تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة الخليفة الأول لرئيس مجلس المستشارين في الجلسة الإفتتاحية للاجتماع المشترك للجنتي التجارة والنقل بالبرلمان الإفريقي

2020-03-02
  • السيد الحبيب المالكي المحترم، رئيس مجلس النواب،

  • السيد مولاي حفيظ العلمي المحترم، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي،

  • السيد محسن الجزولي المحترم، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج،

  • معالي السيدة عايـشاتـا حيدرا سـيسـي المحترمة، نائبة رئيس البرلمان الإفريقي،

  • معالي السيد ألـبيـرت مـوتـشانــغا المحترم، مفوض الاتحاد الإفريقي للتجارة والصناعة،

  • معالي السيد أموس مـالونـدو المحترم، رئيس المجلس الوطني للولايات بجمهورية جنوب إفريقيا، والذي نرحب به كضيف كبير لدى برلمان المملكة المغربية، حيث شرف بحضوره فعاليات هذا اللقاء،

  • السيدات والسادة المحترمون أعضاء لجنتي التجارة والنقل بالبرلمان الإفريقي،

  • السيدات والسادة الخبراء وممثلي المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية،

حضرات السيدات والسادة،

يشرفني بدوري، وبإسم مجلس المستشارين بالمملكة المغربية، أن أرحب بكم جميعا في فعاليات هذا الاجتماع المشترك لكل من اللجنة الدائمة المعنية بالتجارة والجمارك والهجرة وكذا اللجنة الدائمة المعنية بالنقل والصناعة والاتصال والطاقة والعلوم والتكنولوجيا بالبرلمان الإفريقي. هذا الاجتماع المشترك والأول من نوعه الذي يحتضنه البرلمان المغربي، كتجربة متميزة في سلسلة الاجتماعات خارج مقر البرلمان الافريقي وآخرها اجتماع لجنة السلم والامن بجمهورية مصر العربية، يأتي كثمرة لدينامية التعاون المتميز الذي يجمع بين البرلمان المغربي والبرلمان الإفريقي، منذ انضمامه لهذه المؤسسة التشريعية القارية الهامة، كما يندرج في سياق جهود المملكة المغربية المتواصلة الرامية إلى تحقيق الاندماج الاقتصادي بالقارة الإفريقية وتوطيد العلاقات البينية، وتسريع وتيرة التنمية.

وهنا أنوه بعمل أعضاء البرلمان المغربي لدى البرلمان الإفريقي وجهودهم المتواصلة من أجل مد جسور التعاون بين المؤسستين التشريعيتين.

كما أود بهذه المناسبة أن أشيد بمختلف أوجه العمل المشترك والتنسيق بين البرلمانيين على المستويين القاري والدولي، والذي كانت من أبرز تجلياته تأسيس "المنتدى البرلماني لدول إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكاراييب"، هنا بالرباط في فاتح نونبر 2019، باعتباره إطارا مرجعيا للعمل المشترك، وفضاء للحوار، والتواصل مع مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية بشأن قضايا السلم والتعاون والتنمية المستدامة.

حضرات السيدات والسادة،

اسمحوا لي هنا أن أنوه بدقة وبراهنية الموضوعين الرئيسيين اللذين تم اختيارهما للنقاش في مختلف ندوات وورشات هذا الاجتماع المشترك، وهو ما سيتيح لنا الفرصة للتشاور وتبادل الخبرات والتجارب وملامسة مختلف الجوانب القانونية والمؤسساتية واللوجيستيكية والتكنولوجية المرتبطة بمجال التجارة والاقتصاد الرقمي، ودور البرلمانات الوطنية وكذا فاعلي القطاع الخاص في تشجيع وتدعيم المبادلات التجارية بين الدول الإفريقية، ليتم عرضها على الدورة المقبلة للبرلمان الإفريقي التي ستنعقد في مايو المقبل، ذلك أن التحديات المتنامية التي تواجهها القارة الإفريقية على المستويين السياسي والأمني، لا يمكن أن تَـحْجٌب عنا رهان السعي المشترك لتحقيق أهداف "خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ل 2030"، وأيضا انخراط البلدان الإفريقية لأجرأة وتفعيل الالتزامات المتضمنة في "أجندة الاتحاد الإفريقي ل 2063".

