباب والبرامج والمبادرات التنموية للنهوض بأوضاعه؛

  5. مرتكزات وتوجهات وأولويات السياسة العمومية الوطنية للشباب ومسؤولياتها ومواردها (التشريعية والبشرية والمالية) وآلياتها التنظيمية والمؤسساتية والإدارية؛

  6. مرتكزات وأولويات وآليات السياسة العمومية الشبابية الترابية الجهوية والمحلية ومسؤولياتها وآلياتها ومواردها؛

  7. موقع وأدوار البرلمان في مواكبة إعداد وتنفيذ السياسة العمومية الوطنية المندمجة للشباب ومتابعتها وتقييمها ومساءلتها؛

  8. بلورة أرضية مرجعية لتمكين مواطنة الشباب المغربي.

تلكم، سيداتي وسادتي، بعض الأفكار التي وددت تقاسمها معكم وشكرا على حسن الإصغاء.