بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
معالي السيد نائب فخامة رئيس جمهورية بوروندي الصديقة المحترم،
معالي السيد عمدة مدينة بوجومبورا المحترم
معالي السيد رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية بوروندي المحترم،
السيدات والسادةرئيسات ورؤساء المجالس والوفود الأعضاء في الرابطة المحترمون،
السيد الأمين العام للرابطة المحترم،
زملائي الأعزاء،
السيدات والسادة الحضور الكرام،
في البداية، يسرني ويسعدني أن أعرب عن جزيل شكري وعظيم تقديري لجمهورية بوروندي، حكومة وبرلمانا وشعبا على كرم وحسن الضيافة وحفاوة الاستقبال اللذين حظينا بهما منذ أن وطأت أقدامنا أرض جمهورية بوروندي الصديقة.
كما يشرفني أن أعبر لكم عن سعادتي بالتئامنا اليوم ومن خلال هذا الاجتماع الهام، من أجلالتداول وتعميق النقاش وتبادل الآراء بشأن موضوعين رئيسيين في الأجندة الدولية، وهما: "آثار وتداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العربي الإفريقي والاستجابة الحكومية لمواجهتها"، و"تداعيات الأزمة الأوكرانية - الروسية وآثارها على سلاسل التوريد وأسعار الطاقة والغذاء". ومما لاشك فيه أن كلا الموضوعين على درجة كبيرة من الأهمية والتعقيد، إذ أنهما يركزان على جملة من التحديات الرئيسية المتشابكة التي تواجه العالم برمته والمنطقتين الإفريقية والعربية على وجه الخصوص، ويتعلق الأمر بتحقيق التعافي والإقلاع الاقتصادي جراء الجائحة وضمان الأمن الغذائي والطاقي من جهة أخرى.
زملائي الأعزاء،
السيدات والسادة الحضور الكرام،
فكما هو معلوم لدينا جميعا أن جائحة كورونا التي تفشت في العالم في أواخر سنة 2019قد ألحقت أضرارا كبيرة بجل القطاعات الاقتصادية للدول، مما أدخل الاقتصاد العالمي فيمرحلة شبه الركود.ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي سوف تصل خسائر الاقتصاد العالمي جراء الجائحة إلى نحو 15 تريليون دولار بحلول نهاية 2024، أي ما يعادل 2,8 في المائة من إجمالي الناتج العالمي.
وبحسب الصندوق أيضا فقد قامت البنوك المركزية على مستوى العالم بزيادة ميزانياتها العمومية بقيمة مجمعة قدرها 7.5 تريليون دولار لمواجهة الجائحة، وضخت سيولة في عام 2020 فقط تتجاوز ما ضخته في السنوات العشر الماضية مجتمعة. كما أدت جائحة كورونا وفقا للبنك الدولي إلى تراجع الأمن الاقتصادي والصحي والغذائي لملايين سكان العالم، مما دفع نحو 150 مليون شخص إلى دائرة الفقر في عام 2020 فقط، لاسيما في القارة الإفريقية، كما ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 14 في المائة في العام ذاته. ومع استمرار الجائحة، دخل الاقتصاد العالمي عام 2022 وهو في وضع أضعف مما كان متوقعا، حيث تراجع معدل النمو العالمي بأكثر من 1,5 في المائةمن 2021 إلى 2022. ونظرا لارتفاع أسعار الطاقة واضطرابات سلاسل الإمداد، يتوقع الصندوق كذلك استمرار ارتفاع التضخم في المدى القريب.
وفيما يتعلق بإفريقيا والعالم العربي فقد أدت تبعات جائحة كورونا وتداعياتها على المنطقتين إلى تهاوي أسعار النفط وانخفاض الطلب العالمي عليه قبل أن ترتفع بسبب عوامل أخرى، كما أدت الجائحة إلى تباطؤ نمو الإقتصاداتفي دول المنطقتين، بسبب آثارهاالمباشرة على القطاع المالي بشكل عام والناتج المحلي الإجمالي.