وفي هذا السياق، فإذا كان من أهم الأهداف التي تتوخى تحقيقها الأجندة الإفريقية ل 2063 إطلاق مبادرات خلاقة للتكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي والقاري وتعزيز التجارة البينية بين سائر بلدان القارة، بما يمكن من توفير الشروط الملائمة لتبادل السلع وتنقل الأفراد وتحويل الخدمات، فإن "اتفاقية كيغالي" الخاصة بإرساء "منطقة التبادل الحر القارية الإفريقيةZLECAF "، والتي دخلت حيز التنفيذ في 30 مايو 2019  وأُعـلِـن عنها رسميا يوم 07 يوليوز 2019 بنيامي، بجمهورية النيجر، خلال القمة الاستثنائية لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، تطرح أمامنا نحن ممثلوا البرلمانات الإفريقية خاصة، جملة من التحديات أهمها العمل على ملائمة التشريعات الوطنية مع مضامين هذه الاتفاقية وبروتوكولاتها المرفقة، وكذا التعاون مع القطاعات الحكومية من أجل تحقيق التجانس في السياسات التجارية والمالية والجمركية، سواء في إطار الاتفاقيات الثنائية أو المتعددة الأطراف المبرمة بين سائر البلدان، وكذا المجموعات الاقتصادية الإقليمية بالقارة الإفريقية، وهنا أخص بالذكر المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو) والتي تشكل فضاء حيويا وهاما من أجل ترسيخ التكامل الإقليمي والقاري.

فاتفاقية التبادل الحر القارية الإفريقية، والتي من المنتظر أن ترسي أكبر منطقة قارية للتبادل الحر بالعالم بعدد سكان يفوق 1.2 مليار نسمة ويٌـتـوقـعٌ أن تساهم بزيادة في حركة التجارة بين دول القارة بنحو 60 بالمائة واستفادة الدول المُنْضَمَّة إليها من رفع القيود الجمركية التي يمكن أن تصل إلى صفر بالمائة في غضون 2025، تستوجب العمل على إنجاز جملة من التدابير التشريعية والمؤسساتية والإجرائية واللوجستيكية، خاصة في ظل سياق دولي متسم بحدة وقوة التجادبات التنافسية بين الأقطاب الاقتصادية العالمية حول القارة الإفريقية، وأيضا في ظل الطفرة الرقمية التي يعرفها الاقتصاد العالمي بفعل ثورة تكنولوجيا الإعلام والاتصال والخدمات، وهو بالتالي ما يفرض علينا، كبرلمانيين ومسؤولين حكوميين ومنتخبين محليين وقطاع خاص وخبراء ومجتمع مدني، الانخراط القوي، في بناء هذا الصرح التنموي الواعد لإرساء اقتصاد إفريقي قوي ومندمج كفيل بتحقيق التنمية والرخاء لسائر شعوب القارة الإفريقية. 

وفي السياق نفسه، تشير العديد من الدراسات إلى أن تنزيل اتفاقية التبادل الحر القارية الإفريقية سيشكل مصدرا كبيرا لتنمية ونمو الاقتصاد الإفريقي ويجعل القارة أقل تأثرا بالصدمات العالمية ويساعدها على تنويع اقتصادها وتحسين التنافسية لصادراتها وخلق مناصب شغل لفائدة الشباب. كما تشير الدراسات بالمقابل إلى أن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لا يمكن أن تكون مفيدة لبلدان القارة  في غياب البنية التحتية للطرقات والسكك الحديدية والموانئ والمطارات والطاقات والتكنولوجيا والاتصالات، وكذا التنفيذ الفعال لمخططات التنمية الصناعية والفلاحية. 

حضرات السيدات والسادة،

إن المملكة المغربية، وطبقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، كانت وستظل تجعل من عمقها الإفريقي مرتكزا لسياستها الخارجية بمختلف أبعادها التنموية والتضامنية الإنسانية، داعمة لكل المبادرات الهادفة إلى تعزيز الاندماج الاقتصادي والتبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات والتنمية في القارة، وهو ما تم تأكيده من خلال الزيارات المتتالية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، للعديد من البلدان الإفريقية والتي توجت بإبرام حوالي 1000 اتفاقية ثنائية همت مختلف مجالات التعاون، كما تم تعزيزه بعودة المغرب إلى حظيرة أسرته المؤسساتية بالاتحاد الإفريقي خلال قمته 28 المنعقدة في 31 يناير 2017 بأديس أبابا، وهي العودة التاريخية التي أملتها الرغبة في إرساء وتقوية التعاون المثمر والتضامن الفعال مع البلدان الإفريقية لتحقيق التنمية المستدامة.

في الختام، أجدد الترحيب بكم مجددا ببلدكم الثاني المغرب، وأتمنى لأشغالكم كامل التوفيق والنجاح.

 وشكرا لكم على حسن استماعكم.