إن المشاركين والمشاركات في "الندوة الدولية حول تجارب المصالحة الوطنية" المنعقدة بالرباط بالمملكة المغربية يومي 17 و18 يناير 2019 بمبادرة من مجلس المستشارين بالمملكة المغربية وبشراكة مع رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، والتي تندرج في إطار تفعيل برنامج عمل الرابطة، وبعد العروض والنقاشات والتعقيبات المستفيضة، إذ يسجلون:
-
أهمية انعقاد هذه الندوة الدولية باعتبارها محطة وازنة لاستمرار التعبئة الجماعية من أجل توفير أدوات المصالحة الوطنية في مواجهة بؤر التوترات العنيفة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مناطق مختلفة من العالم.
-
المستوى العالي للنقاش الذي دار على مدى يومين كاملين من عمر الندوة والتي شارك فيها وفود برلمانية عن الاتحاد البرلماني العربي وبرلمان عموم إفريقيا وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب وبرلمان المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا وشخصيات من هيئات ومؤسسات منتخبة واستشارية وخبراء من مؤسسات معنية مختلفة ونشطاء من المجتمع المدني.
-
تنوع وغنى التجارب المختلفة المعروضة خلال الندوة في مجال العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في عدد من البلدان المشاركة من إفريقيا والمنطقة العربية وأمريكا اللاتينية.
-
وإذ يستحضرون منطوق وروح المواثيق والمبادئ التالية:
-
ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف المؤرخة 12 غشت 1949 وبروتوكوليها الإضافيين المؤرخين 7 يونيه 1977 ، وغير ذلك من الصكوك ذات الصلة في ا لقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وإعلان وبرنامج عمل فيينا.
-
قرار الجمعية العامة 20/147 12المؤرخ في 16 دجنبر 2005، الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي.
-
قرارات لجنة حقوق الإنسان بشأن كل من: حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، والإفلات من العقاب، و الحق في معرفة الحقيقة.
-
قرار مجلس حقوق الإنسان 18/7 الذي أنشأ اﻟﻤﺠلس بموجبه ولاية المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، وبقيام اﻟﻤﺠلس بتعيين مكلف ﺑﻬذه الولاية في دورته التاسعة عشرة.
-
تقرير الأمين العام عن سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع، بما في ذلك التوصيات ذات الصلة الواردة فيهما.
-
مذكرة الأمين العام الإرشادية بشأن نهج الأمم المتحدة إزاء العدالة الانتقالية، الصادرة في مارس 2010.
-
مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها من خلال مكافحة الإفلات من العقاب.
-
تقارير المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، التي يسلِّط فيها الضوء على السُبُل التي يسهم ﺑﻬا تعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، بوصفها مجموعة من التدابير المتعاضدة، في توطيد سيادة القانون. وتلك التي يشدد فيها على ضرورة تصور تدابير العدالة الانتقالية وإنشائها على نحو يتماشى مع سيادة القانون إذا ما أُريدَ تحقيق استدامة صكوك تعزيز الحقوق.
-
وإذ وقف المشاركون والمشاركات على:
-
أن التجارب المعروضة والعديد من التجارب المماثلة تفيد بأن لكل حالة وضعها الخاص حسب سياقات كل بلد وأنه ليس ثمة نموذج مرجعي أوحد صالح لمواجهة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
-
أن المصالحة والعدالة الانتقالية لا يجب أن تنحصر في المطالبة بالعدالة الجنائية فقط، بل يجب أن تتم موازنتها بالحاجة إلى السلم والديمقراطية والتنمية العادلة وسيادة القانون، كما أن السياقات الانتقالية قد تتضمن قيودا تحول دون إقدام بعض الحكومات على اعتماد إجراءات قضائية خاصة.
-
أن آليات المصالحة والعدالة الانتقالية لا زالت مجالا حديث النشأة بالرغم من نجاحها وقبولها على صعيد واسع في الديمقراطيات الجديدة.
-
أن آليات المصالحة والعدالة الانتقالية لا تسعى إلى عدالة جنائية بأثر رجعي وبأي ثمن، ولا تسعى إلى الحفاظ على السلم على حساب حق الضحايا في العدالة.
