بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد.
السيدة رئيسة جمعية جهات المغرب
السيد رئيس مؤتمر السلطات المحلية والجهوية لمجلس أوروبا المحترم،
السيد الوالي المدير العام للجماعات الترابية بالنيابة؛
السيدة والسادة رؤساء الجهات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات؛
السادة أعضاء مجالس الجهات؛
السادة أعضاء الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم؛
السادة أعضاء الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات؛
السيد الأمين العام والسادة أعضاء المجلس الاقتصادي والإجتماعي والبيئي؛
السادة رؤساء الجامعات وعمداء ومديرو مؤسسات التعليم العالي؛
زميلاتي وزملائي البرلمانيين المحترمين
بداية، أتقدم بأسمى، وباسم جميع المشاركين، بأسمى عبارات الشكر والتقدير لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، على تفضله بإضفاء الرعاية السامية على هذا الملتقى؛
وباسمكم ارحب بالسيد ليندارت فيربيك رئيس مؤتمر السلطات المحلية والجهوية لدى مجلس أوروبا ، وأشكره على تلبية الدعوة .
السيدات والسادة
نلتقي في هذه المحطة التداولية التشاركية الرابعة، لمواصلة تدارس سُبل إنجاح الورش المهيكل الكبير الذي دشنته بلادنا بمقتضى دستور 2011، والهادف إلى إرساء مستوى جديد للتدبير المجالي مبني على فكرة الجهوية، هذه الجهوية المستمدة شرعتيها من مشاركة المواطنين في تشكيل مجالسها، والواضعة كغاية لها إنجاح مسلسلات التنمية التي فشلت مقاربتها من أعلى، عبر إنصات أكبر للمواطنين ومعرفة أعمق بإشكالات المجال ورهاناته وتحدياته، كل ذلك في تقاطع والتقائية بين ما هو جهوي ووطني؛
لقد كان وعينا مبكرا بالمسؤولية الكبيرة لمجلسنا في مصاحبة ومواكبة أجرأة هذا التحول المجالي، من منطلق ما خص به الدستور مجلسنا من أحكام، فمجلسنا تنحدر ثلث أخماس مكوناته من الجماعات الترابية، وما نص عليه في فصله 137، من أنه "تساهم الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال ممثليها في مجلس المستشارين"، لذلك، سعى مجلس المستشارين، بما يعود إليه من اختصاص، أن يكون "برلمان الجهات"، من خلال تجويد التشريع النافذ، والدفع بإخراج النصوص التنظيمية التي يتوقف عليها إعمال القانون التنظيمي المعني، وتقييم أداء التعاطي الحكومي في الموضوع، هذا بالإضافة إلى تنظيم عديد مبادرات ترمي إلى إرساء تقليد للتفكير الجماعي، بما يتيحه من عرض التجارب، وتقاسمها، واستعراض المعيقات، والبحث عن مداخل لرفعها وتجاوزها؛
إن مسير هذا الورش الهام، لم يكن دائما خطيا وواحدا بالنسبة لكل الجهات، مما ولد تباينا في درجة إرساء وتوطيد هياكل الجهوية، وإخراج البرامج التنموية، وتفاوتا في مستوى التنزيل والاستجابة إلى الانتظارات التنظيمية، وضعية عمقتها أزمة كوفيد بتداعيتها، والتي يحاول الجميع توفير سبل التعافي والخروج منها، لكن يبقى الإشكال الكبير، منصبا في كيف يمكن للجهات أن تملأ الفراغ الذي سيتركه التدبير الدولتي في قطاعات حيوية، بمحدودية امكاناتها البشرية والمالية؟ وبغياب تجربة تدبيرية مرجعية لها، تجعلها قادرة على إنجاح كل الرهانات المرتبطة بهذه الثورة المجالية المُحدثة؟
هذا المعطى، استشرفت النصوص القانونية حلولا له، عبر تنويع آليات الاشتغال والعمل، وتدرجا في نقل الاختصاصات، وتعددية في طرق التمويل، فكيف تَجاوب كل ذلك مع الإشكالات العملية المطروحة على المدبرين الجهويين؟ إن هذا السؤال، هو الذي دفعنا إلى اختيار موضوع هذا الملتقى، الذي يروم تسليط مزيد من الضوء على آلية ومنهج التعاقد، هذه الطريقة الجديدة للعمل بين الدولة والجهات بما تتيحه من شراكة مؤسساتية، وما تصبو إليه من التقائية وتنسيق بين الاستراتيجيات الوطنية للتنمية، وبين مثيلاتها على المستوى الجهوي، لا سيما في سياق وطني يعرف تحولات عميقة ومشاريع وطنية كبرى، لعل أهمها الرهانات الجديدة للاستثمار، والورش الكبير للحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى تحديات غير معهودة، وعلى رأسها التغيرات المناخية ومعضلة الجفاف، بما ترتب عنها من شح الموارد المادية، وأثر ذلك على السياسات العمومية في كليتها؛
إن موضوع "التعاقد"، ينقلنا إلى البحث في الأدوات والخيارات المتاحة للاشتغال، ويجعلنا نلامس بشكل أكبر مجالات الفعل الجهوية، كما يدعونا إلى فتح دائرة التفكير بخصوص حصيلة إعماله. ومن هذا المنطلق، ففضلا عما تطرحه أرضية الملتقى من تساؤلات للنقاش، فإني أريد أن أشارككم بعض الإشكالات التي تظهر في عديد من الدراسات التقييمية والتحليلية لموضوعنا، ومن بينها الآتي:
- كيف يمكن ضبط وعقلنة آلية التعاقد، والحد من ظاهرة التضخم التي يعرفها إعمالها؟
- وما هي المقومات التي يجب أن تتوفر في التعاقد، بما يعنيه من حضور إرادتين، للوصول إلى غاية التشاركية؟
- ما السبيل إلى الوصول إلى تحديد قائمة مواضيع التعاقد، ومجالاتها؟
- أليست الحاجة تدعو إلى صياغة إطار مرجعي واضح، كما هو معمول به في مجال التعاقد بين الدولة والمؤسسات والمنشآت العامة، قادر على الإجابة على كيفيات وشروط إعداد الاتفاقيات، والتفاوض بشأنها، وطرق تفعيلها وتتبع تنفيذها وتقييمها؟
هذه الأسئلة وغيرها، ستكون ولاشك محور اهتمام مداخلاتكم ومساهماتكم، وجوهر مناقشاتكم، وستتقاطع الإجابات بخصوصها، من منطلق موقع وانشغالات كل واحد منكم، وهو ما سيمكننا من قراءات متقاطعة، بزوايا للنظر متعددة ومتنوعة، تخدم غاية تنظيم هذا المنتدى، المتمثلة في تجميع المتدخلين في مسلسل تفعيل الجهوية، لتدارس أسئلة دقيقة، لتقريب وجهات نظرهم، وللخروج بتوصيات، تتم أجرأتها من موقع كل متدخل في العملية، وهو ما يلقي على أعضاء مجلسنا مسؤولية كبيرة، في متابعة مخرجات هذا المنتدى على مستوى التشريع، ومراقبة العمل الحكومي وتقييمه، غايتنا في النهاية المساهمة في إنجاح هذا الورش، والتعجيل بإنهاء مرحلة تأسيسه، للانتقال إلى مرحلة الاشتغال العادي لمجالسنا الجهوية، لمواجهة تحديات تنمية الإنسان والمجال.
وفي الختام، أتمنى لأشغالكم كامل التوفيق والنجاح ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته./
19/10/2022