ووفقا للبنك الدولي تكبدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020 خسائر كبيرة في الناتج المحلي تقدر بحوالي 200 مليار دولار. وتشمل الأضرار التي لحقت بالقطاعات الرئيسية، خاصة الطاقة والطيران والسياحة وغيرها. إضافة إلى ذلك انكمشت اقتصادات المنطقة في العام ذاته بحوالي 3,8 في المائة، وفقا لتقديرات البنك.
أما على الصعيد الإفريقي فإن مسار التعافي الاقتصادي من آثار وتداعيات الوباء لايزال متفاوتا وغير مكتمل ويحدث بمعدلات متفاوتة من السرعة في جميع أرجاء القارة الإفريقية. ومع هذا يتوقع البنك الدولي في تقريره الأخير عن القارة الإفريقية الصادر في شهر أبريل من العام الحالي أن يبلغ معدل النمو الإقليمي 4,1 في المائة في العام الحالي 2022 و4,9 في المائة في العام القادم 2023.
زملائي الأعزاء،
السيدات والسادة الحضور الكريم،
لم يكد العالم يخرج من نفق أزمة كوفيد-19 حتى بدأت الأزمة الأوكرانية - الروسية التي أثرت بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية الإقليمية والعالمية، وعمقت أزمة أسعار الطاقة والأغذية والسلع الأولية والمعادن والأسمدة وسلاسل الإمداد والتوريد، مما أضافتعقيدات متزايدة في مسيرة تعافي الاقتصاد العالمي عموما والاقتصاد العربي الإفريقي خصوصا، حيث أنها أضرت بالنمو وتسببت في رفع الأسعاروزيادة سرعة التضخم.
وبالنسبة للدول العربية والإفريقية، إذا كانت الاضطرابات المتصلة بتفشي جائحة كورونا قد ساهمت أصلا في ارتفاع أسعار الغذاء العالمية وتعميق الفقر، فإن الأزمة الأوكرانية - الروسية أدت إلى زيادة الأسعار لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، حيث أنه على مستوى الأمن الغذائي العربي – الإفريقي،انخفضت المخزونات إلى مستوى كبير، والأسعار ترتفع باستمرار والقدرة الشرائية تضعف والآثار مباشرة وسريعة وممتدة.
ومن شأن زيادة حدة ارتفاع أسعار الغذاء والوقود أن تدفع إلى مخاطر أمنية وعدم الاستقرار في بعض المناطق، من إفريقيا جنوب الصحراء، بينما من المرجح زيادة انعدام الأمن الغذائي في بعض الدول العربية والإفريقية.
وفي سبيل مواجهة هذه التحديات ينبغي على الحكومات العربية والإفريقية العمل على إنشاء وتوسيع أنظمة الحماية الاجتماعية حتى يتمكن كل فرد في المنطقة من ممارسة حقوقه في مستوى معيشي لائق، بما فيه الحق في الغذاء والحق في الضمان الاجتماعي.كما ينبغي عليها أيضازيادة الإنتاج المحلي وخفض الواردات واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الاقتصادية التي من شأنها أن تعمل على معالجة آثار وتداعيات هذه الأزمة.
زملائي الأعزاء،
السيدات والسادة الحضور الكريم،
إنني على يقين تام بأن السيدات والسادة الرئيسات والرؤساء وأعضاء الوفود سوف يثرون المداولات والنقاشات التي ستجري حول هذين الموضوعين الهامين من خلال أوراقهم ومداخلاتهم وما يمتلكونه من أفكار نيرة وخبرات واسعة على النحو الذي يمكن هذا الاجتماع الهام من الخروج بتوصيات هامة تصب في تعزيز جهود المنطقتين العربية والإفريقية في مواجهة آثار وتداعيات جائحة كوفيد-19 والأزمة الأوكرانية – الروسية على الاقتصاد العربي الإفريقي على النحو الذي يخدم مصالح دولنا وشعوبنا.
وفي الختام أجدد شكري وتقديري لمجلس الشيوخ في جمهورية بوروندي الصديقة على الجهود الجبارة التي بذلها في سبيل تنظيم هذا اللقاء الهام متمنيا أن تكلل أشغاله بالنجاح.
شكرا لكم جميعا على حسن الإصغاء