-
أن آليات المصالحة والعدالة الانتقالية تؤكد على ضرورة إرساء توازن بين الأهداف على اختلافها وتنافسها، اعتمادا على القانون الدولي والامتيازات والإكراهات المحلية وعلى صياغة سياسة عقلانية وعادلة.
-
أن آليات المصالحة والعدالة الانتقالية تركز على "منهج يضع الضحايا في قلب المقاربة" للتعامل مع ماض عنيف سواء من حيث مساره أو نتائجه.
-
أن مشروعية آليات المصالحة والعدالة الانتقالية يمكن قياسها بمدى اعتراض الضحايا عليها أو دعمهم لها، وإلى أي درجة يمكنهم المشاركة فيها والاستفادة منها.
-
-
وإذ اعتبر المشاركون والمشاركات الوضع العام في عالم اليوم المتسم بتصاعد التوترات الدولية والجهوية واستمرار محاولات بسط الهيمنة ونشر خطاب الكراهية، وينبهون إلى خطورتها باعتبارها تهديدا للحقوق والحريات وإضعافا للاستراتيجيات المطلوبة اليوم والمتمثلة في نشدان التوجه نحو المصالحات الوطنية بما يمهد لإعمال مبادئ العدالة الانتقالية ويحصن من الانزلاق مجددا نحو التناحرات الداخلية ويرسخ الانتقالات نحو الديمقراطية، فإنهم:
-
يجددون التأكيد على الطابع الاستراتيجي للاختيار المتعلق بالمصالحة الوطنية وسلك سبيل العدالة الانتقالية كاختيار ثابت وكآليات مطلوبة في المقام الأول من أجل إنصاف ضحايا الانتهاكات الجسيمة وضحايا الصراعات المسلحة وضمانات عدم التكرار والكشف عن الحقيقة.
-
يستحضرون السياقات التاريخية التي أثرت على مسار العديد من البلدان التي عانت من المرحلة الاستعمارية ومترتباتها على مستوى مواجهة معضلات التنمية وإقامة العدالة الاجتماعية وترسيخ دور المؤسسات.
-
يذكرون بالأهمية البالغة لربط مخرجات مسلسل المصالحة والعدالة الانتقالية بسياسات مندمجة في ميادين محاربة الإفلات من العقاب وإشاعة قيم ومبادئ حقوق الإنسان والبناء المؤسساتي والعدالة الاجتماعية.
.VIIويؤكد المشاركون والمشاركات على أن:
- العنصر الحاسم في استحداث آليات المصالحة والعدالة الانتقالية يتمثل في توافر إرادة الدولة وإرادة القوى الفاعلة في المجتمع لمواجهة الماضي بكل جرأة وشجاعة وكذا بناء المستقبل واسترجاع الثقة؛
- العدالة الانتقالية ترتكز على متطلبات أساسية تتمحور حول الحق في العدالة والحق في الحقيقة والحق في جبر الأضرار وضمانات عدم التكرار وهي عناصـر متـصلة بعـضها بـبعض مـن النـاحيتين المفاهيميـة والتجريبية، وإن بوسـعها إكمـال بعـضها بعـضا؛
- المصالحة في الانتقالات السياسية تتخذ عدة أشكال من بينها المصالحة السياسية والاجتماعية والثقافية وفتح النقاش الصريح حول حقيقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأسبابها وتحليل سياقاتها وإغناء الذاكرة الجماعية واسترجاع الثقة بين مكونات المجتمع واقتراح إصلاحات لضمان عدم تكرار ما جرى وعدم التطبيع مع الإفلات من العقاب؛
- المصالحة يجدر أن تشمل أيضا الأشكال الأخرى للعنف السلبي من قبيل الفقر والإقصاء والفساد والبطالة والتمييز والتعصب الإثني والديني؛
- المصالحة والعدالـة الانتقاليـة تلعب دورا رئيسيا في تعزيـز سـيادة القـانون وتحقيق السلم وحل الأزمات. وأن وضع نموذج للمصالحة يجب أن يكون منسجما مع خصوصيات كل دولة وأن تعمل هذه الأخيرة على بناء مصالحة شاملة وتامة؛
- مواجهة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان يستلزم صدقية آليات المصالحة والعدالة الانتقالية، وكذا الحرص على تجنب انفصالها عن الواقع الميداني وحشد دعم المجتمع المدني، فضلا على أن تنفيذ وتتبع التوصيات يعتبر عنصرا حاسما في النجاح وتحقيق المصالحة وضمان الاستقرار والأمن؛
- أهمية تشجيع واعتماد التقاليد التصالحية المحلية المنصفة بحسب المسارات الخاصة بالعدالة الانتقالية؛
- أهمية دور الإعلام النقدي والبناء في مرافقة مسارات المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية؛
- أولوية العوامل الداخلية لكل بلد في الدفع بهذه المسارات مما يحصنها من التدخلات الخارجية والهيمنية؛
- حيوية التدابير التفعيلية لقرارات البرلمان العربي في دعم مسارات المصالحة في المنطقة العربية؛
- أولوية حل الصراع في الشرق الأوسط على أساس إقرار حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وإقامة دولته المستقلة طبقا لقرارات الشرعية الأممية، مما سيكون له عميق الأثر في الدفع بمسارات المصالحات الوطنية في دول المنطقة.
.VIIIويوصي المشاركون والمشاركات:
-
الاتحاد البرلماني الدولي بـ:
-
بلورة ورقة إطار لسياسة العدالة الانتقالية بغاية تعميق الروابط بين المصالحة والحكامة وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة والسلم والأمن والعدالة الاجتماعية؛
-
إعداد دليل استرشادي حول العدالة الانتقالية؛
-
بحث إمكانية خلق مجموعة تفكير مختلطة لإعداد ورقة توجيهية لمواكبة تفعيل دور البرلمانات في مختلف أطوار ومسارات المصالحة وفقا للأدوار المنوطة بها دستوريا.
-
المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بـ:
-
استثمار مبادئ بلغراد الناظمة للعلاقة بين البرلمانات الوطنية والمؤسسات الوطنية لتوقيع مذكرات تفاهم حيثما لم يتم ذلك قصد تعزيز دور البرلمانات في مسارات العدالة الانتقالية؛
-
إشراف التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على إنجاز دراسة مقارنة حول القوانين التي سنتها البرلمانات الوطنية حول إنشاء آليات العدالة الانتقالية مذيلة بتوصيات لتيسير عمليات إعداد القوانين مستقبلا ومرافقة التجارب الحديثة والطارئة في مجال العدالة الانتقالية؛
-
بحث إمكانية بلورة مبادئ توجيهية بشأن دور البرلمانات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في مسارات المصالحة والترافع لدى مجلس حقوق الإنسان الأممي من أجل استصدار قرار بهذا الشأن.
-
البرلمانات الوطنية بـ:
-
بلورة النصوص التشريعية ذات الصلة بجبر الأضرار والعدالة وإطار مراقبة السياسات العمومية من منظور العدالة الانتقالية؛
-
تدعيم الآليات الرقابية القائمة وتوسيع مهامها لتشمل رصد أوضاع حقوق الإنسان بشكل عام ومساءلة العمل الحكومي بشأن تنفيذ مخرجات هيئات الحقيقة والمصالحة؛
-
جعل المؤسسة البرلمانية ليس فق فضاء للحوار المجتمعي الحر والمفتوح بل آلية استباقية لاحتواء الأزمات والإنذار المبكر بإمكانات حدوثها؛
-
الحرص، أثناء مناقشة والمصادقة على الميزانية العامة للدولة، على مبادئ الإنصاف والجبر الجماعي والمجالي للأضرار تجنبا للاحتقانات وضمانا لديمومة الاستقرار الاجتماعي.
وفي الختام يوصي المشاركون والمشاركات، رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي:
-
بعرض هذا الإعلان على كل من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والاتحاد البرلماني الدولي؛
-
بالتعاطي الايجابي مع دعوة الوفد الليبي المتعلقة بتشكيل لجنة فنية حول التجارب الناجحة في مجال العدالة الانتقالية لمساعدة الأشقاء في ليبيا على إطلاق دينامية المصالحة الوطنية.
المملكة المغربية، الرباط، 18 يناير 2019